بحث في ركن الضرر في جريمة تزوير وثائق السفر

يعتبر الضرر النتيجة الإجرامية التي يكتمل بوقوعها الكيان المادي لجريمة التزوير والذي بدونه لا يكون ثمة وجه للمسألة عن تغيير الحقيقة فهو العنصر الذي يميز بين التزوير المعاقب عليه والتزوير الذي لا يستتبع عقاب فحيث لا ضرر لا تزوير ولا عقاب.
وأن الضرر في جريمة تزوير وثائق السفر لا يختلف عن الضرر المطلوب في جرائم التزوير بصفة عامة.
ماهية الضرر:
هو كل مساس أو إخلال بحق يحميه القانون ناتج عن تغيير الحقيقة ويعتبر عنصر من عناصر الركن المادي المكون لجريمة التزوير وقد يكون ضرر مادي أو أدبي أو فعلي أو احتمالي أو خاص أو عام.
وضع الضرر في جريمة التزوير:
يعتبر الضرر عنصراً من عناصر الركن المادي لجريمة التزوير لا قيام له بدونه ولذلك فإنه يجب على المحكمة أن تبين توافره في الحكم الصادر بالإدانة فإن أغفلت هذا البيان كان حكمها مشوباً بالقصور الذي يستوجب نقضه على أن الحكم لا يكون معيباً ولو أغفل الإشارة إلى توافر الضرر طالما كان توافره مستفاداً من مجموع عبارات الحكم وقد سلم رأي في الفقه إلى أن الضرر هو احد خصائص الفعل مما يقتضي إدراجه في الركن المادي للتزوير لأنه بناء على هذا التكييف ليس إلا صفة لأحد عناصر هذا الركن وأضاف هذا الرأي إلى أنه يميل مع ذلك إلى اعتبار الضرر ركنا على حده من أركان التزوير وهذا الرأي يؤيده الأستاذ جارسون على اعتبار أن جريمة التزوير يجب لقيامها توافر أركان ثلاثة:
أولاً: تغيير الحقيقة
ثانياً: الضرر المباشر أو المحتل.
ثالثاً: نية الغش
ولكننا نرى أن الضرر ليس إلا النتيجة القانونية للتزوير فتغيير الحقيقة لا يعتبر تزويراً ما لم يؤد في ذاته إلى هذه النتيجة القانونية وهي احتمال حدوث الضرر.
أنواع الضرر:
يتنوع الضرر على حسب هدف الجاني من التزوير الذي يقترفه في وثيقة السفر ويكون هذا التنوع على النحو التالي:
1- ضرر فعلي وضرر محتمل.
2- ضرر مادي وضرر أدبي
3- ضرر خاص وضرر عام.
أولا: الضرر الفعلي والضرر الاحتمالي:
لا يشترط لتحقق الضرر أن يكون واقعاً فعلاً وإنما يكفي أن يكون محتمل الوقوع وهذا التحديد مستخلص من كون المشرع لم يعلق العقاب عن جريمة التزوير على استعمال الوثيقة المزورة وإنما يعاقب الجاني ولو لم يستعمل الوثيقة المزورة وبالتالي لم يرتب عليها أي ضرر فعلي فمجرد احتمال الضرر يكفي لتحقق هذا العنصر ويكون الضرر محتملاً إذا كان من المتوقع وقوعه في أغلب الأحوال وفقاً للمجرى العادي للأمور.
وعله العقاب على التزوير في الضرر الاحتمالي ترجع إلى ان جرائم التزوير عموماً من جرائم الخطر والتي يتحدد العقاب فيها للجاني لمجرد التهديد بالخطر وإذا طبقنا ذلك على جريمة التزوير نجد أن النتيجة المادية في هذه الجريمة هي ذلك التغيير في العالم الخارجي الذي يترتب على النشاط الإجرامي الذي يأتيه الجاني وهو تغيير الحقيقة هذا التغيير يتمثل في الاعتداء على مصلحة من مصالح المجتمع هي الثقة العامة وبهذا يكتفي مجرد تعريض سلطة الدولة او المصلحة الخاصة على حسب الأحوال للخطر ولا يتطلب حصول ضرر فعلى بها.
وينظر عند تقدير توافر احتمال الضرر إلى وقت ارتكاب التزوير أي الوقت الذي وقع فيه تغيير الحقيقة في الوثيقة فإذا كان الضرر محتملاً في ذلك الوقت تقع جريمة التزوير بغض النظر عما يمكن أن يحدث بعد ذلك من ظروف قد تحول دون وقوع الضرر أو تنفى احتمال وقوعه.
ويتحقق الضرر الاحتمالي في كل تزوير يقع بوثيقة السفر لأنه بسبب إخلال في الثقة الممنوحة لوثيقة السفر من الناحية الدولية والمحلية .
ثانياً: الضرر المادي والضرر الأدبي:
يستوي في توافر عنصر الضرر أن يكون ضرراً مادياً أو أدبيا.
والضرر المادي: هو ذلك الذي ينال من الذمة المالية للمضرور بإنقاص عناصرها الإيجابية أي بإسقاط حق لها أو بزيادة عناصرها السلبية أي بتحميلها بالتزام لم يكن مكلف به من قبل وهذا النوع من أنواع الضرر أكثر أنواع الضرر ترتباً على جريمة التزوير عموماً.
وتتحقق هذه الحالة في حالة ما إذا قام شخص بالحصول على أموال شخص أخر بدون وجه حق ثم قام بتزوير جواز سفر ليتمكن من الهروب خارج البلاد فهذا التزوير في وثيقة السفر وإن كان يتحقق فيه الضرر الاحتمالي إلا أنه أيضاً يتحقق فيه الضرر المادي لان هذا التزوير يؤدي إلى إصابة الذمة المالية لهذا الشخص المجني عليه.

أما الضرر الأدبي فهو الذي يقع ماساً بحقوق الإنسان الأدبية اللصيقة بشخصه فينتقص من كرامة وشرفه ومكانته الاجتماعية على وجه العموم او بعبارة أخرى هو الضرر الذي ينال مصلحة ليست ذات قيمة مادية وتتحقق هذة في حالة ما إذا أستخرج شخص وثيقة سفر مزورة باسم أخر غير اسمه الحقيقي منتحلاً اسم الشخص الأخر فهذا و إن كان يتسبب عنه ضرر احتمالي كما أشرنا إلا أنه يسبب للشخص المسلوب منه اسمه وصفته ضرراً أدبياً.
ثالثاً: الضرر الخاص والضرر العام:
ويقصد بالضرر الخاص أو الفردي: هو ذلك الضرر الذي يصيب فرداً معيناً أو أفراد معينين أو هيئة خاصة.
وتتحقق هذه الصورة في حالة ما إذا قام شخص بتزوير اختام هيئة معينة ووضعها بجواز سفره مثل الذي يقوم بتزوير ختم “التجنيد” للهروب من الخدمة العسكرية أو من يقوم بتزوير ختم “مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية”.
أما الضرر العام أي الضرر الاجتماعي فهو الذي ينال من مصلحة المجتمع وقد يكون الضرر الاجتماعي مادياً وقد يكون أدبياً.
ويتحقق الضرر الاجتماعي المادي في حالة اصطناع وثيقة سفر حيث ان ذلك يفوت على الخزانة العامة للدولة قيمة الرسوم المستحقة على وثيقة السفر أو قيمة التأمين الذي تحطه الدولة من الأفراد الغير عاملين بالحكومة هذا فضلاً عن الضرر الاحتمالي والذي أشرنا إليه سلفاً.
ولقد كثر هذا النوع من الضرر مع الانفتاح الاقتصادي والذي أدى بالكثير من الشركات والأفراد إلى الاقتراض من البنوك برغم إنشاء مشاريع اقتصادية وإذ بهم يستولوا على هذه الأموال إما عن طريق وثيقة سفر مزورة يتمكنون عن طريقها من الهروب إلى الخارج ويوجد الكثير من هذه الأمثلة.
أما الضرر الاجتماعي الأدبي:
وهو يتمثل في مدى ما يلحق من ضرر بسلطة وهيبة الدولة في عدم قيامها بالرقابة على أفراد المجتمع أو بتضليلها مما يؤثر في سيطرة الدولة على منافذها وفي مراقبة حركة السفر والوصول.

ولقد استقر القضاء المصري على اعتبار الضرر الاجتماعي متحققاً في كل تزوير في محرر رسمي ولو لم يرتب عليه ضرر بالفعل لشخص معين أو احتمال وقوعه ذلك أن تغيير الحقيقة فيه يزعزع الثقة الواجبة في الأوراق الرسمية بوجة عام ولذلك قضى بأنه يكفى في بيان ركن الضرر في جريمة التزوير أن يبين الحكم أن الورقة التي حصل فيها التزوير من الأوراق الأميرية جواز سفر مثلاً فإن هذه الأوراق من شأن أي تغيير للحقيقة فيما أعدت لإثباته يرتب ضرر وذلك يرجع إلى أضعاف الثقة بها وبمكانتها باعتبار أنها تحمل الدليل على صدق ما تحويه من البيانات المحررة بمعرفة الموظف العمومي المختص.
المرجع تزوير وثائق السفر بين التجريم والإثبات د/طه أحمد طه متولي صـ168إلي صـ178.

مرسلة بواسطة مدونة المحامي اليمني امين الربيعي في الأحد, أكتوبر 27, 2013

المحامي اليمني أمين حفظ الله الربيعي

إعادة نشر بواسطة محاماة نت