تحرير الدعوى العقارية
يوسف الفراج

ينص الفقهاء على عدد من الشروط لا بد من توافرها في الدعوى , ومن أهم هذه الشروط أن تكون محررة وهو التعبير الذي يرد في كتب الحنابلة , وأغلب الفقهاء يعبرون باشتراط أن تكون الدعوى معلومة , ومؤداهما واحد , جاء في المغني لابن قدامة وهو من كتب الحنابلة المعتبرة :”ولا يسمع الحاكم الدعوى إلا محررة ،.. لأن الحاكم يسأل المدعى عليه عما ادعاه- المدعي- ، فإن اعترف به لزمه ، ولا يمكن أن تلزمه- أي الدعوى- مجهولة ..” , وورد الشرط في كتاب كشاف القناع – وهذا الكتاب مع كتاب منتهى الإرادات هما الكتابان المعتمدان في القضاء حسب توجيه رئيس القضاة في وقته الشيخ محمد بن إبراهيم – , وهذا هو المستقر في الفقه والقضاء , أما شيخ الإسلام ابن تيمية فلا يرى أن التحرير شرط للدعوى ويستدل على ذلك بقصة الحضرمي حيث لم يطالبه النبي صلى الله عليه وسلم بتحرير دعواه .

أما النظام فقد نص على أن تحرير الدعوى شرط فقد ورد في المادة الثالثة والستين من نظام المرافعات الشرعية :” على القاضي أن يسأل المدعي عما هو لازم لتحرير دعواه قبل استجواب المدعى عليه ، وليس له ردها لتحريرها ولا السير فيها قبل ذلك ” , فأول المادة صريح في إلزام القاضي بسؤال المدعي عن التحرير , ثم جاء في آخر المادة أنه ليس للقاضي أن يسير في الدعوى قبل التحرير , وهذا يدل على أن التحرير شرط , وأما التعبير بأنه ليس له رد الدعوى لعدم التحرير فالمقصود ألا يبادر القاضي بالرد من غير سؤال المدعي عن التحرير فإن أصر وامتنع عن التحرير أو عجز فعلى القاضي رفض دعواه ومعاملة من لم يقنع بأحكام التمييز كما هو نص الفقرة 63/1.

ويقصد بتحرير الدعوى أن يذكر المدعي في الدعوى ما يبين دعواه ويميزها ويجعلها معلومة وصالحة للحكم , والبيان يختلف حسب المدعى به فإن كان عقارا فقد نص الفقهاء على أن يبين موضعه وحدوده , وفي وقتنا الحالي فإن الذي استقر عليه عمل المحاكم أن يذكر المدعي مستند الملكية برقمه وتاريخه ومصدره وبعضهم يذكر الحدود والأطوال، فإن لم يكن هناك مستند أو كانت الدعوى في تداخل مثلا فلا بد من ذكر موضع العقار وحدوده وأطواله. ولا بد من التنبيه على أن صيغة الدعوى تبنى على أمرين , هما إخبار وإنشاء فالإخبار تُذكر فيه وقائع الدعوى مثل العقار وموضعه وطبيعة الظلم الحاصل على المدعي من تداخل أو اعتداء أو تعرض ونحوها , وأما الإنشاء: فهو الطلب بأن ينص المدعي صراحة على طلبه في الدعوى لينظر القاضي الدعوى وفقا لهذا الطلب ويسأل المدعى عليه الجواب على الوقائع والطلب .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت