كيفية حفظ البنك للوديعة

يتشدد القضاء عادة في الالتزام بالحفظ الملقى على عاتق البنك، نظرا لأنه شخص محترف ومتخصص في مهنته، وعليه أن يتخذ جميع الاحتياطات القانونية للحفاظ على حقوق المتعاملين معه،(- وفي هذا السياق جاء في أحد قرارات المجلس الأعلى :” على البنك المودع عنده أن يسهر على حفظ الوديعة بنفس العناية التي يبذلها في المحافظة على أمواله الخاصة”، قرار عدد 769، صادر بغرفتين بتاريخ 23 يونيو 2004 في الملف التجاري عدد 27/98، منشور بمجلة القضاء والقانون، مجلة صادرة عن وزارة العدل، العدد 150، السنة 32، ص 202.) خاصة وأن التزام البنك في هذه الحالة يكون التزاما بنتيجة وليس التزاما بوسيلة.

وعليه فإن مضمون الالتزام بالحفظ يوجب على البنك أن يحافظ على الوديعة النقدية، وعلى جميع الأوراق التجارية التي يودعها العميل من أجل استخلاصها، وإيداع مبلغها بالجانب الدائن من حسابه تحت طائلة مساءلته عن الإخلال بهذا الالتزام( وهنا نسجل ما ذهبت إليه المحكمة التجارية بالدار البيضاء في حكمها الصادر بتاريخ 19 يونيو 2000 والذي جاء فيه:”… وحيث إنه بضياع الوديعة لدى مصالح البنك، تجعل هذا الأخير ملزما برد قيمتها لكونها انصبت على مبلغ مالي مضمن في ورقة تجارية عملا بمقتضيات الفصل 781 وما يليه من ق ل ع”. حكم رقم 2000/4995 في ملف رقم 07/99/9035، منشور بمؤلف عبد العالي العضراوي، مرجع سابق، ص 24)، حيث إن المؤسسة البنكية لا تعتبر وديعا عاديا، بل هي مؤسسة مؤطرة بقوانين تسعى إلى حماية حقوق المودعين. لذلك فإنها تظهر أمام العموم بمظهر الحريص والحافظ الأمين على ودائعهم، وبالتالي يجب مساءلتها بدرجة أكبر من الوديع العادي.

ويرى أحد الباحثين في هذا الإطار أن تشدد القضاء في التعامل مع البنك، يعتبر رحمة به وليس تحاملا عليه، طالما أنه يحافظ على مصداقية العمل البنكي بالنسبة لعموم المودعين الذين ستزداد ثقتهم واطمئنانهم في المؤسسات البنكية.

كما تجدر الإشارة إلى أن الالتزام بالحفظ الملقى على عاتق البنك يصطدم بحق دائني المودع في إيقاع الحجز على مبلغ الوديعة، وبالتالي فإن توصل المؤسسة البنكية بأمر الحجز يفرض عليها منع المودع من إجراء أي تعامل في مبلغ الوديعة قبل رفع الأمر القاضي بالحجز.

إلا أنه يجوز لصاحب الوديعة في حالة عدم ثبوت الدين المؤسس عليه الحجز، أن يلجأ إلى رئيس المحكمة باعتباره قاضيا للأمور المستعجلة من أجل الأمر برفع الحجز. وفي هذه الحالة على الدائن أن يسلك مسطرة الحجز التحفظي، الذي يترتب عليه إلزام المؤسسة البنكية بعد تبليغها الأمر القاضي بالحجز بعدم التخلي عن مبلغ الوديعة النقدية إلا بأمر من القضاء تحت طائلة تحملها مسؤولية ذلك.