قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983 وتعديلاته

لا شك إن للإسرة دوراً كبيراً في عملية نمو الطفل وتوجيهه الوجهة الصحيحة فالاسرة المتماسكة يكون لها دور في الحد من ظاهرة جنوح الحدث لأن الصغير يتعلم داخل اسرته، فإذا لم يجد من يرعاه ويشعره بالأمان فإنه قد يؤدي به إلى الهروب من البيت، من هنا تبرز مسؤولية الآباء عن جنوح أبنائهم المشمولين بولايتهم بسبب إهمالهم لرعايتهم وتقصيرهم في أمور التربية والتوجيه وسوء المعاملة وقد أكد قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983 وتعديلاته على دور الاسرة في عملية نمو الطفل وتوجيهه وقد أشار إلى مسؤولية الأولياء عن إهمال ورعاية الصغير أو الحدث إذا أدى به إلى التشرد أو انحراف السلوك أو ارتكب الحدث جنحة أو جناية عمديه وذلك في المادة (30) منه والتي تنص (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن مائة دينار ولا تزيد على خمسمائة دينار كل ولي دفع الحدث أو الصغير إلى التشرد أو انحراف السلوك) وقد تتطلب مصلحة الصغير أو الحدث أو المجتمع سلب ولاية الاسرة عن أبنائها ووضعهم في مؤسسات متخصصة أو لدى اسر كفيلة ترعاهم بدلاً من اسرهم التي تسيء معاملتهم خاصة إذا كان الولي هو الأب والأم حيث إن معاقبة الولي قد لا تؤدي إلى خلق أبوة صالحة وتصبح الاسرة مكاناً غير صالح لبقائهم عن طريق سلب الولاية إذ يجد القاصر بهذه الحالة من يحميه ويمنع عنه إساءة والديه بشكل قانون ملزم حيث أشارت المادة (31) بشأن تنظيم أحوال الحدث بالقول: (على محكمة الأحداث إن تقرر سلب الولاية على الصغير أو الحدث إذا حكم الولي بجريمة من الجرائم المعاقب عليها في قانون البغاء وكان الصغير أو الحدث هو المجني عليه في جميع هذه الجرائم).

وعلى الرغم من اهتمام المشرع بأحوال الحدث إلا إنه لم يفعل شيء وبقيت أغلب النصوص القانونية مجمدة وبقى حال الحدث كما هو بل ازداد سوءاً وما يدل على صحة كلامنا هو ما نراه اليوم من ظاهرة جنوح الأحداث والتسول والاتجار بالمخدرات، ووصل الأمر بالحدث إلى الانضمام إلى الخلايا الإرهابية رغم إنه لا يعي ما يفعل ولكنه ربما وجد فيها ما يعتقد إنه تحقيق لطموحه البسيط ورعاية عجزت أسرته والدولة عن تحقيقها له. معتقداً إنه في طريق الاستقامة وإنه يسير على النهج الصحيح، وعلى الرغم من إن العقوبة شخصية لا تقع سوى على الشخص الجاني ولكني لا أجد هنا جناية للحدث بل المسؤول من أدى به إلى الهاوية فلابد من مساءلتهم أولاً وإصلاحهم قبل إصلاح أبنائهم.

أما المواد الأخرى من القانون فإنها لا تصلح لكل زمان ومكان وقد صيغت في وقتها بما يتناسب والوضع آنذاك أما الآن ونحن في الألفية الثانية فإن الغرامة المقررة مثلاً لا تفي بالغرض ولا تتناسب معها حتى إن بعض من تفرض عليه الغرامة يعطي أكثر مما يطلب منه مستهزءاً بالوضع وبالتالي لا تتحقق الغاية المنشودة من فرضها، بالإضافة إلى إن أغلب العنف الذي يتعرض له الطفل لا يبوح به ويبقى شأناً داخلياً يخص الاسرة وحدها التي لا تزال تتمتع بقدسية وخصوصية يصعب اختراقها ناهيك عن سطوة المعايير الاجتماعية وبعض المفاهيم البالية والدخيلة على مجتمعنا وهي لا تمت للإسلام بصلة بل يحاول أعداء الإسلام من تنسبها إليه تشويهاً لديننا الحنيف وما جاء به من مبادئ عظيمة أخذت بها كل أمم العالم والغرب قبل المسلمين وهنا لابد من معالجة الأمر من خلال تأسيس دائرة اجتماعية لتثقيف الآباء والأمهات وإلحاقهم ببرامج تعلمهم كيفية التعامل مع أبنائهم وأن يكون هناك وعظ وإرشاد ديني لحماية الطفل من طغيان والديه إذ إن الدين الإسلامي يؤكد على التراحم والترابط الاسري ويحدد حقوق وواجبات كل فرد من أفراده الاسرة، وقبل كل هذا لابد من عمل إحصائيات تتولاها جهات وطنية لرصد الانتهاكات التي يتعرض لها الطفل سواء على صعيد اسرته أم خارجها وتشجيع منظمات المجتمع المدني على تقديم شتى أنواع الخدمات والدعم له لأنهم أمانة في أعناقنا.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت