موقف القانون العراقي من حق تأديب الزوج لزوجته

المحامية: منال داود العكيدي
نصت المادة 41/1 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 بقولها “ لاجريمة اذا وقع الفعل استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالا للحق : 1- تأديب الزوج زوجته …في حدود ماهو مقرر شرعا او قانونا او عرفاً ….” .

أي أن افعال الضرب والعنف التي يمارسها الزوج تجاه زوجته واستناداً للمادة المذكورة تعد من قبيل استعمال الحق والذي يعد بدوره سببا من أسباب الإباحة ، والتي بمقتضاها لا يمكن مساءلة الزوج جزائياً ولا مدنيا عما يوقعه من إعتداء على زوجته مادام قد استخدم حقه المنصوص عليه قانونا بموجب المادة السابقة الذكر.

ان نص هذه المادة والتي اشارت الى استخدام العنف بكل انواعه والضرب واشترطت على ان يكون في حدود المقرر عرفا ً وشرعاً وقانوناً ،وهذا يعني انه اذا اطلقنا حدود السماح العرفي ” طبقا للمادة القانونية ” سنجد ان هناك اعرافاً تعد ضرب المرأة بالسياط والخشب والحديد وتقييدها بالحبال فضلاً عن قسوة استخدام اليد والالفاظ البذيئة من ضمن حدود ما يسمى بالتأديب وحقوق الزوج ، ولا اريد ان اذكر الاضطهاد الجسدي والجنسي وغيره، هل ان حدود العرف أنى اختلفت ازمنة المجتمع وتنوعت علاقاته الاجتماعية والاسرية يسبغ عليه القانون ذلك ويعده استعمالاً لحق طبقا للعرف، نعم ان العرف مصدر من مصادر القانون لكن العرف الذي يمنح الاستقرار والمصداقية في رسم حدود مدنية ومادية وطريقة تعامل اما ان يستقر العرف على ان تكون للزوج سطوته وتبيح ضربه للزوجه وجرحه لمشاعرها الانسانية فذلك غير منطقي وغير مقبول ولا يعد مصدرا ً من مصادر القانون، إن ما اشارت اليه المادة اعلاه إنما هو مسايره لمنظومة الفهم الذكوري وتكريس للفهم القبلي والعشائري الذي ينظر الى المرأة نظرة دونية …

كما ان مفردة (التأديب) بحد ذاتها قاسية جداً على كيان انساني يرتبط مع الآخر بعقد مقدس اعترف الآخر به على انه شريك في حياة مشتركة وهو اهلاً ليكون وعاء لامتداده البشري فهي تحمل في طياتها منطق الرؤية العشائرية والقبلية المتخلفة ونظرة الدين الراكد في حدود نصوصه التي يقلبها من دون ان ينظر الى رحاب افق النص الديني، ثم ان القانون ومن باب التأكيد لفكرته عد المرأة قاصراً شأنها في ذلك شأن الاطفال القصر والتلاميذ الذين يتلقون التربية في مقتبل حياتهم ومع ذلك فان الاخيرة فطنت وعدت الضرب والتعنيف التربوي غير جائز ويعرض مرتكبه الى العقوبة الادارية…

ان نص هذه المادة وفي فقرتها (1)هو مخالفة واضحة لنص الدستور الدائم في المادة (14) فما هي افضلية الرجل وهي تنص على ان لاتمييز بين العراقيين بسبب الدين او الطائفة او الجنس، فحين يقول الدستور بان لا تمييز بسبب الجنس فانه يعطي المساواة بين الرجل والمراة كأفراد متساوين يكونون نسيج المجتمع .

والعراق كبلد يسعى لبناء مجتمع مدني قادر على ايجاد منظومته القانونية التي هي الاساس المهم في رسم حدود الحقوق والواجبات ،فعلى القوانين أن تشكل طابوراً خلف الدستور واي قانون ينحرف عن محتوى وهدف الدستور سيكون مصيره (اللادستورية) أي عدم الالزام والاحترام والخضوع لاحكامه ولم ينس الدستور الاسرة وعدها في المادة (29) أساس المجتمع وعلى الدولة المحافظة على كيانها وقيمها الدينية والاخلاقية والوطنية ولعل الاهم جداً ما تضمنته الفقرة رابعاً التي نصت على (تمنع كل اشكال العنف والتعسف في الاسرة والمدرسة والمجتمع) وهو مخالف ايضا بشكل صريح وواضح الى قانون الاحوال الشخصية وفي المادة (3)التي عدت الزواج عقداً ومن غير المنطقي ان تكون المرأة طبقا للعقد منحت الطرف الآخر حق تأديبها لانها بحاجة احياناً للتاديب.