بقلم ذ سمية رفاش
دكتورة في القانون باحثة في قانون الاعمال

بعد انخراطه في مسلسل إصلاحات انطلق منذ الثمانينات و التسعينات إلى وقتنا الحالي تمت ترجمته من خلال العديد من التدابير و الإجراءات التي تتوخى إصلاح العديد من المجالات المرتبطة بتسهيل عملية الاستثمار كتلك الإصلاحات التي مست تعديل و تكييف ترسانته القانونية ،وكذا اتخاذ العديد من التدابير لتسهيل المساطر الإدارية ، بالإضافة إلى تبني العديد من البرامج القطاعية…….تروم تحسين مناخ الأعمال بضفة عامة ،تسهيل عملية تدبير الاستثمار ،

علاوة على تحسين وتيرة خلق المقاولة بصفة خاصة، تمكن المغرب من تحقيق تقدم ملحوظ على صعيد تدبير عملية الاستثمار ،و لاسيما فيما يتعلق بتسهيل الإجراءات الإدارية المعمول بها على صعيد خلق المقاولات مقارنة بالعديد من الدول التي لها اقتصاديات مشابهة ،وذلك على اثر خلق إطار مؤسساتي (المراكز الجهوية للاستثمار) ككيان متخصص يعد المخاطب الوحيد في مجال الاستثمار بموجب الرسالة الملكية لسنة 2002 بخصوص التدبير اللامتمركز للاستثمار، إذ أصبحت هذه المراكز تتوفر على شباك وحيد لخلق المقاولة يضع رهن إشارة صاحب المقاولة مطبوع موحد يعد بمثابة طلب التقييد في الضريبة المهنية ،

التسجيل بالسجل التجاري، والانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. الأمر الذي مكنه من تقليص عدد الإجراءات المتبعة لخلق المقاولة، إذ في الوقت الذي كان يتعين فيه على صاحب المقاولة إتباع على الأقل خمسة إجراءات إدارية لخلق المقاولة في المغرب موزعة على خمس مصالح إدارية معنية بخلق المقاولة أصبح بإمكانه حاليا التوجه لمخاطب وحيد المركز الجهوي للاستثمار او الملحقة التابعة له على الصعيد الإقليمي، كما أن تكلفة خلق المقاولة بالمغرب أصبحت اقل من نظيرتها في العديد من الدول ذات اقتصاديات مشابهة. علاقة بكل هذه التطورات ما هي أهم المراحل التمهيدية لخلق المقاولة؟ وماهي الوثائق الإدارية المطلوبة في إطار الإجراءات الإدارية المعمول بها حسب البنيات القانونية للمقاولة حسب؟

المحور الأول أهم المراحل التمهيدية لخلق المقاولة
قبل انطلاق عملية خلق المقاولة من الناحية الإدارية، لابد من التفكير بمجموعة من المراحل التمهيدية التي يمكن إيجازها فيما يلي

1/المرحلة الأولى إيجاد فكرة المقاولة
بداية ، على الصعيد العملي اذا كانت عملية خلق المقاولة عبارة عن صيرورة تتضمن مجموعة من المراحل ،فان من بين الخطوات التمهيدية التي تندرج ضمن هذا المسلسل ضرورة وضع تصور و إيجاد فكرة المقاولة

المهم في هذه المرحلة هو البحث عن فكرة ذات جدوى ،قابلة للترجمة على ارض الواقع، اذ يتعين على حامل المشروع بداية الخوض في مرحلة تمهيدية يتم خلالها وضع تصور لفكرة خلق المقاولة وتحديد النشاط الاقتصادي بالضبط ، و العمل على جمع كافة المعلومات الضرورية لمعرفة مدى جدوى فكرة المقاولة ، و ذلك عن طريق الإجابة على العديد من التساؤلات التي تهم فكرة المشروع في حد ذاتها ،

و البحث عن هذه الفكرة التي قد تكون وليدة نشاط معروف و التي اذا ماتم تسويقها بشكل جيد قد تحقق نجاحا ، كما أن الآمر قد يتعلق بفكرة جديدة تحمل نوعا من الابتكار و الإبداع تمكن صاحبها من ضمان الحصول على حصة كبيرة في السوق او فكرة يتم التوصل إليها من خلال الآخرين ، او الحصول على فرصة من خلال القدرة على تحليل الأوضاع بسرعة و اتخاذ القرارات المناسبة…

يتطلب أيضا التعريف بالفكرة طرح تساؤلات تتعلق بمدى ترابط مشروع المقاولة مع المؤهلات الذاتية لصاحب المشروع من خلال تساؤلات حول الاكراهات الشخصية و المهارات(من قبيل توفير الوقت الاستعداد لتحمل الضغط و غيرها) ، الاطلاع على معطيات حول السوق (العرض و الطلب) ، و بعض الجوانب المالية التي تهم أساسا مصادر التمويل و هل سيتم اعتماد مصادر مالية ذاتية او اللجوء إلى قرض بنكي عادي ، أو في إطار إحدى البرامج المسطرة لهذا الغرض من طرف السلطات العمومية .ك

ما انه يتعين خلال هذه المرحلة الإلمام بكل مواطن قوة و ضعف فكرة المقاولة

• 2/المرحلة الثانية الإطار القانوني
دائما على صعيد نفس المرحلة التمهيدية للإجراءات الإدارية، و بعد ان يتم تقييم فكرة المقاولة من جميع الجوانب فان السؤال الذي يطرح بإلحاح يتعلق بانتقاء الشكل و الإطار القانوني الذي يتحدد وفق مجموعة من المعايير و الشروط التي ترتبط بطبيعة النشاط هل طبيعة النشاط تستلزم اللجوء إلى مقاولة ذاتية او شركة،و التي تحدد أيضا حسب الحاجيات المالية لأنه كلما كانت الحاجيات المالية للمقاولة اكبر فان اللجوء إلى الشكل القانوني للشركة يصبح أكثر الحاحا،كما انه يتعين مراعاة تسيير المقاولة و مدى قدرة صاحب المقاولة على العمل مع شركاء اخرين او تفضيله العمل بشكل منفرد

المحور الثاني الإجراءات الإدارية لخلق المقاولة حسب البنيات القانونية للمقاولات والوثائق الإدارية المطلوبة
يمكن تحديد الإجراءات الإدارية لخلق المقاولة حسب الشكل القانوني و حسب الوثائق الإدارية على النحو التالي

• 1/الخصائص المميزة لأهم البنيات القانونية للمقاولات
بعد أن يتم تحديد الطبيعة القانونية للمقاولة كخطوة أساسية قبل الانطلاق في مسلسل الإجراءات الإدارية،و انطلاقا من كون المقاولات بالمغرب تصنف إلى مقاولات ذاتية و شركات تجارية ،فان هذه المساطر تتغير نوعا ما و فق الشكل القانوني للمقاولة ،إذ يلاحظ أن المقاولات الفردية الذاتية تتميز بخصائص أكثر مرونة و ببساطتها مقارنة بتلك المعمول بها بالنسبة للشركات التجارية،

حيث أن صاحب المقاولة الذاتية لايحتاج لخلق مقاولته سوى لمحل و عقد يثبت طبيعة علاقته بالعقار المراد استغلاله و بطاقة هوية ،بالإضافة إلى الرخصة في حال تعلق الأمر بنشاط منظم ،و ذلك مقابل إجراءات أكثر تعقيدا بالنسبة للشركات التجارية سواء من حيث التكلفة أو عدد الوثائق.هذه الشركات التجارة التي تنقسم إلى شركات رأس المال تكون مسؤوليات الشركاء فيها محدودة للمساهمات ،و شركات أشخاص تتعدى فيها مسؤوليات الشركاء حدود مساهمتهم.

من بين هذه البنيات تعد المقاولات الفردية المنظمة أساسا بموجب مقتضيات مدونة التجارة و لاسيما فيما يتعلق بالمقتضيات التي تهم التاجر و السجل التجاري ، الأكثر انتشارا حيث يلاحظ انها تعد من الكيانات التي يتم الإقبال عليها في غالب الأحيان ، و ذلك بالنظر إلى كونها تتطلب إجراءات اقل من حيث الوثائق المطلوبة مقارنة بطبيعة الحال بالشركة التي تتطلب عددا اكبر من الوثائق الإدارية ، و ذلك إلى جانب الشركات المحدودة المسؤولية التي تعد من بين الشركات التجارية الأكثر مرونة لا سيما فيما يتعلق بعدم تحديد الحد الأدنى لرأس المال

2/ الإجراءات الإدارية لخلق المقاولة حسب الوثائق الإدارية المطلوبة
اعتبارا لكون عملية خلق المقاولة تتم من خلال مسلسل تتخله مجموعة من الإجراءات الإدارية من قبيل (التسجيل في جدول الضريبة المهنية التقييد في السجل التجاري الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي..) ،فان هذه الإجراءات يمكن تلخيصها حسب الوثائق الإدارية في مجموعة من الوثائق التي تنطلق أولا بإعداد الشهادة السلبية أي تسمية المقاولة ،كوثيقة تعد بمثابة شهادة ميلاد المقاولة و هذه الوثيقة تعد ضرورية بالنسبة لجميع الشركات التجارية في حين هي اختيارية بالنسبة للمقاولة الذاتية.

و تسلم الشهادة السلبية من طرف المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية ممثلا من طرف المندوبية الإقليمية للصناعة و التجارة.و يتم الحصول على هذه الشهادة بعد ملئ مطبوع يسحب من المصالح المختصة التابعة لهذه المندوبية يتضمن خمس اختيارات و ذلك مقابل 230 درهم، و في هذا الإطار ينبغي التذكير بان للشهادة السلبية اجل أقصاه سنة لايمكن تجاوزه

بعد أن يتم تحديد تسمية للمقاولة او الشركة لابد من التفكير في انتقاء محل يستغل كمقر للمقاولة، و ذلك من خلال عقد يتبث طبيعة العلاقة بين العقار المراد استغلاله و صاحب المقاولة، يتم إبرامه وفق الشروط القانونية ،مع تسجيله من طرف مصلحة التسجيل و التنبر

أيضا من الوثائق المطلوبة نجد إعداد القوانين التأسيسية للشركة التي يتم انجازها من طرف محاسب او مستشار قانوني

أما بالنسبة للشركات ذات المسؤولية المحدودة التي يتعدى رأس مالها 100 ألف درهم ،فانه يتعين الحصول على شهادة تثبيت رأس المال المحرر من طرف مؤسسة بنكية

على اثر الحصول على الشهادة السلبية و تسجيل القوانين التأسيسية النظام الأساسي للشركة و محضر تأسيس الشركة و الحصول على مقر للشركة فان أول هذه الإجراءات تهم التسجيل في الضريبة المهنية و التعريف الجبائي (الضريبة على الدخل بالنسبة للمقاولات الذاتية و الضريبة على الشركات بالنسبة للشركات)

التسجيل في الضربة المهنية يخول لصاحب المقاولة الحق للتقييد في السجل التجاري كإجراء إداري أساسي بالنسبة لجميع الشركات التجارية،اذ يتعين الإدلاء بملف كامل يتضمن علاوة على شهادة الضريبة المهنية باقي الوثائق اللازمة ،و ذلك مقابل 150 درهم بالنسبة للمقاولات الذاتية و350 درهم للشركات ( 150 درهم زيادة على 200 درهم لإيداع القانون الأساسي للشركة)

لاستكمال الإجراءات الإدارية اللازمة فانه يتعين على جميع الشركات التجارية القيام بإجراءات الإشهار بنشر إعلان يتعلق بالشركة في جريدة إعلانات عادية إضافة إلى الجريدة الرسمية (مقابل 400 درهم)

في الأخير ،يتعين على الشركة المعنية تولي إجراءات الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بعد الإدلاء بملف يتضمن نفس الوثائق المطلوبة لدى كل من مصلحة الضرائب و المحكمة مرفوقا بمطبوع المركز الجهوي للاستثمار نسخة من شهادة التقييد في السجل التجاري