وقفة مع تطوير القضاء
د . عبد المحسن بن محمد المحرج
محامي ومستشار قانوني
mohsen_mh@

– يحظى مرفق القضاء بعناية خاصة في هذه البلاد المباركة ، وقد مرّ على إدارته والعناية بمخرجاته علماءُ أجلاّء ، نذروا أنفسهم في تجويد الأحكام وتأصيل القرارات ، احتساباً للأجر وصوناً لمزية تحكيم للشريعة الإسلامية التي حبانا الله بها ، وتعاقب على هذا النهج مخلصون كُثر – ولله الحمد- أكملوا المسيرة وتحملوا الأمانة ، وفي هذا السياق استحضر أمرين :
– الأول : الجهد العظيم الذي بذلته اللجان لإصدار (المبادئ والقرارات-للمجلس الأعلى والمحكمة العليا ) مما يدعو المنصف للشكر والدعاء لكل من ساهم بأي عمل لإخراج هذا السفْر القيّم .

– إن القاضي والمحامي وأي مهتم بالدراسات القضائية يدرك أهمية مثل هذا الإصدار الذي اشتمل على مبادئ مستمدة من أحكام وقرارات صدرت على مدى سبعة وأربعين عاماً ، ومن أهميتها إدراك ما استقر عليه الاجتهاد القضائي لمدة ليست بالقليلة ، وكما هو معلوم فالقضاء الشرعي يستمد أحكامه من نصوص ليست جامدة ، بل هي صالحة للتعامل مع كل حديث يتطلب سعة في النظر ومواكبة في التكييف .

– الثاني: تساهل البعض – هداهم الله – ممن لا يُعرف اسمه إلا عند القضايا التي تمس القضاء الشرعي أو تؤجج الناس على الأحكام ، ولست أعني من يطرح طرحاً علمياً مؤصلاً ويبين رأيه دون استثارة أو تشغيب على أحكام ابتدائية ، بل أعني من لا يُعرف إلا في غرائب القضايا ونادرها ، ثم يستعين على قضاء بلاده ببعض وسائل الإعلام .

– وإنه لمن المؤسف ألا تجد لأحدهم خطاباً واحداً يتضمن اقتراحاً يفيد المرفق ويطوّر من أدائه ، ومن المعلوم أن هذا المرفق هو من أهم وأرفع المرافق في هذا البلد المبارك وفي كثير من الدول المتقدمة ، وأن التعامل مع ما يصدر منه يجب أن يكون وفق آلية واضحة لا تقلل من شأنه أو تشكك في نزاهته ، وليس في هذا تقديساً لأشخاص ولا لأحكامهم أن تُستدرك ، لكن وفق المسار الصحيح والذي يجب أن يكون عن طريق السلطة القضائية العليا ، وكل هذا من أجل صيانة مكانة القضاء واحترام كلمته التي يجب أن يلتزم بها الجميع بلا استثناء .

– فعندما يبرر النقد العلني للأحكام بأنه (حرية رأي) لن يستقر حكم ، إذ الناس بين محكوم له أو عليه ، والنتيجة أن قضايا الناس ستنتقل إلى ساحات الإعلام (يتلقاها وينقدها المختص وغير المختص)، بعدها قل على ضبط تعاملات الناس واستقرارها (السلام) .
– أسأل الله أن يسدد العاملين لخدمة هذا الدين وهذا البلد المبارك ، وأن يكفينا شر أنفسنا ، وأن يدلّ المخطئ ويعين المصيب .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت