توضيح قانوني للرقابة الادارية على الصفقات العمومية في التشريع المغربي

الصفقات العمومية هي نفقة من النفقات العمومية، ولذا فهي تخضع وجوبا لرقابة واسعة بهدف مطابقة الصفقة للأهداف المتوخاة من وراء إبرامها، ومطابقتها للأنظمة والقوانين الجاري بها العمل، فحماية المال العام من النزيف الذي تسببه الصفقات المشبوهة هو أول تدبير يجب اتخاذه إذا أرادت الدولة الوصول إلى تنمية حقيقية ومستدامة[1].

وتعد الرقابة الداخلية الممارسة على الصفقات العمومية من الرقابات المهمة التي تمارسها الإدارة تلقائيا، عبر أجهزة رقابية منبثقة من داخل الإدارة المبرمة للصفقة ( رقابة رئاسية، رقابة سلطة الوصاية…) وتمارس من خلالها امتيازاتها من خلال المراقبة والتوجيه أثناء انجاز الأعمال وتنفيذ الشروط المتفق عليها.

هكذا تتم المراقبة عبر عدة آليات لعل من أهمها الرقابة التقنية بما أنها تشكل المرحلة الأولى للرقابة على الصفقات.

المطلب الأول : الرقابة التقنية على الصفقات العمومية

نظرا للمجهودات الكبيرة التي يتطلبها إبرام الصفقات، ولاسيما ذات الإمكانيات الكبيرة، وتبعا لتعقد إجراءاتها وما تتطلبه من قدرات ومؤهلات وخبرات في الإشراف وتتبع ملفاتها عبر مختلف مراحل إنجازها، وحرصا على حسن الأداء في التنفيذ، واحتراما لوقت تسليم الأشغال و الخدمات والتوريدات موضوع الصفقة، فإن مرسوم رقم 2.12.349 الصادر بتاريخ 20 مارس 2013 بشأن تحديد شروط إبرام الصفقات العمومية، قد نص على مجموعة من الالتزامات التي تقع على عاتق صاحب المشروع. والتي تضمن من خلال تطبيقها حُسن تتبع مراقبة تدبير الصفقات العمومية. ويتعلق الأمر بمجموعة من المقتضيات سنستعرضها كالآتي:

الفرع الأول: نشر البرامج التوقعية

منذ مرسوم 1998 المتعلق بإبرام صفقات الدولة أصبحت الهيئات الإدارية صاحبة المشاريع ملزمة خلال المرحلة الإعدادية للصفقات، بنشر برنامج توقعي يهُم الصفقات المزمع انجازها خلال السنة المالية. حيث يُعد هذا الإجراء بمثابة الإفصاح عن الإستراتيجية التي ستتبعها الإدارة في تأمين المتطلبات الضرورية لإشباع حاجياتها كل سنة مالية.
لكن رغم أهمية الإعلان عن البرامج التوقعية وضرورتها في تكريس الشفافية والمصداقية في تدبير الصفقات العمومية ( البند الأول) لازال هذا المقتضى يعاني من عدة عوائق تحدد من الأهداف المسطرة له (البند الثاني).

البند الأول :أهمية الإعلان عن البرامج التوقعية

أصبحت الإدارات العمومية بعد التعديل الذي شهده نظام الصفقات العمومية لسنة 1998[2]وكرسه مرسوم 5 فبراير2007[3] و حافظ عليه مرسوم 20 مارس 2013[4]. مُلزمة بأن تكون أكثر تنظيما من أجل توقع مجموع الأشغال و التوريدات و الخدمات التي تود القيام بها بصفة مسبقة، وذلك تنفيذا لمقتضيات المادة 14 من مرسوم 20 مارس 2013. والتي تنص أنه ” يتعين على صاحب المشروع في بداية كل سنة مالية وقبل متم الثلاثة أشهر الأولى منها على أبعد تقدير، نشر البرنامج التوقعي للصفقات التي يعتزم إبرامها برسم السنة المالية المعنية، في جريدة ذات توزيع وطني على الأقل، وفي بوابة الصفقات العمومية. ويمكن لصاحب المشروع أيضا القيام بنشر هذا البرنامج بكل وسيلة أخرى للنشر ولاسيما بطريقة إلكترونية…”.

فإقرار قاعدة البرامج التوقعية عند بداية كل سنة ( الثلاث أشهر الأولى على أبعد تقدير)، يعني إلغاء عنصر المفاجئة الذي كان يطبع تدبير الطلبيات العمومية.[5] إذ أنه في السابق لم تكن المقاولات المتنافسة على علم و دِراية بالصفقات المزمع إبرامها من طرف الإدارات العمومية إلا وقت نشر الإعلان المتعلق بكل صفقة على حدة في الجرائد الوطنية، الشيء الذي كان يفاجئها و يفتح المجال لخلق جو من عدم الثقة بين المتنافسين و الإدارة صاحبة المشروع.

كما أن هذا الإجراء من شأنه أن يتيح للمقاولات المتنافسة التعرف بشكل قبلي على نوعية المشاريع المراد إنجازها، و بالتالي ستعمل منذ البداية على الاستعداد الجيد على جميع المستويات للدخول في غمار المنافسة على الطلبيات العمومية ، إضافة إلى لعبه دورا كبيرا في منح المساواة أمام جميع المقاولات عبر تجنب إعلام مقاولات دون أخرى مما قد يخل بمبدأ حرية المنافسة[6].

وعلاوة على ذلك، تساهم قاعدة نشر البرامج التوقعية في الكشف عن نية الإدارة في توخي مبدأ الشفافية في إبرام صفقاتها العمومية. الأمر الذي يقطع الطريق أمام أي محاولة لإبرام صفقات وهمية، خاصة صفقات التوريدات ذات الصبغة الاستهلاكية.[7]

غير أن نشر البرامج التوقعية يفترض من صاحب المشروع التحديد المسبق لأولوياته في الزمان و المكان و ربط تحقيقها على أرض الواقع بوجود المبالغ المالية اللازمة لذلك. عن طريق تحديد الحاجيات بأكبر نوع من الدقة ما يسمح برسم معالم السياسة الشرائية خلال السنة المالية.

ونظرا لأهمية البرامج التوقعية كإجراء يروم دعم شفافية إبرام الصفقات العمومية، وكذا نجاح مسلسل الشراء العمومي، بادرت السلطة التنظيمية منذ إقرار قاعدة نشر البرامج التوقعية لسنة 1998، إلى التنصيص على إطار موحد لنشر المعلومات المتعلقة بالبرامج التوقعية يتخذ شكل جدول يتكون على الخصوص من المعطيات التي تحدد بوضوح طبيعة الصفقات المزمع إبرامها خلال السنة المالية، وذلك على الشكل التالي[8] :

جدع عام: يهم المعلومات الخاصة بالهيئة المعنية بالصفقات : كهوية الآمر بالصرف أو نائبه عند الاقتضاء، عنوانه، ورقم هاتفه…الخ.

رقم الضبط : ويعطي رقم الصفقة المتوقع إبرامها.

نوعية الخدمات المطلوبة : أشغال، توريدات، خدمات.

وصف تقني مقتضب ومكان تنفيذ الصفقة: يتيح للمتعاملين مع الإدارة التعرف على موقع إنجاز المشروع وحجمه. وكذا التعرف على الإمكانات البشرية والتقنية والمالية الواجب تعبئتها من اجل تنفيذ الصفقة.

التاريخ المحتمل لعرض الصفقة( الشهر- السنة) : يمكن من إخبار المتعاملين مع الإدارة من الاستحقاقات المقررة، ويساعدهم على برمجة مشاركتهم في الصفقات العمومية.

والظاهر أن هذا الإطار الذي أقرته السلطة التنظيمية لنشر المعلومات المتعلقة بالطلبيات العمومية تفعيلا لقاعدة الشفافية، يُوحي بأن البرنامج التوقعي ينبغي أن يكون شاملا لقائمة المُشتريات العمومية للإدارة، و أن يُصاغ بشكلٍ دقيق ومفصل بُغية تجنب أي مغالطات أو غموض يمكن أن يفرغ هذا الإجراء من مدلوله الإعلاني و ألإشهاري.[9]
لكن رغم أهمية نشر البرامج التوقعية بالنسبة للإدارة والمتنافسين لازالت هناك مجموعة من المعيقات التي تحول دون الأداء الجيد والمرجو لهذه البرامج.

البند الثاني : حدود و معيقات نشر البرامج التوقعية

إذا كانت المادة 14 من مرسوم 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية تهدف إلى حث الإدارة على تحسين برمجة متطلباتها،[10] وذلك من خلال إعداد برامج توقعية لمختلف مقتنياتها السنوية.لأجل تمكين المقاولة المتنافسة من الاستعداد و التنافس لتلبية تلك المتطلبات في أحسن الظروف، فإن الإجراء لا زال قاصرا على بلوغ تلك الأهداف بسبب مجموعة عوائق هي :

عدم تحديد لغة نشر البرنامج التوقعي،أ وبالتالي فهو لم يَهتم أو أغفل جانب الازدواج اللغوي. فعبارة ” … نشر البرنامج التوقعي… في جريدة ذات توزيع وطني على الأقل…” يحمل على الاعتقاد بأن هذا النشر يتم بأي من اللغتين العربية أو الفرنسية وربما بلغة ثالثة كالاسبانية مادام أنه ليس هناك ما يمنع قانونا من هذا المقتضى الشيء الذي من شأنه أن يحد من عمومية وإشهار البرامج التوقعية.
يلاحظ من صياغة المادة 14 من المرسوم أن نشر البرنامج التوقعي جاء على سبيل الوجوب، في الثلاثة أشهر الأولى من بداية السنة المالية، وبالتالي فأي إعلان لم يأتي داخل المدة المحددة قد يضع تصرفات الإدارة خارج القانون، لخرقها مبدأ جوهريا من مبادئ تدبير الصفقات العمومية وهو مبدأ “الشفافية ” الذي نص عليه في المادة الأولى من المرسوم الجديد للصفقات العمومية.
لكن ما يثير التساؤل – حسب رأينا المتواضع – هو غياب الضمانات المقررة لحماية البرامج التوقعية من عدم الإعلان عنها، إذ يغيب أي جزاء ردعي في حالة خرق من هذا النوع، ونفس الأمر بالنسبة لدفاتر الشروط الإدارية العامة،[11] و التي أغفلت بدورها هذا الجانب، ما سيجعل الإدارة بشكل أوتوماتيكي أمام حرية الاختيار في نشر البرنامج التوقعي أو عدم نشره.

وهذا ما وقع بالفعل في البداية ما استدعى تدخل السلطات الحكومية للتذكير بضرورة التقيد بالأحكام المنظمة لهذا المقتضى[12]. وهو أيضا ما دفع السلطة التنظيمية إلى التنصيص على إدراج البرنامج التوقعي ضمن قائمة الوثائق التي يتم تحديدها بموجب مقرر تنظيمي للوزير المكلف بالمالية بعد استطلاع رأي لجنة الصفقات.[13] وهو الأمر الذي استمر مع مرسوم 20 مارس 2013[14].للتأكيد على إلزامية إعداد ونشر هذه البرامج.
هكذا يتضح أن هذه العناية بالبرامج التوقعية تضل فارغة من أي إلزام في غياب مقتضيات ملزمة وردعية. والتي بتطبيقها ستسمح بالتعرف على معدل تنفيذ الصفقات العمومية من طرف مختلف الإدارات العمومية.عبر مقارنة ما أنجز وما هو مسطر في البرامج التوقعية. وتعزيز الثقة في الإدارة.

الفرع الثاني : طلب إبداء الاهتمام

يُعتبر طلب إبداء الاهتمام آلية جديدة من الآليات التي جاء بها المشرع المغربي تدعيما لمسلسل المنافسة والمساواة بين المتنافسين، يهدف طلب إبداء الاهتمام إلى تمكين صاحب المشروع من تحديد المتنافسين المحتملين، قبل الشروع في الدعوة إلى المنافسة. دون أن يؤدي ذلك بأي شكل من الأشكال إلى حصر لعدد المتنافسين. عند اللجوء إلى مسطرة طلب إبداء الاهتمام من طرف صاحب المشروع ، يكون طلب إبداء الاهتمام موضوع إعلان ينشر في على الأقل في جريدة ذات توزيع وطني على الأقل، وفي بوابة الصفقات العمومية، ويحدد صاحب المشروع مدة هذا الإعلان.

ويمكن أن يتضمن طلب إبداء الاهتمام خصوصا :
– موضوع العمل المراد إنجازه؛
– الوثائق التي يجب الإدلاء بها من طرف المتنافسين؛
– مكان سحب الملفات؛
– مكان استلام الترشيحات؛
– التاريخ الأقصى لاستلام الترشيحات.

الفرع الثالث : الإشراف المنتدب على المشروع

أشارت المادة 161 من مرسوم 20 مارس 2013 إلى إمكانية الإشراف المنتدب على الصفقة كنوع من الرقابة ، حيث يستفاد منها أنه يجوز لصاحب المشروع أن يَعهد بموجب اتفاقية،[15]بتنفيذ كل أو بعضٍ من مهام الإشراف على المشروع باسمه ولحسابه إما إلى إدارة عمومية مؤهلة طبقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل وإما إلى مؤسسة عمومية أو شركة تابعة للدولة أو فرع لشركة عمومية بمقرر لرئيس الحكومة بعد تأشيرة الوزير المكلف بالمالية.

ويجب تبليغ نسخة من قرار التعيين إلى صاحب الصفقة لتسهيل مأموريته، وتدون التزامات الشخص المكلف بتتبع تنفيذ الصفقة في دفتر الشروط الخاصة، التي يجب احتوائها على بيان واضح بالمهام التي يخولها إليه صاحب المشروع[16]، و كذا الإجراءات المؤهل لاتخاذها لتنفيذ مهمته دون المس بالاختصاصات المخولة إلى الآمرين بالصرف و إلى المفوض إليهم والى الآمرين بالصرف المساعدين.[17]

ويُمثل صاحب المشروع إزاء الغير في ممارسة الاختصاصات المسندة إليه وذلك إلى حين معاينة صاحب المشروع انتهاء المهمة المسندة إلى صاحب المشروع المنتدب طبقا للشروط المحددة في الاتفاقية.

الفرع الرابع : تقرير تقديم الصفقة

يهدف هذا التقرير إلى منح نظرة موضوعية ومركزة عن الصفقة من حيث الحاجة اليها، وضرورة المسطرة المنتهجة بشأنها، وكيفية تحديد نائل الصفقة.[18]
ومن أجل ذلك، ألزمت المادة 163 من مرسوم 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية، صاحب المشروع بأن يعد لكل صفقة تقرير تقديم يتضمن بالخصوص ما يلي :

– طبيعة ومدى الحاجات المراد تلبيتها؛
– عرض حول الاقتصاد العام للصفقة وكذا مبلغها التقديري؛
– الأسباب التي أدت إلى اختيار طريقة الإبرام؛
– تبرير اختيار مقاييس انتقاء الترشيحات و تقييم العروض؛
– تبرير اختيار نائل الصفقة.

وإذا تعلق الأمر بالصفقات التفاوضية، يبين تقرير التقديم كذلك قدر الإمكان، تبريرات الأثمان المقترحة بالمقارنة مع الأثمان المتداولة عادة في المهنة.

الفرع الخامس :تقرير انتهاء الصفقة

بخصوص هذا المقتضى فإن المشرع، ألزم أصحاب المشاريع عند انتهاء كل صفقة يفوق مبلغها مليون (1.000.000) درهم مع احتساب الرسوم، بإعداد تقرير حولها و الذي يبين ضمن بيانات أخرى ما يلي :

موضوع الصفقة؛
الأطراف المتعاقدة؛
طبيعة الأعمال المتعاقد بشأنها من الباطن وهوية الأشخاص المتعاقدين من الباطن عند الاقتضاء؛
أجل التنفيذ مع بيان تاريخ المشروع في التنفيذ وتاريخ انتهاء الأعمال وتبرير التجاوزات المحتملة بالنسبة للتاريخ المقرر في الأصل لانتهاء الأعمال؛
مكان أو أماكن الانجاز؛
الحصيلة المادية والمالية التي تبرز التعديلات التي طرأت على مستوى البرنامج الأصلي والتغييرات في حجم وطبيعة الأعمال ، وعند الاقتضاء، مراجعة الأثمان .
ولعل الهدف هذا التقرير من هو زيادة الرقابة والوضوح في إتمام الصفقات، حيث يجعل صاحب المشروع تحت رقابة الوزير المعني أو رئيس مجلس إدارة المؤسسة العمومية المعنية. واللذان يوجه التقرير لأحدهما وذلك حسب السلطة التي يتبع لها صاحب المشروع ومن المزايا التي جاء بها المرسوم الجديد للصفقات العمومية أنه حدد الأجل الأقصى للتسلم النهائي للتقرير في ثلاثة أشهر، ما سيسرع من إعداد هذه التقارير بدل المماطلة التي كانت تطبع هذا المجال، كم سيمنح الوقت الكافي لأصحاب المشاريع لإعداده حيث ستكون المدة كافية.وينشر تقرير في بوابة الصفقات العمومية.

الفرع السادس : المراقبة و التدقيق

أخضع المشرع المغربي الصفقات العمومية وعقودها الملحقة، – بغض النظر عن الرقابات المحدثة بموجب النصوص العامة في مجال الصفقات العمومية- إلى مراقبات وتدقيقات بمبادرة من الوزير المعني. وتتعلق هذا الرقابات على وجه الخصوص بــ:

قانونية مساطر إعداد الصفقة وإبرامها وتنفيذها؛
تقييم حقيقة أو مادية الأشغال المنفذة أو التوريدات المسلمة أو الخدمات المنجزة؛
احترام إجبارية إعداد الوثائق المختلفة المتعلقة بالصفقة والمقررة في هذا المرسوم؛
احترام إجبارية نشر الوثائق المختلفة المتعلقة بالصفقة والمقررة في هذا المرسوم؛
تحقيق الأهداف المتوخاة من العمل؛
تقييم النتائج المحصل عليها بالنظر إلى الوسائل المسخرة؛
شروط استعمال الوسائل المسخرة؛
تقييم ثمن الصفقة بالنظر إلى الأثمان المطبقة و تقييم كلفات الأعمال موضوع هذه الصفقة؛
ملائمة وفائدة المشاريع والأعمال المنجزة في إطار الصفقة.
يجب القيام بالمراقبات والتدقيقات بالنسبة للصفقات التي يتجاوز مبلغها خمسة ملايين (5.000.000) درهم مع احتساب الرسوم و بالنسبة للصفقات التفاوضية التي يتجاوز مبلغها مليون (1.000.000) درهم مع احتساب الرسوم . ويجب أن تكون المراقبات والتدقيقات موضوع تقرير يوجه حسب الحالة إلى الوزير المعني أو مدير المؤسسة العمومية المعنية. وتنبغي الإشارة إلى انه يجب على الوزير المعني أو مدير المؤسسة العمومية المعنية ملخصا لتقارير المراقبة والتدقيق المذكورة في بوابة الصفقات العمومية.

الفرع السابع : واجب التحفظ وكتمان السر المهني

أشارت المادة 166 من مرسوم 20 مارس 2013 بمطلعها إلى أن الأحكام الجاري بها العمل و المتعلقة بكتمان السر المهني تظل قواعد عامة ينبغي تطبيقها على كل المجالات، بما في ذلك قطاع الصفقات العمومية.
ومع ذلك أكدت نفس المادة أن على جميع أعضاء اللجان والخبراء والتقنيين المسندة إليهم مهام محددة، أو موكولة إليهم صلاحية إبداء آراء أو خبرات واجب التحفظ وكتمان السر المهني في كل ما قد يبلغ إلى علمهم بمناسبة إجراء المساطر المقررة في المرسوم الجديد للصفقات العمومية، بغية حسن سير الصفقة وتطبيقها في جو من الشفافية والنزاهة و الموضوعية.

وتبعا لذلك فقد ألزمت المادة المذكورة مجموعة من الأشخاص بواجب التحفظ وكتمان السر المهني وهم كالتالي :

أعضاء لجان فتح الأظرفة ؛
أعضاء لجان المباريات؛
الموظفون أو الخبراء أو التقنيون الذين تم استدعائهم للمساهمة في أعمال اللجان المذكورة.

الفرع الثامن : محاربة الغش والرشوة وتضارب المصالح

تبعا لأحكام المادة 168 فعلى جميع المتدخلين في مساطر إبرام الصفقات العمومية، بالمحافظة على الاستقلالية في معاملتهم مع المتنافسين. و الامتناع من قبول أي امتياز أو منحة من المتنافسين، أو ربط علاقة معهم من شأنها المس بموضوعية المتدخلين و نزاهتهم.
كما منعت أي عضو من أعضاء لجان طلبات العروض و المباريات والمساطر التفاوضية واللجان الفرعية أو أي شخص آخر، يدعى للمشاركة في أعمال هذه اللجان من التدخل بصفة مباشرة أو غير مباشرة في مسطرة إبرام الصفقات العمومية، عندما تكون لديهم مصلحة، سواء بصفة شخصية، أو عن طريق شخص وسيط لدى المتنافسين تحت طائلة بطلان أعمال اللجان المذكورة .
وبذلك فقد تدارك المشرع المغربي من خلال المرسوم الجديد للصفقات العمومية، الفراغ الذي كان يكتنف هذا المجال حيث أكدت المادة صراحة على منع أي تضارب للمصالح، وهذ التأكيد دعمه المشرع كذلك من خلاله نصه في المادة 24 من نفس المرسوم التي نصت على عدم القبول للمشاركة في طلبات العروض بالنسبة لــ :




الأشخاص المشار إليهم في المادة 22 من القانون رقم 78.00 المعتبر بمثابة الميثاق الجماعي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.297 بتاريخ 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002) بالنسبة لصفقات الجماعات؛
الأشخاص المشار إليهم في المادة 24 من القانون رقم 79.00 المتعلق بتنظيم العمالات و الأقاليم الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.269 بتاريخ 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002) بالنسبة لصفقات العمالات و الأقاليم؛
الأشخاص الذين يمثلون أكثر من متنافس واحد برسم نفس المسطرة لإبرام الصفقات.
وهذه المقتضيات تدعم توجه المشرع نحو منع أي تضارب في المصالح قد يشوب الصفقات العمومية سواء قبل بداية المساطر أو أثناء تنفيذها.

هكذا يتضح أن الصفقات العمومية بالمغرب يمكن القول أنها في تحسن مُضْطرد رغم أن مرسوم 20 مارس 2013 لم يكن صداميا كما كان متوقعا[19] و لكن لا يمكن إنكار ما جاء به من إجراءات ستدفع الصفقات العمومية إلى مرحلة جديدة و تعيد ثقة المواطن بشكل عام في الادارة المغربية و ثقة المتنافس بمنحه ضمانات أكثر للنجاح بالفوز بالصفقات العمومية بناء على الكفاءة لا على المحسوبية و الزبونية.