حكم تمييز قتل عمد مع سبق الاصرار والترصد

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 13/ 1/ 2004
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي – رئيس الجلسة
وعضوية السادة المستشارين / محمود دياب وعاطف عبد السميع ونجاح نصار ومجدي أبو العلا
(7)
(الطعن رقم 26/ 2003 جزائي)
1 – دفاع شرعي – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي) – حكم (تسبيب غير معيب) – تمييز (سبب غير سديد).

– تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها – متعلق بموضوع الدعوى – لمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤيدة للنتيجة التي رتبت عليها.
– حق الدفاع الشرعي – شرع لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء والاستمرار فيه – التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلاً الاعتداء على المدافع أو غيره – لا يسوغ.
– طرح الحكم دفاع الطاعن أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس لما ثبت للمحكمة من أن خطرًا لم يكن يتهدده حتى يباح له أن يرتكب فعلاً يدفعه به إذ لم يكن قد بدر من المجني عليه ما يمكن اعتباره خطرًا حالاً يهدد نفسه – سائغ في نفي حالة الدفاع الشرعي – النعي في هذا الخصوص – غير سديد.
2 – دستور – محكمة دستورية (أثر الحكم بعدم الدستورية) – تهريب جمركي (التهريب الحكمي) – تمييز (التمييز الجزئي للحكم) – محكمة التمييز (سلطتها) – قانون (قانون أصلح) – عقوبة.
– قضاء المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص البند (6) من المادة (17) من المرسوم بقانون 13 لسنة 1980 بشأن الجمارك – أثره: زوال صفة التأثيم عن فعل التهريب الجمركي الوارد بذلك النص ويتحقق به معنى القانون الأصلح للطاعن ويخول لمحكمة التمييز تمييز الحكم جزئيًا وبراءته من تهمة التهريب الجمركي.

1 – من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، لمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب، متى كانت الوقائع مؤيدة للنتيجة التي رتبت عليها. وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه، فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلاً الاعتداء على المدافع أو غيره.

وكان الحكم الابتدائي قد عرض لدفاع الطاعن أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس واطرحه بقوله (….. وكان الثابت من التحقيقات وأوراق الدعوى أن المجني عليه والد المتهم حين صعد إلى مكان الحادث بالطابق العلوي من مسكنه لم تصدر منه أي بادرة اعتداء تجاه المتهم ولم يثبت أنه استخدم قضيب الحديد الذي أمسكه حين صعوده إلى المتهم في الاعتداء عليه بل إن صعوده إلى مكان الحادث كان بقصد إثناء المتهم عن فعلته في غلق الباب الفاصل بين شقة والدته وباقي المسكن إلا أن المتهم كان السالم للشر البادئ بالاعتداء وصوب سلاحه الناري شديد الفتك نحو والده المجني عليه وأطلق عليه ست أعيرة نارية فأراده قتيلاً وحدثت إصاباته التي أودت بحياته وكانت إهانة المجني عليه للمتهم وتوعده إياه ليس من الأفعال التي تستوجب الدفاع أو تمثل خطرًا على النفس وإن مثلت خطرًا فإنه خطر يمكن دفعه بالالتجاء في الوقت المناسب إلى إبلاغ السلطات العامة ومن ثم يضحى مسلك المتهم يتوافر فيه حالة الدفاع الشرعي ويكون دفاعه ظاهر البطلان) وأضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك: (….. إن قالة المتهم بأن والده هدده بالقضيب الحديدي لم يقم عليها دليل في الأوراق إذ شهد المجني عليه الثاني أو والد المتهم قد حضر ومعه القضيب الحديدي، وإذ حاول الدخول من الباب الذي كان يقوم بلحامه عاجله المتهم بالأعيرة النارية بل إن ما يدحض إدعاء المتهم بشأن الدفاع الشرعي أنه بعد أن سقط المجني عليه الأول على الأرض – بما يعني زوال أي خطر يدعيه المتهم – فإنه – المتهم – قد واصل إطلاق الأعيرة النارية على والده المجني عليه المنكفئ على الأرض…..). وكان ما أورده الحكم الابتدائي وما أضافه الحكم المطعون فيه – على نحو ما سلف – من وقائع لا يجادل الطاعن في أن لها أصلها الثابت في الأوراق، من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه من نفي حالة الدفاع الشرعي،

لما ثبت للمحكمة من أن خطرًا لم يكن يتهدد الطاعن حتى يباح له أن يرتكب فعلاً يدفعه به، إذ لم يكن قد بدر من المجني عليه ما يمكن اعتباره خطرًا حالاً يهدد نفس ابنه الطاعن يستوجب الدفاع لدرئه، فإن ما ينعاه هذا الأخير على الحكم يكون غير سديد.
2 – إذ كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن زوال صفة التأثيم عن فعل التهريب الجمركي الحكمي الوارد بنص البند (6) من المادة (17) من المرسوم بالقانون رقم 13 لسنة 1980 بشأن الجمارك [(1)]، بصدور الحكم بعدم دستورية هذا النص، يتحقق به معنى القانون الأصلح بالنسبة للطاعن، بما يخولها أن تميز الحكم المطعون فيه تمييزًا جزئيًا وتصححه بإلغاء ما قضى به عن تهمة التهريب الجمركي المنسوبة إلى الطاعن وببراءته منها.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 17/ 11/ 2001 بدائرة مخفر شرطة الجهراء – محافظة الجهراء:-

أولاً: قتل والده المجني عليه…….. عمدًا مع سبق الإصرار والترصد بأن صمم على قتله إذا ما منعه من عمل باب حديدي فاصل بين سكنه ومسكن والديه بذات العقار وأعد لهذا الغرض سلاحًا ناريًا (مسدس) حشاه بالطلقات وأيقن وجوده على مقربة منه وترقب حضوره إليه حال قيامه بهذا العمل، وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عدة أعيرة نارية من السلاح سالف الذكر قاصدًا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات.

ثانيًا: شرع في قتل المجني عليه / …….. عمدًا مع سبق الإصرار والترصد بأنه حال إطلاقه عدة أعيرة نارية على المجني عليه في التهمة السابقة قاصدًا إزهاق روحه مع سبق الإصرار والترصد لم يحكم التصويب في إحداها فأصاب المجني عليه سالف الذكر بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج على النحو المبين بالأوراق.

ثالثًا: حاز وأحرز سلاحًا ناريًا (مسدس) بغير ترخيص من الجهة المختصة.

رابعًا: حاز وأحرز الذخائر المبينة بالأوراق مما تستخدم في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصًا بحيازته أو إحرازه.

خامسًا: استعمل السلاح الناري والذخيرة سالفي البيان بمنطقة سكنية على النحو المبين بالأوراق.

سادسًا: ارتكب ما يعد تهريبًا جمركيًا بأن حاز السلاح الناري والذخائر سالفي الذكر دون أن يقدم ما يثبت استيرادها بصورة نظامية على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت عقابه بالمواد: (45)، 46/ 1، (149)، (150)، (151) من قانون الجزاء، 1/ 1 – 4، 2/ 1، (13/ 1 – (أ))، 21/ 1 – 4، (22) من المرسوم بقانون 13 لسنة 1991 في شأن الأسلحة والذخائر، 1/ 9، (2)، 17/ 6، (19)، (20) من المرسوم بقانون 13 لسنة 1980 في شأن الجمارك، قرار وزير المالية رقم 3 لسنة 1990 في شأن البيانات والأنظمة الجمركية. حكمت محكمة الجنايات – حضوريًا – بمعاقبة المتهم بالحبس المؤبد مع الشغل والنفاذ عن التهم الأولى والثانية والخامسة المسندة إليه – وذلك بعد أن استبعدت ظرفي سبق الإصرار والترصد في جريمتي القتل العمد والشروع فيه، وبتغريمه ألف دينار عن التهم الثالثة والرابعة والسادسة وإلزامه غرامة جمركية قدرها 29.760 دينار كويتي ومصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين. استأنف المتهم، واستأنفت النيابة العامة، ومحكمة الاستئناف قضت بجلسة 29/ 12/ 2002 بقبول كل من الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فيه هذا القضاء بطريق التمييز.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد والشروع فيه وحيازة وإحراز سلاح ناري وذخائره بغير ترخيص واستعمالهما في منطقة سكنية والتهريب الجمركي، قد شابه الفساد في الاستدلال، ذلك بأن أطرح دفاع الطاعن أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس – إذ توجس خفية من أن يضربه والده – المجني عليه – بقضيب حديد، دفعه عليه – بما لا يسوغ إطراحه، مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، لمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب،

متى كانت الوقائع مؤيدة للنتيجة التي رتبت عليها، وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه، فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلاً الاعتداء على المدافع أو غيره. وكان الحكم الابتدائي قد عرض لدفاع الطاعن أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس وأطرحه بقوله (….. وكان الثابت من التحقيقات وأوراق الدعوى أن المجني عليه والد المتهم حين صعد إلى مكان الحادث بالطابق العلوي من مسكنه لم تصدر منه أي بادرة اعتداء تجاه المتهم ولم يثبت أنه استخدم قضيب الحديد الذي أمسكه حين صعوده إلى المتهم في الاعتداء عليه بل إن صعوده إلى مكان الحادث كان بقصد إثناء المتهم عن فعلته في غلق الباب الفاصل بين شقة والدته وباقي المسكن إلا أن المتهم كان السالم للشر البادئ بالاعتداء وصوب سلاحه الناري شديد الفتك نحو والده المجني عليه وأطلق عليه ست أعيرة نارية فأرداه قتيلاً وحدثت إصاباته التي أودت بحياته وكانت إهانة المجني عليه للمتهم وتوعده إياه ليس من الأفعال التي تستوجب الدفاع أو تمثل خطرًا على النفس وإن مثلت خطرًا فإنه خطر يمكن دفعه بالالتجاء في الوقت المناسب إلى إبلاغ السلطات العامة ومن ثم يضحى مسلك المتهم لا يتوافر فيه حالة الدفاع الشرعي ويكون دفاعه ظاهر البطلان) وأضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك: (….. إن قالة المتهم بأن والده هدده بالقضيب الحديدي لم يقم عليها دليل في الأوراق إذ شهد المجني عليه الثاني أن والد المتهم قد حضر ومعه القضيب الحديدي، وإذ حاول الدخول من الباب الذي كان يقوم بلحامه عاجله المتهم بالأعيرة النارية بل إن ما يدحض إدعاء المتهم بشأن الدفاع الشرعي أنه بعد أن سقط المجني عليه الأول على الأرض – بما يعني زوال أي خطر يدعيه المتهم – فإنه – المتهم – قد واصل إطلاق الأعيرة النارية على والده المجني عليه المنكفئ على الأرض…..). وكان ما أورده الحكم الابتدائي وما أضافه الحكم المطعون فيه – على نحو ما سلف – من وقائع لا يجادل الطاعن في أن لها أصلها الثابت في الأوراق،

من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه من نفي حالة الدفاع الشرعي، لما ثبت للمحكمة من أن خطرًا لم يكن يتهدد الطاعن حتى يباح له أن يرتكب فعلاً يدفعه به، إذ لم يكن قد بدر من المجني عليه ما يمكن اعتباره خطرًا حالاً يهدد نفس ابنه الطاعن يستوجب الدفاع لدرئه، فإن ما ينعاه هذا الأخير على الحكم يكون غير سديد. ولما تقدم، فإن الطعن يكون قائمًا على غير أساس. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن زوال صفة التأثيم عن فعل التهريب الجمركي الحكمي الوارد بنص البند (6) من المادة (17) من المرسوم بالقانون رقم 13 لسنة 1980 بشأن الجمارك، بصدور الحكم بعدم دستورية هذا النص، يتحقق به معنى القانون الأصلح بالنسبة للطاعن، بما يخولها أن تميز الحكم المطعون فيه تمييزًا جزئيًا وتصححه بإلغاء ما قضى به عن تهمة التهريب الجمركي المنسوبة إلى الطاعن وببراءته منها، ورفض الطعن فيما عدا ذلك.