الحق في النقد في القانون العراقي
القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي

النقد هو مظهر حرية التعبير الوحيد ذو الطابع الايجابي والقيمة الفاعلة في المجتمع الذي يضمن تطوره وتقدمه والحق في النقد هو ابداء الرأي في أمر من الامور أو عمل من الأعمال دون مساس بشرف أو اعتبار صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير بها والحط من كرامته.

فإذا تجاوز النقد وجب العقاب عليه باعتباره مكونا لجريمة سب أو اهانة أو قذف على حسب الأحوال ويضطر المشرع الجنائي أحيانا إلى تقرير إباحة بعض النقد الذي تتوافر فيه أركان القذف أو السب لترجيح حماية القاذف الذي تهدف إلى مصلحة عامة وبشروط معينه على حماية المقذوف بيد إن النقد في حالات أخرى لا تتوافر فيه أركان جرائم السب والقذف ويستمد حق النقد شرعيته وأساسه من الدستور ومن قانون العقوبات وقوانين حماية الصحفيين وإذا ما أعطى هذا الحق للصحفي فانه يتوقع ويطمح أن يكشف الصحفي عن مظاهر الخلل في المجتمع ويؤشر على حلقات ضعفه وعيوبه طمعا في إصلاحها واقتراح بدائلها وإظهار فضائلها وأساس حق النقد هو فحص العمل والحكم على قيمته أو تعليق على تصرف وقع فعلا أو حكم على واقعة مسلمة.

وإذا كان النقد تقديرا أو حكما أو تعليقا أو رأيا قابلا للنقاش أو الجدل بين الرفض والقبول فانه يفرق عن القذف الذي يمثل إسناد واقعة محددة تمس شرف من أسندت اليه وإن الحق في النقد ينصرف إلى العمل ذاته والنقد المباح لا عقاب عليه أصلا إذ المفهوم أن الناقد لم يخرج في نقده إلى حد القذف والسب.

وان الشروط المتعلقة بالواقعة محل النقد شرطان الأول صحة الواقعة محلا لنقد أو الاعتقاد بصحتها فلا وجه للإباحة أو الجواز إذا كانت تلك الواقعة ملفقة كما لو كانت من اختراع الناقد أو محض إشاعة تتداولها الألسن أو كان عرضها بصورة مناقضة للحقيقة.

والثاني الأهمية الاجتماعية للواقعة وصلتها بالجمهور حيث إن إباحة النقد لا يرتكز فحسب على صحة الواقعة إنما ينبغي إلى جانب ذلك أن تكون الواقعة محل النقد ذات أهمية للمجتمع فالنقد يهدف إلى الرقابة على الأنشطة السياسية والعلمية والأدبية والفنية والمهنية الرسمية وغير الرسمية وتوجيهها وجهة سليمة تحقق المصلحة العامة بهدف تقدمه وازدهاره ومن اجل ذلك اشترط الدستور أن يكون النقد بناء ولا تتحقق مصلحة المجتمع في النقد المتعلق بالوقائع والتصرفات الخاصة بحياة الناس الخاصة.

ويجب إن تتوافر في النقد بعض الشروط التي تجعله في المسار القانوني الصحيح وهي أن يكون الرأي أو التعليق منصبا على الواقعة ومستندا إليها وأن لا يكون الرأي أو التعليق قد تجاوز ما يستلزمه الحكم أو التقدير للواقعة وإن تكون الصياغة للرأي أو التعليق في عبارات مناسبة واستهداف المصلحة العامة وذلك من خلال توافر حسن النية لدى الناقد من خلال الكشف في وقائع تهم المجتمع والسعي لإصلاح الخلل وتقويم مرتكبيها إما اذا استهدف مصالحة الشخصية وسعى إلى إشباع أحقاده أو نوازعه الوصولية والإضرار بالآخرين فهو سيئ النية.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت