حكم تمييز ( مطالبة – افلاس)

محكمة التمييز
الدائرة المدنية
جلسة 2/ 5/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ فهمي الخياط – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ منصور حسين وإبراهيم بركات وعزت عمران ومحمد وليد الجارحي.
(46)
(الطعون أرقام 517، 547، 551، 533، 575/ 2004 مدني)
1 – تمييز “الاختصام في الطعن”. طعن.
– الاختصام في الطعن. شرطه.

2 – إجراءات التقاضي. حكم “الطعن في الحكم”. تجزئة. طعن.
– الأحكام التي لا يحتمل الفصل فيها إلا حلاً واحدًا بالنسبة للمحكوم عليهم جميعًا. قبول الطعن المرفوع بعد الميعاد من أحدهم أو بعد قبول مانع من الطعن. وسيلتاه. مثال في موضوع غير قابل للتجزئة.
3 – إفلاس. حكم “أثر الحكم بشهر الإفلاس”.
– الحكم بشهر الإفلاس. أثره.

4 – إثبات “قرينة قوة الأمر المقضي”. قوة الأمر المقضي. حجية. حكم.
– حجية الأمر المقضي المانعة من إعادة طرح النزاع في مسألة أساسية. مناطها. استقرار الحقيقة بين الخصوم في الحكم الأول استقرارًا مانعًا من إعادة مناقشتها في الدعوى الثانية ولو بأسانيد قانونية أو أدلة واقعية جديدة وأن تكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق مترتبة عليها ولو اختلف السبب والموضوع في كل من الدعويين.
5 – بيع. فسخ. عقد “فسخ عقد البيع”. عقد “فسخ العقد”. التزام “التزام البائع برد الثمن عند الفسخ”. حسن نية. وكالة. سوء النية.

– فسخ عقد البيع أو بطلانه لسبب من قبل البائع. إلزامه برد ما تقاضاه من ثمن. عدم الاعتداد فيه بحسن أو بسوء نيته.
– بيع الوكيل الأرض التي وكل في التصرف فيها. لا خروج فيه على حدود الوكالة.
6 – قانون “الأثر الفوري للقانون”. نظام عام.
– القانون الجديد. سريانه فور العمل به على المراكز التي تتكون بعد نفاذه سواء في نشأتها أو إنتاجها لآثارها أو في انقضائها. سريانه على الآثار المستقبلة التي تترتب على المراكز القانونية السابقة. الاستثناء. آثار التصرفات المبرمة في ظل القانون القديم. بقاؤها خاضعة له. شرط ذلك. أن لا تكون أحكام القانون الجديد متعلقة بالنظام العام.

7 – قانون “القانون الواجب التطبيق”. بيع “بيع ملك الغير”. عقد “عقد البيع”. مجلة الأحكام العدلية. تعويض “التعويض عن فسخ العقد”. التزام “آثار الالتزام”. مسئولية “المسئولية التقصيرية”.

– إبرام عقد البيع قبل تاريخ العمل بالقانون المدني. أثره. عدم سريان أحكامه على الآثار المستقبلة بما فيها فسخه لعدم ملكية البائع للمبيع وتعذر تنفيذ التزامه بنقل الملكية. لا يغير منه اكتشاف المشتري استحقاق الغير للمبيع بعد نفاده. طلب رد الثمن والتعويض عن الضرر. خضوعه لنصوص مجلة الأحكام العدلية والقانون 6 لسنة 1961 بتنظيم الالتزامات الناشئة عن العمل غير المشروع.

8 – فضالة. مجلة الأحكام العدلية. بيع “بيع الفضولي”. عقد “فسخ العقد”.
– الفضولي في مجلة الأحكام العدلية. ماهيته. البيع الذي يبرمه موقوف غير نافذ لتعلق حق الغير به. المادتان 111، 112 من المجلة.

– الفضولي ليس له ولاية شرعًا على محل العقد. فسخ العقد. أثره. رد المشتري المبيع إن كان قد تسلمه ورد البائع الثمن دون زيادة إن كان قد قبضه. علة ذلك. ضمان العقد لا يوجب المثل أو القيمة بل يوجب الرد دون نظر للمماثلة بين العوض والمعوض عنه أو قيمة المعوض عنه الحكم بالفسخ.
9 – مسئولية “المسئولية عن العمل غير المشروع”. تعويض “تقدير التعويض”.
– اشتراك المضرور بخطئه في إحداث الضرر أو زاد فيه أو كان قد سوأ مركز المدين في ظل العمل بأحكام القانون 6 لسنة 1961. للقاضي أن ينقص التعويض أو لا يحكم بتعويض. مؤداه. العبرة عند ثبوت الخطأ على مبلغ رجحان نصيب محدث الفعل الضار والمضرور في إحداث الضرر. م 25 منه.

10 – تمييز “السبب الجديد”. طعن. محكمة التمييز.
– الدفاع الذي يختلط فيه الواقع بالقانون. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة التمييز.
11 – محكمة الموضوع “سلطتها في مسائل التعويض”. تعويض “تقديره”.

– اشتراك المضرور بخطئه في إحداث الضرر أو نفيه. واقع تستقل به محكمة الموضوع. شرط ذلك.
1 – من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفًا في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره، وأن يكون قد نازع خصمه في طلباته. ولما كان الثابت في الأوراق أن الطاعنين لم يطلبوا الحكم على البلدية بشيء ولم تنازعهم هي في طلباتهم، ومن ثم فإن اختصامها فيما سلف ذكره من طعون يكون غير مقبول.

2 – النص في المادة 134 من قانون المرافعات على أن (لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه. على أنه إذا كان الحكم صادرًا في موضوع غير قابل للتجزئة – أو في التزام بالتضامن، أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين – جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضمًا إليه في طلباته، فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن) – مؤداه أن المشرع ابتغى توحيد القضاء في الخصومة الواحدة استقرارًا للحقوق ودرءًا لتعارض الأحكام في الحالات التي لا يحتمل الفصل فيها إلا حلاً واحدًا بالنسبة للمحكوم عليهم جميعًا، وأنه حدد إحدى وسيلتين لقبول الطعن المرفوع بعد الميعاد أو بعد قبول مانع من الطعن،

أولهما: أن يرفع الطاعن طعنه مباشرة أثناء نظر الطعن المرفوع من أحد المحكوم عليهم مثله شريطة ألا تكون له طلبات مغايرة للطلبات الواردة في الطعن المرفوع في الميعاد، والثانية أن يتدخل أو يُدخل من فوت الميعاد أو قبل الحكم في طعن زميله، وبذلك يستقيم شكل الطعن وتكتمل موجبات قبوله.

لما كان ذلك، وكان موضوع النزاع المطروح يدور حول عقد بيع قيل إن مورث الطاعنين هو الذي أبرمه حال كونه غير مالك للمبيع ووجهت الطلبات فيه إلى تركته، فإنه يكون غير قابل للتجزئة.

وإذ رأى الطاعنون في الطعن رقم 575/ 2004 مدني – بعد سقوط حقهم في الطعن بالتمييز أن يقيموا هذا الطعن الذي أشاروا إليه في صحيفته إلى أنهم ينضمون به إلى باقي الورثة في الطعن رقم 547/ 2004 مدني المرفوع في الميعاد، ولم يبدوا أية طلبات مغايرة لطلبات الطاعنين في الطعن الأخير، فإن طعنهم يكون مقبولاً، ويكون الدفع بعدم قبوله للتقرير به بعد الميعاد على غير أساس.

3 – من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن صدور الحكم بشهر الإفلاس يستتبع قانونًا وبمجرد صدوره غل يد المفلس عن إدارة جميع أمواله سواء كانت متعلقة بتجارته أو غير متعلقة بها، وفقده أهلية التقاضي، ويكون مدير التفليسة هو صاحب الصفة في تمثيله أمام القضاء فيما يرفع منه أو عليه من دعاوى. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أنه قضى بحكم بات بإشهار إفلاس الوارثة المذكورة، فإن اختصامها في الطعون الأربعة سالفة البيان كمطعون ضدها ومشاركتها بعض الورثة في رفع الطعن رقم 575/ 2004 مدني يكون غير مقبول.

4 – من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادة 53 من قانون الإثبات على أن (الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الخصومة، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة. ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم، وتعلق بذات الحق محلاً وسببًا. وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها) – يدل على أن المناط في حجية الأمر المقضي المانعة من إعادة طرح النزاع في مسألة أساسية لا تتغير – أن يكون الخصوم قد تناضلوا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهم بالحكم الأول استقرارًا جامعًا مانعًا من إعادة مناقشتها في الدعوى الثانية ولو بأسانيد قانونية أو أدلة واقعية جديدة، وأن تكون بذاتها هي الأساس فيما يدعيه أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق مترتبة عليها ولو اختلف السبب والموضوع في كل من الدعويين. لما كان ذلك،

وكان الثابت من الاطلاع على الحكم الصادر في الدعوى رقم 93/ 1993 تجاري ومدني كلي واستئنافها رقم 301/ 1995 مدني أنها رفعت من المطعون ضده الأول على الطاعنين بوصفهم خلفًا عامًا لمورثهم، وعلى…… بصفته وكيلاً عن المورث – بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع النزاع، وأن المحكمة، قضت في مسألة أساسية تجادل فيها الطرفان هي أن البيع صدر من المورث وأن ثمن المبيع دفع لحسابه على نحو ما جاء بالعقد، فإن الفصل في تلك المسألة الأساسية بين الخصوم أنفسهم يكون مانعًا لهم من إعادة مناقشتها في أية دعوى تالية ولو اختلف السبب والموضوع في كل من الدعويين. وإذ ساير الحكم المطعون فيه هذا النظر والتزم في قضائه بقوة الأمر المقضي التي حازها ذلك الحكم السابق، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقًا صحيحًا، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.

5 – القضاء بإلزام البائع برد ما اقتضاه من ثمن عند فسخ عقد البيع أو بطلانه لسبب من قبله لا يعتد فيه بحسن أو سوء نيته، وقيام الوكيل ببيع الأرض التي وكل في التصرف فيها لا خروج فيه عن حدود الوكالة. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن قطعة الأرض المبيعة تم التصرف فيها بعقود مسجلة قبل بيعها للمطعون ضده الأول مما تنتفي معه الحاجة إلى الاستعلام عما أجري عليها من تصرفات، فإن دفاع الطاعنين يكون ظاهر الفساد، ولا تثريب على الحكم المطعون فيه إن التفت عنه، ومن ثم فإن النعي بما سلف ذكره من أسباب يكون على غير أساس.

6 – النص في المادة الثالثة من القانون المدني الصادر بالمرسوم بالقانون رقم 67/ 1980 المعمول به اعتبارًا من 25/ 2/ 1981 على أن: “1 – يسري القانون الجديد على كل ما يقع من تاريخ العمل به، ما لم ينص على خلافه. 2 – ومع ذلك تبقى آثار التصرفات خاضعة للقانون الذي أبرمت تحت سلطانه ما لم تكن أحكام القانون الجديد متعلقة بالنظام العام فتسري على ما يترتب منها بعد نفاذه” مفاده – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الأصل أن يطبق القانون فور العمل به على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذه سواء في نشأتها أو إنتاجها لآثارها أو في انقضائها، كما يسري بما له من أثر مباشر على الآثار المستقبلة التي تترتب على المراكز القانونية السابقة. وتستثنى من ذلك آثار التصرفات المبرمة تحت سلطان القانون القديم إذ تبقى خاضعة له ما لم تكن أحكام القانون الجديد متعلقة بالنظام العام.

7 – إذ كان عقد البيع موضوع النزاع أبرم في 14/ 8/ 1978 قبل تاريخ العمل بالقانون المدني، فإن آثاره المستقبلة – بما فيها فسخه لعدم ملكية البائع للمبيع وتعذر تنفيذ التزامه بنقل الملكية إلى المشتري – تنحسر عنها أحكام هذا القانون ولو لم يكتشف المشتري استحقاق الغير للمبيع إلا بعد نفاذه، ويكون طلب الطاعن رد ما دفعه من ثمن وتعويضه عما قال إنه أصابه من ضرر من جراء ذلك خاضعًا لسلطان مجلة الأحكام العدلية والقانون رقم 6 لسنة 1961 بتنظيم الالتزامات الناشئة عن العمل غير المشروع باعتبارها القانون واجب التطبيق.

8 – إذ كانت المادة 112 من المجلة قد عرفت الفضولي بأنه من يتصرف بحق الغير بدون إذن شرعي كالبائع لملك غيره دون إذنه، وكانت المادة 111 منها تنص على أن البيع الذي يبرمه الفضولي بيع موقوف غير نافذ لتعلق حق الغير به، ولما هو مقرر في الفقه الإسلامي من أن الفضولي ليست له ولاية على محل العقد، فإذا فسخ يرد المشتري المبيع إن كان قد تسلمه، ويرد البائع الثمن دون زيادة إن كان قد قبضه، باعتبار أن ضمان العقد لا يوجب المثل أو القيمة، بل يوجب رد ما دفع دون نظر للمماثلة بين العوض والمعوض عنه أو قيمة المعوض عنه الحكم بالفسخ، أو الاعتداد بما إذا كان الثمن أكثر أو أقل من قيمة المبيع غاية ما في الأمر أنه إذا استحق المبيع سقط الثمن عن المشتري ووجب على البائع رده. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فلا يعيبه ما ضمنه أسبابه من تقريرات قانونية مغايرة.

9 – النص في الفقرة الأولى من المادة 25 من القانون رقم 6 لسنة 1961 بتنظيم الالتزامات الناشئة عن العمل غير المشروع [(1)] على أن: (يجوز للمحكمة أن تنقص مقدار التعويض، أو أن لا تحكم بتعويض ما إذا كان المضرور قد اشترك بخطئه في إحداث الضرر أو زاد فيه، أو كان قد سوأ مركز المدين) يدل على أن المشرع رأى أن يتوقف قيام الالتزام بالتعويض الواجب أداؤه – عند ثبوت الخطأ – على مبلغ رجحان نصيب كل من محدث الفعل الضار والمضرور في إحداث الضرر، وأنه ليس بممتنع أن يرجح نصيب المضرور في إحداثه رجحانًا يثير أمر البحث في قيام الالتزام بالتعويض بأسره فيكون للقاضي ألا يحكم بتعويض ما. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص بأسباب سائغة إلى رجحان خطأ الطاعن على خطأ البائع له، فإن النعي بما سلف ذكره من أسباب يكون على غير أساس.

10 – إذ كان البائع له تصرف في جزء من أرضه بطريق الهبة وفي الجزء الآخر بطريق البيع مما ينتفي معه قصد المضاربة وتحقيق الربح، فإن النعي بهذين السببين يختلط فيه القانون بواقع هو التحقق من توافر ذلك القصد. وإذ لم يسبق للطاعن التمسك به أمام محكمة الموضوع فلا تجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة التمييز.

11 – من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن اشتراك المضرور بخطئه في إحداث الضرر أو نفيه من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الطاعن أسهم بخطئه في إحداث الضرر المدعى به بناء على ما أورده في أسبابه من أنه “حينما تعاقد على شراء عقار التداعي كان يتعين عليه أن يبادر إلى معاينة ذلك العقار ليعلم الحال التي هو عليها، ويراجع التصرفات التي تمت بشأنه لبيان ما إذا كان مملوكًا للبائع وقت البيع من عدمه، وما إذا كانت ثمة تصرفات أجريت عليه وهذا هو القدر المتيقن الذي يتعين عليه أن يقوم به ضمانًا لحقوقه تجاه الطرف المتعاقد معه وكذلك تجاه الغير، أما وقد تقاعس عن القيام بذلك، فإنه يكون قد أسهم بتصرفه في وقوع الضرر بما لا يقوم معه الحق في اقتضاء التعويض” – وهي أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وتكفي لحمل قضائه في هذا الصدد، وثم فإن النعي بما سلف ذكره من أوجه – وهو يدور حول سلامة هذا الاستخلاص – لا يعدو أن يكون مجادلة فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في هذا الخصوص تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن على……. أقام الدعوى 2650/ 2001 مدني كلي على ورثة المرحوم/ دعيج……. وورثة ابنه فيصل وكل من يعقوب…..، وإدارة التسجيل العقاري، وبلدية الكويت بطلب الحكم بإلزام الورثة المذكورين بأن يدفعوا إليه مبلغ 825321 دينارًا. وقال شرحًا لدعواه إن يعقوب……. بصفته وكيلاً عن المرحوم/ دعيج……… باعه قطعة الأرض المبينة في الصحيفة بعقد مؤرخ 14/ 8/ 1978 مقابل مبلغ 220000 دينار تم سداده عند التعاقد، وإذ ماطل المورث وورثته من بعده في اتخاذ إجراءات التسجيل فقد استصدر ضد الأخيرين والوكيل المذكور حكمًا نهائيًا في الدعوى 2650/ 2001 مدني كلي بصحة ونفاذ ذلك العقد، بيد أن إدارة التسجيل العقاري امتنعت عن تسجيل الحكم لما تبين من أن قطعة الأرض المبيعة خرجت من ملك المورث في تاريخ سابق على عقد البيع الصادر له، ومن ثم فقد أقام الدعوى بطلب الحكم على ورثة البائع له – فيما آل إليهم من تركة مورثهم – برد ما دفعه من ثمن، وتعويضه عما فاته من كسب بسبب ارتفاع قيمة الأرض حيث قدر ثمنها في 14/ 5/ 1994 بالمبلغ المطالب به.

حكمت المحكمة بإلزام ورثة البائع برد ثمن البيع المقدر بمبلغ220 ألف دينار إلى المشتري ورفضت طلب التعويض. استأنف على……. الحكم بالاستئناف رقم 229/ 2003 مدني واستأنفه الورثة بالاستئناف رقم 272/ 2003 مدني.

وبتاريخ 31/ 5/ 2004 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن على….. في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعنين رقمي 517، 551 لسنة 2004 مدني، وطعن فيه الورثة بالطعون أرقام 547، 553، 575/ 2004 مدني. أودعت بلدية الكويت مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعون الخمسة بالنسبة لها، وأودع على…… مذكرة في الطعن رقم 575/ 2004 مدني دفع فيها بسقوط الحق في هذا الطعن للتقرير به بعد الميعاد، وأودع الورثة مذكرة طلبوا فيها رفض هذا الدفع على سند من أن الموضوع غير قابل للتجزئة وأن طعنهم طعن انضمامي.

وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعون بالنسبة لبلدية الكويت، وبسقوط الحق في الطعن رقم 575/ 2004 مدني، وبعدم قبول الطعون بالنسبة للمطعون ضدها (……) لصدور حكم بإشهار إفلاسها، وفي الموضوع أبدت النيابة الرأي برفض الطعون الأربعة الأخرى. وإذ عرضت الطعون الخمسة على هذه المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظرها، وفيها ضمت المحكمة الطعون الأربعة الأخيرة إلى الطعن الأول، وصمم الحاضران عن الطاعن في الطعنين رقمي 517، 551/ 2004 مدني على طلباته، ودفعا بعدم قبول الطعن رقم 575/ 2004 شكلاً، وطلبا رفض الطعنين 547، 553/ 2004، وصمم الحاضرون عن الطاعنين في هذه الطعون الأخيرة على طلباتهم، وطلبوا رفض الطعنين 517، 551/ 2004، والتزمت النيابة رأيها.

وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الطعون الخمسة بالنسبة لبلدية الكويت فإنه سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفًا في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره، وأن يكون قد نازع خصمه في طلباته. ولما كان الثابت في الأوراق أن الطاعنين لم يطلبوا الحكم على البلدية بشيء ولم تنازعهم هي في طلباتهم، ومن ثم فإن اختصامها فيما سلف ذكره من طعون يكون غير مقبول.

وحيث إنه عن الدفع بسقوط الحق في الطعن رقم 575/ 2004 مدني للتقرير به بعد الميعاد، فإنه في غير محله، ذلك أن النص في المادة 134 من قانون المرافعات على أن (لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه.

على أنه إذا كان الحكم صادرًا في موضوع غير قابل للتجزئة – أو في التزام بالتضامن، أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين – جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضمًا إليه في طلباته، فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن) – مؤداه أن المشرع ابتغى توحيد القضاء في الخصومة الواحدة استقرارًا للحقوق ودرءًا لتعارض الأحكام في الحالات التي لا يحتمل الفصل فيها إلا حلاً واحدًا بالنسبة للمحكوم عليهم جميعًا، وأنه حدد إحدى وسيلتين لقبول الطعن المرفوع بعد الميعاد أو بعد قبول مانع من الطعن،

أولهما: أن يرفع الطاعن طعنه مباشرة أثناء نظر الطعن المرفوع من أحد المحكوم عليهم مثله شريطة ألا تكون له طلبات مغايرة للطلبات الواردة في الطعن المرفوع في الميعاد،

والثانية أن يتدخل أو يُدخل من فوت الميعاد أو قبل الحكم في طعن زميله، وبذلك يستقيم شكل الطعن وتكتمل موجبات قبوله. لما كان ذلك، وكان موضوع النزاع المطروح يدور حول عقد بيع قيل إن مورث الطاعنين هو الذي أبرمه حال كونه غير مالك للمبيع ووجهت الطلبات فيه إلى تركته، فإنه يكون غير قابل للتجزئة. وإذ رأى الطاعنون في الطعن رقم 575/ 2004 مدني – بعد سقوط حقهم في الطعن بالتمييز أن يقيموا هذا الطعن الذي أشاروا إليه في صحيفته إلى أنهم ينضمون به إلى باقي الورثة في الطعن رقم 547/ 2004 مدني المرفوع في الميعاد، ولم يبدوا أية طلبات مغايرة لطلبات الطاعنين في الطعن الأخير، فإن طعنهم يكون مقبولاً، ويكون الدفع بعدم قبوله للتقرير به بعد الميعاد على غير أساس.

وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الطعون 517، 547، 553/ 2004 مدني شكلاً بالنسبة للوارثة (……) لصدور حكم بإشهار إفلاسها وتعيين الهيئة العامة للاستثمار مديرًا للتفليسة فإنه سديد، ذلك أن المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن صدور الحكم بشهر الإفلاس يستتبع قانونًا وبمجرد صدوره غل يد المفلس عن إدارة جميع أمواله سواء كانت متعلقة بتجارته أو غير متعلقة بها، وفقده أهلية التقاضي، ويكون مدير التفليسة هو صاحب الصفة في تمثيله أمام القضاء فيما يرفع منه أو عليه من دعاوى. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أنه قضى بحكم بات بإشهار إفلاس الوارثة المذكورة، فإن اختصامها في الطعون الأربعة سالفة البيان كمطعون ضدها ومشاركتها بعض الورثة في رفع الطعن رقم 575/ 2004 مدني يكون غير مقبول.

وإذ اختصمت الهيئة العامة للاستثمار في الطعون الخمسة بصفتها مديرًا لتفليستها، فإن شكل هذه الطعون – وقد استوفت أوضاعها الشكلية – يكون قد استقام ويتعين القضاء بقبولها شكلاً بالنسبة لباقي الطاعنين والمطعون ضدهم عدا بلدية الكويت و(…..).

أولاً: الطعون أرقام 547، 553، 575/ 2004 مدني:

حيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول في كل من الطعون الثلاثة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ومخالفة الثابت في الأوراق، والفساد في الاستدلال. وفي بيان ذلك يقولون إن المرحوم/ …… باع قطعة الأرض موضوع النزاع لـ…….. بعقد مؤرخ 7/ 1/ 1978 ثم قام هذا الأخير ببيعها إلى المطعون ضده الأول في الطعون الثلاثة – على……. – بعقد مؤرخ 14/ 8/ 1978 وقبض هو ثمنها ومن ثم فإن هذا البيع للأخير لا يكون صادرًا من المورث حتى ولو كان البائع فيه قد أبرمه بصفته وكيلاً عن مورثهم بوكالة تتيح له البيع لنفسه أو لغيره بالثمن الذي يراه مناسبًا لما هو متعارف عليه ويجرى به العمل في إدارة التسجيل العقاري من أن التوكيل الذي يُصرح فيه للوكيل بالبيع لنفسه هو في حقيقته عقد بيع تستره الوكالة تيسيرًا لإجراءات التسجيل. ولا يغير من ذلك صدور حكم نهائي في الدعوى 93/ 1993 تجاري ومدني كلي واستئنافها رقم 301/ 1995 مدني بصحة ونفاذ ذلك العقد لاختلاف الخصوم والسبب والموضوع. وإذ خالف الحكم هذا الثابت في الأوراق فإنه يكون معيبًا بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادة 53 من قانون الإثبات على أن (الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الخصومة، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة. ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم، وتعلق بذات الحق محلاً وسببًا. وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها) – يدل على أن المناط في حجية الأمر المقضي المانعة من إعادة طرح النزاع في مسألة أساسية لا تتغير – أن يكون الخصوم قد تناضلوا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهم بالحكم الأول استقرارًا جامعًا مانعًا من إعادة مناقشتها في الدعوى الثانية ولو بأسانيد قانونية أو أدلة واقعية جديدة، وأن تكون بذاتها هي الأساس فيما يدعيه أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق مترتبة عليها ولو اختلف السبب والموضوع في كل من الدعويين.

لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم الصادر في الدعوى رقم 93/ 1993 تجاري ومدني كلي واستئنافها رقم 301/ 1995 مدني أنها رفعت من المطعون ضده الأول على الطاعنين بوصفهم خلفًا عامًا لمورثهم، و(……) بصفته وكيلاً عن المورث – بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع النزاع، وأن المحكمة، قضت في مسألة أساسية تجادل فيها الطرفان هي أن البيع صدر من المورث وأن ثمن المبيع دفع لحسابه على نحو ما جاء بالعقد، فإن الفصل في تلك المسألة الأساسية بين الخصوم أنفسهم يكون مانعًا لهم من إعادة مناقشتها في أية دعوى تالية ولو اختلف السبب والموضوع في كل من الدعويين. وإذ ساير الحكم المطعون فيه هذا النظر والتزم في قضائه بقوة الأمر المقضي التي حازها ذلك الحكم السابق، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقًا صحيحًا، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.

وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني من الطعن رقم 547/ 2004 والسببين الثاني والثالث من الطعن رقم 575/ 2004 على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ومخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع. وبيانًا لذلك يقولون إنهم تمسكوا بأن مورثهم كان حسن النية إذ اعتقد أن هناك مساحة باقية من الأرض موضوع الوثيقة التي بيعت منها قطعة الأرض محل النزاع بعد ما أجراه فيها من تصرفات، مما كان يوجب على وكيله التحقق من ذلك وإلا كان في تصرفه مجاوزًا لحدود الوكالة فلا ينفذ هذا التصرف في حق الموكل. وإذ التفت الحكم عن ذلك الدفاع الجوهري وعن طلبهم ندب خبير للاطلاع على كتاب إدارة التوثيق العقاري المؤرخ 8/ 10/ 1977 لمعرفة الأساس الذي اعتمدت عليه الإدارة في القول بأنه لا توجد أية تصرفات سابقة على الأرض المبيعة، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن القضاء بإلزام البائع برد ما اقتضاه من ثمن عند فسخ عقد البيع أو بطلانه لسبب من قبله لا يعتد فيه بحسن أو سوء نيته، وقيام الوكيل ببيع الأرض التي وكل في التصرف فيها لا خروج فيه عن حدود الوكالة. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن قطعة الأرض المبيعة تم التصرف فيها بعقود مسجلة قبل بيعها للمطعون ضده الأول مما تنتفي معه الحاجة إلى الاستعلام عما أجري عليها من تصرفات، فإن دفاع الطاعنين يكون ظاهر الفساد، ولا تثريب على الحكم المطعون فيه إن التفت عنه، ومن ثم فإن النعي بما سلف ذكره من أسباب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعنون الثلاثة.

ثانيًا: الطعنان 517، 551/ 2004 مدني:

حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول من كل من الطعنين وبالوجهين الأول والثاني من السبب الثاني من الطعن الأخير على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ استبعد أحكام القانون المدني من نطاق التطبيق على واقعة النزاع المطروحة، وطبق القواعد الواردة في مجلة الأحكام العدلية والمادة 25 من القانون رقم 6/ 1961 بتنظيم الالتزامات الناشئة عن العمل غير المشروع رغم أن عقد البيع الصادر له في 14/ 8/ 1978 أبرم في ظل سريان أحكام قانون التسجيل العقاري الذي لم يغير من طبيعة عقد البيع، فضلاً عن أنه لم يكتشف أن البيع غير مملوك لمورث الطاعنين إلا في 9/ 3/ 1996 مما كان يوجب إعمال أحكام بيع ملك الغير وأحكام المسئولية التقصيرية المنصوص عليها في القانون المدني،

وبافتراض أن القواعد التي نصت عليها مجلة الأحكام العدلية هي الواجبة التطبيق فإن خلوها من النص على التعويض عن فسخ العقد وعلى أحكام ضمان التعرض أو الاستحقاق لا يحول دون القضاء به أخذًا بما قاله شارح المجلة وذهب إليه نفر من فقهاء الشريعة الإسلامية من جواز تعويض المشتري عما يصيبه من ضرر من جراء الاستحقاق. هذا بالإضافة إلى أن المادة 11 من القانون رقم 6 لسنة 1961 تؤدي بمفهوم المخالفة إلى أنه إذا لم يُثبت الشخص أن الضرر نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه كان ملزمًا بالضمان. وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيبًا بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة الثالثة من القانون المدني الصادر بالمرسوم بالقانون رقم 67/ 1980 المعمول به اعتبارًا من 25/ 2/ 1981 على أن: “1 – يسري القانون الجديد على كل ما يقع من تاريخ العمل به، ما لم ينص على خلافه. 2 – ومع ذلك تبقى آثار التصرفات خاضعة للقانون الذي أبرمت تحت سلطانه ما لم تكن أحكام القانون الجديد متعلقة بالنظام العام فتسري على ما يترتب منها بعد نفاذه” مفاده – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الأصل أن يطبق القانون فور العمل به على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذه سواء في نشأتها أو إنتاجها لآثارها أو في انقضائها، كما يسري بما له من أثر مباشر على الآثار المستقبلة التي تترتب على المراكز القانونية السابقة.

وتستثنى من ذلك آثار التصرفات المبرمة تحت سلطان القانون القديم إذ تبقى خاضعة له ما لم تكن أحكام القانون الجديد متعلقة بالنظام العام. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن عقد البيع موضوع النزاع أبرم في 14/ 8/ 1978 قبل تاريخ العمل بالقانون المدني، فإن آثاره المستقبلة – بما فيها فسخه لعدم ملكية البائع للمبيع وتعذر تنفيذ التزامه بنقل الملكية إلى المشتري – تنحسر عنها أحكام هذا القانون ولو لم يكتشف المشتري استحقاق الغير للمبيع إلا بعد نفاذه، ويكون طلب الطاعن رد ما دفعه من ثمن وتعويضه عما قال إنه أصابه من ضرر من جراء ذلك خاضعًا لسلطان مجلة الأحكام العدلية والقانون رقم 6 لسنة 1961 بتنظيم الالتزامات الناشئة عن العمل غير المشروع باعتبارها القانون واجب التطبيق. ولما كانت المادة 112 من المجلة قد عرفت الفضولي بأنه من يتصرف بحق الغير بدون إذن شرعي كالبائع لملك غيره دون إذنه، وكانت المادة 111 منها تنص على أن البيع الذي يبرمه الفضولي بيع موقوف غير نافذ لتعلق حق الغير به، ولما هو مقرر في الفقه الإسلامي من أن الفضولي ليست له ولاية على محل العقد، فإذا فسخ يرد المشتري المبيع إن كان قد تسلمه، ويرد البائع الثمن دون زيادة إن كان قد قبضه،

باعتبار أن ضمان العقد لا يوجب المثل أو القيمة، بل يوجب رد ما دفع دون نظر للمماثلة بين العوض والمعوض عنه أو قيمة المعوض عنه الحكم بالفسخ، أو الاعتداد بما إذا كان الثمن أكثر أو أقل من قيمة المبيع غاية ما في الأمر أنه إذا استحق المبيع سقط الثمن عن المشتري ووجب على البائع رده. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فلا يعيبه ما ضمنه أسبابه من تقريرات قانونية مغايرة.

وحيث إن النص في الفقرة الأولى من المادة 25 من القانون رقم 6 لسنة 1961 بتنظيم الالتزامات الناشئة عن العمل غير المشروع على أن: (يجوز للمحكمة أن تنقص مقدار التعويض، أو أن لا تحكم بتعويض ما إذا كان المضرور قد اشترك بخطئه في إحداث الضرر أو زاد فيه، أو كان قد سوأ مركز المدين) يدل على أن المشرع رأى أن يتوقف قيام الالتزام بالتعويض الواجب أداؤه – عند ثبوت الخطأ – على مبلغ رجحان نصيب كل من محدث الفعل الضار والمضرور في إحداث الضرر، وأنه ليس بممتنع أن يرجح نصيب المضرور في إحداثه رجحانًا يثير أمر البحث في قيام الالتزام بالتعويض بأسره فيكون للقاضي ألا يحكم بتعويض ما. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص بأسباب سائغة إلى رجحان خطأ الطاعن على خطأ البائع له، فإن النعي بما سلف ذكره من أسباب يكون على غير أساس.

وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثالث والرابع من الطعن رقم 551/ 2004 مدني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ أعرض عن تطبيق أحكام قانون التجارة السابق الصادر بالقانون رقم 2/ 1961 الذي أبرم العقد موضوع النزاع في ظل سريان أحكامه وجره هذا الخطأ إلى رفض طلب الحكم بالتعويض رغم أن المورث بقيامه ببيع الأرض المملوكة له على مرحلتين بقصد الربح يكون قد زاول عملاً تجاريًا الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه فضلاً عما هو ثابت في الأوراق – ولا يمارى فيه الطاعن أن البائع له تصرف في جزء من أرضه بطريق الهبة وفي الجزء الآخر بطريق البيع مما ينتفي معه قصد المضاربة وتحقيق الربح، فإن النعي بهذين السببين يختلط فيه القانون بواقع هو التحقق من توافر ذلك القصد. وإذ لم يسبق للطاعن التمسك به أمام محكمة الموضوع فلا تجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة التمييز، ومن ثم فإن النعي بهذين السببين يكون على غير أساس.

وحيث إن الطاعن ينعى بباقي أوجه النعي على الحكم المطعون فيه القصور، والفساد في الاستدلال، ومخالفة الثابت في الأوراق إذ أقام قضاءه برفض طلب التعويض عما أصابه من ضرر على أنه تقاعس عن مراجعة التصرفات التي تمت بشأن العقار المبيع له ضمانًا لحقوقه قبل البائع، وأن خطأه هذا يَجُبّ خطأ البائع له، رغم أنه قام بما يقوم به الشخص العادي في حماية حقوقه إذ أطلعه وكيل البائع له على كتاب وجهه موكله إلى بلدية الكويت يفيد أنه لا توجد أية تصرفات سابقة على الأرض المبيعة، وباعتبار ما للموكل من اعتبار أدبي ومقام اجتماعي، ويفترض فيه حسن النية، لم يتطرق إليه الشك فيما قال سيما وأن الأرض كانت مكشوفة غير مسورة، ولولا ما ارتكبه الموكل من غش لما أقدم هو على شرائها، ومن ثم فإن استخلاص الحكم الخطأ في جانيه يكون غير سائغ الأمر الذي يستوجب تمييزه فيما قضى به من رفض طلب التعويض على سند من المادة 25/ 1 من القانون رقم 6/ 1961.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن اشتراك المضرور بخطئه في إحداث الضرر أو نفيه من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الطاعن أسهم بخطئه في إحداث الضرر المدعى به بناء على ما أورده في أسبابه من أنه “حينما تعاقد على شراء عقار التداعي كان يتعين عليه أن يبادر إلى معاينة ذلك العقار ليعلم الحال التي هو عليها، ويراجع التصرفات التي تمت بشأنه لبيان ما إذا كان مملوكًا للبائع وقت البيع من عدمه، وما إذا كانت ثمة تصرفات أجريت عليه وهذا هو القدر المتيقن الذي يتعين عليه أن يقوم به ضمانًا لحقوقه تجاه الطرف المتعاقد معه وكذلك تجاه الغير، أما وقد تقاعس عن القيام بذلك، فإنه يكون قد أسهم بتصرفه في وقوع الضرر بما لا يقوم معه الحق في اقتضاء التعويض” – وهي أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وتكفي لحمل قضائه في هذا الصدد، وثم فإن النعي بما سلف ذكره من أوجه – وهو يدور حول سلامة هذا الاستخلاص – لا يعدو أن يكون مجادلة فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في هذا الخصوص تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز، ومن ثم يكون غير مقبول.

ولما تقدم يتعين رفض الطعنين.
[(1)] قبل إلغائه بالمادة الثانية من مواد إصدار القانون المدني.