جريمة الإتجار بالبشر في النظام السعودي

لا تعد جريمة الإتجار بالبشر ضمن الجرائم الحديثة التي ظهرت مع تقدم الزمن بل هي قديمة قِدم الإنسان، ولكنها ظهرت بأشكال مختلفة، لاسيما أنها تعد من أخطر الظواهر الجنائية الحالية؛ لأنها تمسّ كرامته وتجعله سلعة كالطعام والأثاث.

وتأتي تلك الجريمة بعد جرائم المواد المخدرة وتجارة الأسلحة دولياً، وهي كذلك من ضمن الجرائم العابرة للحدود الوطنية، وتعتمد على تجارة الفئة الأضعف من النساء والأطفال غير البالغين واستخدامهم في أعمال مهينة مثل الدعارة أو نزع الأعضاء أو الاستعباد وغيرها.

وبالمفهوم القانوني تعني جريمة الإتجار بالبشر (استخدام شخص أو إلحاقه أو نقله أو إيواؤه أو استقباله، لأجل إساءة الاستغلال)، وذلك بحسب الفقرة الأولى من المادة الأولى من نظام مكافحة الإتجار بالأشخاص الصادر برقم (م/40) وتاريخ 21 رجب 1430هـ.

ويحظر القانون السعودي تلك الظاهرة و(بأيّة وسيلة من وسائل الاستغلال، بما في ذلك إكراه الشخص أو تهديده أو الاحتيال عليه أو خداعه أو خطفه، أو استغلال الوظيفة أو النفوذ، أو إساءة استعمال سلطة ما عليه، أو استغلال ضعفه أو إعطاء مبالغ مالية أو مزايا أو تلقيها، لنيل موافقة شخص له سيطرة على آخر، لأجل الاعتداء الجنسي أو العمل أو الخدمة قسراً أو التسول، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد، أو نزع الأعضاء أو إجراء تجارب طبية عليه)، وفقاً للمادة الثانية من النظام.

وقدر قانون مكافحة الإتجار السعودي العقوبة لمن يرتكب جرائم الإتجار بالأشخاص (بالسجن مدة لا تزيد على 15 عاماً، أو بغرامة مالية لا تزيد على مليون ريال، أو بهما معاً)، وفقاً للمادة الثالثة، كما (تشدد العقوبات المنصوص عليها في هذا النظام في الحالات التالية إذا ارتكبت الجريمة جماعة إجرامية منظمة، أو إذا ارتُكبت ضد امرأة أو أحد من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو إذا ارتكبت ضد طفل، حتى ولو لم يكن الجاني عالماً بكون المجني عليه طفلاً، أو إذا استعمل مرتكبها سلاحاً أو هدد باستعماله، أو إذا كان مرتكبها زوجاً للمجني عليه أو أحد أصوله أو فروعه أو وليه، أو كانت له سلطة عليه، أو إذا كان مرتكبها موظفاً من موظفي إنفاذ الأنظمة، أو إذا كان مرتكبها أكثر من شخص، أو إذا كانت الجريمة عبر الحدود الوطنية، أو إذا ترتب عليها إلحاق أذى بليغ بالمجني عليه، أو إصابته بعاهة دائمة)، وفقاً للمادة الرابعة.

عقوبات الإتجار بالبشر وفقًا للنظام السعودي

يحظر قانون المملكة العربية السعودية ظاهرة الإتجار بالبشر أو استغلالهم بأيّة وسيلة من الوسائل مثل الإكراه أو التهديده أو الخطف، أو حتى استغلال النفوذ وإساءة استعمال السلطة، ولذلك قدر قانون مكافحة الإتجار العقوبة لمن يرتكب تلك الجرائم بالسجن نحو 15 عاماً أو بغرامة مالية قدرها مليون ريال تقريبًا أو بهما معاً، ونستكمل الآن باقي العقوبات التي أقرّها النظام على المخالفين.

ووفقاً للمادة الخامسة من النظام فإنه (لا يعتد برضا المجني عليه في أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام)، وأقرت المادة السابعة أنه (كل من علم بارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام، أو علم بالشروع فيها، ولو كان مسؤولاً عن السر المهني، أو حصل على معلومات أو إرشادات تتعلق بها بصفة مباشرة أو غير مباشرة، ولم يبلغ فوراً الجهات المختصة بذلك، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عامين، أو بغرامة لا تزيد على 100 ألف ريال، أو بهما معاً).

بينما أورد النظام في مادته الثانية عشر حكم الإعفاء من العقوبات بقوله (ويُعفى من العقوبات المقررة في هذا النظام من يبلغ الجهات المعنية قبل تنفيذ الجريمة، أما إذا بلغ بعد وقوعها جاز إعفاؤه من العقوبة قبل البدء في التحقيق، وأما إذا حصل البلاغ أثناء التحقيق جاز تخفيف العقوبة)

ورسمت نصوص القانون مسار الإجراءات التي يجب اتباعها خلال مرحلة التحقيق أو المحاكمة في شأنهم، وهي (إعلام المجني عليه بحقوقه النظامية بلغة يفهمها، وإتاحة الفرصة له لبيان وضعه بما يتضمن كونه ضحية اتجار بالأشخاص، وكذلك وضعه النظامي والجسدي والنفسي والاجتماعي، وكذلك عرضه على الطبيب المختص إذا تبين أنه بحاجة إلى رعاية طبية أو نفسية، أو إذا طلب ذلك، وإيداعه أحد مراكز التأهيل الطبية أو النفسية أو الاجتماعية إذا تبين أن حاله الطبية أو النفسية أو العمرية تستدعي ذلك، وإيداعه أحد المراكز المتخصصة إذا كان في حاجة إلى مأوى، وتوفير الحماية الأمنية له إذا استلزم الأمر ذلك، وإذا كان المجني عليه أجنبياً وكانت هناك ضرورة لبقائه في المملكة، أو العمل أثناء السير في إجراءات التحقيق أو المحاكمة، فللادعاء العام أو المحكمة المختصة تقدير ذلك) وفقاً للمادة الخامسة عشر.

وبحسب المادة السادسة عشر من القانون فإنه (تختص هيئة التحقيق والادعاء العام بالتحقيق في الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام، وتختص كذلك بتفتيش أماكن إيواء المجني عليهم في تلك الجرائم، للتأكد من تنفيذ الأحكام القضائية في هذا الشأن).