بحث قانوني هام عن احكام اختصاص المحكمة الدولية لقانون البحار

أحكام اختصاص المحكمة الدولية لقانون البحار **

المطلب الأول: إختصاص المحكمة المنازعاتي
الفرع الاول: إختصاص المحكمة في النزاع المتعلق بتفسير أو تطبيق إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار و تفسير أو تطبيق إتفاقية دولية أخرى
الفرع الثاني: إختصاص المحكمة في النزاع حول قاع البحار
الفرع الثالث: إختصاص المحكمة في النظر في الإجراءات التحفظية
الفرع الرابع: إختصاص المحكمة في طلبات الإفراج السريع عن السفن و طواقمها
المطلب الثاني: إختصاص المحكمة في مجال الآراء الإستشارية
الفرع الأول: الرأي الإستشاري بناءا على إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار
الفرع الثاني: الرأي الإستشاري بناءا على إتفاقية دولية أخرى

لقد أوكلت إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 للمحكمة الدولية لقانون البحار نوعين من الإختصاص. الإختصاص القضائي أو المنازعاتي
والإختصاص الإستشاري و بهذا لها ولاية الفصل في المنازعات التي ترفع إليها طبقا للقواعد التى حددتها الإتفاقية و لها ولاية إعطاء أراء إستشارية فما هو مجال إختصاصها القضائي؟ و ما هو مجال إختصاصها الإستشاري؟ نجيب على هذين السؤلين من خلال المطلبين التاليين: إختصاص القضائي في مطلب أول و إختصاص إستشاري في مطلب ثان.
المطلب الأول: إختصاص المحكمة المنازعاتي
إن المحكمة الدولية لقانون البحار مفتوحة لكل دولة طرف بإتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المادة 291 فقرة 01 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار والمادة 20 فقرة 01 من النظام الأساسي للمحكمة.
الدول والكيانات(1) المنصوص عليها في المادة 305 فقرة 01 من ج إلى و من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار يمكن لها أن تصير طرف بالإتفاقية(2).
كما أن المحكمة مفتوحة لكيانات من غير الدول الأطراف في كل الأحوال صراحة حسب الجزء الحادي عشر من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار أو كل نزاع معروض بناء على إتفاقية تمنح الإختصاص للمحكمة و المقبول من أطراف النزاع المادة 291 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار و المادة 20 فقرة 02 من النظام الأساسي للمحكمة.
و بناءا على المادة 287 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، تكون الدولة عند توقيعها أو تصديقها على الإتفاقية أو إنضمامها إليها أو في أي وقت بعد ذلك حرة في أن تختار بواسطة إعلان مكتوب واحد أو أكثر من الوسائل المحددة بالإتفاقية لتسوية المنازعات المتعلقة بتفسير أو تطبيق الإتفاقية و هي: المحكمة الدولية لقانون البحار، و محكمة العدل الدولية، و محكمة تحكيم مشكلة وفقا للمرفق السابع، و محكمة تحكيم خاص مشكلة وفق للمرفق الثامن لفئة أو أكثر من فئات المنازعات المحددة فيه. و إذا كان أطراف النزاع لم يقبلوا بنفس الإجراء لحل النزاع، فإن النزاع يطرح على إجراء تحكيمي وفقا للمرفق السابع إلا إذا إتفق الأطراف على خلاف ذلك.
كما تقضي المادة 288 فقرة 04 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وكذا المادة 58 من القانون الداخلي للمحكمة الدولية لقانون البحار، بأن المحكمة (المحكمة الدولية لقانون البحار) تختص بالنظر في الإختصاص الخاص بها في حالة بروز خلاف حول ما إذا كانت المحكمة ذات إختصاص، و يكون ذلك بموجب قرار يصدر عنها.

الفرع الأول: إختصاص المحكمة في النزاع المتعلق بتفسير أو تطبيق إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار و تفسير أو تطبيق إتفاقية دولية أخرى

المحكمة الدولية لقانون البحار مختصة بكل النزاعات المعروضة عليها وفقا للجزء الخامس عشر من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار والتي تخص تفسير أو تطبيق الإتفاقية، المادة 288 فقرة 1 منها والمادة 21 من النظام الأساسي للمحكمة،
والإتفاق الخاص بتطبيق الجزء الحادي عشر من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وكل نزاع يرجع للمواد 297 و 298 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار يمكن إخضاعها للمحكمة إذا إتفق أطراف النزاع على ذلك.
بناءا على المادة 288 فقرة 02 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار فإن المحكمة مختصة في جل النزاعات حول تفسير أو تطبيق الإتفاقيات الدولية التي لها صلة بأهداف إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار و التي تعرض عليها بموجب الإتفاقية المحددة.
كما تنص المادة 21 من النظام الأساسي للمحكمة على أنها مختصة بالنزاعات عندما يصرح بذلك في أي إتفاقية أخرى غير إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
كما تقضي المادة 22 من النظام الأساسي للمحكمة بأن كل نزاع متعلق بتطبيق أو تفسير معاهدة أو إتفاقية نافذة تعالج موضوع تتناوله إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار يمكن إحالته على المحكمة إذا اتفق أطراف المعاهدة أو الإتفاقية على ذلك.
وهذه قائمة تشمل إتفاقيات دولية في مضمونها قواعد تمنح الإختصاص للمحكمة الدولية لقانون البحار.
– إتفاقية تشجع على إحترام سفن الصيد بأعالي البحار للإجراءات الدولية للحفاظ والإدارة المصادق عليها بروما في 24/11/1993 والتي دخلت حيز التنفيذ في 24/04/2003، في مادتها 09 حل النزاعات.
– إتفاقية لتطبيق قواعد إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لـ 10/12/1982 المتعلقة بالمحافظة و إدارة مخزونات الأسماك التي تنتقل داخل أو خارج المناطق الإقتصادية
ومخزونات الأسماك كثيرة الإرتحال و المصادق عليها في 04/08/1995، و التي دخلت حيز التنفيذ في 11/12/2001 في مادتها 30 إجراءات حل النزاعات و المادة 31 الإجراءات التحفظية و المادة 32 حدود تطبيق إجراءات حل النزاعات.
– بروتوكول 1996 لإتفاقية حول الوقاية من تلوث البحار عن طريق طفو النفايات 1972 المصادق عليها في 07/11/1996، التي دخلت حيز التنفيذ في 24/03/2006 المادة 16 حل النزاعات.
– إتفاقية إطار متعلق بالمحافظة على الموارد البيولوجية في أعالي البحار للمحيط الهادي للجنوب الشرقي، الممضية في سنتياغوا في 14/08/2000 بين كل من الشيلي و كولومبيا و الإكواتور و البيرو، و هي لم تدخل بعد حيز التنفيذ، المادة 14 حل النزاعات.
– إتفاقية متعلقة بالمحافظة و إدارة مخزونات الأسماك كثيرة الإرتحال في المحيط الهادي الغربي و الوسط في 05/09/2000 بأنوليلي Honolulu التي دخلت حيز التنفيذ في 19/06/2004، في المادة 31 إجراءات حل النزاعات.
– إتفاقية متعلقة بالمحافظة و إدارة موارد الصيد في المحيط الأطلسي الجنوب شرقي في 20/04/2001 Windhoek، و التي دخلت حيز التنفيذ في 13/04/2003 المادة 24 حل النزاعات.
– إتفاقية متعلقة بحماية التراث الثقافي تحت البحار في 02/11/2001، والذي لم يدخل حيز التنفيذ بعد.
– إتفاقية حول التعاون المستقبلي المتعدد الأطراف في مجال الصيد في المحيط الأطلسي الشمال شرقي في 11/11/2004، و الذي لم يدخل بعد حيز التنفيذ.

الفرع الثاني: اختصاص المحكمة في النزاعات حول قاع البحار

المحكمة مختصة في النزاعات المتعلقة بنشاط استكشاف واستغلال موارد منطقة قاع البحار والمحيطات وباطن أرضها خارج حدود الولاية الوطنية كما هو محدد في المادة 01 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار و المادة 187 من الفقرة
أ إلى و(1) و أطراف النزاع يمكن أن يكونوا دول أطراف أو السلطة الدولية لقاع البحار، المؤسسات الحكومية، المؤسسة، الأشخاص الطبيعية أو المعنوية الذين يحملون جنسية الدول الأطراف، أو الذين يكون لهذه الدول أو لرعاياها سيطرة فعلية عليهم
وعندما تزكيهم تلك الدول المادة 153 فقرة 02 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
النزاعات بين الدول الأطراف حول تفسير أو تطبيق الجزء الحادي عشر من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار و الملحقات المتعلقة به يمكن أن تعرض على غرفة خاصة للمحكمة بطلب من الأطراف، أو غرفة مخصصة تابعة لغرفة منازعات قاع البحار بطلب من كل طرف في النزاع المادة 188 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
النزاعات حول تطبيق أو تفسير عقد مشار له في المادة 187 ج1 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بناءا على طلب أي طرف في النزاع إلى التحكيم التجاري الملزم مالم يتفق الأطراف على خلاف ذلك و على العموم فإن كل محكمة تحكيمية تجارية ليست مختصة بالنظر في مسائل تفسير الإتفاقية أو الجزء الحادي عشر
والملحقات المتعلقة بها بل تحال على غرفة منازعات قاع البحار لإصدار قرار بشأنها المادة 188 فقرة 02 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
و ليس لغرفة منازعات قاع البحار النظر في نشاط السلطة الدولية لقاع البحار التي تمارسها بناءا على سلطتها التقديرية، وليست مختصة أيضا بنظر مسألة ما إذا كان أي من قواعد السلطة أو أنظمتها أو إجراءاتها مطابق للإتفاقية و لا أن تصرح ببطلانها المادة 189 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
ويرى الدكتور محمد المولدي مرسيط بشأن ولاية غرفة منازعات قاع البحار: “وقد عرفت المادة 01 من الإتفاقية الأنشطة بكونها تشمل كافة أنشطة إستكشاف
وإستغلال موارد المنطقة أي موارد قاع البحار والمحيطات وباطن أرضها خارج حدود الولاية الوطنية.
وأهم مميزات هذه الولاية بأنها تسمح للشخص المادي أو المعنوي المتعاقد مع السلطة و بالرغم من خضوعه للقانون الخاص بأن يكون طرفا في نزاع تكون فيه دولة من الدول أو السلطة الطرف الأخر.
وهنا يكمن أكبر تجديد أدخلته الإتفاقية على القانون الدولي التقليدي الذي يرفض مبدئيا دخول فرد من الأفراد أو ذات معنوية خاضعة للقانون الخاص في نزاع أمام محكمة دولية.
و إن كان ميدان ولاية هذه الغرفة متسعا ليشمل كافة الأنشطة في المنطقة إلا أن الإتفاقية أوردت في شأنه استثناءين إثنين يحدان من شموله المطلق لكافة النزاعات في المنطقة الدولية و هما:
جاء بالمادة 188 من الإتفاقية أن المنازعات بين الدول الأطراف يمكن أن تحال:
– إما على غرفة خاصة من غرف المحكمة الدولية لقانون البحار بناء على إتفاق أطراف النزاع
– وإما إلى غرفة مخصصة تابعة لغرفة منازعات قاع البحار بناء على طلب أي طرف في النزاع” (1)

الفرع الثالث: اختصاص المحكمة في النظر في الإجراءات التحفظية

إذا أشعرت المحكمة فهي مختصة بموجب الجزء الخامس عشر و الفرع الخامس من الجزء الحادي عشر من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
يمكن للمحكمة فرض أي إجراء تحفظي الذي تراه مناسبا للحفاظ على حقوق أطراف النزاع أو من أجل تفادي أضرار بليغة للبيئة البحرية في إنتظار القرار النهائي المادة 290 فقرة 01 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار و المادة 25 فقرة 01 من النظام الأساسي للمحكمة.
كما يمكن للمحكمة أن تفرض إجراءات تحفظية حسب ما هو مقرر في المادة 290 فقرة 05 في إنتظار تشكيل محكمة التحكيم المحال عليها النزاع في ظرف أسبوعين من تاريخ طلب الإجراء التحفظي هذا إذا لم يتفق أطراف النزاع خلال هذه المدة على عرض النزاع على محكمة ما، و بشرط أن تتأكد المحكمة الدولية لقانون البحار بصورة مبدئية أن المحكمة التحكيمية التي ستتشكل ستكون ذات إختصاص وأن حالة الإستعجال تتطلب ذلك.
ففي قضية مصنع Mox و الذي تتلخص وقائعه في كون المملكة المتحدة منحت ترخيصا لإنجاز مصنع Mox (إعادة رسكلة النفايات المحروقة النووية بهدف استخراج محروق آخر الـ Mox) في مدينة Sellafield بـ Grumbia في الشمال الغربي لإنجلترا على بحر إيرلندا، ونظرا لهذا الموقع اعتبرت جمهورية إيرلندا أن مثل هذا المصنع يشكل خطورة تلوث من جهة رمي النفايات من طرف المصنع في البحر و كذا نقل مواد إشعاعية من وإلى المصنع، ومن جهة آخرى خطر هجوم إرهابي على المصنع أو البواخر التي تمول المصنع، و بتاريخ 25/10/2001 قامت جمهورية إيرلندا بإتباع إجراء التحكيم ضد المملكة المتحدة بموجب المادة 287 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وقد منحت إيرلندا المملكة المتحدة 14 يوما من تاريخ إجراء التحكيم للقيام بالإجراءات التحفظية التي تراها مناسبة و هي تعليق الرخصة الممنوحة لمصنع Mox ووقف نقل المواد الإشعاعية، وإلا فإنه ستعرض الملف على المحكمة الدولية لقانون البحار من أجل إتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة.
بتاريخ 09/11/2001 بعد أن لم تمتثل المملكة المتحدة للإنذار، قامت جمهورية إيرلندا برفع الأمر إلى المحكمة الدولية لقانون البحار من أجل فرض إجراءات تحفظية بموجب المادة 290 فقرة 05 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في إنتظار تشكيل محكمة التحكيم.
وأول ما قامت به المحكمة هو التأكد من أن محكمة التحكيم المقررة وفقا للمرفق السابع مختصة، كما وصلت إلى نتيجة أن النزاع المعروض عليها هو متعلق بتفسير أو تطبيق إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار كما أن المحكمة في هذه القضية أعطت تفسير للمادة 283 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار حول تبادل الأراء بين أطراف النزاع قبل اللجوء للمحكمة وقالت “أن دولة طرف ليست ملزمة بمواصلة تبادل الأراء عندما تتوصل لنتيجة عدم إمكانية الوصول لإتفاق”.
كما أن المحكمة نظرت في ظرف الاستعجال، فيما إذا كانت الإجراءات التحفظية ضرورية قبل تشكيل محكمة التحكيم.
وفي هذه القضية فإن المملكة المتحدة قدمت ضمانات بأنه لن يكون نقل إضافي عبر البحر لمواد إشعاعية من وإلى المصنع حتى صيف 2002.
وقد قررت المحكمة أن الإجراء المطلوب من جمهورية إيرلندا لا يتطلب الإستعجال في فرض إجراءات تحفظية للمدة القصيرة قبل تشكيل محكمة التحكيم.
ومع ذلك فقد اعتبرت المحكمة أنه لازم على الدولتين البقاء على إتصال بموجب الجزء الثاني عشر من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار و القانون الدولي العام، مبدأ أساسي للحفاظ على البيئة البحرية من التلوث و التي تراها المحكمة مناسبة لتطبيق المادة 290 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وبموجب المادة 89 فقرة 05 من القانون الداخلي للمحكمة بإمكانها فرض إجراءات تحفظية كلية أو جزئية مخالفة لتلك المطلوبة منها، فإن المحكمة و نظرا لاعتبارات الحيطة والحذر فإنه على دولتي إيرلندا و المملكة المتحدة التعاون بتبادل المعلومات حول الأخطار المنجرة من مصنع Mox و إيجاد وسائل لمواجهتها و كذا عملا بالمادة 95 فقرة 01 من القانون الداخلي للمحكمة فإن الدولتين ملزمتين بتقديم تقرير للمحكمة في 17/12/2001.(1)

الفرع الرابع: إختصاص المحكمة في طلبات الإفراج السريع عن السفن وتحرير طواقمها

المحكمة مختصة بنظر طلب الإفراج السريع عن السفينة المحتجزة أو تحرير طاقمها طبقا المادة 292 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، هذه المادة تقضي بأنه عندما سلطات دولة طرف تحجز سفينة تحمل علم دولة طرف آخر، وتدعى أن الدولة التي حجزت السفينة لم تحترم إجراءات إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي تفرض الإفراج السريع عن السفينة أو تحرير طاقمها بمجرد إيداع كفالة معقولة أو ضمان مالي. مسألة الإفراج السريع عن السفينة أو تحرير الطاقم المرفوعة أمام المحكمة تكون بعد عشرة أيام إعتبارا من تاريخ حجز السفينة أو القبض على طاقمها إذا لم يتفق الأطراف على اللجوء لمحكمة، المادة 292 فقرة 01 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وطلب الإفراج عن السفينة أو تحرير طاقمها لا يمكن قبوله إلا من طرف دولة علم السفينة أو نيابة عنها المادة 292 فقرة 02 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
ففي قضية Affaire du grand prince (Belize contre France) و التي تتلخص وقائعها في أن سفينة تحمل علم Belize إسمها Le grand prince دخلت 26/12/2000 المنطقة الإقتصادية الخالصة لجزر Kerguelen فقامت السلطات الفرنسية بتوقيفها على أساس أنها لم تعلن عن دخولها المنطقة الإقتصادية الخالصة لفرنسا و قامت بالصيد غير المشروع، ما سبب أضرار بالبيئة، وهذا بعد معاينة على متن السفينة، و قد إعترف ربان السفينة فيما بعد بقيامه بالصيد غير الشرعي في المنطقة الإقتصادية الفرنسية و في 12/01/2001 محكمة Saint paol حددت الكفالة بـ 11,4 مليون فرنك لرفع الحجز عن السفينة و محكمة الجنح أمرت في 23/01/2001 بمصادرة السفينة و توابعها و إدانة ربان السفينة بـ 200 ألف فرنك

طعن مالكوا السفينة في هذا القرار و طلبوا رفع الحجز عن السفينة و في 22/02/2001 صدر قرار بعدم الإختصاص.
و بتاريخ 21/03/2001 أخطرت المحكمة الدولية لقانون البحار باسم Belize على أساس المادة 292 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، و بعد هذا الإخطار قامت فرنسا بتعيين عضو مشارك لأن أحد أعضاء المحكمة له جنسية دولة Belize.
وقد أثيرت في هذه القضية مسألة هل أن فرنسا قد احترمت القواعد المقررة في إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لا سيما المواد 73 و 292، و كذا طلب تخفيض مبلغ الكفالة المصرح به من قبل القاضي الفرنسي، وكذا أن القاضي الفرنسي للجنح قد فصل بسرعة في الموضوع و مصادرته للسفينة، هل هذا يمنع المحكمة الدولية لقانون البحار بأن تنظر في أساس المادة 292، حيث أنه في هذا الإطار فإن إجراءات المادة 292 تقضي بأن المحكمة تنظر في الإفراج السريع عن السفينة وتحرير طاقمها دون الإخلال بالمتابعات التي قد تكون ضد السفينة أو مالكها أو طاقمها أمام المحاكم الوطنية المختصة المادة 293 فقرة 03.
ولهذا كان على المحكمة أن تنظر في اختصاصها: و قد ركزت المحكمة على عنصر هل أن Belize هي دولة العلم و بالتالي هل يمكنها إخطار المحكمة طبقا للمادة 292 التي تقضي بأن الطلب يكون من طرف دولة العلم أو بإسمها المادة 292 فقرة 02.
مشكل العلاقة بين جنسية السفينة و Belize معقد و هذه النقطة لم يتناولها الأطراف خلال الإجراءات الشفهية و إنما تناولتها المحكمة بالتركيز على إجتهادات محاكم آخرى منها محكمة العدل الدولية، حيث قامت المحكمة بفحص مدقق لإختصاصها حتى إذا لم يثره الأطراف و قد فسر هذا الموقف من طرف المحكمة
والذي يعتبر نقطة تحول لأنه أول مرة تنظر فيه من تلقاء نفسها نظرا لتعقيد القضية
والوثائق المقدمة للمحكمة بخصوص جنسية السفينة Le grand prince و هذه الوثائق كما صرحت به المحكمة تتضمن في محتواها تناقضات و عدم التوافق مما يثير الشكوك.
Le grand prince كان أولا مرقم بكندا قبل أن يحمل علم Belize مؤقتا في ترقيمه ثم تلقى رخصة مؤقتة من السلطات المختصة لـ Belize تنتهي في 29/12/2000، ثم بموجب تعليمة شفهية صادرة في 04/01/2001 من وزير خارجية Belize تعلم السلطات الفرنسية أن Le grand prince كان مرقم بـ Belize و بما أنه قام بخرق ثاني فبالتالي العقوبة المقررة له و هي الشطب من دفتر Belizien إبتداء من 04/01/2001 ثم بموجب رسالة في 26/03/2001 من السجل Belizien أخبر بأنه أوقف شطب السفينة من السجل من أجل السماح للإجراء الذي سيجري أمام المحكمة الدولية لقانون البحار بهمبورغ بالمواصلة.
وحول مسألة ما إذا كانت السفينة لها جنسية Belize أم لا إنقسم أعضاء المحكمة في قرارها لـ 20/04/2001 بـ 12 صوت ضد 09 أصوات بأغلبية تضم العضو المشارك الفرنسي، وكان موقف المحكمة بمنح الأولية للتعليمة الشفهية لوزير خارجية Belize لشطب Le grand prince من السجل في 04/01/2001 مما يستنتج أنه لم يكن لديه جنسية Belize وقت رفع الدعوى أمام المحكمة الدولية لقانون البحار، و بهذا يكون قد فصل في القيمة القانونية للوثائق المعروضة عليه
وأعطى الوثيقة الصادرة من الوزير قيمة أعلى عن تلك الصادرة من Attorney générale السجل Bélizien، وبالتالي أصدرت المحكمة قرارا بعدم الإختصاص (1)
و في قضية أخرى Affaire CAMOUCO CAMOUCO سفينة صيد مرقمة بـ Panama لها رخصة صيد في المياه الدولية للمحيط الأطلسي الجنوبي، و في 28/09/1999 تم تفتيش السفينة من طرف البحرية الفرنسية La Floréal في داخل المنطقة الإقتصادية الخالصة لجزر Crozet التابعة للإختصاص الفرنسي حيث عاينوا كميات من الصيد المجمدة زائد عدم الإعلام بدخول السفينة للمنطقة و حرروا بدلك محضر مخالفة و قاموا بإيداع السفينة بميناء Port des galets و بتاريخ 07/10/1999 قامت المديرية الجهوية لدائرة القضايا البحرية بحجز السفينة و ما تحمله، وكذا تم فتح تحقيق مع ربان السفينة ووضع تحت الرقابة القضائية في إطار الإجراءات الداخلية، و تم تحديد مبلغ الكفالة لرفع الحجز عن السفينة بـ 20 مليون فرنك، هذا القرار كان موضوع إستئناف.
وبتاريخ 17/01/2000 و بموجب طلب مؤسس على المادة 292 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار مودع لدى مصلحة التسجيل للمحكمة الدولية لقانون البحار باسم Panama ضد فرنسا بعنوان الإفراج السريع عن CAMOUCO و تحرير طاقمه، أصدرت المحكمة قرار حددت فيه مبلغ الكفالة مع الأمر بالإفراج السريع عن السفينة وتحرير طاقمها في 07/02/2002(1).
إضافة لإختصاص المحكمة المنازعاتي فإن لها إختصاص آخر موكل إليها بموجب إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار و هو الإختصاص الإستشاري الذي سنتعرض لأحكامه في المطلب الثاني.

المطلب الثاني: اختصاص المحكمة في مجال الآراء الإستشارية

بموجب إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار و القانون الداخلي للمحكمة الدولية لقانون البحار فإن هذه الأخيرة مختصة بإعطاء أراء إستشارية.

الفرع الأول: الرأي الاستشاري بناء على إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار

غرفة منازعات قاع البحار مختصة بإعطاء أراء إستشارية بطلب من الجمعية ومجلس السلطة الدولية لقاع البحار المادة 159 فقرة 10 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار والمادة 191 منه، وهذا في حدود نطاق أنشطتها على أن يصدر الرأي بصورة مستعجلة.

الفرع الثاني: الرأي الاستشاري بناء على إتفاقية دولية أخرى

المحكمة يمكن لها إعطاء أراء إستشارية حول مسألة قانونية في حالة ما إذا نص على ذلك صراحة في الإتفاقية الدولية التي لها هدف متصل بإتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المادة 138 فقرة 01 من القانون الداخلي للمحكمة.
وبعد أن عرفنا تشكيلة المحكمة ومجال إختصاصها نمر إلى فصل آخر نتطرق فيه للقواعد الإجرائية أمام المحكمة الدولية لقانون البحار.
——————

(1) الكيان حسب الدكتور محمد المولدي مرسيط ماهو إلا الشخص المادي أو المعنوي الذي له حق التعاقد مع السلطة الدولية لإستغلال موارد المنطقة وفقا لأحكام الإتفاقية.
(2) في 31/12/2004: 147 دولة و كيان محددين بالمادة 305 أصبحوا دول طرف بالإتفاقية.
(1) المادة 187: ولاية غرفة منازعات قاع البحار.
يكون لغرفة منازعات قاع البحار ولاية بموجب هذا الجزء و المرفقات المتصلة به في الفئات التالية من المنازعات المتعلقة بالأنشطة في المنطقة:
أ). المنازعات بين الدول الأطراف بشأن تفسير أو تطبيق هذا الجزء و المرفقات المتصلة به،
ب). المنازعات بين دولة طرف و السلطة بشأن:
“1” أعمال أو امتناعات للسلطة أو لدولة طرف يدعي أنها إنتهاك لهذا الجزء أو للمرفقات المتصلة به أو لقواعد السلطة و أنظمتها و إجراءتها المعتمدة وفقا لها.
“2” أو أعمال للسلطة يدعى أنها تجاوز لولايتها أو إساءة لإستعمال السلطات،
ج). المنازعات بين أطراف في عقدها، سواء كانت دولا أطراف، أو كانت السلطة أو المؤسسة أو مؤسسات حكومية أو أشخاصا طبيعيين أو إعتباريين من المشار إليها في الفقرة الفرعية (ب) من الفقرة 2 من المادة 153، بشأن مالي:
“1” تفسير أو تطبيق عقد ذي صلة بالموضوع أو خطة عمل.
“2” أو أعمال أو إمتناعات لطرف في العقد تتعلق بالأنشطة في المنطقة و موجهة نحو الطرف الأخر أو تؤثر مباشرة بمصالحه المشروعة،
د). المنازعات بين السلطة و متعاقد محتمل تكون قد زكته دولة كما هو منصوص عليه في الفقرة الفرعية (ب) من الفقرة 2 من المادة 153 و أو في على النحو الواجب بالشروط المشار إليها في الفقرة 6 من المادة 4 و الفقرة 2 من المادة 13 من المرفق الثالث، بشأن رفض التعاقد أو بشأن مسألة قانونية تنشأ خلال التفاوض على العقد،
هـ). المنازعات بين السلطة و دولة طرف أو مؤسسة حكومية أو شخص طبيعي أو إعتباري تزكيه دولة طرف كما هو منصوص عليه في الفقرة الفرعية ب من الفقرة 2 من المادة 153، و يدعي فيها أن مسؤولية تقع على السلطة كما هو منصوص عليه في المادة 22 من المرفق الثالث (و) أي نزاع أخر ينص صراحة في هذه الإتفاقية على ولاية الغرفة بشأنه