حماية الاطفال من الجرائم الالكترونية في الجزائر

شددت الدكتورة في القانون الدولي من جامعة البليدة، بن عودة مليكة، في هذا الحوار الذي خصت به ”الخبر” على ضرورة خلق قانون خاص يعاقب على الجريمة الإلكترونية في حق الأطفال بالجزائر، من منطلق أن الجزائر تتعامل وفق نصوص القانون الجنائي في هذا النوع من الجرائم.

وتكشف المتحدثة عن أرقام مخيفة لتعرض الأطفال في الجزائر إلى إغراءات ودعوات مشبوهة عبر مواقع الشبكة العنكبوتية.
لا يمكن الحديث عن حماية الطفل من مخاطر الانترنت دون الإشارة إلى الزاوية القانونية، فهل يعاقب القانون الجزائري على الجريمة الإلكترونية؟

نحن متأخرون جدا في هذا المجال مقارنة بالدول المتقدمة، يجب وضع مكافحة الجريمة الإلكترونية في إطارها القانوني، نحن بحاجة إلى استحداث قانون خاص يتعامل مع الجريمة الالكترونية ويتابع المتسببين فيها، مثلما يعاقب أي مجرم أقدم على ارتكاب جريمة في الشارع. فالقانون الجنائي التقليدي هو المطبق في هذه الحالات ببلادنا وفي الوطن العربي عموما، وهذا غير كاف. وعلى حد علمي يدرّس حاليا مشروع قانون خاص بمكافحة الجريمة الالكترونية في الجزائر، لكن المهم هو هل حماية الطفل من هذا النوع من الجرائم مدرجة في هذا القانون الذي لا يزال لحد الآن مجرد مشروع، وأشدد من جهة ثانية على ضرورة خلق قوانين خاصة بنا كعرب ومسلمين.

ماذا تقصدين؟

ما هو مسموح به في أوروبا وأمريكا، ليس كذلك في الجزائر أو المغرب وغيرها من البلدان العربية والمسلمة. فعلى الصعيد العالمي يعتبر الوصول إلى المعلومة حق مكفول للبالغ والطفل. فالقانون الأمريكي مثلا، لا يعتبر تصفح الطفل القاصر للمواقع الإباحية جريمة يعاقب عليها، من منطلق الحرية الشخصية، لكن الأمر ليس كذلك في الجزائر، خاصة وأن الميثاق العربي لحقوق الطفل المصادق عليه على مستوى الجامعة العربية لم يفعّل بعد ولا يزال مجرد حبر على ورق.

هل هناك دراسة اهتمت بهذا الموضوع في الجزائر؟

بالفعل لقد قمنا في كلية الحقوق بجامعة البليدة بدراسة أكاديمية حول الظاهرة وقد درست عينات من العاصمة لأطفال يتصفحون شبكة الأنترنت، وكشفت أن 33 بالمائة من هؤلاء كانت لهم لقاءات مشبوهة في الانترنت، و30 بالمائة تلقوا إغراءات لممارسة الفعل المخل بالحياء، فيما تعرض 46 بالمائة منهم لمواقع إباحية صادمة، وهذا يؤكد أن أبناءنا ليسو أبدا بمنآى عن الجريمة الإلكترونية، في غياب سند قانوني يكفل لهم الحماية من التعرض لهذه المواقع.
نركّز دائما على مقاهي الانترنت في الحديث عن حماية الطفل من الجريمة الالكترونية، رغم أن الانترنت وصلت إلى البيوت الجزائرية؟

حماية الطفل من الجريمة الإلكترونية إشكالية كبيرة تحتاج إلى تضافر جهود جميع مؤسسات المجتمع للوصول إلى الحلول الكفيلة بحماية أطفالنا وتحقيق أمنهم في فضاء الانترنت. وفيما يتعلق بالدراسة الأكاديمية نحن لم تستثن متصفحي الانترنت في بيوتهم، لكن أشرنا إلى أن النسبة الأكبر من الأطفال تتصفح الشبكة العنكبوتية في مقاهي الانترنت.

ينبغي تخصيص فضاء خاص بالأطفال في هذه الأماكن، بحيث يحول دون وصول القصر إلى المواقع المحظورة وغير المرغوب فيها، مثلما هو معمول به في دولة قطر مثلا.

أما ما يخص المرتبطين بشبكة الانترنت في البيت، فهنا تبرز مسؤولية الأولياء في مراقبة أبنائهم وكذا مسؤولية وسائل الإعلام لتوعية الآباء من مخاطر الشبكة العنكبوتية التي يجهل الكثير من الآباء مخاطرها وسلبياتها، لكن قبل الرقابة تأتي توعية الأبناء في البيت والمدرسة ليمارسوا على أنفسهم الرقابة الذاتية قبل كل شيء، هي إذن سلسلة اجتماعية حلقاتها مترابطة غياب إحداها يحول دون بلوغ النتيجة المرجوة، وهي خلق آليات لمكافحة استغلال الأطفال في العروض الإباحية عبر شبكة الانترنت.

ألا تظنين أن الأرقام المقدمة في الدراسة مبالغ فيها؟

ليست كذلك، هي أرقام مستقاة من واقعنا، والجزائر جزء من العالم العربي، حيث تدرج الإحصائيات العالمية عن متصفحي المواقع الإباحية مثلا في العالم، دولا مثل إيران والسعودية ومصر وغيرها من الدول العربية في مراتب متقدمة، وهذا أمر صادم حقا على اعتبار أنها دول عربية ومسلمة وتحكمها الأعراف والتقاليد، لهذا يجب دق ناقوس الخطر والتفكير جديا في خلق قانون يعاقب على الجريمة الإلكترونية.