التحكيم الإلكتروني

أولا:مقدمة عن نشأة التحكيم الإلكتروني:

لا شك أنه مع زيادة التقدم العلمي في المجال الإلكتروني و التنمية المعلوماتية و أهمية شبكة الإنترنت كوسيلة مثلى في الإتصال و نقل المعلومات في عصرنا الحالي في شتى المجالات وكذا إتجاه التجارة الدولية إلى التجارة الإلكترونية و إنتشار العقود الإلكترونية و تطبيق التوقيع الإلكتروني و كل ذلك بين أطراف تختلف جنسياتهم و أماكن إقامتهم، زاد عدد النزاعات التي تقتضي سرعة الحسم و يصعب إجتماع أطرافها في مكان واحد.

ثانيا:الموضوع:

التحكيم الالكتروني و الفرق بينه و بين الوسائل الإلكترونية الأخرى لتسوية النزاعات:

و من ثم بدأ ظهور وسائل بديلة لتسوية النزاعات إلكترونيا ( Online Disputes Resolution) والتى تستخدم فيها التكنولوجيا بصفتها حاجة ملحة في العصرالحديث ، ألا وهي:

الوساطة الإلكترونية Online Mediation: – وهى تدخل طرف آخر غير طرفى النزاع بهدف تقريب وجهات النظر بصوره محايده ونزيهه ، والهدف منها هو الوصول الى تسوية ودية بإجراءات إلكترونية يتم إختيارها فى حالة العلاقات التجارية المستمرة بين الأطراف بشكل كبير ويمكن رفضها فى أى مرحلة كما أنها غير ملزمة .
التوفيق الإلكترونى Online Conciliation: – وهو تدخل آخر بين طرفى النزاع عبر الوسائل الإلكترونية لتقديم حلول مرضية ويتم إختيار أحد تلك الحلول حسماً للنزاع وهو أيضاً غير ملزم .
التحكيم الإلكترونى Online Arbitration و تعريفه :-
نجد أن تعريفه الأمثل هو: تطور التحكيم التقليدي وفقاً للتطور التكنولوجى المعاصر: كنظام تسوية نزاعات خاص يختار فيه الأطراف قضائهم ويعهدون إليه بمقتضى إتفاق مكتوب بمهمة تسوية النزاعات التى قد تنشأ أو نشأت بالفعل بينهم بخصوص علاقتهم التعاقدية أو غير التعاقدية والتى يجوز حسمها بالتحكيم ويكون قرارها ملزم للأطراف و يتم عبر شبكة الانترنت وفق قواعد خاصة ،دون الحاجة الى إلتقاء أطراف النزاع والمحكمين فى مكان معين (وذلك بخلاف تعريفات أخرى قصرته على أنه التحكيم الذى تكون أحد إجراءاته وليس كلها عبر الإنترنت ) .

وبالتالى نجد أن ما يميز التحكيم الإلكترونى عن التحكيم التقليدي هى الآليات المستخدمة حيث يتم عبر الإنترنت.

و نجد أن ما يميزه عن الوسائل البديلة الأخرى لتسوية النزاعات إلكترونيا سالفة الذكر هي إلزامية حكم التحكيم النهائي الإلكتروني.

ولابد من توضيح الفرق بين التحكيم الإلكتروني و التقاضى الإلكترونى والذى هو عبارة عن نقل مستندات التقاضى إلكترونياً إلى المحكمة عبر البريد الإلكترونى حيث يتم فحصها بواسطة الموظف المختص وإصدار قرار بالقبول أو الرفض وإرسال إشعار إلى المتقاضى يفيده علماً بما تم بشأنها و يتطور التقاضي الإلكتروني مع الوقت ليشمل كافة إجراءات الدعوى و بالتالي فإن التقاضي الإلكتروني يدخل في نطاق القضاء العادي و لا علاقة له بالوسائل البديلة لتسوية النزاعات إلكترونيا.

أمثلة لبعض الجهات التي تطبق التحكيم الإلكترونى :

محاكم و مؤسسات التحكيم الدولي كان لها سبق في تطبيق التحكيم الإلكتروني وتنظيم إجراءاته و منها:

محكمة لندن للتحكيم الدولى LCIA) )
المحكمة الإلكترونية التابعة للمنظمة العالمية للملكية الفكرية WIPO))

موقف التشريعات الوطنية من تنظيم التحكيم الالكتروني:

لم تتناول كثير من التشريعات الوطنية للتحكيم مسألة تنظيم التحكيم الإلكترونى و هو ما يؤخر عملية إنتشار إستخدامه.

و لكننا نجد أن الولايات المتحدة و الدول الأوروبية لها سبق في تضمين تشريعاتها المتعلقة بالتحكيم تنظيم التحكيم الإلكتروني و أن التشريعات العربية لابد لها من المواكبة في هذا الشأن خاصة وأن ذلك في مصلحة تشجيع التجارة الدولية والإستثمار.

ثالثا:التحليل:

مميزات و تحديات التحكيم الالكتروني:

التحكيم الالكتروني كأي نظام حديث أثبت فاعلية إلا أنه أيضا يواجه تحديات.

المميزات:
تقليل التكاليف و النفقات لعدم الحاجة للإنتقال من مكان لآخر إذ أن الإجراءات و الجلسات تتم عن بعد.
أنسب للعقود قليلة القيمة
السرعة في فض المنازعات و توفير الوقت
حيدة وإستقلالية المحكمين لعدم وجود سابق معرفة بالأطراف
تجاوز مشكلة الإختصاص القضائي وتنازع القوانين.
الكفاءة و الخبرة التي تتوفر في المحكم.

التحديات:
عدم ملائمة التشريعات الداخلية للتحكيم الإلكترونى كعدم مواكبة النظم القانونية الحالية للتطور الإلكتروني السريع و كذا وجود قيود شكلية تفرضها التشريعات الداخلية مثل ما يتعلق بشرط الكتابة الذي يحتاج لتطوير ليشمل تطور صور الكتابة إلكترونيا.
عدم الثقة والتشكيك فى سرية المعاملات الإلكترونية
وجود بعض العقبات الإجرائية و من أهمها عقبات إجراءات إخطار الأطراف بالتحكيم عن طريق البريد الإلكتروني و كذا كيفية تحديد وقت وصول الإخطار خاصة في ظل إختلاف التوقيت بين مكان المرسل و المستقبل لهذا الإخطار و كذا عقبات متعلقة بالإثبات في ذات الشأن.
عقبات متعلقة بتحديد مكان ووقت صدور حكم التحكيم الإلكتروني لتعدد الأماكن الموجود بها الأطراف و هيئة التحكيم.

رابعا:خاتمة:

و أخيرا يمكن القول أن التحكيم الإلكتروني نظام فعال له مزايا عديدة لا يقف أمام فاعليته بشكل أكبر سوى وضع إطار قانوني دولي خاص به بالإضافة إلى إقرار تشريعات وطنية لمواكبة خصوصيته.

منى رشدي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت