حكم تمييز تجارى

حكم رقم 47/93
صادر بتاريخ 28/11/1993م.
(الدائرة التجارية)
هيئة المحكمة: برئاسة السيد المستشار محمد يوسف الرفاعي رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين د. سعيد عبد الماجد ومحمد طموم وطلعت أمين صادق وأحمد أبو الحجاج.
المكتب الفني
المصدر: مجلة القضاء والقانون
السنة: الحادية والعشرون
العدد: 2
اصدار: 3/1998
القاعدة: 41
الصفحة: 168
1. إجراءات التقاضي – محاماة/تقدير أتعاب المحاماة – نظام عام – حكم – تمييز/حالات الطعن *تقدير أتعاب المحاماة في حالة عدم وجود إتفاق مكتوب يكون بإستصدار أمر تقدير من المحكمة التي نظرت القضية وهي من إجراءات التقاضي المتعلقة بالنظام العام. سلوك طريق الدعوى العادية. أثره. عدم قبول الدعوى. إلتزام الحكم هذا النظر. لا يعيبه بمخالفة القانون.
2. تمييز/سبب جديد يخالطه واقع *الدفاع الذي يقوم على واقع لم يسبق التمسك به امام محكمة الموضوع. لا يجوز التحدي به لاول مرة امام محكمة التمييز. مثال.
3. – إثبات/إقرار قضائي *الإقرار القضائي. ماهيته: حجة قاطعة على المقر. أثره: التزام القاضي به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث أن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق تتحصل في أن الطاعن اقام الدعوى رقم 132/91 تجاري كلي على المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها بطلب الحكم أولا: بالزامها أن تؤدي اليه مبلغ 53000 دينار مقابل اتعابه عن الفترة 14/8/1982 حتى 19/9/1987 والمتفق عليها بالعقود المؤرخ 14/8/1982 ثانيا: بتقدير اتعابه عن مباشرة الدعوى المحكوم فيها استئنافيا برقم 1433/81 تجاري والزامها بما عسى أن تقضي به المحكمة من أتعاب وقال بيانا لدعواه أنه من المشتغلين بالمحاماة وابرم مع المطعون ضدها بصفتها رئيسة مجلس ادارة شركة الفهد للتجارة والمقاولات العقد المؤرخ 14/8/1982 وبموجبه تولى مهمة الدفاع ومباشرة الدعاوى التي ترفع من الشركة أو عليها وابداء المشورة القانونية مقابل الاتعاب المتفق عليها بالعقد، واذ تجدد هذا العقد وباشر كافة الاعمال المسندة اليه حتى 19/9/1987 وأصبح مستحقا له قبل المطعون ضدها بصفتها مبلغ 53000 دينار كما أنه اقام للمطعون ضدها بصفتها الشخصية وخارج نطاق العقد الدعوى رقم 3513/81 مدني كلي حكومة وقضى فيها لصالحها في الاستئناف رقم 1433/81 تجاري وتم تنفيذ الحكم وامتنعت عن الوفاء له بما يستحقه من أتعاب فقد أقام الدعوى بالطلبات آنفة البيان وبتاريخ 10/11/1992 قضت محكمة أول درجة أولا: بالزام المطعون ضدها بصفتها ان تؤدي للطاعن مبلغ 3685 دينار باقي اتعابه عن الفترة من 14/8/1982 حتى 19/9/1987 والمتفق عليها بالعقد. ثانيا بعد قبول طلب الطاعن بتقدير اتعابه عن مباشرة الدعوى المحكوم فيها استئنافيا برقم 1433/81 تجاري. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 540/92 تجاري كما استأنفته المطعون ضدها بالاستئناف رقم 557/92 تجاري وبتاريخ 15/2/1993 حكمت المحكمة في الاستئناف الاول برفضه وفي الاستئناف الثاني بتعديل الحكم المستأنف الى الزام المطعون ضدها بصفتها ان تؤدي للطاعن مبلغ 22350 دينار وتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز وبالجلسة المحددة صمم على طلب تمييز الحكم بينما طلبت المطعون ضدها رفض الطعن والتزمت النيابة العامة الرأي الذي أبدته في مذكرتها بتمييز الحكم تمييزا جزئيا.

وحيث أن الطعن اقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أن طلب تقدير اتعابه عن مباشرة الدعوى المقضي فيها – استئنافيا لصالح المطعون ضدها بصفتها الشخصية انما يرتبط ارتباطا وثيقا بالمطالبة باتعابه عن العقد المؤرخ 14/8/1982 كما أن ما قررته المادة 33 من قانون المحاماة من استصدار امر تقدير اتعاب المحامي من المحكمة التي نظرت القضية عند عدم وجود اتفاق مكتوب ليس الا تيسيرا للمحامي لتقدير اتعابه ولا يسلبه حقه الاصيل في رفع دعوى للمطالبة بها، هذا الى أن مناط اللجوء الى الطريق الذي رسمته المادة المشار اليها ان يكون هناك ارتباطا زمنيا بين طلب التقدير والدعوى المطلوب تقدير الاتعاب عن مباشرتها وهو غير متوافر لان طلب التقدير قدم عام 1991 بينما صدر الحكم في الدعوى عام 1981 بما يستحيل معه وجود الهيئة التي نظرت الدعوى وفصلت فيها واذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول هذا الطلب استنادا الى المادة 33 سالفة الذكر فأنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب تمييزه.

وحيث أن هذا النعي غير سديد ذلك أن المادة 33 من القانون رقم 42/64 في أشأن تنظيم مهنة المحاماة أمام المحاكم رسمت طريقا معينا – غير طريق الدعوى – لتقدير اتعاب المحاماة في حالة عدم وجود اتفاق مكتوب على الاتعاب بين الطرفين وذلك باستصدار أمر تقرير بها من المحكمة التي نظرت القضية بما يناسب الجهد الذي بذله المحامي والنفع الذي عاد على الموكل كما بينت كيفية التظلم في هذا الأمر وجعلت الحكم الذي يصدر نهائيا غير قابل للطعن وهي من اجراءات التقاضي المتعلقة بالنظام العام ولا يجوز مخالفتها واذ كان الطاعن لم يسلك هذا الطريق في اقتضاء اتعابه على الرغم من عدم وجود اتفاق مكتوب بينه وبين المطعون ضدها بصفتها الشخصية وكان الحكم المطعون فيه قد قضي على هذا الاساس بعدم قبول دعواه بهذا الطلب فأنه يكون قد وافق صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.

وحيث ان الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالاوراق وفي بيان ذلك يقول أن الحكم احتسب المبالغ المستحقة له على أساس أن العقد ابرم بينه والمطعون ضدها بتاريخ 14/8/1983 في حين أن الثابت بهذا العقد انه ابرام بتاريخ 14/8/1982 وليس 14/8/1983 وهو ما لم تححده المطعون ضدها، يؤيد ذلك أن الايصال الذي قدمته والمتضن سدادها لمبلغ 10000 دينار دفعه من مقدم الاتعاب جاء مؤرخا 6/3/1983 أي قبل انعقاد العقد بخمسة أشهر كاملة وهو ما لا يتصور الا ان يكون العقد مؤرخا 14/8/1982 كما ان الثابت بايصال سداد المطعون ضدها للدفعة الثانية من الاتعاب وقدرها 7500 دينار أن سدادها تم بتاريخ 11/10/1983 بما مفاده ان المبلغين سالفي الذكر قد سددا منها عن فترة مضت قوامها عام هذا الى أنه ارسل اليها كتابا مؤرخا 23/7/1984 ضمنة احقيته لمبلغ 5000 دينار عن اتعاب العقد لسنة 82/83 وقد أستلمته المطعون ضدها في ذات التاريخ دون اعتراض.

وحيث ان النعي غير صحيح ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد خلص الى أن العقد المبرم بين الطاعن والمطعون ضدها قد تحرر بتاريخ 14/8/1983 وذلك على سند مما تضمنه البند الثالث منه من أن مدة العقد سنة واحدة تبدأ من 14/8/1983 وتنتهي في 13/8/1984 قابلة للتجديد لمدة أخرى وكان ما انتهى اليه الحكم له أصله الثابت بالاوراق ولا خروج فيه على نصوص العقد وكان غير صحيح ما ذهب اليه الطاعن من أن المطعون ضدها لم تجحد أن العقد قد أبرم بتاريخ 14/8/1982 اذ الثابت بصحيفة الاستئناف المرفوع منها انها تضمنت الاشارة الى ما يفيد انعقاد العقد بتاريخ 14/8/1983 وكان ما أثاره الطاعن من ان المطعون ضدها قد تسلمت منه ودون اعتراض منها كتابا مؤرخا 23/7/1984 ضمنه احقيته لمبلغ 5000 دينار عن اتعاب العقد لسنة 82/83 هو دفاع جديد يقوم على واقع لم يسبق التمسك به امام محكمة الموضوع فلا تجوز اثارته لاول مرة امام محكمة التمييز ومن ثم فان النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.

وحيث أن الطاعن ينعي بالسبب الاول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول أن الثابت بالمذكرات المقدمة من المطعون ضدها وبصحيفة الاستئناف المرفوع منها اقرارها بان مجموع ما سددته خلال فترة سريان العقد المبرم بينهما يبلغ 30650 دينارا ومقتضي هذا الاقرار انه كان يتعين على المحكمة الالتزام بحجيته عند حساب ما يستحقه من اتعاب واذ انتهى الحكم المطعون فيه الى استنزال مبلغ 7500 دينار من مستحقاته بقوله ان العقد تضمن النص على أنه تسلمها من المطعون ضدها مهدرا بذلك الاقرار الصادر منها فأنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب تمييزه.

وحيث أن النعي في محله ذلك أنه لما كان الاقرار القضائي طبقا لنص المادتين 57.55/1 من قانون المرافعات حجه قاطعة على صاحبه يجب على القاضي الاخذ به وعدم اجراء أي بحث في موضوعه بعد حصوله وكان الثابت بمذكرة المطعون ضدها المقدمة امام محكمة الدرجة الاولى اقرارها بان جملة ما تسلمه الطاعن من اتعاب عن العقد المبرم بينهما يبلغ 30650 دينار، وكانت المطعون ضدها – وبعد أن أشارت بصحيفة الاستئناف المرفوع منها الى ما يستحقه الطاعن من اتعاب عن كامل مدة العقد اعتبارا من 14/8/1983 حتى 12/9/1987 قد أقرت بأن ما تسلمه منها يبلغ 30650 دينارا بما مؤداه وجوب التزام المحكمة بهذا الاقرار واعتبار مبلغ السبعة آلاف وخمسمائة دينار المنصوص في العقد ان الطاعن تسلمها تدخل ضمن هذا المبلغ واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر باضافته مبلغ 7500 دينار الى المبلغ المشار اليه بمقولة ان العقد نص على ان الطاعن تسلمه ثم أجرى حساب مستحقاته على هذا الاساس فأنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب تمييزه تمييزا جزئيا في هذا الخصوص.وحيث أنه عن موضوع الاستئناف رقم 577/92 تجاري وفي خصوص ما تم تمييزه من الحكم فأنه يتعين تعديل الحكم المستأنف الى الزام المستأنف بصفتها ان تؤدي للمستأنف عليه مبلغ 29850 دينار وتأييده فيها عدا ذلك مع الزامها بالمصروفات المناسبة عن الدرجتين عملا بنص المواد 199، 120، 147 من قانون المرافعات.