حكم تمييز ( تزوير شهادة بنكية – نصب)

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 17/ 2/ 2004
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي – رئيس الجلسة
وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب وعاطف عبد السميع ونجاح نصار ومصطفى كامل
(22)
(الطعن رقم 442/ 2003 جزائي)
1 – إثبات (بوجه عام) – تزوير – حكم (تسبيب غير معيب) – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير الدليل) – نصب.
– الأصل في المحاكمات الجزائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه – له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يطمئن إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
– جرائم التزوير والنصب – لم يجعل القانون لإثباتها طريقًا خاصًا.
– لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال متهم على آخر في أي دور من أدوار التحقيق – متى اطمأنت إليها – مثال.
2 – تزوير – بنوك – حكم (تسبيب غير معيب) – تمييز [(أسباب الطعن)، (سبب قائم على جدل موضوعي)].
– أوراق البنوك من المحررات العرفية – التزوير فيها – مناط تحققه – تحدث الحكم الصادر بالإدانة في هذه الجريمة صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركانها – غير لازم – ما دام أورد من الوقائع ما يدل عليها – كفاية أن يكون ركن الضرر مستفادًا من مجموع عباراته.
– الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى وتقدير أدلتها – غير جائز أمام التمييز – مثال.
3 – حكم (تسبيب غير معيب) – تمييز [(أسباب الطعن)، (سبب غير مقبول)].

– عدم تعويل الحكم الابتدائي أو الحكم المطعون فيه في إدانة الطاعن على ما جاء بتحريات المباحث – النعي عليه في هذا الشأن – غير سديد – مثال.
4 – جريمة – فاعل مع غيره – حكم (تسبيب غير معيب) – تزوير – نصب.
– كفاية مساهمة الشخص في الجريمة بفعل من الأفعال المكونة لها لاعتباره فاعلاً أصليًا فيها – مثال لتسبيب سائغ لاعتبار الطاعن فاعلاً أصليًا في جريمتي تزوير ونصب.

5 – محكمة استئنافية – دفاع [(الإخلال بحق الدفاع)، (ما لا يوفره)]. استئناف – حكم (تسبيب الحكم الاستئنافي).
– لمحكمة الاستئناف اتخاذ أسباب الحكم المستأنف أسبابًا لحكمها متى رأت أنها كافية – إغفالها الرد على دفاع الطاعن بأنها لم تجد ما يقتضي إضافة جديد إليها – لا تثريب.
6 – امتناع عن النطق بالعقاب – تمييز [(أسباب الطعن)، (سبب قائم على جدل موضوعي)] – محكمة استئنافية – ظروف مخففة ومشددة – عقوبة.

– التقرير بالامتناع عن النطق بالعقاب عند توافر شروطه – جوازي لمحكمة الموضوع.
– تقرير المحكمة الاستئنافية أن المتهم الأول جدير بالامتناع عن النطق بعقابه وأن الطاعن غير جدير بذلك فنطقت بعقابه – المنازعة في ذلك – جدل في سلطة محكمة الموضوع في تقدير موجبات الرأفة – غير مقبول.

1 – من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجزائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجزائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير والنصب طريقًا خاصًا. وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم على متهم آخر في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع. وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى صدق ما قرره المتهم الأول بشأن دور الطاعن في الواقعة وكيفية مساهمته فيها ومطابقته للحقيقة والواقع وما قرره مساعد مدير بنك برقان فرع السالمية وما أوراه تقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية من أن شهادة المديونية الصادرة من البنك التجاري فرع الأحمدي بتاريخ 16/ 10/ 2000 قد تم تغيير مضمونها إلى ما يفيد براءة ذمة المتهم الأول من مديونيته لدى البنك المذكور باستخدام التصوير الضوئي الملون وكتابة العبارات المضافة عن طريق طابعة الكمبيوتر وأخذ الحكم بهذه الأدلة وعول عليها مجتمعة في إدانة الطاعن هي أدلة سائغة وكافية يسوغ بها ما انتهى إليه الحكم من ثبوت إدانة الطاعن.

2 – من المقرر وفقًا لنص المادتين (257)، 259/ 1 من قانون الجزاء أن جريمة التزوير في ورقة من أوراق البنوك – وهي من المحررات العرفية – تتحقق بتعمد الجاني تغيير الحقيقة في هذه الأوراق بإحدى الطرق المنصوص عليها في المادة الأولى بقصد استعمالها على نحو يوهم بأنها مطابقة للحقيقة ويسبب ضررًا لا يشترط أن يقع بالفعل بل يكفي احتمال وقوعه في الوقت الذي تم فيه تغيير الحقيقة بغير التفات إلى ما يطرأ من بعد، ولا يلزم لصحة الحكم بالإدانة في هذه الجريمة أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركانها ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليها، كما لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة عن ركن الضرر بل يكفي أن يكون قيامه مستفادًا من مجموع عبارته. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وما استعرض من أدلتها – على النحو المار بيانه – ما يدل على توافر أركان جريمة التزوير في أوراق البنوك التي دان الطاعن بها ومنها ركن الضرر – الذي توافر وقت ارتكاب الجريمة بصرف النظر عن قيام المتهم الأول من بعد بسداد المبلغ المطلوب للبنك التجاري المجني عليه – كما أن في هذا الذي أورده الحكم الرد الكافي على ما يثيره الطاعن من عدم تحقق أركان الجريمة أو بيان الحكم لها، فإن ما يثيره الأخير بدعوى انتفاء الدليل قبله أو عدم ارتكابه للجريمتين اللتين دين بهما لجهله القراءة والكتابة وعدم درايته بأمور التصوير الضوئي والطباعة على الكمبيوتر لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى وتقدير أدلتها لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز.

3 – إذ كان الواضح من الحكم الابتدائي أو الحكم المطعون فيه أن أيًا منهما لم يعول في إدانته للطاعن على ما جاء بتحريات المباحث من أنه متوار عن الأنظار أو يرتب على ذلك شيء من هذا القبيل على النحو الذي ذهب إليه الطاعن في أسباب طعنه، وإنما أورد الحكم الابتدائي الغيابي هذه العبارة في مقام سرده لما تم من إجراءات التحقيق والمحاكمة في الدعوى لبيان أن الطاعن لم يمثل أمام المحكمة أو يبدى دفاعًا لتواريه عن الأنظار ومن ثم يجوز لها نظر الدعوى في غيبته وأن تصدر حكمها غيابيًا فيها – كما هو الحال في الحكم الغيابي الابتدائي المذكور – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.

4 – من المقرر أنه يكفي في القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصليًا في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها، وكان يبين مما أورده الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه قد اثبت في حق الطاعن أنه ساهم في جريمة التزوير والنصب اللتين دانه بهما بأن استلم من المتهم الأول شهادة المديونية التي استخرجها من البنك التجاري، وأنه قد تمكن بوسائله الخاصة من تحويرها إلى شهادة براءة ذمة – على خلاف الحقيقة – وأعادها إلى المتهم الأول الذي قدمها بدوره للشركة التي يعمل بها مما مكنه من تحويل راتبه إلى بنك آخر هو بنك برقان فرع السالمية والحصول منه على القرض الذي أودع القدر الأكبر منه في حساب الطاعن بالبنك في ذات يوم الحصول على القرض، فإن في ذلك ما يكفي لاعتبار الطاعن فاعلاً أصليًا في الجريمتين كما انتهى إليه صحيحًا الحكم المطعون فيه مما يضحى معه منعى الطاعن في هذا الصدد غير قويم.
5 – من المقرر أن لمحكمة الاستئناف إن رأت كفاية الأسباب التي بني عليها الحكم المستأنف أن تتخذها أسبابًا لحكمها، ولا تثريب عليها إذا هي لم ترد على ما أبداه الطاعن من دفاع أمامها لأن في أخذها بأسباب هذا الحكم ما يفيد أنها لم تجد ما يقتضي إضافة جديد إليها ردًا على هذا الدفاع.

6 – من المقرر أن التقرير بالامتناع عن النطق بالعقاب عند توافر شروطه هو أمر جوازي لمحكمة الموضوع يدخل في مطلق سلطتها التقديرية، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة الاستئنافية إن هي قدرت أن المتهم الأول جدير بالامتناع عن النطق بعقابه للأسباب السائغة التي أوردتها فقررت به، وأن الطاعن غير جدير بذلك فنطقت بعقابه بالعقوبة المقضى بها عليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً غير مقبول في سلطة محكمة الموضوع في تقدير موجبات الرأفة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في غضون شهر أكتوبر عام 2000 بدائرة مخفر شرطة هدية – محافظة الأحمدي: 1 – ارتكبا تزويرًا في ورقة من أوراق البنوك على نحو يوهم بأنها مطابقة للحقيقة هي الصورة الضوئية الملونة للشهادة الصادرة من البنك التجاري فرع الأحمدي المؤرخة 16/ 10/ 2000 بأن اصطنعاها على غرار الأصل منها وذلك بأن حذفا من الأصل البيانات الجوهرية المتعلقة بمديونية الأول – المتهم الأخر – للبنك. وأضافا بدلاً منها بيانات جديدة في الصورة تفيد براءة ذمة من أية التزامات تجاه البنك، وكان المحرر بعد تغيير الحقيقة فيه صالحًا لأن يستخدم على هذا النحو. 2 – استوليا على مبلغ 19.121.604 دينار كويتي المملوك للبنك….. وذلك بإخفاء سند دين موجود بأن أخفيا عن جهة عمل الأول أصل الشهادة المنوه عنها في التهمة الأولى والثابت بها مديونيته للبنك المذكور وقدما إليها الشهادة المزورة موضوع التهمة الأولى مما حدا بتلك الجهة إلى وقف تحويل راتبه إلى ذلك البنك وتمكنا بهذه الوسيلة من التدليس من الاستيلاء على المبلغ سالف الذكر على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت معاقبتهما بالمواد (231)، (232)، (257)، 259/ 1 من قانون الجزاء. ومحكمة الجنايات حكمت بتاريخ 28/ 10/ 2002 – غيابيًا للطاعن وحضوريًا للمتهم الأخر – بحبس كل منهما خمس سنوات مع الشغل والنفاذ وبإبعاد الطاعن عن البلاد عقب تنفيذ العقوبة المقضى بها عليه. فعارض الطاعن، وبتاريخ 5/ 5/ 2003 قضى باعتبار معارضته كأن لم تكن. فاستأنف الطاعن، وبتاريخ 21/ 7/ 2003 قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس الطاعن لمدة ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وتأييده فيما قضى به من إبعاده عن البلاد. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي التزوير في ورقة من أوراق البنوك والنصب قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ذلك أن دفاعه قام على أنه لم يقارف أي فعل من أفعال التزوير أو النصب أو يساهم فيه وإنما اقترفها المتهم الأول وحده ما تنتفي معه أركان هاتين الجريمتين في حقه.

إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع أو يدلل على توافر الأركان القانونية للجريمتين خاصة ركن الضرر اللازم لقيام جريمة التزوير والذي انتفى بقيام المتهم الأول برد المبلغ المستحق للبنك، وعّول الحكم في إدانة الطاعن على ما قرره المتهم المذكور في حقه وهو ما لا يكفي أو يصلح بمجرده لإثبات ما دين به، كما أن موافقته على أن يودع المتهم سالف الذكر جزء من مبلغ القرض في حساب الطاعن بالبنك وإعادته إليه بعد عدة أيام – حيث سدد منه مستحقات البنك المجني عليه – كانت مجرد خدمة أسداها للمتهم، ولا تؤدى إلى ما استخلصه الحكم من دليل على ارتكاب الطاعن للواقعة مع المتهم أو مساهمته فيها، هذا إلى أن ما جاء بتحريات المباحث من أن الطاعن متوار عن الأنظار لا يفيد هذا المعنى أيضًا. والتفت الحكم كذلك عن دفاعه بعدم ارتكابه الجريمة لجهله القراءة والكتابة وعدم درايته بأمور التصوير الضوئي والطباعة بواسطة أجهزة الكمبيوتر اللازمة لاصطناع المحرر المزور حسبما جاء بالتقرير الفني واكتفت المحكمة الاستئنافية بأسباب الحكم المستأنف دون أن تعرض في حكمها المطعون فيه لما أثاره الطاعن أمامها من دفاع لم يثره من قبل. وأخيرًا فقد كان على المحكمة المذكورة وقد عاملت المتهم الأول بالرأفة وقررت الامتناع عن النطق بعقابه بعد أن قام برد المبلغ المستولى عليه – أن تعامل الطاعن بالمثل وهو ما لم تفعله، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وأقام عليهما في حقه أدلة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها استمدها من إقرار المتهم الأول – خلف….. – من أن الطاعن هو الذي أمده بشهادة براءة الذمة المزورة وأنه قد أودع في حساب المذكور مبلغ 25500 دينار من مبلغ الثلاثين ألف دينار قيمة القرض الذي حصل عليه من بنك برقان، ومن شهادة….. مدير بنك برقان فرع السالمية بأن المتهم الأول حصل على القرض في يوم 1/ 11/ 2000 وأودع المبلغ المشار إليه في حساب الطاعن في ذات اليوم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجزائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه،

فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه. ولما كان القانون الجزائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير والنصب طريقًا خاصًا. وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم على متهم آخر في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع. وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى صدق ما قرره المتهم الأول بشأن دور الطاعن في الواقعة وكيفية مساهمته فيها ومطابقته للحقيقة والواقع وما قرره مساعد مدير بنك برقان فرع السالمية وما أوراه تقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية من أن شهادة المديونية الصادرة من البنك التجاري فرع الأحمدي بتاريخ 16/ 10/ 2000 قد تم تغيير مضمونها إلى ما يفيد براءة ذمة المتهم الأول من مديونيته لدى البنك المذكور باستخدام التصوير الضوئي الملون وكتابة العبارات المضافة عن طريق طابعة الكمبيوتر وأخذ الحكم بهذه الأدلة وعول عليها مجتمعة في إدانة الطاعن هي أدلة سائغة وكافية يسوغ بها ما انتهى إليه الحكم من ثبوت إدانة الطاعن.

لما كان ذلك، وكان من المقرر وفقًا لنص المادتين (257)، 259/ 1 من قانون الجزاء أن جريمة التزوير في ورقة من أوراق البنوك – وهي من المحررات العرفية – تتحقق بتعمد الجاني تغيير الحقيقة في هذه الأوراق بإحدى الطرق المنصوص عليها في المادة الأولى بقصد استعمالها على نحو يوهم بأنها مطابقة للحقيقة ويسبب ضررًا لا يشترط أن يقع بالفعل بل يكفي احتمال وقوعه في الوقت الذي تم فيه تغيير الحقيقة بغير التفات إلى ما يطرأ من بعد، ولا يلزم لصحة الحكم بالإدانة في هذه الجريمة أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركانها ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليها، كما لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة عن ركن الضرر بل يكفي أن يكون قيامه مستفادًا من مجموع عبارته. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وما استعرض من أدلتها – على النحو المار بيانه – ما يدل على توافر أركان جريمة التزوير في أوراق البنوك التي دان الطاعن بها ومنها ركن الضرر – الذي توافر وقت ارتكاب الجريمة بصرف النظر عن قيام المتهم الأول من بعد بسداد المبلغ المطلوب للبنك التجاري المجني عليه – كما أن في هذا الذي أورده الحكم الرد الكافي على ما يثيره الطاعن من عدم تحقق أركان الجريمة أو بيان الحكم لها،

\فإن ما يثيره الأخير بدعوى انتفاء الدليل قبله أو عدم ارتكابه للجريمتين اللتين دين بهما لجهله القراءة والكتابة وعدم درايته بأمور التصوير الضوئي والطباعة على الكمبيوتر لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى وتقدير أدلتها لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكان الواضح من الحكم الابتدائي أو الحكم المطعون فيه أن أيًا منهما لم يعول في إدانته للطاعن على ما جاء بتحريات المباحث من أنه متوار عن الأنظار أو يرتب على ذلك شيء من هذا القبيل على النحو الذي ذهب إليه الطاعن في أسباب طعنه، وإنما أورد الحكم الابتدائي الغيابي هذه العبارة في مقام سرده لما تم من إجراءات التحقيق والمحاكمة في الدعوى لبيان أن الطاعن لم يمثل أمام المحكمة أو يبدى دفاعًا لتواريه عن الأنظار ومن ثم يجوز لها نظر الدعوى في غيبته وأن تصدر حكمها غيابيًا فيها – كما هو الحال في الحكم الغيابي الابتدائي المذكور – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصليًا في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها، وكان يبين مما أورده الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه قد اثبت في حق الطاعن أنه ساهم في جريمة التزوير والنصب اللتين دانه بهما بأن استلم من المتهم الأول شهادة المديونية التي استخرجها من البنك التجاري، وأنه قد تمكن بوسائله الخاصة من تحويرها إلى شهادة براءة ذمة – على خلاف الحقيقة – وأعادها إلى المتهم الأول الذي قدمها بدوره للشركة التي يعمل بها مما مكنه من تحويل راتبه إلى بنك آخر هو بنك برقان فرع السالمية والحصول منه على القرض الذي أودع القدر الأكبر منه في حساب الطاعن بالبنك في ذات يوم الحصول على القرض،

فإن في ذلك ما يكفي لاعتبار الطاعن فاعلاً أصليًا في الجريمتين كما انتهى إليه صحيحًا الحكم المطعون فيه مما يضحى معه منعى الطاعن في هذا الصدد غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الاستئناف إن رأت كفاية الأسباب التي بني عليها الحكم المستأنف أن تتخذها أسبابًا لحكمها، ولا تثريب عليها إذا هي لم ترد على ما أبداه الطاعن من دفاع أمامها لأن في أخذها بأسباب هذا الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ما يفيد أنها لم تجد ما يقتضي إضافة جديد إليها ردًا على هذا الدفاع، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التقرير بالامتناع عن النطق بالعقاب عند توافر شروطه هو أمر جوازي لمحكمة الموضوع يدخل في مطلق سلطتها التقديرية، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة الاستئنافية إن هي قدرت أن المتهم الأول جدير بالامتناع عن النطق بعقابه للأسباب السائغة التي أوردتها فقررت به، وأن الطاعن غير جدير بذلك فنطقت بعقابه بالعقوبة المقضى بها عليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً غير مقبول في سلطة محكمة الموضوع في تقدير موجبات الرأفة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.