الطيور المهاجرة وشبكات الموت
خالد بن محمد العنقري
خلق الله هذا الكون الفسيح وجعل فيه دورة للطير والحيوان يتنقل بها بين قارات العالم منفعة للناس والزروع وللبيئة بشكل عام، كما انحسر تنقل الحيوانات لتعذر السبل مع النهضة البشرية وبقي الطير يرفرف بجناحيه متنقلا إلى حيث يشاء ليصلنا في مثل هذا الوقت من كل عام.

ومن الملاحظ ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي لصور صيد مجموعات كبيرة من الطيور وبعض منها من الطيور المهددة بالانقراض، ولم يقف الأمر عند ذلك فحسب، بل إن صيد تلك الطيور أضحى استثمارا لدى البعض عن طريق تأجير المزارع إلى أن تطور الأمر إلى بيع الطيور بعد صيدها بشكل جماعي عن طريق شبكات مخصصة لذلك، وجزء من تلك الطيور ينفق في الشبكة قبل تذكيته هذا إن كان ثمة تذكية أصلا، حيث وصل الأمر إلى تجهيز تلك المزارع بشكل احترافي وتزويدها بعدد من العمالة لمتابعة الشباك وتجهيز الصيد للبيع الذي ينظر إلى عدده فقط في الغالب. من المقرر صحيا أن التذكية لها أهمية كبيرة في سلامة اللحوم وأمنها على صحة الإنسان؛

لذا جاء الإسلام بتحريم أكل الميتة بقوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة…… )، كما أثبتت الدراسات الحديثة أهمية التذكية وخطورة الميتة على الإنسان. من جانب آخر فإن الطيور المهاجرة تتعرض لإبادة حقيقية بهذه الطريقة وتحرم الكثير من هواة الصيد التمتع بها في حدود المعقول وبالطرق المشروعة علما بأن بعض هذه الطيور من نوادر طيور الزينة.

فهل يجوز هذا الفعل شرعا ونظاما، وهل ننتظر حلول كارثة صحية أو بيئية أو استنكارا عالميا لما يحدث وينشر على مواقع التواصل الاجتماعي لنتدخل؟ إن الأنانية والأثرة شعار البعض ولا يقف أمام جشعهم إلا قانون رادع ونافذ واستشعار الجميع للمسؤولية، كما أنه لا يتصور أكل هذا الكم من الصيد وفي الحديث (ما من إنسان قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عز وجل عنها، قيل وما حقها؟ قال يذبحها فيأكلها…. ).

إن القانون هو أحد طرق العلاج الفعالة للحد من الظواهر التي تشكل خطرا على المجتمع وتحد من التصرفات الخاطئة، ومع وجود النظام فلا بد من إسهام الجميع كل بدوره لبيان المخاطر الجديدة التي قد تخفى على من أوكل له تطبيق النظام ودخول اختصاصات لجهات أخرى توجب العمل بشكل جماعي للحد من مخاطر تلك التجاوزات، فعندما ننظر إلى نظام صيد الحيوانات والطيور البرية الصادر عام 1420هـ الذي جعل للهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها حق إصدار تراخيص الصيد وتحديد أوقاته وحظر بعض وسائل الصيد أو نوع من أنواع الطيور أو الحيوانات، وجعل لوزارة الداخلية مسؤولية ضبط المخالفين لهذا النظام، والتي قد تصل عقوبتها لغرامة مالية قدرها 40 ألف ريال، بالنظر إلى ذلك نجد أنفسنا بحاجة إلى استشعار الخطر ووجوب الحد من هذه الممارسات.

لعلنا نتفق من خلال ما سبق على وجوب دراسة الموضوع من حيث الأبعاد والمخاطر ومنع الصيد عن طريق الشبكات وملاحقة كل من يستعرض بذلك ومن يصطاد بالأسلحة النارية المجرم استخدامها نظاما ومحاصرة منافذ بيع الصيد لخلوها من أدنى معايير السلامة من حيث الحفظ والتخزين فضلا عن نفوق الكثير منها في شبكات الموت وعدم مشروعية هذا البيع دون رخصة من الجهات ذات العلاقة، كما يجب عدم التضييق على مستخدمي البنادق الهوائية كونها صديقة للبيئة وهي مستثناة من أحكام نظام الأسلحة والذخائر، علاوة على وجوب نشر الوعي بمخاطر هذه الممارسات ووجوب الإنكار على فاعلها.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت