حكم تمييز مدني

محكمة التمييز

حكم رقم 305/2005

صادر بتاريخ 10/4/2006 م.

(الدائرة المدنية الثانية)

هيئة المحكمة: برئاسة السيد المستشار يوسف المطاوعة وكيل المحكمة وعضوية السادة المستشارين لطفي عبدالعزيز، أحمد هاشم، عبدالرحمن فكري، حسني عبداللطيف وحضور الأستاذ طارق عبدالعظيم رئيس النيابة وحضور السيد محمد الحسين أمين سر ال رهن العقار.

المكتب الفني

المصدر:

السنة:

العدد:

اصدار:

القاعدة:

الصفحة:

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنة والمطعون ضدها الثاني والثالث الدعوى رقم 164 لسنة 2004 مدني كلي بطلب الحكم بعدم نفاذ عقد البيع الصادر من المطعون ضده الثاني إلى الطاعنة وبطلانه وعدم الاعتداد بالتوكيل الصادر منه إلى الأخيرة بصفته وكيلا عن المطعون ضده الأول وقال شرحاً لدعواه إنه يمتلك عقار التداعي بموجب عقد إثبات تملك رقم 14396 مؤرخ 19/10/1997 وأودع تلك الوثيقة ببنك برقان ضماناً لقرض وبموجب عقد مؤرخ 21/12/2003 اتفق مع المطعون ضده الثاني على أن يقوم الأخير بسداد دين بنك برقان ويقرضه مبلغ آخر ليكون جملة المبلغ المقترض منه 95000 دينار يقوم بسدادها في مدة أقصاها ثلاث سنوات كما أنه أصدر وكالة خاصة غير قابلة للعزل للمطعون ضده الثاني تعطيه الحق في بيع المنزل محل التداعي لنفسه أو للغير عند انتهاء مدة الثلاث سنوات في حالة عدم قيامه بسداد القرض له إلا أن المطعون ضده الثاني قام ببيع العقار للطاعنة قبل انتهاء المهلة المحددة وأصدر لها توكيلا يخول لها بيعه لنفسها أو للغير ومن ثم فقد أقام الدعوى بطلباته السالفة، كما أقامت الطاعنة دعوى فرعية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 31/12/2003 الصادر لها من المطعون ضده الثاني بصفته وكيلا عن المطعون ضده الأول، حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية برفضها وأجابت الطاعنة إلى طلباتها في الدعوى الفرعية.

استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 1382 لسنة 2004 مدني وبتاريخ 27/3/2005 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وفي الدعوى الأصلية ببطلان عقد البيع المؤرخ 31/12/2003 الصادر من المطعون ضده الثاني إلى الطاعنة وبعدم نفاذه وبعدم الاعتداد بالتوكيل رقم 145 جلد هـ ومحو كافة الآثار المترتبة عليه وفي الدعوى الفرعية برفضها. طعنت الطاعنة في الحكم بطريق التمييز وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب تنعي الطاعنة بالأول والثالث والسادس والوجه الأول من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول إن عقد البيع المؤرخ 31/12/2003 المبرم بينها وبين المطعون ضده الثاني بصفته وكيلا عن المطعون ضده الأول قد توافرت له أركان انعقاده وشروط صحته وأنها قامت بالوفاء بالتزامها بسداد الثمن طبقا لهذا العقد وإذ تقاعس المطعون ضده الأول عن تنفيذ التزامه بنقل الملكية لها فيكون من حقها الحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعواها الفرعية بصحة ونفاذ هذا العقد بمقولة أن شرط الرهن الوارد بعقد القرض بين المطعون ضدهما الأول والثاني يعتبر شرطا باطلا يبطل العقد بأكمله في حين أن البطلان يلحق فقد البنود المتعلقة بتعليق الرهن وأحقية الدائن في تملك العقار المرهون وتظل باقي بنود العقد منتجة لآثارها بما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن دعوى صحة ونفاذ عقد البيع هي دعوى موضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد ومداه ونفاذه وهي تستلزم أن يكون من شأن موضوع التعاقد نقل الملكية مما يقتضي أن تفصل المحكمة في أمر صحة البيع وتتحقق من استيفائه للشروط اللازمة لانعقاده وصحته ومن ثم فإن تلك الدعوى تتسع لكل ما يثار فيها من أسباب تتعلق بوجود العقد أو انعدامه وبصحته أو بطلانه ومن منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع، كما أنه من المقرر أن مفاد نص المادة 992 من القانون المدني أن اتفاق الراهن مع الدائن المرتهن على تملك هذا الأخير العقار المرهون بالدين أو بأي ثمن كان أو بيعه بدون مراعاة الإجراءات المقررة في القانون إذا لم يتم الوفاء بالدين عند حلول أجله يقع باطلا سواء أبرم هذا الاتفاق وقت إنشاء هذا الرهن أو بعد الرهن قبل حلول أجل الدين.

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه ببطلان عقد البيع المؤرخ 31/12/2003 المتضمن بيع المطعون ضده الثاني بصفته وكيلا عن المطعون ضده الأول عقار التداعي للطاعنة على ما خلص إليه من أن البين من الاتفاق المؤرخ 21/12/2003 المبرم بين المطعون ضدهما الأول والثاني أنه تضمن أحقية الأخير كدائن مرتهن في التصرف في العقار محل النزاع بالبيع بموجب التوكيل الممنوح له من المطعون ضده الأول عند عدم الوفاء بالدين في الميعاد المتفق عليه وهو ثلاث سنوات من تاريخ الاتفاق بما يكون معه هذا الاتفاق باطلان بطلانا مطلقا لوقوعه بالمخالفة لنص آمر وأضاف الحكم أن عقد البيع المؤرخ 31/12/2003 الصادر من المطعون ضده الثاني للطاعنة قد صدر بموجب التوكيل الممنوح له بناء على هذا الاتفاق الباطل دون مراعاة الإجراءات التي فرضها القانون لبيع العقار المرهون فإن هذا العقد يكون قد وقع هو الآخر باطلا بطلانا مطلقا بما يستتبع بطلان عقد الوكالة الصادر من المطعون ضده الثاني للطاعنة والذي يخولها بيع العقار لنفسها أو للغير ورتب الحكم المطعون فيه على ذلك قضاءه سالف الذكر، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم صحيحاً وله أصله الثابت بالأوراق فإنه يكون قد طبق صحيح القانون ويضحى النعي على غير أساس.

وحيث إن الطاعنة تنعي بالسببين الثاني والرابع والوجه الرابع من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك تقول إن العقد المؤرخ 21/12/2003 المبرم بين المطعون ضدهما الأول والثاني لا تتوافر فيه شروط الرهن الحيازي أو الرسمي ذلك أن عقار التداعي لم يسلم إلى الدائن المرتهن ـ المطعون ضده الثاني ـ كما أن العقد لم يوثق أمام كاتب العدل ولم يتم قيد الرهن بوجه رسمي فضلا عن المطعون ضده الثاني لم يقم بدفع المبلغ المبين بالعقد وإنما الطاعنة هي التي قامت بسداد دين المطعون ضده الأول لدى بنك برقان لتطهير العقار من الرهن ودفعت باقي ثمن العقار للأخير ومن ثم ينتفي وصف الرهن على هذا العقد إلا أن الحكم المطعون فيه اعتبره رغم ذلك عقد رهن حيازي ورتب على ذلك بطلانه وبطلان العقد الصادر لها، فإنه يكون معيبا بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن من المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أن المناط في تكييف العقود وإعطائها الوصف القانوني الصحيح هو القصد المشترك الذي انصرفت إليه نية العاقدين وقت إبرام الاتفاق، ويدخل التعرف على هذا في سلطة محكمة الموضوع التي يكون لها استخلاص نية العاقدين وما انعقد عليه اتفاقهما بشرط أن يكون هذا الاستخلاص سائغا ولا يخالف الثابت بالأوراق وأن تكييفها للعلاقة بين الطرفين وإنزال حكم القانون عليها هي مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة التمييز.

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص من نصوص الاتفاق المؤرخ 21/12/2003 أنه تضمن اتفاق كل من المطعون ضده الثاني والمطعون ضده الأول على أن يرهن الأخير لصالح الأول عقار التداعي مقابل مبلغ 100.000 دينار قيمة الرهن يؤديها الطرف الأول للطرف الثاني وأن مدة الرهن ثلاث سنوات على أن يقوم المطعون ضده الأول بعمل وكالة عقارية غير قابلة للعزل تتيح للمطعون ضده الثاني بيع العقار لنفسه أو للغير عند انتهاء السنوات الثلاث ويلتزم كذلك بسداد مبلغ الرهن للأخير مضافاً إليه 21% من قيمته، وانتهى الحكم إلى أن مؤدى تلك العبارات ومضمونها أن هذا العقد هو عقد رهن حيازي كما دلل الحكم المطعون فيه على صحة ما خلص إليه بقرائن أخرى وهي الإقرار الصادر من المطعون ضده الثاني المرفق صورته بالأوراق والذي يقر فيه بعدم أحقيته في بيع العقار المرهون لنفسه أو للغير إلا بعد انقضاء السنوات الثلاث المنصوص عليها في الاتفاق المؤرخ 21/12/2003 وما ورد في الحكم الصادر في الجنحة رقم 235 لسنة 2004 الصالحية بإدانة المطعون ضده الثاني عن تبديد سند الوكالة العقاري والمسلم إليه بموجب عقد رهن مدته ثلاث سنوات، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه هو استخلاص سائغ يتفق وصحيح القانون وله أصله الثابت بالأوراق فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.

وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجهين الثاني والثالث من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن الإقرار الصادر من المطعون ضده الثاني بعدم أحقيته في بيع العقار المرهون إلا بعد انقضاء الثلاث سنوات الواردة بالاتفاق المؤرخ 21/12/2003 تحوط به الشكوك حول تاريخه ورغم ذلك اعتمد عليه الحكم المطعون فيه في قضائه وأنها تطلب إلزام المطعون ضده الأول بتقديم أصل الإقرار والحكم بإحالته إلى مصلحة الطب الشرعي قسم أبحاث التزييف والتزوير للوصول إلى حقيقة تاريخه وظروف تحريره وإذ عول عليه الحكم المطعون فيه فإنه يكون معيبا بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يقبل أمام محكمة التمييز التمسك لأول مرة بأمور واقعية أو إبداء طلبات لم تكن مطروحة على محكمة الموضوع. لما كان ذلك وكان ما تثيره الطاعنة بوجه النعي بخصوص الإقرار الصادر من المطعون ضده الثاني بعدم أحقيته في بيع العقار المرهون إلا بعد مضي ثلاث سنوات وحقيقة تاريخ صدور هذا الإقرار وهو سبب جديد يقوم على واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة التمييز، ويضحى النعي غير مقبول.

ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه وألزمت الطاعنة المصروفات وعشرين ديناراً مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة الكفالة.