لائحة الاستثمار الجديدة تحت المجهر
أصدرت الهيئة العامة للاستثمار قبل أيام لائحة الاستثمار الأجنبي الجديدة والتي احتوت على مضامين فسرت على أنها تساوي بين المستثمر المحلي والأجنبي من باب التشجيع على رفع نسبة تدفق الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته والأنشطة المتاحة فيها للمستثمر الأجنبي وبقدر ما حملته اللائحة من مرونة وتحسن جيد في مزاياها إلا أنها تحمل ملاحظات ترقى لملستوى التساؤلات حول إستراتيجية الترخيص للاستثمار الأجنبي ومدى فائدته البعيدة الأجل على الاقتصاد المحلي.

وإذا ما نظرنا إلى المزايا التي سيحصل عليها المستثمر الأجنبي فإن الملفت هو إمكانية الاستفادة من قروض صندوق التنمية الصناعي طبقا لاشتراطات الصندوق وهنا لابد من فهم أسباب إعطاء هذه الميزة فالصندوق حكومي ويحصل على الدعم من أموال بالأصل من إيرادات النفط، ويهدف لرفع حصة الصناعة بالاقتصاد المحلي ويفترض أن يكون تمويله للمستثمر المحلي فقط على اعتبار أن المستثمر الأجنبي يفترض أن يكون لديه أموال كأحد الأسس التي يجب أن يتمتع بها المستثمر الأجنبي وإذا كانت الغاية زيادة الجاذبية بالسوق المحلي فيفري أن يقتصر التمويل من الصندوق الصناعي في حال كان معه شريك سعودي سواء جهة اعتبارية أو مواطن بنسبة لا تقل 30 إلى 40 بالمئة للشريك السعودي حتى تكون المنفعة من تمويل الصندوق مفيدة ولا يكون هناك مجال لأن تكون شراكة الجانب الوطني كجسر للحصول على القرض في حال كانت النسبة محدودة جدا وفي حال أراد المستثمر الأجنبي الحصول على قرض وكانت ملكيته للمشروع كاملة فليتجه للبنوك التجارية المحلية أو يحصل على تمويله من الخارج فيكفي أن تفتح له مجالا للاستثمار والانتفاع من مزايا قوة الطلب بالاقتصاد المحلي مع المزايا الأخرى التي تضمنتها اللائحة.

كما أن عدم توضيح اللائحة لوضع الاستثمارات الكبيرة الأجنبية من حيث وضع آلية لتعميق ارتباطها بالاقتصاد المحلي بأن تلزم بالإدراج بالسوق المالي في حال تخطى رأس مالها 500 مليون أو أكثر يقلل من الفائدة المرجوة منها فهي قد تستفيد من مزايا بالاقتصاد كإنخفاض تكاليف الطاقة والرسوم الجمركية وتقوم بالتصدير مع الاستفادة من دعم الصادرات الوطنية دون أن يكون هناك انتفاع من أرباحها على مستوى الاقتصاد كون أن المستثمر الأجنبي له حرية التنقل بأمواله وأرباحه كيفما شاء حسب اللائحة الجديدة كما يفترض إلزام المنشآت الأجنبية بأنظمة الحوكمة ليتم ضبط أوضاعها من بداية نشاطها منعاً لأي تلاعب بخلاف الأنظمة الرقابية والمحاسبية الأخرى، أما من ناحية السعودة والتدريب فلم تتضمن اللائحة أي جانب فيها رغم أنها بالتأكيد موجودة كاشتراطات للترخيص والعمل ولكن لابد من وضع أسس واضحة لها بحسب نوع الاستثمار خصوصاً التي تتميز بكونها موطنة للتقنية الحديثة التي يفترض أن ترتفع بها السعودة تدريجياً لتوطين الخبرات المشغلة لها كون أن من حق المستثمر الأجنبي بيع استثماره متى ماشاء فيجب المحافظة على هذه الكيانات مستقبلا.. أما من ناحية رأس المال المستثمر والذي وزع على أن يكون 25 مليون ريال للمشروعات الزراعية و5 ملايين للصناعة ومليونان لبقية الأنشطة كأقل مبلغ يضخ فلم يتضح إذا كانت هذه المبالغ التي يفترض أن يدخل بها المستثمر الأجنبي كأقل استثمار يضخه سواء كان مالكا للمشروع بحصة كاملة أو بشراكة مع مستثمر محلي أي أنه من المفترض إيضاح أوسع لحجم رأس المال هل تخص المشروع أو تخص حصته وبكل الأحوال فإن مثل هذه المبالغ المحدودة خصوصاً لأقلها يفرض تلقائياً أن يكون هناك تصنيف للمنشآت الأجنبية وآلية ترخيص مختلفة بحسب حجم رأس المال ونوعية النشاط، فكلما كان رأس المال كبيراً أو النشاط حيوي تكون مدة وآلية الترخيص مختلفة كميزة جاذبة للاستثمارات النوعية والمهمة، فثلاثون يوماً لمنح الترخيص ليست مدة قصيرة ولا يجب أن تكون عامة لأي نوع من التراخيص..

أما من ناحية أسلوب التراخيص فكنا نأمل منح المدن الاقتصادية ميزة خاصة بالترخيص للمستثمر الأجنبي بحيث تكون هناك إدارة خاصة بهذه المدن تمنح التراخيص وتزود الهيئة فقط بمعلومات المستثمر دون الدخول في دوامة المعاملات وطول المدد للبت بالترخيص في المدن الاقتصادية حتى تعطى بعض المزايا للمستثمر لأن التوجه نحاستقلالية المدن الاقتصادية بالترخيص خصوصاً الكبيرة منها سوف يسرع من جذب الاستثمارات لها بوتيرة أعلى من الواقع الحالي. لائحة الاستثمار الجديدة تعد نقلة جيدة لتطوير آليات جذب الاستثمارات الأجنبية وفيها مزايا جيدة إلا أن ما ذكر من ملاحظات فيها الهدف منه تعميق المرونة بأنظمة الاستثمار الأجنبي ومزيد من الإيضاح فيها ومحافظة أوسع على الاستثمارات ومنع تكرار أي خلل شابها في الماضي وأعطى صورة سلبية عن الاستثمارات التي دخلت في الاقتصاد المحلي وثبت زيف بعضها أو عدم ملاءمته وتحقيقه للأهداف المرجوة من فتح السوق المحلي للمستثمر الأجنبي.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت