وسائل التواصل الاجتماعي و المسؤولية عن إساءة استخدامها

القاضي علي كمال
يعيش المجتمع العراقي تحولاته الاجتماعية والثقافية في عصر تتفق فيه منتجات تكنولوجية اتصالية حديثة قلبت المشهد الاجتماعي انقلابا كبيرا وادت الى ظواهر لم يكن يعرفها مجتمعنا من قبل ومنها سوء استخدام هذه الوسائل في مواضيع اضرت بالبنية الثقافية للشخصية العراقية في الوقت الحاضر.

ولا سيما لدى الشباب اذ تعيش فئة من الشباب حالة مقلقة من اليأس والضياع والتهميش ما جعلها تقع تحت تأثير قوى وافكار غربية تمكنت من توظيف حالات القهر والتهميش تلك واخذها في طريق ابعدها عن هويتها الاجتماعية الاصلية واربك مجالها وضعها ووضعها في واقع جديد من التحديات ومنها الانحراف وحالة الاغتراب الذي ابعد الشباب عن دورهم الاساسي في عملية التحوال الحضاري والانساني وبالتالي ابعد هذه الفئة الفاعلة عن المساهمة في التنمية الانسانية في مجتمعنا ودفعها دفعا في توظيف قدراتها المختلفة في الحروب والازمات والصراعات المحلية في شكلها الطائفي او جعلها تقع تحت وطأة المخدرات والافعال الاجرامية الجنائية او جعلها تشق طريقها في استخدامات دغدغت عواطفها فوجدت فيها وسيلة للرد على واقعها المزري.

تمثل أدوات اتصال الإعلام اليوم أهم وسائل الوعي الاجتماعي والثقافي في المجتمعات الحديثة فلم تعد هناك منعزلة انما تعدى تأثير هذه الوسائل خطوط الطول والعرض في معمورتنا لما تمثله من تقدم تقني وفني واعداد عالي المستوى يوظف دائما لخدمة الانسانية وتستغل من دوائر العولمة وتعميم ثقافتها على الشعوب الاخرى يقابلها اعلام عربي وعراقي ضعيف في مستوياته التقنية والبشرية ويفتقد الى الاساليب الفنية المتطورة في الوقت الذي تتسارع فيه المتغيرات في العالم بشكل مذهل.

ان الظروف الراهنة تتطلب العمل بكل الطرق للحد من سوء استخدام وسائل الاتصال مثل الانترنت والموبايل والفيس وانستكرام وفايبر لما له من مخاطر كبيرة على القيم الاخلاقية والقيمية لشبابنا المعاصر فاليوم لا احد يستطيع منع هذه الوسائل من التداول بين الشباب وابناء المجتمع ولكن يمكن اجراء دراسات وابحاث لمعرفة تأثير هذه الوسائل في سلوك الافراد والمجتمعات من اجل وضع خطط محكمة يمكن تفادي المخاطر على الفرد والمجتمع معا.

فالاستخدام السيئ لهذه الوسائل انما يأتي عن الجهل وعدم وجود وعي اجتماعي بالفوائد لتمكن الحصول عليها من اتصال والحصول على المعلومات المفيدة فالاجيال الجديدة لا تمتلك الخبرة الكافية في هذا المجال اذ ادى ذلك الى استخدام المواقع الاباحية والمواقع التي تروج للعنف والإرهاب وغيرها وقد تركت آثاراً خطيرة في القيم الاجتماعية والعادات والتقاليد المجتمعية ودخلت أنماط جديدة من السلوكيات المنحرفة وتقليد الثقافات الاخرى في الحياة كما اثرت على نمط التفكير وأساليب الحياة وبدلت كثير من المفاهيم وافرزت ظواهر غريبة عن مجتمعنا شبكات التواصل الاجتماعي تحولت الى عالم من العنف الجسدي والمعنوي.

وتزامن ذلك مع حدوث تقدم هائل في عدد مستخدميه في السنوات الاخيرة وهذا يحدث في عالم شبكات التواصل الاجتماعية مما دفع الدول المتخلفة الى وضع استراتيجيات علمية للتعامل مع مواقع التواصل قبل ان تتحول الى أداة خطيرة للجريمة ومنها وضع العديد من التشريعات القانونية او تعديل ما هو موجود منها ليواكب التقدم التقني ولا يفلت مرتكبي الجريمة من العقاب لا سيما في المجال الاجرائي المتمثل بالتحقيق ومتابعة الجناة اذ انهم غالبا ما يتخفون تحت ستار الاسماء الوهمية.