الملكية الفكرية
منصور الزغيبي 
أقامت مدينة الملك عبدالعزيز المنتدى الثالث للملكية الفكرية 2014بعنوان: «حفظ حقوق الملكية الفكرية وإنفاذها». وجاء ذلك بالتزامن مع اليوم العالمي للملكية الفكرية خلال الأيام الماضية، ومن أبرز محاور المنتدى «براءات الاختراع، التشريعات والممارسات، والعلامات التجارية وحمايتها، وأهمية حقوق المؤلف في الاقتصاد المعرفي، ومكافحة انتهاك حقوق الملكية الفكرية عبر الحدود.

إن الملكية الفكرية (Intellectual Property) تعتبر من أهم المواضيع في الوقت الراهن، وهو حديث الساعة، ومن أوائل دول العالم التي اهتمت بهذا الجانب – خصوصاً من ناحية التشريع وحفظ الحقوق الفكرية وحمايتها – دول أوروبا.

و«الملكية الفكرية» مصطلح قانوني يدل على ما ينتجه العقل البشري من أفكار محددة، تتم ترجمتها إلى أشياء ملموسة. فيدخل في نطاقها الحقوق الناتجة من النشاط الفكري للإنسان في الحقول الفنية والأدبية والعلمية والصناعية والتجارية.*

إن «الحقوق الفكرية» مصطلح واسع جداً، يشمل الاختراعات والابتكارات والعلامات الصناعية والتجارية، ويتضمن كذلك الأعمال الأدبية والفنية.

والملكية الفكرية تعرّف بأنها مجموعة الحقوق التي تحمي الفكر والإبداع الإنساني، وتشمل براءات الاختراع، والعلامات التجارية، والرسوم والنماذج الصناعية، والمؤشرات الجغرافية، وحق المؤلف. يقول صلاح زين الدين: «إن رحم الحقول الفكرية هو عقل الإنسان الذي يقذف بها إلى الوجود بصورة أفكار، فإذا ما تمت رعايتها بصورة معينة، عندئذ تنشئ لصاحبها حقوقاً مهمة جداً في ظل الأنظمة والقوانين الدولية ذات العلاقة».

وأهل الرأي في مسألة تنظيم الحقوق الفكرية وحمايتها قانونياً أكثر من اتجاه: أصحاب الرأي الأول يذهبون إلى ضرورة تنظيمها وحمايتها لما في ذلك من حفظ للحقوق، وتشجيع للاستثمار، وغير ذلك من الإيجابيات التي تنتج من ذلك.

وأصحاب الرأي الثاني يخالفون ذلك بحجة انتشار الاحتكارات وغلاء الأسعار والضرر بالاقتصاد الوطني وغيرها.. ومن يتأمل يجد أن الواقع ينتصر للرأي الأول، بحكم القوة للدول التي تأخذ بالاقتصاد الرأسمالي الحر، بخلاف أصحاب القول الثاني، والذي تنتصر له دول مثل الاتحاد السوفياتي الذي يأخذ بالاقتصاد الاشتراكي المقيد، وبعد انهياره تراجع هذا الرأي كثيراً.

ولا شك في أن مسألة تنظيم الحقوق وحمايتها لها أهمية عالية، بغض النظر عن أي نوع من أنواع الاختلافات، ولذلك من الضروري تشجيع المنافسة المشروعة وحمايتها، ومنع المنافسة غير المشروعة، ومنع سائر ضروب الغش، ومحاربة التقليد والتزوير، وتشجيع الابتكار والإبداع، وغيرها. ومن أهم شروط حماية الحقوق الفكرية ودعم التطور الاقتصادي والثقافي والعلمي، سنّ القوانين التي تنظم ذلك.

في العصر الحديث أصبحت قوة الدولة تحديداً بين الدول في ما تملكه من «الحقوق الفكرية»، وكانت أول ثورة في حياة الإنسان هي الثورة الزراعية، ثم الثورة الصناعية، وحالياً نحن في زمن الثورة التقنية والمعلوماتية.

إذا نظرنا للجهات المختصة في تقييد «الملكية الفكرية»، فإننا نجد أن الجهة المعنية بتسجيل براءات الاختراع هي «مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية»، وذلك بموجب «نظام براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية للدراسات المتكاملة والأصناف النباتية والنماذج الصناعية»، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/27) وتاريخ 29-5-1425هـ.

وأما الجهة المختصة بتسجيل «حق المؤلف» فهي وزارة الثقافة والإعلام بموجب «نظام حماية حقوق المؤلف» الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/41) وتاريخ 2-7-1425هـ. والجهة المختصة بتسجيل «العلامات التجارية» هي وزارة التجارة والصناعة بموجب «نظام العلامات التجارية» الصادر بالرسوم الملكي (م/21) وتاريخ 28-7-1423هــ. وكل جهة معنية لديها لجنة مختصة تنظر القضايا التي فيها تعد على الحقوق، وتدخل تحت نطاق اختصاصها وصلاحيتها بحسب ما نص عليه كل نظام.

وصاحب الحق الفكري له أكثر من حق، فحق معنوي في انتساب الفكرة له، وآخر مادي من خلال استثمار الفكرة في مشروع وحصوله على مردود مادي، والمختصون يذهبون إلى أن الملكية الفكرية تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسة:

أولاً: الحقوق الأدبية والفنية، وهي حقوق المؤلف التي تشمل المصنفات المكتوبة، والمصنفات التي تُلقى شفاهياً مثل المحاضرات.

ثانياً: حقوق الملكية الصناعية، وهي براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية.

ثالثاً: حقوق الملكية التجارية، ومن أبرز الحقوق في هذا النوع العلامات التجارية، والأسماء والعناوين التجارية، والتكييف القانوني للحقوق الفكرية، وفقهاء القانون يقسمون الحقوق المالية إلى قسمين فقط.

الأول: متعلق بالحقوق العينية.

والثاني: حقوق شخصي.

وظهر قسم ثالث الجديد وهو الحقوق المعنوية، ويتضمن الملكية الفكرية، وأبرز من قال بذلك أبو القانون المدني عبدالرزاق السنهوري رحمه الله.

وصفوة القول إن حماية الحقوق الفكرية ودعمها ودعم أصحابها على جميع المستويات ينعكس بشكل إيجابي على البلد في تنميته وواقعه الاقتصادي، وعلى جميع المستويات.

وهناك ظاهرة يجب التصدي لها ومعالجتها وهي «هجرة العقول» من البلدان العربية، وهي أكبر خسارة في حق الوطن العربي بسبب ما تعاني وتجد من الإهمال والإقصاء بل والمحاربة لها، بينما الدول الغربية تقوم بكل ذكاء واحتراف بكسبها، وتقديم الخدمات لها كافة، وأكثر كذلك..

* كاتب سعودي.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت