حكم تمييز ( تقدير اجر ممثلة )

محكمة التمييز
الدائرة المدنية
جلسة 24/ 10/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ فهمي الخياط – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم بركات، وعزت عمران، ومحمد وليد الجارحي، ومحمود محمد محيي الدين.

(46)
الطعن رقم 33/ 2004 مدني
1 – أعمال فنية – عمل – مهن حرة – اختصاص (اختصاص الدائرة العمالية بالمحكمة الكلية).
– أصحاب المهن الحرة ومن بينهم الممثلين والفنانين – عدم تبعيتهم لمن يتعاقدون معهم بشأن عملهم – شرط ذلك – ألا يكونوا قد ارتضوا سلطة الرقابة والإشراف على أعمالهم فتتحقق تبعيتهم ولو في صورتها التنظيمية أو الإدارية.
– ثبوت عدم خضوع الفنان لحق التوجيه والرقابة لمن تعاقد معه على العمل – أثره – انتفاء عنصر التبعية – مؤداه – عدم اختصاص الدائرة العمالية بالفصل في النزاع حول الأجر.

2 – إثبات (بوجه عام) و(إجراءاته) – محكمة الموضوع (سلطتها في مسائل الإثبات وإجراءاته).
– تحصيل فهم الواقع وتقدير الأدلة والأخذ بتقرير الخبير – من سلطة محكمة الموضوع – عدم التزامها من بعد بإجابة طلب إعادة المأمورية إلى الخبير – شرط ذلك.

1 – الأصل هو أن أصحاب المهن الحرة ومن بينهم الممثلين والفنانين بوجه عام يتمتعون بسلطان كامل في ممارسة عملهم دون تبعية لغيرهم وهو ما ينتفي معه وجودهم في مركز التبعية لمن يتعاقدون معهم بشأنه، ما لم يقم في الأوراق دليل على أنهم ارتضوا أن يكون لهؤلاء الأخيرين عليهم سلطة الرقابة والإشراف على أعمالهم فتحقق بذلك تبعيتهم لهم ولو في صورتها التنظيمية أو الإدارية. لما كان ذلك، وكانت الأوراق قد خلت من دليل على أن الطاعنة كان لها حق توجيه المطعون ضدها في أدائها لدورها في المسلسل الذي تطالب بأجرها عنه أو الإشراف على أدائها الفني وعلى طريقة قيامها بهذا الدور، فإن عنصر التبعية يكون منتفياً ولا تكون العلاقة بينهما علاقة عمل تختص الدائرة العمالية بالفصل فيها.

2 – من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه والأخذ بتقرير الخبير المندوب في الدعوى طالما أقامت قضاءها على أسباب لها أصل ثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، وهي غير ملزمة بإجابة طلب إعادة المأمورية إلى الخبير متى وجدت في الأوراق ما يكفي لتكوين عقيدتها، لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بحساب أجر المطعون ضدها على أنه أربعمائة دينار عن الحلقة الواحدة على اطمئنان المحكمة لتقرير الخبير المندوب في الدعوى من أن هذا الأجر يعادل أجر أمثالها وأنها تقاضت مبلغ 2591 ديناراً من الطاعنة عن تمثيل أربع وعشرين حلقة أي بما يزيد على مائة دينار عن الحلقة الواحدة فإن النعي بهذا السبب ينحل إلى جدل موضوعي تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز ومن ثم يكون غير مقبول.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع المرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدها، أقامت الدعوى 1062/ 2001 مدني كلي بطلب الحكم بندب خبير لبيان مستحقاتها لدى الطاعنة والمترتبة على قيامها ببطولة وتصوير 24 حلقة من مسلسل(…………) وتصفية الحساب بينهما في ضوء عقود المثل توطئه لإلزامها بما يسفر عنه تقرير الخبير، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن أودع تقريره حكمت بإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضدها مبلغ 7008.750 ديناراً، استأنفت الطاعنة الحكم بالاستئناف رقم 711/ 2003 مدني، وبتاريخ 17/ 12/ 2003 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها صممت الطاعنة على طلباتها وطلبت المطعون ضدها رفض الطعن والتزمت النيابة رأيها.

وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول أن الحكم رفض الدفع المبدي منها بعدم اختصاص المحكمة بنظر النزاع وانعقاد الاختصاص للدائرة العمالية على سند من انتفاء علاقة العمل في حين أن عمل المطعون ضدها يخضع لرقابة صاحب العمل وهو مخرج المسلسل ومنتجه اللذين لهما حق الإشراف والتوجيه على الممثلين فيه بما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الأصل هو أن أصحاب المهن الحرة ومن بينهم الممثلين والفنانين بوجه عام يتمتعون بسلطان كامل في ممارسة عملهم دون تبعية لغيرهم وهو ما ينتفي معه وجودهم في مركز التبعية لمن يتعاقدون معهم بشأنه، ما لم يقم في الأوراق دليل على أنهم ارتضوا أن يكون لهؤلاء الأخيرين عليهم سلطة الرقابة والإشراف على أعمالهم فتتحقق بذلك تبعيتهم لهم ولو في صورتها التنظيمية أو الإدارية. لما كان ذلك، وكانت الأوراق قد خلت من دليل على أن الطاعنة كان لها حق توجيه المطعون ضدها في أدائها لدورها في المسلسل الذي تطالب بأجرها عنه أو الإشراف على أدائها الفني وعلى طريقة قيامها بهذا الدور، فإن عنصر التبعية يكون منتفياً ولا تكون العلاقة بينهما علاقة عمل تختص الدائرة العمالية بالفصل فيها وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.

وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع إذ أتخذ من تقرير الخبير المنتدب عماداً لقضائه في احتساب أجر المطعون ضدها رغم مغالاته في ذلك وإطراح ما قدمته من مستندات والتفتت المحكمة عن طلبها إعادة المأمورية إلى الخبير لبحث اعتراضاتها بما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه والأخذ بتقرير الخبير المندوب في الدعوى طالما أقامت قضاءها على أسباب لها أصل ثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، وهي غير ملزمة بإجابة طلب إعادة المأمورية إلى الخبير متى وجدت في الأوراق ما يكفي لتكوين عقيدتها، لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بحساب أجر المطعون ضدها على أنه أربعمائة دينار عن الحلقة الواحدة على اطمئنان المحكمة لتقرير الخبير المندوب في الدعوى من أن هذا الأجر يعادل أجر أمثالها وأنها تقاضت مبلغ 2591 ديناراً من الطاعنة عن تمثيل أربع وعشرين حلقة أي بما يزيد على مائة دينار عن الحلقة الواحدة فإن النعي بهذا السبب ينحل إلى جدل موضوعي تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز ومن ثم يكون غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.