مسطرة إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه في نوع خاص من الجرائم

. الحسن بويقين
الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بمكناس

تعتبر مسطرة إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه التي جاءت بها المواد: 40-49-133 من مشروع مدونة قانون المسطرة الجنائية من المستجدات التي جاءت لتسد جزءا من فراغ مهم في التشريع الحالي نتج عنه خلاف فقهي وقضائي حاد حول مدى سلطة المحكمة في التصريح بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بصفة تلقائية، وهذا الخلاف راجع إلى تباين الآراء حول مدى اعتبار هذا الإجراء جزءا من الدعوى العمومية أو جزءا من الدعوى المدنية التابعة، وما يترتب عن ذلك من إشكالية الطرف الذي له الصفة في تقديم طلب التنفيذ في حالة الحكم بإرجاع الحالة تلقائيا.

وهل يوقف طلب الطعن بالنقض وأجله الحكم الصادر فيها، وما هي المحكمة المختصة للبت في صعوبة تنفيذ الحكم المذكور، هل المحكمة الزجرية التي أصدرته أم المحكمة المدنية التي تتولى تنفيذه، بل لقد امتد هذا الخلاف إلى مدى إمكانية الطعن بإعادة النظر وفق قانون المسطرة المدنية، في الحكم الزجري الصادر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ويبدو أن هذا الخلاف راجع إلى غياب نص صريح في قانون المسطرة الجنائية يقضي بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه وإلى غموض بعض المقتضيات القانونية التي لها علاقة بالرد في القانون الجنائي أفصل ( 106-1085)، وكذا التي لها علاقة بأثر طلب النقض وأجله على تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى المدنية التابعة (الفصل 584 من ق.م.ج) وكذا التي لها علاقة بتنفيذ الشق المدني من الحكم الزجري (الفصل 645 من ق.م.ج)، ذلك أن الفصل 106 من ق.م.ج وإن نص في فقرته الثانية على أنه: ( يمكن للمحكمة أن تأمر بالرد ولو لم يطلبه صاحب الشأن) فإن الفقرة الأولى من نفس الفصل اشترطت في رد الأشياء ومعلوم أن العقار يعتبر من الأشياء ـ أو المبالغ، أو الأمتعة المنقولة أن تكون موضوعة تحت يد العدالة وهو ما لا يتوفر إلا نادرا في العقار موضوع جريمة انتزاع الحيازة كما في حالة وضعه تحت الأختام.

أما بخصوص الفصلين 584 و645 من ق.م.ج فغموضهما راجع إلى الإشارة فقط إلى عبارة (التعويضات المدنية) بدل النص على الدعوى المدنية التابعة أو الشق المدني من الحكم الصادر عن المحكمة الزجرية ذلك أن التعويض إذ أطلق قصد به المبلغ المادي المجبر والمقابل للضرر اللاحق بالمتضرر أو المدعى زيادة عن الأصل، وإلى هذا المعنى أشارت المادة 271 من القانون المدني المصري بقولها:( يقدر التعويض بالنقد، على أنه يجوز للقاضي تبعا للظروف وبناء على طلب المضرور أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه… وإذا كان الشيء موضوع الرد من المضبوطات فإنه تجوز المطالبة به أمام المحاكم الجنائية بل للمحكمة أن تأمر به من غير طلب) وبذلك يكون المشرع المصري قد فرق بين التعويض، وبين إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، وبين رد الأشياء المضبوطة والموضوعة تحت يد العدالة. مزيلا بذلك الغموض الذي يكتنف بعض التشريعات بهذا الخصوص ومن ضمنها تشريعنا الحالي بل وحتى مشروع قانون مدونة المسطرة الجنائية كما سنبين لاحقا.

فإذا كان إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه هو الهدف الذي يضعه المتضرر من الاعتداء على حيازته للعقار نصب عينيه يوم تقديم الشكاية فإن ما يتطلبه تهيئ الدعوى للحكم من التحقيق كالاستماع إلى الشهود وإجراء المعاينة، وربما الخبرة، واستدعاء الأطراف وذلك في المرحلتين الابتدائية والاستئنافية ثم انتظار تنفيذ الحكم الذي قد يعقبه إعادة استيلاء الظنين من جديد على العقار بعد التنفيذ ليبتدئ نفس المسلسل من جديد لمدة قد تطول أكثر من المدة التي استغرقتها المسطرة السابقة الأمر الذي يغلب جانب الاعتداء والقوة ويجعل البعض يعجز عن المقاومة فيفلح المعتدي في الاستيلاء على أموال الناس بالظلم والباطل ويترتب عن ذلك انعدام الأمن في المجتمع وفقدان الثقة في العدالة بسبب عقم المساطر وتعقيدها لذا بات من الضروري واللازم البحث عن مسطرة سريعة ومرنة تضع حدا لأثر الاعتداء على الحيازة وترد الأمور إلى نصابها بصفة استعجالية لحين بت المحكمة في الموضوع وهذا ما جاء به مشروع قانون مدونة المسطرة الجنائية في مواده 40-49-133 لكن يحق لنا أن نتساءل هل عالج هذا المشروع في المواد المذكورة وفي غيرها كل المشكلات العملية التي يطرحها إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه؟ وبعبارة أخرى هل أحاط المشروع بكل جوانب هذا الموضوع منذ وضع العدالة يدها على القضية إلى أن يتم تنفيذ قرارها أو أمرها الصادر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ذلك ما سنحاول بيانه في ما يلي:

الجهات المختصة بالأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه حسب مشروع قانون مدونة المسطرة الجنائية

باستقراء مواد مشروع قانون مدونة المسطرة الجنائية يتبين أن عبارة إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه وردت صراحة في أربعة مواد فقط وهي المادة 40 التي تتحدث عن اختصاصات وسلطات وكيل الملك، والمادة 41 التي تناولت مشمولات الأمر القضائي المتضمن لاتفاق الطرفين الناجم عن مسطرة السدد والمادة 49 التي حددت اختصاصات وسلطات الوكيل العام للملك، والمادة 133 التي حددت أوامر قاضي التحقيق.

فإذا كانت المادة 41 لا تطرح أي إشكال بخصوص المسطرة المذكورة إذ لم تزد على النص على أن من ضمن البيانات التي ينبغي أن يتضمنها الأمر القضائي الصادر بالمصادقة على اتفاق الطرفين وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه عند الاقتضاء فإن بقية المواد الأخرى تثير بعض الإشكاليات وتستوجب الإشارة إلى بعض الملاحظات والاقتراحات بشأنها نوجزها فيما يلي:

أولا: اختصاص النيابة العامة في إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه
نصت المادة 40 في فقرتها 14 على ما يلي:
(يجوز له ـ أي وكيل الملك ـ متى كانت دلائل كافية على جدية الاتهام في جرائم الاعتداءات على الحيازة، أن يأمر باتخاذ أي إجراء تحفظي يراه لحماية الحيازة وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه على أن يعرض هذا الأمر على المحكمة أو هيئة التحقيق التي رفعت إليها القضية أو التي سترفع إليها خلال ثلاثة أيام على الأكثر لتأييده أو تعديله أو إلغائه).

كما نصت المادة 49 في فقرتها 18 على ما يلي:
(يجوز له ـ أي للوكيل العام للملك ـ متى قامت دلائل كافية على جدية الاتهام في جرائم الاعتداء على الحيازة أن يأمر باتخاذ أي إجراء تحفظي يراه ملائما لحماية وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه على أن يعرض هذا الأمر على هيئة الحكم أو التحقيق التي رفعت إليها القضية أو التي سترفع إليها خلال ثلاثة أيام على الأكثر لتأييده أو تعديله أو إلغائه).

وأهم الملاحظات المشتركة بين النصين ما يلي:
1- إن كلمة الاعتداء وردت في المادة 40 بصيغة الجمع، وفي المادة 49 بصيغة المفرد بدون مبرر في نظرنا إذ كما يتصور تعدد الجنح الراجعة لاختصاص وكيل الملك والتي تستوجب الأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه يمكن كذلك تصور تعدد نفس الجنح وهي مرتبطة بالجنايات الراجعة لاختصاص الوكيل العام للملك لذى يستحسن الاقتصار على إحدى العبارتين، وإن كنا نفضل الإبقاء على صيغة المفرد ما دامت العبارة السابقة لها جاءت بصيغة الجمع (جرائم الاعتداء على الحيازة).

2- إن مفهوم الفقرتين مما يفيد أن النيابة العمة تختص بالنظر في إرجاع كل ما في ما يهمه والدليل على ذلك النص على أن الأمر بإرجاع الحالة عن النيابة العامة يعرض على هيئة الحكم أو التحقيق الذي رفعت إليها القضية وعبارة رفعت بصيغة الماضي تفيد بشكل لا يدع مجالا للشك أن الأمر المذكور صدر بعد عرض النزاع على إحدى الهيئتين اللهم إلا إذا كان المقصود بذلك هو حالة صدور الأمر بالإرجاع قبل المتابعة أو الإحالة على التحقيق ثم تمت المتابعة أو الإحالة على التحقيق ثم تمت المتابعة أو الإحالة على التحقيق قبل انتهاء أجل ثلاثة أيام الذي يجب أن يرفع خلاله الأمر إلى إحدى الهيئتين المذكورتين، لا سيما وأن الأجل المذكور لم يرتب المشرع أي جزاء على مخالفته ويفهم من صياغة الفقرتين أن الجهة التي يجب عليها عرض الأمر على الهيئة المعنية هي النيابة العامة مما يبقى معه الأجل المذكور تحفيزيا وليس أجلا مسقطا، ولذا يمكن أن يطول الأمد الفاصل بين تاريخ صدور الأمر وتاريخ عرضه على الجهة المختصة، ومما يزيد الأمر غموضا في هذا الصدد أن مواد المشروع خالية مما يفيد إسناد مهمه الأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه لهيئة الحكم أثناء عرض النزاع عليها وقبل الفصل فيه.

