دعوى التزوير الأصلية وأثرها في سقوط الحق في الادعاء بتزوير المحرر وفقاً للقانون المصري – حكم قضائي هام

الطعن 983 لسنة 47 ق جلسة 25 / 2 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 127 ص 663 جلسة 25 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار رئيس المحكمة: مصطفى سليم، وعضوية السادة المستشارين: محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة, يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم ودكتور منصور وجيه.
————–
(127)
الطعن رقم 983 لسنة 47 القضائية

(1)أمر أداء. دعوى “عدم قبول الدعوى”. دفوع.
الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بالطريق العادي عن دين تتوافر فيه شروط استصدار أمر الأداء. دفع شكلي وليس دفعاً بعدم قبول. علة ذلك.
(2)تزوير. إثبات “إنكار التوقيع” “الادعاء بالتزوير”.
مناقشة الخصم موضوع المحرر العرفي المحتج به عليه. أثره. عدم قبول إنكار التوقيع. مادة 14/ 3 إثبات. حقه في الطعن بتزويره في أية حالة كانت عليها الدعوى.
(3)تزوير. إثبات “الادعاء بالتزوير”.
دعوى التزوير الأصلية. رخصة لمن يخشى الاحتجاج عليه بمحرر مزور. عدم إقامتها لا يسقط الحق في الادعاء بتزوير المحرر إذا ما احتج به عليه.
(4)خبرة.
خبير الخطوط المنتدب لتحقيق التزوير. عدم دعوته للخصوم. لا بطلان. علة ذلك.
(5)محكمة الموضوع. خبرة.
تقدير عمل الخبير. من سلطة محكمة الموضوع. عدم التزامها بالاستجابة إلى طلب تعيين خبير آخر.

————–
1 – من المقرر أن إجراءات استصدار أمر الأداء عند توافر الشروط التي يتطلبها القانون إجراءات تتعلق بشكل الخصومة ولا تتصل بموضوع الحق المدعي به أو بشروط وجوده، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها إلى محكمة مباشرة للمطالبة بدين تتوافر فيه شروط استصدار أمر الأداء هو في حقيقته دفع ببطلان الإجراءات لعدم مراعاة الدائن القواعد التي فرضها القانون لاقتضاء دينه وبالتالي يكون الدفع موجهاً إلى إجراءات الخصومة وشكلها وكيفية توجيهها وبهذه المثابة يكون من الدفوع الشكلية وليس دفعاً بعدم القبول مما نصت عليه المادة 115 من قانون المرافعات المقابلة للمادة 142 من قانون المرافعات السابق.
2 – من المقرر طبقاً لنص المادة 49 من قانون الإثبات أن الادعاء بالتزوير يجوز في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف ولا يسري في شأنه ما هو مقرر بشأن الطعن بالإنكار في المحررات العرفية في المادة 14/ 3 من قانون الإثبات من أن من احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع.
3 – لا محل للقول بأنه كان يتعين على المطعون عليها رفع دعوى تزوير أصليه قبل أن يتمسك الطاعن بالعقد في مواجهتها وأن في عدم رفعها لهذه الدعوى إسقاطاً لحقها في الادعاء بتزوير العقد، لأن رفع دعوى التزوير الأصلية المقررة بالمادة 59 من قانون الإثبات ليس واجباً على كل من يخشى الاحتجاج عليه بمحرر مزور وإنما هو حق جوازي ليس في عدم استعماله ما يحول بينه وبين الادعاء بتزوير ذلك المحرر إذا ما احتج به عليه في أية دعوى عملاً بالمادة 49 من قانون الإثبات.
4 – جرى قضاء هذه المحكمة في ظل قانون المرافعات القديم على أنه إذا كان الخبير الذي ندبته المحكمة هو خبير خطوط وكانت مهمته هي فحص الأوراق المطعون عليها بالتزوير فإن النعي ببطلان عمله لعدم دعوة الخصوم قبل مباشرة مهمته إعمالاً لنص المادة 236 من قانون المرافعات السابق يكون على غير أساس. والبين من مطالعة نصوص قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 ومذكرته الإيضاحية أن المشرع لم يبغ الخروج على ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في هذا الصدد وإلا لكان قد نص صراحة على ذلك خاصة وأن نص المادة 146 من قانون الإثبات التي تقضي بأنه يترتب على عدم دعوة الخصوم بطلان عمل الخبير إنما وردت في الباب الثامن من القانون الذي نظم أحكام ندب الخبراء، ونظم ما يندبون له من أعمال بصفة عامة، أما إجراءات التحقيق عند إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع وفي حالة الادعاء بالتزوير فقد نظمتها المواد 30 وما بعدها التي وردت في الفرعين الأول والثاني من الفصل الرابع من الباب الثاني الذي أفرد للأدلة الكتابية، وقد بينت تلك المواد الخطوات والإجراءات التي يجب اتباعها عند ندب خبير لمضاهاة الخطوط وهي إجراءات رآها المشرع مناسبة لهذا النوع من أعمال الخبرة وفيها ضمان كاف لحقوق الخصوم.
5 – تقدير عمل أهل الخبرة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – متروك لتقدير محكمة الموضوع فمتى اطمأنت إلى رأي خبير معين ورأت فيه وفي باقي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها فإنه ليس عليها أن تستعين بخبير آخر ولو طلب الخصم ذلك إذ أن أراء الخبراء لا تعدو أن تكون عنصراً من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديرها.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة, وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعن تقدم بطلب إلى رئيس محكمة القاهرة الابتدائية لإصدار أمر أداء بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي له من أموال المرحوم فيواكس انطوان ساماس مبلغ 30 ألف جنيه والفوائد استناداً إلى أن المتوفى المذكور كان قد اقترض منه هذا المبلغ قبل وفاته وقد استولت المطعون ضدها على تركته مدعية أنه أوصى لها بأمواله ولما رفض إصدار الأمر حددت جلسة لنظر الموضوع وقيد برقم 159 سنة 1972 مدني كلي جنوب القاهرة، وبتاريخ 18/ 4/ 1971 ادعت الجمعية المطعون ضدها بتزوير التوقيع المنسوب للمتوفى على عقد القرض وبتاريخ 4/ 6/ 72 قضت المحكمة بقبول شواهد التزوير المعلنة من المطعون ضدها وبندب رئيس قسم فحص المستندات بالمعمل الجنائي بوزارة الداخلية لمضاهاة التوقيع المنسوب للمتوفى على توقيعاته الثابتة وبعد أن أودع الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن التوقيع مزور قضت المحكمة بتاريخ 5/ 11/ 1972 برد وبطلان عقد القرض ثم قضت بتاريخ 24/ 12/ 1972 برفض الدعوى، استأنف الطاعن الحكمين بالاستئنافين 4729 سنة 99 ق و772 سنة 90 ق مدني القاهرة، وبتاريخ 27/ 4/ 1977 حكمت المحكمة في الاستئناف الأول بعدم جوازه وفي الاستئناف الثاني بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة, فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أنه أورد بصحيفة الاستئناف دفاعاً مضمونه أن حق الجمعية المطعون ضدها في الطعن بالتزوير على عقد القرض سند الدعوى قد سقط طبقاً لنص المادة 14 من قانون الإثبات لسابقة مناقشتها لموضوع النزاع في الدعوى 8180 لسنة 1970 مدني كلي جنوب القاهرة التي كان قد أقامها في البداية للمطالبة بالمبلغ موضوع النزاع في الدعوى الحالية ودفعتها الجمعية المطعون ضدها بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق القانوني وقضى فيها بذلك إلا أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا الدفاع مستلزماً لإعمال نص المادة المذكورة اعتراف الجمعية المطعون ضدها بالعقد سند الدعوى على خلاف ما ورد بتلك المادة من وجوب تطبيقها لمجرد مناقشة موضوع الدعوى وهو ما تم بإبداء الدفع بعدم قبولها من الجمعية المطعون ضدها، هذا فضلاً عن أن سكوت الجمعية عن إقامة دعوى تزوير أصلية عن هذا العقد – بعد ما قضى بعدم قبول تلك الدعوى – إعمالاً لنص المادة 59 من قانون الإثبات لقطع النزاع يعتبر مسقطاً لحقها في العودة إلى الادعاء بالتزوير بدعوى فرعية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر أن إجراءات استصدار أمر الأداء عند توافر الشروط التي يتطلبها القانون إجراءات تتعلق بشكل الخصومة ولا تتصل بموضوع الحق المدعي به أو بشروط وجوده، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها إلى المحكمة مباشرة للمطالبة بدين تتوافر فيه شروط استصدار أمر الأداء هو في حقيقته دفع ببطلان الإجراءات لعدم مراعاة الدائن القواعد التي فرضها القانون لاقتضاء دينه وبالتالي يكون الدفع موجهاً إلى إجراءات الخصومة وشكلها وكيفية توجيهها وبهذه المثابة يكون من الدفوع الشكلية وليس دفعاً بعدم القبول مما نصت عليه المادة 115 من قانون المرافعات المقابلة للمادة 142 من قانون المرافعات السابق، كما أن المقرر طبقاً لنص المادة 49 من قانون الإثبات أن الادعاء بالتزوير يجوز في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف ولا يسري في شأنه ما هو مقرر بشأن الطعن بالإنكار في المحررات العرفية في المادة 14/ 3 من قانون الإثبات من أن من أحتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدها “لم تعترف في الدعوى 8180 لسنة 1970 مدني كلي القاهرة بالتوقيع الوارد على العقد المنسوب للمدين كما أنها دفعت الدعوى بعدم قبولها شكلاً لرفعها بغير الطريق القانوني المنصوص عليها في المادة 201 وما بعدها من قانون المرافعات وطلبت أصلياً الحكم بذلك واحتياطياً رفض الدعوى مع حفظ حقها في الطعن بالتزوير على عقد القرض” فإنه لا يكون هنالك محل للقول بأن ذلك قد أسقط حقها في الطعن بتزوير ذلك العقد كما أنه لا محل للقول بأنه كان يتعين عليها رفع دعوى تزوير أصلية بعد ما قضى بعدم قبول تلك الدعوى وقبل أن يتمسك الطاعن بالعقد في مواجهتها وأن في عدم رفعها لهذه الدعوى إسقاطاً لحقها في الادعاء بتزوير العقد لأن رفع دعوى التزوير الأصلية المقرر بالمادة 59 من قانون الإثبات ليس واجباً على كل من يخشى الاحتجاج عليه بمحرر مزور وإنما هو حق جوازي ليس في عدم استعماله ما يحول بينه وبين الادعاء بتزوير ذلك المحرر إذا ما احتج به عليه في أية دعوى عملاً بالمادة 49 من قانون الإثبات ومن ثم يكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وتأويله وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه لم يعتد بتمسكه ببطلان تقرير الخبير لعدم إعلان الخصوم ومناقشتهم والاطلاع على مستنداتهم استناداً إلى أن الأحكام الواجب تطبيقها في هذا الشأن هي الأحكام الخاصة بإنكار الخطوط الواردة في المادة 54 من قانون الإثبات والتي لا تستلزم في صيغتها وجوب دعوة الخبير للخصوم وليست تلك الأحكام الواردة بالباب الثامن من قانون الإثبات المتعلقة بالخبرة وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذه التفرقة التي لا أساس لها من القانون فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى في ظل قانون المرافعات القديم على أنه إذا كان الخبير الذي ندبته المحكمة هو خبير خطوط وكانت مهمته هي فحص الأوراق المطعون عليها بالتزوير فإن النعي ببطلان عمله لعدم دعوة الخصوم قبل مباشرة مهمته إعمالاً لنص المادة 236 من قانون المرافعات السابق يكون على غير أساس، ولما كان البين من مطالعة نصوص قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 ومذكرته الإيضاحية أن المشرع لم يبغ الخروج على ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في هذا الصدد وإلا لكان قد نص صراحة على ذلك, خاصة وأن نص المادة 146 من قانون الإثبات التي تقضي بأن يترتب على عدم دعوة الخصوم بطلان عمل الخبير إنما وردت في الباب الثامن من القانون الذي نظم أحكام ندب الخبراء ونظم ما يندبون له من أعمال بصفة عامة، أما إجراءات التحقيق عند إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع وفي حالة الادعاء بالتزوير فقد نظمتها المواد 30 وما بعدها التي وردت في الفرعين الأول والثاني من الفصل الرابع من الباب الثاني الذي أفرد للأدلة الكتابية، وقد بينت تلك المواد الخطوات والإجراءات التي يجب اتباعها عند ندب خبير لمضاهاة الخطوط, وهي إجراءات رآها المشرع مناسبة لهذا النوع من أعمال الخبرة وفيها ضمان كاف لحقوق الخصوم وإذ تعد هذه الإجراءات دون غيرها هي الواجبة الاتباع في موضوع النزاع لانطباقها عليه واختصاصها به دون ما نصت عليه المادة 146 من قانون الإثبات وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أنه طلب من محكمة الاستئناف ندب مصلحة الطب الشرعي لفحص السند المطعون عليه بالتزوير لعدم سلامة النتيجة التي انتهى إليها الخبير المنتدب في تقريره لإجرائه المضاهاة على توقيع صادر من المدين منذ أكثر من ربع قرن رغم إيداعه عقد عمل محرر بين المدين وإحدى العاملات لديه ومؤشر عليه من جهات رسمية وبطاقة إقامة المدين الخاصة به وهي ورقة رسمية إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن ذلك مقرراً أن الطاعن لم يطعن بمطاعن فنية على التقرير ولم يتقدم بأي مستند رسمي أو عرفي معترف به، فيكون بذلك أخل بحقه في الدفاع بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن تقدير عمل أهل الخبرة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – متروك لتقدير محكمة الموضوع فمتى اطمأنت إلى رأي خبير معين ورأت فيه وفي باقي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها فإنه ليس عليها أن تستعين بخبير آخر ولو طلب الخصم ذلك إذ أن آراء الخبراء لا تعدو أن تكون عنصراً من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديرها، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد رفض ندب خبير آخر في الدعوى وأسس رفضه على “أن المستأنف (الطاعن) لم يطعن على تقرير الخبير بمطاعن فنية تنال من الأسباب والنتيجة التي انتهى إليها” فحسبه ذلك للتدليل على أن المحكمة اطمأنت إلى رأي الخبير المنتدب في الدعوى ورأت فيه وفي باقي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها دون أن يكون في ذلك أي إخلال بحق الدفاع، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن..

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .