الطعن 1341 لسنة 48 ق جلسة 9 / 2 / 1984 مكتب فني 35 ج 1 ق 84 ص 431

برياسة السيد المستشار/ أحمد ضياء عبد الفتاح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد رأفت خفاجي، محمد سعيد عبد القادر، محمد فؤاد شرباش ودكتور محمد فتحي نجيب.
————
– 1 إيجار “إيجار الأماكن”. “التأجير المفروش”. قانون سريان القانون”.
المادة الثالثة من الأمر العسكري 976 / 4 بإجازة استئجار المسكن المفروش خاليا متى توافرت شروطه . اعتباره غير واجب التطبيق . علة ذلك صدور الأمر العسكري 5 لسنة 1976 بإلغاء المواعيد المنصوص عليها في المادة المشار إليها قبل أن يصبح حكمها نافذاً بانتهاء المهلة المنصوص عليها في تلك المادة .
النص في المادة الثالثة من الفصل الأول من أمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 4 لسنة 1976 – المعمول به من تاريخ نشره في 1976/9/23 و النص في المادة الأولى من أمر نائب الحاكم العسكري العام رقم ه لسنة 1976 و المعمول به من تاريخ صدوره في ….. و النص في المادة 86 من القانون رقم 49 لسنة 77 يدل على أن أمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 4 لسنة 1976 كان له الوجود القانوني كتشريع من تشريعات الدولة منذ صدوره و نشره في الجريدة الرسمية في 1976/9/23 إلا أنه بالنسبة لتطبيقه في العمل فقد نصت المادة الثالثة من الفصل الأول من الأمر على إمهال الملاك و المستأجرين مدة ثلاثة شهور لتعديل الأوضاع ، بما مفاده ألا يكون هذا الفصل واجب التنفيذ خلال هذه المهلة فلا يلزم المالك بتحرير عقد إيجار لعين خالية إلا بعد انقضاء تلك المهلة ، أما باقي أحكام الأمر فيعمل بها من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية على ما نصت عليه المادة 18 من الأمر ، ولا مانع أن يؤجل المشرع تنفيذ بعض أحكامه لفترة من الوقت إذ لم تحظر المادة 188 من الدستور مثل ذلك الإجراء ، فقد نصت على أن ” تنشر القوانين في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها ، و يعمل بها بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ نشرها إلا إذا حددت لذلك ميعاداً آخر ” ، و من ثم فإنه يجوز أن يحدد التشريع ميعاداً لسريانه و ينص في ذات الوقت على بعض الأحكام و التدابير الوقتية و قد يؤجل تطبيق بعض نصوصه لفترة من الوقت أو يعلق نفاذها على اتخاذ إجراء من ذوى الشأن فتتعدد مواعيد نفاذ التشريع في العمل حسبما تتطلبه الظروف و الأحوال ، لما كان ما تقدم فإن نص المادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 – التي تجيز لمستأجر العين مفروشة أن يستأجرها خالية متى توافرت شروط معينة – لا يكون نافذاً و واجب التطبيق إلا في 1976/12/23 بعد مضى المهلة التي حددها المشرع وهي ثلاثة شهور من تاريخ العمل بالأمر العسكري ، فلا يجوز مساءلة المالك خلال تلك المهلة وفقاً للمادة 14 من الأمر التي تعاقب من يخالف المادة الثالثة بعقوبتي الحبس و الغرامة أو أحداهما ، و لا إلزام عليه في أن يحرر عقد إيجار عن عين خالية خلال تلك المهلة و إذ أصدر المشرع في 1976/12/20 – قبل ، انتهاء تلك المهلة – أمر نائب الحاكم العسكري العام رقم ه لسنة 1976 و المعمول به من تاريخ صدوره و نص في المادة الأولى منه على وقف المواعيد المنصوص عليها في الفصل الأول من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 ، فإن مؤدى ذلك أن يصبح حكم المادة الثالثة غير واجب التطبيق و تبقى حالات التأجير مفروش السابقة على الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 قائمة و مستقرة ، يؤيد ذلك ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للأمر العسكري رقم ه لسنة 1976 من أن الفصل الأول من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 تضمن بعض التدابير الخاصة بتأجير الأماكن و تحديد بعض المواعيد كما ألزمت المادة 3 منه الملاك و المستأجرين المؤجرين لأماكن مفروشة في تاريخ العمل به أن يعدلوا أوضاعهم وفقاً للأحكام السابقة خلال ثلاثة أشهر على الاكثر من تاريخ العمل به و ذلك على الوجه الوارد بهذا الأمر … و بالنظر إلى أهمية الآثار المدِنية و الجنائية التي ستترتب على انتهاء المواعيد المبينة في هذا الفصل مما يتعذر تداركها ، و عملاً على استقرار الأوضاع الحالية فيما يتعلق بتأجير الأماكن المفروشة و إلى أن تنتهى الحكومة من إعداد مشروع القانون المنظم للعلاقة بين المالك و المستأجر على نحو يحقق العدالة بالنسبة للجميع .. لما كاِن ما تقدم ، فإن المادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 المعدل بالأمر العسكري رقم ه لسنة 1976 لا تكون نافذة أو واجبة التطبيق ، ولا ترتب أي حق لمستأجري الأماكن مفروشة و لا تنشئ لهم أي مركز قانوني ، خاصة بعد أن اتجهت نية المشرع إلى الإبقاء على حالات التأجير مفروش السابقة على الأمر العسكري سالف الذكر حتى يتم إعداد تشريع جديد ينظم العلاقة بين المؤجرين و المستأجرين فلا يحق للمطعون ضده – و الحال كذلك – أن يطلب الحكم بأحقيته في استئجار عين النزاع خالية حتى و لو توافرت لديه شروط تطبيق المادة 3/ا من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 إذ أنها لم توضع موضع التنفيذ حتى تم إلغاؤها بإلغاء الأمر العسكري ذاته بالقانون رقم 49 لسنة 1977 الذى لحق الدعوى و إذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر و قضى في الدعوى الفرعية المقامة من المطعون ضده بأحقيته في استئجار عين النزاع خالية و إلزام الطاعن بأن يحرر له عقد إيجار عنها و ذلك استناداً للأمر العسكري سالف الذكر ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون .
– 2 إيجار “إيجار الأماكن”. “التأجير المفروش”. قانون سريان القانون”.
الأماكن المؤجرة مفروشة . استثناء من حكم المادة 23 ق 52 سنة 1969 بشأن أسباب الإخلاء . المقصود بذلك عدم خضوعها للامتداد القانوني . علة ذلك .
استثنى المشرع الأماكن المؤجرة مفروشة من حكم المادة 23 منه بشأن أسباب الإخلاء و المقصود من ذلك – و على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – هو عدم خضوعها للامتداد القانوني ، فينقضي عقد الإيجار المفروش بانتهاء مدته تطبيقاً للقواعد العامة في القانون المدني إذا استعمل المؤجر حقه في التنبيه وفقاً للمادة 63ه منه و التي تنص على وجوب التنبيه في المساكن المفروشة قبل نهاية مدة العقد بشهر إذا كانت الفترة المعنية لدفع الأجرة شهرين فأكثر ، وإذ يبين من مستندات الطعن المقدمة من الطاعن أن عقد الإيجار المؤرخ 1971/6/15 قد انعقد لمدة سنة قابلة للتجديد بأجرةَ سنوية قدرها …. تدفع مقدماً و أن الطاعن أخطر المطعون ضده في ….. بإخلاء عين النزاع لعدم رغبته في تجديد العقد .
– 3 إيجار “امتداد العقد” “التنبيه بانتهاء مدة العقد”.
التنبيه بالإخلاء الصادر من أحد طرفي عقد الإيجار في الميعاد القانوني . أثره . انحلال الرابطة العقدية . المادة 563 مدنى .
التنبيه في الميعاد القانوني يترتب على إعلانه و على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – انحلال الرابطة العقدية التي كانت قائمة و لا يغير من ذلك أن أحكام المادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 أجازت لمستأجر العين مفروشة أن يستأجرها خالية إذا ما توافرت الشروط المنصوص عليها فيها ، ذلك أن تلك الأحكام غير نافذة و غير مطبقة في العمل – على ما سلف – فلا أثر لها في الأحكام التي تخالفها المنصوص عليها في القواعد العامة أو القانون رقم 52 لسنة 1969 . وإنه و إن كان يجوز للنيابة كما هو الشأن بالنسبة للمطعون ضده و لمحكمة النقض أن تثير في الطعن ما يتعلق بالنظام العام ، إلا أن ذلك مشروط و على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون تحت نظر محكمة الموضوع عند الحكم في الدعوى جميع العناصر التي تتمكن بها من الإلمام بهذا السبب ، و الحكم في الدعوى على موجبه فإذا تبين أن هذه العناصر كانت تنقصها فلا سبيل للتمسك بهذا السبب ذلك أن مهمة محكمة النقض مقصورة على القضاء في صحة الأحكام فيما يكون قد عرض على محكمة الموضوع من الطلبات و أوجه الدفاع ، و لما كان الثابت من أوراق الطعن أن المطعون ضده أقام دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يحرر له عقد إيجار عن عين النزاع خاليه ، و كان الثابت من مستندات المطعون ضده أنه أنذر الطاعن في 1976/10/30 بالمبادرة باستلام المنقولات التي شملتها القائمة الملحقة بعقد الإيجار و ذلك في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه و إلا قام المطعون ضده بتخزين المنقولات بمخزن مستقل على نفقة الطاعن لحقه في استئجار عين النزاع خالية بالأجرة القانونية ، و ثبت من الحكمين الابتدائي و المطعون فيه أن المطعون ضده أصر على دفاعه سالف الذكر حتى بعد أن لحق القانون رقم 49 لسنة 77 الدعوى في درجتي التقاضي ، فإن جميع العناصر التي كانت مطروحة على محكمة الموضوع بدرجتيها قاطعة في أن المطعون ضده لم يتمسك بالاستمرار في استئجار عين النزاع مفروشة ، و حقه في هذا الاستمرار – وعلى ما يبين من نص المادة 46 من القانون رقم 49 لسنة 1977 مرهون بإرادته فيتعين أن يتمسك به للنظر في إعماله فلا محل لتمسك النيابة بهذا السبب لأن عناصره لم تكن مطروحة على محكمة الموضوع و لا يجوز لها أن تثير أمام هذه المحكمة تطبيق المادة 46 من القانون رقم 49 لسنة 1977على سند من أن حكمها متعلق بالنظام العام .
———-
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 1191 لسنة 1976 مدني كلي الجيزة للحكم بإخلاء العين المبينة بالصحيفة وتسليمها له مع المفروشات وقال في شرح دعواه أنه أجر للمطعون ضده شقة النزاع مفروشة بموجب عقد الإيجار المؤرخ 15/6/1971 لمدة سنة بإيجار سنوي قدره 370 جنيه، وإذ امتنع عن إخلاء عين النزاع رغم إنذاره برغبته في إنهاء عقد الإيجار لانتهاء مدته فقد أقام دعواه. أقام المطعون ضده دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يحرر له عقد إيجار عن العين خالية على سند من أن الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 أجاز لمستأجر العين مفروشة من مالكها لمدة خمس سنوات متصلة أن يستأجرها خالية بالأجرة القانونية ورد المفروشات إلى المؤجر. أحالت محكمة الجيزة الدعوى إلى محكمة الإسكندرية للاختصاص وقيدت برقم 1263 سنة 1977 مدني كلي إسكندرية بتاريخ 28/2/1978 حكمت المحكمة بالإخلاء وبرفض الدعوى الفرعية. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 224 سنة 34 قضائية إسكندرية، وبتاريخ 17/6/1978 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى الأصلية، وبأحقية المطعون ضده في استئجار عين النزاع خالية مع إلزام الطاعن بتحرير عقد إيجار له. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وأضافت سبباً جديداً يتعلق بالنظام العام حاصله أن المادة 46 من القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي لحق الدعوى أجازت لمستأجر العين مفروشة مدة خمس سنوات سابقة على تاريخ العمل بهذا القانون، أن يستمر في استئجارها مفروشة وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إنه ولئن كان النص في الفقرة أ من المادة الثالثة من أمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 4 لسنة 1976- والمعمول به من تاريخ نشره في 23 /9 /1976 على حق المستأجر لعين مفروشة من مالكها لمدة خمس سنوات متصلة سابقة على تاريخ العمل بهذا الأمر، أن يستأجرها خالية بالأجرة القانونية، ورد المفروشات إلى المؤجر إلا أن المادة الثالثة سالفة الذكر أوجبت على الملاك والمستأجرين أن يعدلوا أوضاعها خلال ثلاثة أشهر على الأكثر من تاريخ العمل بهذا الأمر تنتهي في 23 /12 /1976، وقبل انتهاء هذه المهلة أصدر نائب الحاكم العسكري العام بقرار رقم 5 لسنة 1976 في 20 /2 /1976 نص فيه على وقف المواعيد المنصوص عليها في الأمر السابق بما مؤداه أن الأمر رقم 4 لسنة 1976 ولئن كان له الوجود القانوني إلا أنه غير نافذ ولا يطبق في العمل، ومن ثم لا يرتب أي حق ولا ينشئ أي مركز قانوني إلى إن ألغت المادة 86 من القانون رقم 49 لسنة 1977 الأمرين العسكريين سالفي الذكر، ومن ثم لا يحق للمطعون ضده مستأجر عين النزاع مفروشة أن يستأجرها خالية حيث لا سند له من القانون، وتبقى أحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 الخاصة بإنهاء العلاقة الايجارية قائمة ونافذة، إذ لا محل للقول بأن الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976- وهو غير نافذ – قد ألغى ما يخالفه من أحكام هذا القانون، ويحق للمؤجر وفقا لحكم المادة 23 من هذا القانون أن يطلب إخلاء الأماكن المؤجرة مفروشة وفقا لأحكام القانون المدني إذا انتهت مدة العقد واستعمل المؤجر حقه في التنبيه وفقا للمادة 563 من القانون المدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضي برفض دعواه بإنهاء عقد الإيجار المفروش لانتهاء مدته، وبأحقية المطعون ضده في استئجار عين النزاع خالية فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أن النص في المادة الثالثة من الفصل الأول من أمر نائب الحاكم العسكري رقم 4 لسنة 1976 المعمول به من تاريخ نشره في 23/ 9/ 1976 على أنه مع عدم الإخلال بأحكام المادتين (1، 2) يجب على الملاك والمستأجرين لأماكن مفروشة في تاريخ العمل بهذا الأمر أن يعدلوا أوضاعهم وفقا للأحكام السابقة خلال ثلاثة أشهر على الأكثر من تاريخ العمل به وذلك على الوجه التالي:
(أ‌) يحق للمستأجر المصري الذي يسكن في عين مفروشة استأجرها من مالكها لمدة خمس سنوات متصلة سابقة على تاريخ العمل بهذا الأمر أن يستأجرها خالية بالأجرة القانونية ورد المفروشات إلى المؤجر مع تعويضه عن التحسينات والزيادات التي يكون قد أدخلها على العين، وذلك ما لم يكن قد صدر ضد المستأجر حتى هذا التاريخ حكم نهائي بإخراجه من العين، “والنص في المادة الأولى من أمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 5 لسنة 1976 والمعمول به من تاريخ صدوره في 20 /12 /1976 على أن “توقف المواعيد المنصوص عليها في الفصل الأول من أمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 4 لسنة 1976 والنص في المادة 86 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أن “يلغى القانون رقم 52 لسنة 1969، وأوامر نائب الحاكم العسكري العام رقمي 4، 5 لسنة 1976 …” يدل على أن أمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 4 لسنة 1976 كان له الوجود القانوني كتشريع من تشريعات الدولة منذ صدوره ونشره في الجريدة الرسمية في 23 /9 /1976، إلا أنه بالنسبة لتطبيقه في العمل فقد نصت المادة الثالثة من الفصل الأول من الأمر على إمهال الملاك والمستأجرين مدة ثلاثة شهور لتعديل الأوضاع، بما مفاده ألا يكون هذا الفصل واجب التنفيذ خلال هذه المهلة فلا يلزم المالك بتحرير عقد إيجار لعين خالية إلا بعد انقضاء تلك المهلة، أما باقي أحكام الأمر فيعمل بها من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية على ما نصت عليه المادة 18 من الأمر، ولا مانع أن يؤجل المشرع تنفيذ بعض أحكامه لفترة من الوقت إذ لم تحظر المادة 188 من الدستور مثل ذلك الإجراء، فقد نصت على أن “تنشر القوانين في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها، ويعمل بها بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ نشرها إلا إذا حددت لذلك ميعاداً آخر”، ومن ثم فإنه يجوز أن يحدد التشريع ميعاداً لسريانه وينص في ذات الوقت على بعض الأحكام والتدابير الوقتية وقد يؤجل تطبيق بعض نصوصه لفترة من الوقت أو يعلق نفاذها على اتخاذ إجراء من ذوي الشأن فتتعدد مواعيد نفاذ التشريع في العمل حسبما تتطلبه الظروف والأحوال، لما كان ما تقدم فإن نص المادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 التي تجيز لمستأجر العين مفروشة أن يستأجرها خالية متى توافرت شروط معينة – لا يكون نافذاً وواجب التطبيق إلا في 23 /12 /1976 بعد مضي المهلة التي حددها المشرع وهي ثلاثة شهور من تاريخ العمل بالأمر العسكري، فلا يجوز مساءلة المالك خلال تلك المهلة وفقاً للمادة 14 من الأمر التي تعاقب من يخالف المادة الثالثة بعقوبتي الحبس والغرامة أو أحداهما، ولا إلزام عليه في أن يحرر عقد إيجار عن عين خالية خلال تلك المهلة. وإذ أصدر المشرع في 20 /12 /1976- وقبل انتهاء تلك المهلة – أمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 5 لسنة 1976 والمعمول به من تاريخ صدوره ونص في المادة الأولى منه على وقف المواعيد المنصوص عليها في الفصل الأول من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976، فإن مؤدى ذلك أن يصبح حكم المادة الثالثة غير واجب التطبيق وتبقى حالات التأجير مفروش السابقة على الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 قائمة ومستقرة، يؤيد ذلك ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للأمر العسكري رقم 5 لسنة 1976 من أن الفصل الأول من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 تضمن بعض التدابير الخاصة بتأجير الأماكن وتحديد بعض المواعيد كما ألزمت المادة 3 منه الملاك والمستأجرين المؤجرين لأماكن مفروشة في تاريخ العمل به أن يعدلوا أوضاعهم وفقاً للأحكام السابقة خلال ثلاثة أشهر على الأكثر من تاريخ العمل به وذلك على الوجه الوارد بهذا الأمر … وبالنظر إلى أهمية الآثار المدِنية والجنائية التي سترتب على انتهاء المواعيد المبينة في هذا الفصل مما يتعذر تداركها، وعملاً على استقرار الأوضاع الحالية فيما يتعلق بتأجير الأماكن المفروشة وإلى أن تنتهي الحكومة من إعداد مشروع القانون المنظم للعلاقة بين المالك والمستأجر على نحو يحقق العدالة بالنسبة للجميع …. فقد أعد مشروع الأمر العسكري المرافق بوقف العمل بالمواعيد المنصوص عليها في الفصل الأول..
لما كان مما تقدم، فإن المادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 المعدل بالأمر العسكري رقم 5 لسنة 1976 لا تكون نافذة أو واجبة التطبيق، ولا ترتب أي حق لمستأجري الأماكن مفروشة، ولا تنشئ لهم أي مركز قانوني خاصة بعد أن اتجهت نية المشرع إلى الإبقاء على حالات التأجير مفروش السابقة على الأمر العسكري سالف الذكر حتى يتم إعداد تشريع جديد ينظم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين فلا يحق للمطعون ضده – والحال كذلك – أن يطلب الحكم بأحقيته في استئجار عين النزاع خالية حتى ولو توافرت لديه شروط تطبيق المادة 3/أ من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 إذ أنها لم توضع موضع التنفيذ حتى تم إلغاؤها بإلغاء الأمر العسكري ذاته بالقانون رقم 49 لسنة 1977 الذي لحق الدعوى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في الدعوى الفرعية المقامة من المطعون ضده بأحقيته في استئجار عين النزاع خالية وإلزام الطاعن بأن يحرر عقد إيجار عنها وذلك استنادا للأمر العسكري سالف الذكر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أما بالنسبة لدعوى الطاعن بإنهاء عقد الإيجار المفروش موضوع الدعوى فالثابت أنه أقامها في سنة 1976 في ظل القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين والذي استثنى المشرع الأماكن المؤجرة مفروشة من حكم المادة 23 منه بشأن أسباب الإخلاء والمقصود من ذلك – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – هو عدم خضوعها للامتداد القانوني فينقضي عقد الإيجار المفروش بانتهاء مدته تطبيقاً للقواعد العامة في القانون المدني إذا استعمل المؤجر حقه في التنبيه وفقاً للمادة 563 منه والتي تنص على وجوب التنبيه في المساكن المفروشة قبل نهاية مدة العقد بشهر إذا كانت الفترة المعينة لدفع الأجرة شهرين فأكثر، وإذ يبين من مستندات الطعن المقدمة من الطاعن أن عقد الإيجار المؤرخ 15 /6 /1971 قد انعقد لمدة سنة قابلة للتجديد بأجرةَ سنوية قدرها 370 جنيه تدفع مقدما،ً وأن الطاعن أخطر المطعون ضده في 18 /2 /1976 بإخلاء عين النزاع لعدم رغبته في تجديد العقد وكان هذا التنبيه في الميعاد القانوني فيترتب على إعلانه – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – انحلال الرابطة العقدية التي كانت قائمة، ولا يغير من ذلك أن أحكام المادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 أجازت لمستأجر العين مفروشة أن يستأجرها خالية إذا ما توافرت الشروط المنصوص عليها فيها، ذلك أن تلك الأحكام غير نافذة وغير مطبقة في العمل – على ما سلف – فلا أثر لها في الأحكام التي تخالفها المنصوص عليها في القواعد العامة أو القانون رقم 52 لسنة 1969، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن السبب الذي أبدته النيابة مردود بأنه وإن كان يجوز للنيابة كما هو الشأن بالنسبة للمطعون ضده ولمحكمة النقض – أن تثير في الطعن ما يتعلق بالنظام إلا أن ذلك مشروط – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون تحت نظر محكمة الموضوع عند الحكم في الدعوى جميع العناصر التي تتمكن بها من الإلمام بهذا السبب والحكم في الدعوى على موجبه، فإذا تبين أن هذه العناصر كانت تنقصها فلا سبيل للتمسك بهذا السبب، ذلك أن مهمة محكمة النقض مقصورة على القضاء في صحة الأحكام فيما يكون قد عرض على محكمة الموضوع من الطلبات وأوجه الدفاع، ولما كان الثابت من أوراق الطعن أن المطعون ضده أقام دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يحرر له عقد إيجار عن عين النزاع خاليه وكان الثابت من مستندات المطعون ضده أنه أنذر الطاعن في 30 /10 /1976- بالمبادرة باستلام المنقولات التي شملتها القائمة الملحقة بعقد الإيجار وذلك في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه وإلا قام المطعون ضده بتخزين المنقولات بمخزن مستقل على نفقة الطاعن لحقه في استئجار عين النزاع خالية بالأجرة القانونية، وثبت من الحكمين الابتدائي والمطعون فيه أن المطعون ضده أصر على دفاعه سالف الذكر حتى بعد أن لحق القانون رقم 49 لسنة 1977 في درجتي التقاضي فإن جميع العناصر التي كانت مطروحة على محكمة الموضوع بدرجتيها قاطعة في أن المطعون ضده لم يتمسك بالاستمرار في استئجار عين النزاع مفروشة، وحقه في هذا الاستمرار – وعلى ما يبين من نص المادة 46 من القانون رقم 49 لسنة 1977 مرهون بإرادته، فيتعين أن يتمسك به للنظر في إعماله. فلا محل لتمسك النيابة بهذا السبب، لأن عناصره لم تكن مطروحة على محكمة الموضوع ولا يجوز لها أن تثير أمام هذه المحكمة تطبيق المادة 46 من القانون رقم 49 لسنة 1977على سند من أن حكمها يتعلق بالنظام العام.
لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .