حكم محكمة القضاء الإداري “طرد الحرس الجامعى”

حكم محكمة القضاء الإداري فى
قضية طرد الحرس الجامعى من الجامعات المصرية
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الادارى
الدائرة الاولى
بالجلسة المنعقدة علنا فى يوم الثلاثاء الموافق 25/11/2008
برئاسة السيد الاستاذ المستشار الدكتور / محمد احمد عطية
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة القضاء الادارى
و عضوية السيد الاستاذ المستشار الدكتور / محمد صبح المتولى نائب رئيس مجلس الدولة
و عضوية السيد الاستاذ المستشار / محمد احمد محمود نائب رئيس مجلس الدولة
و حضور السيد الاستاذ المستشار / محمود اسماعيل مفوض الدولة
و سكرتارية السيد / سامى عبد الله امين السر

اصدرت الحكم الاتى
فى الدعوى رقم 17607 لسنة 62ق

المقامة من:
الاستاذ الدكتور/ عبد الجليل مصطفى البسيونى
الاستاذ الدكتور / محمد مجدى على حامد قرقر
الاستاذ الدكتور / مدحت محمود احمد عاصم
الاستاذ الدكتور / معتزة محمد عبد الرحمن خاطر
الاستاذ الدكتور / اميمة مصطفى الحناوى

ضـــد:
الاستاذ الدكتور / رئيس مجلس الوزراء
الاستاذ الدكتور / وزير التعليم العالى والدولة للبحث العلمى
السيد اللواء / وزير الداخلية
الاستاذ الدكتور / رئيس جامعة القاهرة

” الوقائـــــع “

اقام المدعون الدعوى بموجب عريضة موقعة من محاميين اودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 10/2/2008 وطلبوا فى ختامهم الحكم اولا : بقبول الدعوى شكلا، ثانيا: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن الرد مع ما يترتب على ذلك من اثار واهمها اغلاق مكاتب الحرس الجامعى التابعة لوزارة الداخلية المتواجدة داخل اسوار الجامعة، وعدم السماح لأى من رجال الشرطة التابعين لوزارة الداخلية سواء بالزى الرسمى او المدنى بالتواجد داخل اسوار الجامعة او داخل الكليات ومنشآت الجامعة مع الامر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبدون اعلان، ثالثا: بالغاء القرار السابق مع ما يترتب على ذلك من اثار، رابعا: بالزام المدعى عليهم متضامنين بالمصروفات والاتعاب .
و ذكر المدعون شرحا للدعوى انهم من خلال معايشتهم للحياة الجامعية عشرات السنين لاحظوا ان الحرية الاكاديمية قد اصابها خلل كبير لاسباب عديدة فى مقدمتها السيطرة الامنية الصارخة افقيا ورأسيا، ومن اجل وضع الامور فى نصابها الصحيح تقدموا بتظلم الى المدعى عليه الرابع سلم الى مكتبة بتاريخ 29/10/2007 طلبوا فيه صدور امره باغلاق مكاتب الحرس الجامعى التابع لوزارة الداخلية المتواجدة داخل اسوار الجامعة، وعدم السماح لأى من رجال الشرطة التابعين لوزارة الداخلية سواء بالزى الرسمى او المدنى بالتواجد داخل اسوار الجامعة او داخل الكليات او المنشآت الجامعية ومرافقها قاطبة، ولم يتلقوا منه ردا حتى تاريخه مما يعتبر قرارا سلبيا او امتناعا عن الرد، ونعى المدعون على القرار المطعون فيه انه لا يستند الى الدستور والقانون بل ويتناقض مع المواثيق الدولية، ويؤدى الى الخلط بين الحرس الجامعى ووحدة الامن الجامعى حيث يتكون الاول من رجال الشرطة التابعين لوزارة الداخلية ويخضعون فى رئاستهم طبقا للتسلسل الرئاسى لهذه الوزارة، اما الامن الجامعى فينشأ وفقا للتنظيم الادارى للجامعة ويتبع رئيس الجامعة مباشرة، لذلك وحيث قد توافر ركنا الجدية والاستعجال فى الشق المستعجل من الدعوى فقد اقاموا دعواهم الماثلة للحكم لهم بالطلبات المحددة سلفا بصدر الوقائع .
وتداول الشق العاجل من الدعوى بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 1/4/2008 اودع الحاضر عن الدولة حافظة مستندات طويت على صورة قرار وزير الداخلية رقم 1812 لسنة 1981 فى شأن انشاء وتنظيم ادارات حرس الجامعات ببعض مديريات الامن، وبجلسة 13/5/2008 اودع الحاضر عن المدعيين كتابين وحافظة مستندات طويت على صورة حكم صادر من محكمة القضاء الادارى (الدائرة الاولى بأسيوط) فى الدعوى رقم 837 لسنة 7ق، وصورة تقرير هيئة مفوضى الدولة لدى المحكمة الادارية العليا فى الطعن رقم 6307 لسنة 44 ق عليا، وصورة بعض المستندات وبعض الصحف التى قدمها سندا للدعوى .
وبجلسة 24/6/2008 اودع الحاضر عن الجامعة حافظة مستندات طويت على صورة مذكرة ادارة حرس جامعة القاهرة ردا على الدعوى، وصورة القرار الوزارى رقم 1812 لسنة 1981، كما اودع مذكرة بدفاعه طلب فى ختامها الحكم اولا: اصليا: بعدم قبول الدعوى شكلا لتعدد المدعين دون مقتضى، ثانيا: احتياطيا: بعدم قبول الدعوى شكلا لانتفاء شرط المصلحة الشخصية المباشرة للمدعين، ثالثا: واحتياطيا ايضا: بعدم قبول الدعوى شكلا لفوات المواعيد القانونية المقررة لرفع دعوى الالغاء، رابعا: واحتياطيا ايضا: بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى الرابع، خامسا: من باب الاحتياط: بعدم قبول الدعوى شكلا لانتفاء القرار الادارى السلبى من جانب جامعة القاهرة، سادسا: من باب الاحتياط النهائى: برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعى مع الزام المدعين بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة فى كافة الاحوال، ىو بذات جلسة 24/6، 2008 اودع الحاضر عن الدولة مذكرة بدفاعه طلب فى ختامها الحكم اصليا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الادارى، واحتياطيا: بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد، وعلى سبيل الاحتياط: بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفة ومصلحة المدعين، ومن باب الاحتياط الكلى: برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعى مع الزام المدعين المصروفات فى اى من الحالات السابقة، وبجلسة 2/9/2008 اودع الحاضر عن المدعى حافظة طويت على مستندات مؤيدة لدعواه، واودع الحاضر عن الجامعة حافظة مستندات طويت على صورة الهيكل التنظيمى لادارات الجامعة، وبجلسة 14/10/2008 اودع الحاضر عن المدعين حافظتى مستندات طويتا على مقتطفات من اوراق الصحف بشأن حدوث بعض التجاوزات من رجال الشرطة، وقرص (C.D) بشأن فقرة من برنامج القاهرة اليوم على قناة اوربت الفضائية . وبذات جلسة 14/10/2008 قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر واودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به .

” المحكمة ”
بعد الاطلاع على الاوراق، وسماع الايضاحات، وبعد المداولة قانونا.
من حيث ان حقيقة طلبات المدعين – وفقا للتكييف القانونى الصحيح لها – هى الحكم بوقف تنفيذ والغاء القرار السلبى بامتناع الجهة الادارية عن انشاء وحدة للامن الجامعى بجامعة القاهرة بدلا من ادارة حرس الجامعة التابعة لوزارة الداخلية وما يترتب على ذلك من اثار اهمها منع وجود حرس الجامعة داخل الحرم الجامعى، وعدم ممارسته اية انشطة تمس استقلال الجامعة، وتنفيذ الحكم فى الشق العاجل بمسودته دون اعلان، والزام الجهة الادارية المصروفات .
و من حيث انه عن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لرفعها من مدعين متعددين لا يجمعهم وضع قانونى او مصلحة جماعية مشتركة، فهذا الدفع مردود عليه بأن المدعين ارتبطوا جميعا بأمر واحد وهدف مشترك هو الطعن على القرار السلبى بامتناع الجهة الادارية عن انشاء وحدة للامن الجامعى القاهرة بدلا من ادارة حرس الجامعة التابع لوزارة الداخلية وما يترتب على ذلك من اثار على النحو المذكور، ومن ثم يكون من السائغ قانونا توجيه الخصومة على صورتها الراهنة تيسيرا لحق التقاضى وسرعة الفصل فى المنازعات بما يؤدى فى النهاية الى حسن سير العدالة، وعليه يكون الدفع المذكور غير قائم على اساس سليم من الواقع والقانون جديرا بالالتفات عنه، وتكتفى المحكمة باثبات ذلك فى الاسباب دون ايراده فى المنطوق .
و من حيث انه عن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة ومصلحة فان هذا الدفع مردود عليه بأن المدعين فضلا عن انهم مواطنون مصريون فهم اساتذة بجامعة القاهرة يهمهم الشأن العام والحريات العامة فى الجامعة وغيرها، ومنها استقلال الجامعة وحقوق الانسان، ومن ثم فانه يكون لهم صفة ومصلحة فى الدعوى الماثلة وتقضى المحكمة برفض الدفع المشار اليه، وتكتفى باثبات ذلك فى الاسباب دون ايراده فى المنطوق .
ومن حيث انه عن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليه الرابع (رئيس جامعة القاهرة) فانه وفقا لحكم المادة (26) من القرار الجمهورى بالقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات فان رئيس الجامعة والذى يتولى ادارة شئون الجامعة العلمية والادارية والمالية وهو الذى يمثلها امام الهيئات الاخرى .
وهو مسئول عن تنفيذ القوانين واللوائح الجامعية وقرارات مجلس الجامعة والمجلس الاعلى للجامعات فى حدود هذه القوانين واللوائح، ومن ثم فان المدعى عليه الرابع يكون ذى صفة فى الدعوى الماثلة وتقضى المحكمة برفض الدفع المذكور، وتكتفى باثبات ذلك فى الاسباب دون ايراده فى المنطوق.
و من حيث انه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الادارى فانه مردود بأنه من المستقر عليه انه لا يشترط فى القرار الادارى شكل معين وانما هو اعتباره تعبيرا صادرا عن جهة الادارة بقصد احداث اثر قانونى معين فانه يمكن استخلاصه من تصرفات جهة الادارة وسلوكها حيال موقف او طلب معين، وعليه فان امتناع الجهة الادارية عن انشاء وحدة للامن الجامعى بجامعة القاهرة بدلا من ادارة حرس الجامعة يمثل قرارا اجاريا سلبيا يكون من حق صاحب الشأن الطعن فيه، ومن ثم تقضى المحكمة برفض الدفع المشار اليه، وتكتفى المحكمة باثبات ذلك فى الاسباب دون ايراده فى المنطوق.
ومن حيث ان الدعوى قد استقوفت سائر اوضاعها الشكلية والاجرائية ومن ثم فانها تكون مقبولة شكلا.و من حيث انه عن الشق العاجل فى الدعوى فانه من المستقر عليه انه يلزم لوقف تنفيذ القرار الادارى توافر ركنين مجتمعين اولهما ركن الجدية بأن يستند الطلب فى الدعوى الى اسباب جدية تبرره، وثانيهما ركن الاستعجال بان يترتب على تنفيذ القرار نتائج قد يتعذر تداركها .
و من حيث انه عن ركن الجدية فان المادة (18) من الدستور تنص على ان ” التعليم حق تكفله الدولة ……، وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمى، وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والانتاج” .
وتنص المادة (49) من الدستور على ان ” تكفل الدولة للمواطنين حرية البحث العلمى والابداع الادبى والفنى والثقافى، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لتحقيق ذلك” .
وتنص المادة (1) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 على ان “تختص الجامعات بكل ما يتعلق بالتعليم الجامعى والبحث العلمى ىالذى تقوم به كلياتها ومعاهدها فى سبيل خدمة المجتمع والارتقاء به حضاريا، متوخية فى ذلك المساهمة فى رقى الفكر وتقدم العلم وتنمية القيم الانسانية، وتزويد البلاد بالمتخصصين والفنيين والخبراء فى مختلف المجالات واعداد الانسان المزود بأصول المعرفة وطرائق البحث المتقدمة والقيم الرفيعة ليساهم فى بناء وتدعيم المجتمع الاشتراكى، وصنع مستقبل الوطن وخدمة الانسانية، وتعتبر الجامعات بذلك معقلا للفكر الانسانى فى ارفع مستوياته، ومصدر الاستثمار وتنمية اهم ثروات المجتمع واغلاها وهى الثروة البشرية، وتهتم الجامعات كذلك ببعث الحضارة العربية والتراث التاريخى للشعب المصرى وتقاليده الاصيلة، ومراعاة المستوى الرفيع للتربية الدينية والخلقية والوطنية، وتوثيق الروابط الثقافية والعلمية مع الجامعات الاخرى والهيئات العلمية العربية والاجنبية . وتكفل الدولة اسنقلال الجامعات بما يحقق الربط بين التعليم الجامعى وحاجات المجتمع والانتاج “.
و تنص المادة (317) من اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات المشار اليه على ان “تنشأ بكل جامعة وحدة للامن الجامعى تتحدد مهامها فى حماية منشآت الجامعة وامنها، وتتبع رئيس الجامعة مباشرة، وتتلقى منه او من ينيبه التعليمات اللازمة لاداء هذه المهام، ويكون لافرادها زى خاص يحمل شعار الجامعة.
ويصدر بتنظيم هذه الوحدات وطريقة تشكيلها وتحديد الاعتمادات المالية التى يطلب ادراجها بموازنات الجامعة قرار من رئيس المجلس الاعلى للجماعات” .
و تنص المادة (1) من قرار وزير الداخلية رقم 1812 لسنة 1981 فى شأن انشاء وتنظيم ادارات حرس الجامعات ببعض مديريات الامن على ان “تنشأ ادارات للحرس الجامعى بمديريات الامن بالمحافظات وذلك على النحو التالى :-………………………………………………………………………
مديرية امن الجيزة:
ادارة حرس جامعة القاهرة
……………………………………………………………………..
و تخضع جميعها لاشراف نائب مدير الامن مباشرة، وتختص كل منها بحفظ الامن والنظام داخل الجامعة وكلياتها ومعاهدها فى نطاق الاختصاص الجغرافى لمديرية الامن، وحراسة وتأمين المنشآت وما بها من معدات واجهزة” .
و من حيث ان مفاد ما تقدم ان الجامعات تعتبر معقلا للفكر الانسانى فى ارفع مستوياته، ومصدر الاستثمار وتنمية اهم ثروات المجتمع واغلاها وهى الثروة البشرية، وقد استقر قضاء هذه المحكمة وقضاء المحكمة الدستورية العليا والمحكمة الادارية على ان استقلال الجامعات هو احد الحقوق الدستورية التى ارتقى بها دستور جمهورية مصر العربية الصادر سنة 1971 الى مصاف الحقوق الدستورية التى تكفلها الدولة وتشرف عليها بغية اعداد الانسان المصرى المؤمن بربه ثم بوطنه عن طريق تزويده بالقدر المناسب من القيم والدراسات النظرية والتطبيقية والمقومات التى تحقق انسانيته وكرامته وقدرته على تحقيق ذاته والاسهام فى تنمية المجتمع وتحقيق رخائه وتقدمه، والعملية التعليمية تتكامل عناصرها، فلا يجوز تبعيضها بفصل اجزائها عن البعض، ذلك ان تضافر مكوناتها هو الضمان لفعاليتها، لتمتد الحماية التى كفلها الدستور للحق فى التعليم الى كل العناصر التى يتألف منها، فلا يجوز تعطيل بعض جوانبها او تقييده بنصوص قانونية او تدابير ادارية من شأنها الاخلال بركائز التعليم بما ينال من محتواه، ومن ثم فان الدستور قد الزم الدولة الا تقف من التعليم والعملية التعليمية موقفا سلبيا، وانما حملها مسئولية الاشراف على مختلف صوره، وتطبيق احكام القوانين واللوائح على وجهها الصحيح، بل وعزز دورها بالزامها ان تكفل استقلال التعليم الجامعى ومراكز البحث العلمى على اختلافها تطويرا لرسالتها، وبما يكفل انفتاح مجالتها دون قيد، متوخيا بذلك ان تتكامل العملية التعليمية فى وسائلها وغايتها، وان تتعدد روافدها لنكون نهرا متصلا، فلا تنعزل بعض حلقاتها عن بعض، بل تتحد اجزاؤها وتتعاون عناصرها لتقيم بنيانها الحق، وتأكيدا على استقلال الجامعات المقرر بنص المادة 18 من الدستور اوجبت اللائحة التنفيذية لقانونها انشاء وحدة للامن الجامعى بكل جامعة وناط بهذه الوحدة حماية منشآت الجامعة وامنها وجعل تبعيتها لرئيس الجامعة مباشرة، وتتلقى منه او ممن ينوب عنه التعليمات اللازمة فى هذا الشأن، كما اوجبت اللائحة ان يكون لفراد الامن التابعين لهذه الوحدة زيا خاصا يحمل شعار الجامعة، وناطت اللائحة برئيس المجلس الاعلى للجامعات تنظيم هذه الوحدات وطريقة تشكيلها وتحديد الاعتمادات المالية الخاصة بها بموازنة الجامعات كل ذلك تعزيزا لمفهوم استقلال الجامعات المقرر بنص فى الدستور وهو ان تدير الجامعات شئونها بنفسها وان تكون كل اداراتها ووحداتها ومن بينها وحدة الامن الجامعى تابعة لرئيس الجامعة، تتلقى الاوامر عنه وتنفذ القرارات الصادرة عنه، دون تدخل اى جهة اخرى فى شئونها، فلا يجوز فرض اية قيود على ممارسة الجامعة لشئونها تحت اى مسمى، حيث ان ذلك يؤدى الى الانتقاص من استقلال الجامعة هذا الاستقلال المقرر بنص صريح فى الدستور.
ومن حيث انه خلافا لما تقدم اصدر وزير الداخلية القرار رقم 1812 لسنة 1981 بانشاء وتنظيم ادارات حرس الجامعات وحدد اختصاصها بحفظ الامن والنظام داخل الجامعة وكلياتها ومعاهدها وحراسة وتأمين المنشآت وما بها من معدات واجهزة.
ومن حيث انه بالبناء على ما تقدم ولما كان بين من ظاهر الاوراق وبالقدر اللازم للفصل فى الشق العاجل من الدعوى ان الهيكل التنظيمى لجامعة القاهرة لا يتضمن تقسيما تنظيميا خاصا بوحدة الامن الجامعى، تابعة لرئيس الجامعة وانما تمارس ادارة حرس الجامعة المنشأة بموجب قرار وزير الداخلية رقم 1812 لسنة 1981 ذات النشاط المنوط قانونا بوحدة الامن الجامعى المشار اليها وهو حفظ الامن وحماية المنشآت الجامعية، بالمخالفة لاحكام الدستور ودون سند من قانون او لائحة، كما يبين من ظاهر الاوراق المقدمة من المدعين ولم تجحدها الجهة المعى عليها – حدوث بعض التجاوزات من حرس الجامعة مع بعض الطلاب، ومن ثم فان هذا الامر ينال من استقلال الجامعة، وهو كما سلف مبدأ كفله الدستور والقانون فلا يجوز تعطيل بعض جوانبه او تقييده بما ينال من محتواه، ولا ريب ان تقدم المدعين بطلب لرئيس الجامعة لتعديل هذا الوضع الامنى بما يتفق واحكام الادستور واللائحة التنفيذية لقانون الجامعات وعدم اجابتهم الى هذا الطلب وهو ما لم تنكره الجهة المدعى عليها يشكل قرارا سلبيا بالامتناع مخالفا لاحكام الدستور والقانون واللائحة المشار اليها وهو ما يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار.
ومن حيث انه عن ركن الاستعجال فهو الاخر قد جاء متوافرا لما يترتب على استمرار الجامعة فى تنفيذالقرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى حرمان المدعين وامثالهم ممن يحملون لواء العلم والمعرفة من ان يكون للجامعة امن مدنى مستقل يصون ولا يجوز، وهو ما يهددمستقبل العملية التعليمية بالجامعة ويعوق رقى الفكر والتقدم العلمى وتنمية القيم الانسانية فى ظل وجود قيود او تدخل او رقابة من جهة اخرى وترتيبا على ما سلف بيانه، واذ استوى طلب وقف التنفيذ قائما على ساقية متوافرا فيه ركنا الجدية والاستعجال، ومن ثم تقضى المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من اثار، ونظرا لتوافر مناط اعمال حكم المادة (286) مرافعات فان المحكمة تأمر بتنفيذه بمسودته دون اعلان.
ومن حيث ان من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

” فلهذه الاسباب “

حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار السلبى بامتناع الجهة الادارية عن انشاء وحدة للامن الجامعى بجامعة القاهرة بدلا من ادارة حرس الجامعة التابع لوزارة الداخلية، وما يترتب على ذلك من اثار اخصها منع وجود حرس الجامعة داخل الحرم الجامعى، وعدم ممارسته اية انشطة تمس استقلال الجامعة، والزمت الجهة الادارية مصروفات هذا الطلب، وامرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون اعلان، وبإحالة الدعوى الى هيئة مفوضى الدولة لاعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الالغاء.