لكن إذا كانت نية واضع المشروع متجهة إلى ذلك فلم أسند لقضاء التحقيق بمقتضى المادة 133 أمر إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه إذا قامت لليه أدلة كافية على جدية الاتهام؟ إن من شأن ذلك خلق تداخل وتنازع في الاختصاص بين النيابة العامة والتحقيق بخصوص الإجراء المذكور.

3 – إن ما جاء في الفقرتين معا من عرض أمر النيابة العامة بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه على هيئة التحقيق يجافي القواعد العامة ويطيل المسطرة ذلك أن قاضي التحقيق في كثير من الحالات لا يتخذ إجراءا معينا إلا بعد أخذ رأي النيابة العامة ولها أن تستأنف كل أوامره ما عدا الأوامر الصادرة بإجراء الخبرة وفق مقتضيات المادة 187 (المادة 213) الأمر الذي يمكن معه للنيابة العامة أن تستأنف أمام الغرفة الجنحية الأمر الصادر عن هيئة التحقيق المعدل أو الملغى لأمر النيابة العامة بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، ويمكن للمطالب بالحق المدني بدوره استئناف هذا النوع من الأوامر أمام نفس الجهة متى مست بمصالحه استنادا إلى مقتضيات المادة 215.

فإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا تسند مهمة تأييد أو تعديل أو إلغاء الأمر الصادر عن النيابة العامة بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه في الغرفة الجنحية بدل هيئة التحقيق بل لما لا تسند لها تلك المهمة في كل الأحوال على اعتبار على أن هذا الإجراء مؤقت على أساس أن تؤيده هيئة الحكم أو تلغيه أو تعدله عند البت في الموضوع.

4-نصت الفرقتان كذلك على أن للنيابة العامة… أن تأمر باتخاذ إي إجراء تحفظي تراه ملائما لحماية الحيازة وذلك دون بيان الجهة التي تأمرها باتخاذ الإجراء المذكور ولا بيان نوع الإجراء التحفظي الممكن اتخاذه ولو على سبيل المثال مما خلق غموضا في النص سينعكس أثره سلبا على العمل القضائي عند التطبيق، ذلك أن الإجراءات التحفظية كما هو معلوم يدخل ضمنها وضع الأختام، والحجز التحفظي، والحراسة القضائية وغيرها، فهل هذا ما يعنيه واضع المشروع، أم أن المقصود بذلك اتخاذ التدابير اللازمة لإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه برد الحيازة إلى الطرف الذي أخذت منه تدليسا أو عدوانا؟ لذا يستحسن حذف عبارة تحفظي من الفقرتين معا، هكذا ( أن يأمر لاتخاذ أي إجراء يراه ملائما لحماية الحيازة…)

تلك هي بعض الملاحظات المشتركة التي استلفتت انتباهي بخصوص الفقرة 14 من المادة 40، والفقرة 18 من المادة 49 غير أن هناك ملاحظة أخرى تخص المادة الأخيرة ذلك أن الفقرة 18 منها جاءت عامة وغامضة إذ لم توضح متى يكون الوكيل العام للملك مختصا لاتخاذ إجراء إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه مما يفيد أن يملك صلاحية القيام بذلك في كل الأحوال التي يضع فيها يده على القضية ولو ظهر له أنها ليست من اختصاصه وإنما هي من اختصاص وكيل الملك لكن كيف يمكن عرض أمر صادر عن هيئة قضائية أعلى على هيئة قضائية أدنى إذ النص يشير إلى عرض أمر الوكيل العام الصادر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه على هيئة الحكم أو التحقيق التي سترفع إليها القضية والهيئة المختصة للنظر في الجنح هي المحكمة الابتدائية لذا لا بد من إزالة هذا الغموض بالإشارة إلى أن الوكيل العام للملك لا يملك سلطة اتخاذ إجراء إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه إلا في حدود اختصاص المحكمة التابع لها.

لذا يستحسن صياغة الفقرة 14 من المادة 40 والفقرة 18 من المادة 49 كما يلي.
( يجوز له في دائرة اختصاصه متى قامت دلائل كافية على جدية الاتهام في جرائم الاعتداء على الحيازة أن يأمر باتخاذ أي إجراء يراه ملائما لحماية الحيازة وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه على أن يعرض هذا الأمر على الغرفة الجنحية أو غرفة الجنح وهي تبث في غرفة المشورة بالمحكمة التي رفعت إليها القضية أو التي ست سترفع إليها خلال ثلاث أيام على الأكثر).

ثانيا: اختصاص قاضي التحقيق في إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه
نصت الفقرة الخامسة من المادة 133 على ما يلي:
( وله- أي لقاضي التحقيق- متى قامت دلائل كافية على جدية الاتهام في جرائم الاعتداءات على الحيازة أن يأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه).

يلاحظ أن هذه المادة لم تستلزم عرض أمر قاض التحقيق بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه على هيئة الحكم لتأييده أو تعديله أو إلغائه كما فعلت المادتان 40 و49، لكن يمكن للنيابة العامة استنادا إلى مقتضيات المادة 213 استئناف الأمر المذكور لدى الغرفة الجنحية كما يمكن ذلك للمطالب بالحق المدني متى مس الأمر بمصالحه استنادا إلى مقتضيات المادة 214، غير أن المتهم الذي يتضرر عادة من الأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه لا يملك حق استئناف الأمر المذكور إذ صدر عن قاض التحقيق لأن أوامر هذا الأخير التي يمكن له استئنافها لدى الغرفة الجنحية كما حددتها المادة 214 من المشروع ليس من بينها الأمر بإرجاع الحالة بدليل عدم ذكر المادة 133 ضمن المواد الواردة في المادة 214.

والغريب في الأمر أن المادة 106 من المشروع سمحت للمتهم باستئناف أمر قاضي التحقيق يرد الشيء المحتفظ به لدى العدالة لمن يدعي أنه له حقوقا عليه، وقد يكون أقل قيمة من العقار موضوع الأمر بإرجاع الحالة، لذا يستحسن تعديل المادة 214 بإضافة المادة 133 ضمن المواد الواردة في فقرتها الأولى حتى يتمكن المتهم أو الظنين بدوره من استئناف أمر قاضي التحقيق بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه متى مست بمصالحه.

– ملحوضة1:
يلاحظ أم واضع المشروع أخذ بعين الاعتبار حق المواجهة حين البت في طلب رد الشيء الموضوع تحت يد العدالة محترما بذلك أهم حق من حقوق الدفاع إذ نص على تبليغ طلب استرجاع المحجوز إلى كل الأطراف، في حين أغفل ذلك بخصوص إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، رغم أن هذا الإجراء أكثر خطورة من الأول في غالب الأحيان لذا ينبغي على الأقل أن يحترم حق المواجهة في مرحلة عرض الأمر على الجهة المختصة بتأييده أو تعديله أو إلغائه، ويستحسن النص على ذلك في المادتين 40 و 49 وحتى المادة 133 من المشروع.

ملحوظة 2:
يلاحظ أن أيا من المواد 40 و 49 من المشروع لم تشر إلى إمكانية اتخاذ إجراء إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بصفة تلقائية من طرف النيابة العامة أو من طرف قاضي التحقيق الأمر الذي يفيد عدم جواز ذلك إذ لو اتجهت نية واضع المشروع إلى ذلك لنص عليه صراحة كما فعل في المادتين 106 و 438 حيث أشارتا معا إلى إمكانية رد الأشياء المحجوزة بصفة تلقائية من طرف قاضي التحقيق والغرفة الجنائية.

ثالثا: مدى إمكانية الحكم بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه من طرف هيئة الحكم
مر بنا سابقا إلى أن المادتين 40 و49 من المشروع أسندتا لهيئة الحكم مراجعة أمر النيابة العامة بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه سواء قبل أو بعد وضع الهيئة يدها على القضية مما يفيد أن تلك الهيئة لا تملك نفس الصلاحية التي للنيابة العامة ولهيئة التحقيق ومما يؤيد هذا الطرح أن المادة 366 نصت في فقرتها الرابعة على ما يلي:
(ويمكنها _ رأي محكمة الجنح والمخالفات) أن تأمر في كل مراحل المسطرة برد الأشياء ما لم تكن خطيرة أو محل مصادرة أو لازمة لسير الدعوى، مع التزام المالك بإعادة ما يصلح منها كأدوات اقتناع أمام المحكمة التي قد تعرض عليها القضية من جديد إذا قررت ذلك).

كما نصت المادة 438 في فقرتها الأولى على أنه: ( يجوز لغرفة الجنايات أن تأمر ولو تلقائيا برد الأشياء الموضوعة تحت يد العدالة ما لم تكن خطيرة أو محل مصادرة) فهاتان المادتان اكتفتا بالنص على رد الأشياء في جميع مراحل المسطرة دون الإشارة إلى إمكانية الأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليها.

إلا أنه في إطار القواعد العامة لا شيء يمنع هيأة الحكم وهي تبث في الجوهر أن تحكم بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه لكن مواد المشروع خالية مما يفيد صلاحية تلك الهيئة للأمر تلقائيا بالإجراء المذكور بل إن المادة 387 نصت على أن محكمة الجنح والمخالفات _ تبث إن اقتضى الحال في المطالب المتعلقة برد ما يجب رده وبالتعويض عن الضرر…) وإذا سلمنا بالقول بأن التعويض عن الضرر يدخل ضمنه رد الشيء موضوع الجريمة، والتعويض عن استغلاله أو عن الخسارة اللاحقة بصاحبه بسبب عدم استغلاله من طرفه فإن المادة المذكورة نصت على البث في المطالب ولم تقل بإمكانية الحكم بالتعويض عن الضرر تلقائيا وعلى كل حال فلا يمكن الاعتماد على مقتضيات الفصل 106 من ق.ج. الذي ينص على أنه: ( يمكن للمحكمة أن تأمر بالرد ولو لم يطلب صاحب الشأن) لأن الفقرة الأولى من نفس الفصل وهي بصدد التعريف بالرد بأنه:

إعادة الأشياء أو المبالغ أو الأمتعة المنقولة إلى أصحاب الحق فيها اشترطت أن تكون موضوعة تحت يد العدالة، ومعلوم أن العقار موضوع انتزاع الحيازة لا يوضع تحت يد العدالة إلا في حالة وضعه تحت الأختام وهذا نادر الوقوع، ولكن رفعا لكل التباس يستحسن صياغة المواد 366 و387 و 436 كما يلي:

المادة 366 لما كانت هذه المادة تتضمن البيانات التي يجب أن تشتمل عليها الأحكام فمن الأحسن إدماج فقرتيها الثالثة والرابعة في المادة 387 التي تتحدث عما يجب البت فيه من طرف المحكمة وهكذا يمكن صياغة المادة 387 كما يلي: ( إذا تم التصريح بإدانة الضنين بارتكابه جنحة أو مخالفة فإن المحكمة تقضي عليه بالعقوبة وعند الاقتضاء بالعقوبات الإضافية والتدابير الوقائية كما تبث عند الاقتضاء في إرجاع الأشياء الموضوعة تحت يد العدالة لمن له الحق فيها أو برد ثمنها إذا كانت هيئة الحكم أو التحقق قد قررت بيعها خشية فسادها أو تلفها أو نتيجة لتعذر الاحتفاظ بها .

تبت إن اقتضى الحال في المطالب المتعلقة بالتعويض عن الضرر وبإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ويمكن لها أن تأمر في كل مراحل المسطرة برد الأشياء ما لم تكن خطيرة أو قابلة للمصادرة أو لازمة في الإثبات، مع التزام ذي الشأن بإعادة ما يصلح منها كأدوات اقتناع أمام المحكمة التي قد تعرض عليها القضية من جديد متى قررت ذلك).

والتغيير الذي جاء به هذا الاقتراح بالإضافة إلى ما سبق تبريره أعلاه، هو استبدال كلمة المتهم بالظنين لأن الأمر يتعلق بالجنح والمخالفات، واستبدال كلمة المالك بذي الشأن لأنه قد توحي بأن المصادرة قد تمت فعلا وهذا لم يقع بعد واستبدال كلمة المالك بذي الشأن لأنه قد يكون المحكوم له بالرد غير مالك له وإنما هو مجرد حائز كما تمت إضافة عبارة ( إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه) لأجل توضيح أنه لا بد أن يقدم في شأنه طلب من طرف من يعنيه الأمر ولا تملك المحكمة بالتالي الأمر بإرجاع الحالة بصفة تلقائية.

المادة 436 نقترح صياغتها كالآتي:
( تبت غرفة الجنايات عند الاقتضاء في المطالب المتعلقة بالتعويض عن الضرر وبإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه).
تبقى مختصة بالبت في الطلبات المدنية في حالة سقوط الدعوى العمومية لسبب من الأسباب المنصوص عليها في المادة الرابعة أو في حالة صدور الحكم بالإعفاء تطبيقا للفصلين 76و 145 من القانون الجنائي.
تصرح بعدم اختصاصها في حالة الحكم ببراءة المتهم وتحيل الطرف المدني على من له حق النظر.
في هذا الاقتراح تمت إعادة صياغة الفقرة الأولى من هذه المادة بشكل واضح وأضيفت إليها عبارة ( إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه) بقصد بيان أن المحكمة لا تملك صلاحية الأمر به تلقائيا وإنما لا بد من تقديم الطلب بشأنه من طرف ما يعنيه الأمر، كما تم حذف عبارة الغرفة الجنائية في الفقرة الثانية وتم استبدال عبارة طبقا للفقرة السابقة ( بعبارة في الطلبات المدنية) لتنسجم مع التغيير الحاصل في الفقرة الأولى، كما تم حذف عبارة الغرفة من الفقرة الأخيرة وتم إعادة صياغتها بشكل واضح ومختصر.

هل حدد المشروع جهة ما للنظر في إعادة إرجاع الحالة
إلى ما كانت عليه إثر صدور الحكم بالبراءة
أو الأمر بعدم المتابعة؟

إن أول ما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أن المواد 40 و49 و 133 من المشروع سكت عن الإشارة إلى مدى قابلية الأمر الصادر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه للطعن فيه مع الجوهر، والسكوت يفيد الإباحة لا سيما وأن المادة 401 قد سمحت بالطعن باستئناف الأحكام التمهيدية أو الصادرة في نزاع عارض أو دفوع مع الحكم الصادر في الجوهر.

لكن في حالة الحكم بالبراءة أو الأمر بعدم المتابعة هل يمكن الطعن بالاستئناف أو النقض ضد الأمر العارض الصادر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه؟ وعلى فرض القول بذلك هل يمكن المطالبة في نفس الوقت بإعادة إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه أمام محكمة الطعن؟

بخصوص الاستئناف عالج المشروع في المادة 411/2 ما يتعلق بإرجاع التعويضات المحكوم بها في نطاق المادة 392، أي المشمول بالنفاذ المعجل ابتدائيا لكن سكت عن إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه وهو إجراء أهم من التعويض في كثير من الأحيان.

إن قاعدة المساواة في المراكز الإجرائية تقتضي السماح للمتهم أو الظنين الذي فقد حيازة عقاره. بمقتضى المسطرة المبينة في المواد 40 و 49 و 133 من المشروع باسترداد تلك الحيازة في حالة التصريح ببراءته أو بعدم متابعته وذلك بإجراءات توازي من حيث السرعة والفعالية الإجراءات التي تم بها انتزاعها لكن يبدو أن واضع المشروع لم يلتفت إلى هذه الفرضية، واكتفى في المادة 98 بالنص على أنه: ( إذا صدر أمر بعدم المتابعة بعد فتح تحقيق بناء على طلب من الطرف المدني فيمكن للمتهم ولكل الأشخاص المشار إليهم في الشكاية أن يطلبوا من المشتكي تعويضهم عن الضرر أمام المحكمة المدنية المختصة…).

كما نصت المادة 369 على أنه: (تطبق ـ أي المحكمة الابتدائية ـ مقتضيات المادة 98 من هذا القانون إذا قام الطرف المدني بتحريك الدعوى العمومية مباشرة أمام هيئة الحكم).

ونصت المادة 411/2 على أنه: (تبث المحكمة ـ أي محكمة الاستئناف ـ بإرجاع ما قد يكون حكم به للطرف المدني من تعويضات مدنية إذا نص الحكم الابتدائي طبقا لمقتضيات المادة 392 على التنفيذ المعجل للتعويضات).

وخلاصة القول فإن تلك المواد وغيرها من المواد التي تناولت رد ما يمكن رده لا يمكن أن يستخلص لا من مبانيها ولا من معانيها ما يسمح لهيئة الحكم والتحقيق في حالة صدور الأمر بعدم المتابعة أو بالبراءة بالبت تلقائيا أو حتى بناء على طلب ممن يعنيه الأمر بإرجاع الأطراف إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل وضع المحكمة يدها على القضية لذا يستحسن النص في المواد 98 و 389 و 411 المشار إليه أعلاه وفي المادة 438 المتعلقة بالجنايات إلى إمكانية بت المحكمة إما تلقائيا أو بناء على طلب في إرجاع الأطراف إلى وضعهم السابق قبل وضع المحكمة يدها على القضية.

أثر الطعن بالنقض وأجله على تنفيذ الحكم
بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه

احتد الخلاف الفقهي والقضائي حول مدى أثر الطعن بالنقض وأجله على وقف تنفيذ الحكم بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه والسبب في ذلك راجع إلى أمرين:

الأمر الأول:
مرده إلى الخلاف حول اعتبار إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه جزءا من الدعوى العمومية في العمومية في حالة الحكم به تلقائيا من طرف المحكمة باعتباره نوعا من الرد استنادا إلى الفهم الخاطئ لمقتضيات الفصل 106 من القانون الجنائي وقد بينا آنفا عدم صواب هذا الرأي لكنه ساند وقد صدرت عدة أحكام تسانده(1) وأخرى تعارضه (2).

الأمر الثاني:
راجع إلى صياغة الفصل 584 من قانون المسطرة الجنائية الذي يوحي ظاهره بأن الطعن بالنقض وأجله يوقف فقط تنفيذ التعويضات المدنية دون غيرها من الطلبات المدنية المحكوم بها من طرف المحكمة الزجرية على اعتبار أن إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ليس تعويضا بل هو الأصل.

وبالرجوع إلى مقتضيات المادة 532 من المشروع التي نصت في فقرتها الأخيرة على أنه: ( لا يوقف الطعن بالنقض أمام المجلس الأعلى أو أجله تنفيذ التعويضات المدنية التي يحكم بها على المحكوم عليه) يتبين أنها جاءت تقريبا بنفس صياغة الفصل 584 من ق.م.ج مما يبقى معه الخلاف المشار إليه أعلاه قائما لذا يستحسن صياغة الفقرة الأخيرة من المادة 532 كما يلي: ( لا يوقف الطعن بالنقض وأجله تنفيذ جانب الحكم أو القرار الصادر في الدعوى المدنية) أو ( لا يوقف الطعن بالنقض وأجله تنفيذ ما قضى به في الدعوى المدنية).

وقد تم في هذا الاقتراح استبدال حرف 0أو) بحرف (و) لأن الأول يفيد الاختيار والثاني يفيد الإضافة وهي المقصودة هنا، كما تم حذف عبارة المجلس الأعلى لأن الطعن بالنقض في منظومتنا القضائية لا يتم إلا أمامه، وأهم شيء جاء به الاقتراح الإشارة إلى الدعوى المدنية التي تشمل كل الطلبات المدنية المحكوم بها كيفما كان نوعها تعويضا أو غيره.

الجهة المختصة للنظر في صعوبة تنفيذ
الحكم بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه

تجدر الإشارة أولا إلى أن المقصود بالحكم هنا هو الصادر في الدعوى والقضاء حاليا حول الجهة المختصة للنظر في الإشكال المتعلق بتنفيذ الشق الصادر في الدعوى المدنية التابعة هل المحكمة الزجرية التي أصدرته أم المحكمة المدنية التي تتولى تنفيذه وأصل هذا الخلاف راجع من جهة إلى ما جاء في الفصل 645 من ق.م.ج من أن تنفيذ ما قضى به في نطاق الدعوى المدنية التابعة يتم طبقا لقواعد المسطرة المدنية والذي فهمه البعض على أن من ضمن تلك القواعد ما جاء في الفصل 436 من ق.م.م من إمكانية اللجوء إلى رئيس المحكمة لإيقاف تنفيذ الحكم أو تأجيله بسبب صعوبة واقعية أو قانونية متى أثارها الأطراف أو عون التنفيذ.

ومن جهة أخرى يرجع الخلاف المذكور إلى ما نص عليه الفصل 646 من ق.م.ج من أن المحكمة التي أصدرت الحكم المقصود تنفيذه هي المختصة بالنظر في مسائل نزاعية عارضة تتعلق بالتنفيذ، إذ فهم البعض من ذلك أن الجانب الزجري من الحكم هو المقصود هنا وليس الجانب المدني منه.

لكن بإمعان النظر في النصين المذكورين يتبين أن النص الأول بين كيفية حصول الطرف المدني على ما قضى له به إما بتمكينه له عينا أو بواسطة الحجز على المنقول أو العقار وبيعهما قضائيا وهذه الإجراءات لا ينظمها سوى قانون المسطرة المدنية ولذا أشار إليها الفصل 645 المذكور أما ما يتعلق بالجهة المختصة للنظر في مسائل نزاعية عارضة تتعلق بالتنفيذ ـ بدون تخصيص أي مدنيا كان أو زجريا ـ فقد بينها الفصل 646 من ق.م.م وهي المحكمة التي أصدرت الحكم المقصود تنفيذه، وهذه المحكمة تختص بالبت في النزاع المتعلق بالتنفيذ سواء تعلق الأمر بالموضوع أو بإيقاف التنفيذ بصفة مؤقتة إلى أن تبت المحكمة في أصل النزاع كما بين الفصل 647 من نفس القانون.

ولما كانت المواد 598 و 599 و 600 المقابلة للفصول 645 و 646 و 647 السابقة الذكر قد تناولت نفس الموضوع بنفس المعنى فرفعا لكل التباس يستحسن صياغة المادة 599 على الشكل الآتي:
( يرجع النظر في النزاعات العارضة المتعلقة بتنفيذ الحكم أو القرار الصادر في الدعوى العمومية أو الدعوى المدنية إلى المحكمة التي أصدرته، يومكن لها أيضا أن تقوم بتصحيح الأخطاء المادية الصرفة الواردة فيه).

وبهذه الصياغة الواضحة التي استدعت الاختصاص للنظر في الإشكال في تنفيذ الشق المدني من الحكم الزجري للمحكمة التي أصدرته يزول الغموض الواردة في المادة 598 بخصوص إنجاز التنفيذ المذكور طبقا لقواعد المسطرة المدنية.

وفي الختام لا يسعنا إلا أن نؤيد فكرة إسناد مهمة الأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه للنيابة العامة وقضاء التحقيق وفق المسطرة المحددة في المواد 40-49-133 من مشروع قانون مدونة المسطرة الجنائية لأنها جاءت لتسد فراغا في التشريع قاسى بسببه الحائزون الشرعيون للعقارات الأمرين من جراء بطء المساطر وتعقيدها الشيء الذي يستغله المعتدي على حيازة عقار الغير بل يؤدي به الأمر عادة إلى إعادة انتزاع نفس الحيازة بعد التنفيذ.

والجدير بالذكر أن قضاء النيابة العامة حول سد الفراغ التشريعي بإصدار السيد وكيل الملك الأسبق لدى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء آنفا قرارا بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه لكن القضاء الإداري في شخص الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى ألغت القرار المذكور بعلة الشطط في استعمال السلطة،وهو نفس الاتجاه الذي كان عليه القضاء الإداري المقارن إذ ألغت المحكمة الإدارية العليا. بمصر (3) قرارا للنيابة العامة صدر في إطار ممارستها لأعمال الضبط الإداري، ويتعلق الأمر بقرار منع التعرض في المنازعات حول الحيازة، وقد اعتبرت المحكمة المذكورة هذا العمل قرارا إداريا بالمفهوم الإصلاحي المقصود في قانون مجلس الدولة على اعتبار أنه صدر عن النيابة العامة في حدود وظيفتها الإدارية، واعتبرت قرارا بالتالي منطويا على غصب سلطة القضاء المدني المختص وحده بالفصل في منازعات الحيازة، الأمر الذي استدعى تدخل المشرع فأصدر القانون رقم 29 لسنة 1982 الذي أضاف المادة 373 مكرر إلى قانون العقوبات أعطى بموجبها للنيابة العامة سلطة اتخاذ أي إجراء تحفظي لحماية الحيازة إذا قامت دلائل كافية على جدية الاتهام في جرائم انتهاك حرمة الملك الغير.

غير أن المشرع المصري تجاوز المرحلة حيث ألغى المادة 373 مكرر السالفة الذكر وأضاف مادة جديدة إلى قانون المرافعات تحت عدد 44 مكرر وذلك. بمقتضى القانون رقم 23 لسنة 1992، ومما جاء فيها : ( يجب على النيابة العامة متى عرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة مدنية كانت أو جنائية أن تصدر فيها قرارا مسببا واجب التنفيذ فورا بعد سماع أقوال أطراف النزاع، وإجراء التحقيقات اللازمة، ويصدر القرار المشار إليه من عضو نيابة بدرجة رئيس نيابة على الأقل).

وهكذا نرى أن بعض التشريعات الحديثة ذهبت بعيدا في هذه المسألة حيث أسندت للنيابة العامة مهمة إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الحيازة كلما كانت هناك منازعة بشأنها ولو كانت هذه المنازعة مدنية، في حين لا زال اقتراح إدخال هذه المسطرة ضمن منظومتنا القضائية يلقى بعض المعارضة بعلة الخوف من توسيع سلطات النيابة العامة وهيمنتها على الدعوى العمومية مع العلم أن المشروع أحاط هذه المسطرة بضمانات قضائية هامة وستكون كافية تقريبا إذا أخذ بعين الاعتبار بعض الاقتراحات والملاحظات التي من شأنها الحد أو التقليل من المشاكل العملية التي قد تظهر أثناء التطبيق مستقبلا.

{ والله لا يضيع أجر من أحسن عملا}
صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

الهوامش
(1) قرار المجلس الأعلى عدد: 1200، بتاريخ 16-5-1974، ملف عدد: 2/35150، وقرار عدد: 1844، بتاريخ 6-3-1986، ملف عدد: 0/11001/85، وقرار عدد : 1890، بتاريخ 6-3-1986، ملف عدد: 10998/85.
ـ الخمليشي، ” شرع قانون المسطرة الجنائية” الجزء الأول، طبعة 4، هامش الصفحة 186 وكذا قراره عدد: 407، بتاريخ 29-2-1968، ملف عدد: 25160. وقراره عدد: 1760 بتاريخ 9-2-1982، وقراره عدد: 550، بتاريخ 22-5-1980.
ـ حسن البكري، ” الحماية القانونية لحيازة العقارات في التشريع المغربي”، طلعة أولى ص.120.
قرار المجلس الأعلى عدد: 4971، بتاريخ 6-7-1983، وقراره عدد: 7287، بتاريخ 21-10-1986، وقراره عدد: 7735، بتاريخ 11-11-1986، وقراره عدد: 7736، بتاريخ 11-11-1986.
ـ الخمليشي، المرجع السابق، ص. 187، وقد أشار الأستاذ الخمليشي في معرض تقييمه للاتجاهين إلى أن الاتجاه الثاني هو الذي يتفق مع صياغة الفصل 106 من ق.ج، وهو رأي جدير بالتأييد خلافا لما ذهب إليه الأستاذ البكري في كتابه أعلاه.
قرار بتاريخ 10-06-1978، طعن رقم 87، سنة 23 ق.
ـ أحمد فتحي سرور، “الوسط في قانون الإجراءات الجنائية” طبعة سابعة، سنة 1993، ص. 110.
مجلة المرافعة عدد13 ص13

إعادة نشر بواسطة محاماة نت