مقدمات التنفيذ الجبري فى القانون اليمني

ن التنفيذ الجبري لا يعدّ عملاً من أعمال الوظيفة التنفيذية للدولة، بل هو عمل من أعمال الوظيفة القضائية ، فالحاجة إلى التنفيذ الجبري تنشأ نتيجة الاعتداء على الحقوق والمراكز القانونية، وهذا الاعتداء يــدل على وجود تعارض داخل النظام القانوني، والواقع العملي، ويحتاج لتـدخّل القضاء لإعادة المطابقـة بين مـا هو واقعي وما هو قانوني .
و بذلك فان المادة : (314)من قانون المرافعات و التنفيذ المدني تعرف التنفيذ الجـــبري على انه:هو ما تقوم به محكمة التنفيذ من إجراءات لإجبار المدين أو المحكوم عليه بالوفاء بما تضمنه سند تنفيذي يؤكد حق طالب التنفيذ منه وفقاً للشرع والقانون .

وعليه فإن الحماية التنفيذية جوهرها هو الإجبار أو الإكراه ، وكان الإجبار أو الإكـراه يبـاشر قديمـا بواسطة صاحب الشأن نفسه الذي يقوم بالقصاص لنفسه بنفسـه ضـد من قام بالاعتداء على حقوقـه،وكان هذا النـوع من الإجبار طليقاً من كلّ قيد لا يحدّه حدّ ولا يحول دونه حائل إلاّ أنّ هذا التنفيذ الجبري قد مرّ بتطورات كثيـرة ، فبعد أن كان التنفيذ الجبري يقع على شخص المدين أصبح يقـع على ذمته المالية ، كما صـار ممتنعا عـلى الدائن القصاص لنفسه بنفسه ، وتمّ رسم القواعد العامة للتنفيذ الجبري .
= كما أن التنفيذ الجبري لا يعد الوسيلة الوحيدة لاقتضاء حق الدائن؛ بل توجد إلى جانبه العديـد من الوسائل الأخرى التي تقـوم مقامه، مثال ذلك تنفيذ الالتزام بنقل الملكية أو أحد الحقوق العينية التي تـرد على عين معينة بالذات.
والالتزام قد ينقضي دون تنفيذ اختياري أو جبري وذلك كما في حالة الإبراء؛أو استحالة التنفيذ بسبب أجنـبي عن المدين ، أو التقادم المسقط .

= كما أن الحماية التنفيذية التي توجد إلى جانب الحماية القضائية؛ تعزز الحماية القانونية للحقوق والمراكـز القانونية للخصوم.
وإذا كانت الحماية القضائية توجد على نوعين هما :-
1. حماية موضوعية: والتي قد تكون منشئة أو مقررة لالتزام ، وهى في جميع الأحوال تؤدى إلى تأكيد
الحقوق والمراكز القانونية وإزالة أي شك يثور حولها .
2. حماية وقتية: وهي إما حماية مستعجلة أو ووقتية.
فان الحماية التنفيذية مرصودة لإعطاء الفاعلية للحماية القضائية الموضوعية والوقتية بكافة أنواعها .
والأصل في التنفيذ اقتضاء الشخص لحقه القائم في ذمة الآخر ، وقد يتم هذا التنفيذ اختيارا حينما يقوم المدين بأداء ما عليه في موعده المحدد بحسن نيّة وهذا هو الأصل العام، وقد يتمّ الوفاء قسراً عند الرفض والتعنـت من جانب المدين في القيام بالوفاء مما يجبر الدائن إلى الالتجاء للسلطة العامة للتزود بحكم قضائي أو للاستعانة بها في إجراءات التنفيذ على المدين إذا كان بيد الدائن سند تنفيذي.

وذلك حيث لا يجوز له إجبار المدين إذ لا مجال لمبدأ القصاص الخاص في القوانين المعاصرة .
كما أن الأصل في التنفيذ أن يتمّ عيناً أي أن يقوم المدين بالوفاء بذات الملتزم به،لان للـدائن حقاً مكتسباً في استيفاء حقه عينا .
مثال ذلك تسليم حيوان، أرض، بناء… كما يتمّ التسليم عيناً بشأن الالتزام بعمل ما كبناء منزل، وكذلك بشـأن حالات الامتناع عن العمل كعدم البناء في ارض معينة أو بالامتناع عن المنافسة غير المشروعة .
كما أنّه لا يجوز للدائن أن يشـرع فوراً بالتنفيذ الجبري دون اتخاذ مقدمات ضروريـة تفصـح عن رغبتـه في الشروع في التنفيذ الجبري، والقانون يعلّق ممارسة الحق في التنفيذ على اتخاذ مقدماته، والهدف من ذلك هو تنبيه المدين إلى أن ساعة التنفيذ الجبري قد أزفت، وأن الوقت وقت جدّ لا هزل وأنّه يتعين عليه الوفـاء اختياراً بدلاً من الشروع في اتخاذ إجراءات الحجز ونزع الملكية. والمادة (330) من قانون المرافعات تشترط وجـوب أن يسبق التنفيذ إعلان السند التنفيذي لشخص المـدين او في موطنه وإلاّ كان باطلا وأن يشتمل الإعلان على دعوة المدين للوفاء اختيارا وبيان المطلوب ، ثم أنه لا يجـوز أجراء التنفيذ إلا بعد مضى سبعة أيـام على الأقـل من دعوة المدين للـوفاء أو ثلاثة أيام في اجراءات التنفيذ المعجل طبقا للمادة (331) مرافعات ، و مقدمات التنفيذ تنحصـر في اتخـاذ مجموعة من الإجراءات قبل الشروع في عملية التنفيذ الجبري؛ وهى تنحصر في وجوب إعلان السند التنفيذي وطلب التنفيذ الجبري المقدم من طالب التنفيـذ ثم مضى سبـعة أيام على الأقل من تاريخ الإعلان والبدء في التنفيذ وذلك حتى يتدبر المدين شئونه وقد يقوم بالوفاء اختياراً .

هذه المقدمات لازمة وضرورية لصحة التنفيذ الجبري، وتخلفها أو تعييبها يؤدى إلى بطلان التنفيذ الجبـري ، و المشّرع اليمني من خلال قانون المرافعات و التنفيذ المدني رقم (28) لسنة 1992م كان قد خول للمحكمة أحياناً التنفيذ دون إتباع مقدمات التنفيذ و ذلك اختصار لإجراءاتها، و ذلك من خلال نص المادة (258) مرافعـات والتي مؤداها أنّه: يجوز للمحكمـة في الأحوال التي يكـون التأخير فيها ضاراً أن تأمـر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلانه، وفى هذه الحالة على كاتب المحكمة أن يردّ المسودة بمجرد الانتهاء من التنفيذ . الا ان هذا النص الغي بموجب القانون رقم (40) لسنة 2002م و الزم المشرع ضرورة اتباع مقدمات التنفيذ مع انقاص المدة كما في التنفيذ المعجل ثلاثة ايام حتى و ان كان الحكم لا يزال قابل للطعن
وأساس التفرقة بين مقدمات التنفيذ وإجراءاته يرجع إلى الوظيفة التي يؤديها كل منهما حيث ان مقدمات التنفيذ لا تعد من إجراءاته لأنها سابقة عليها.

فالتنفيذ الجبري هو مجموعة من الإجراءات التي ترمى إلي وضع مال معين من أموال المدين تحت يد القضاء لاقتضاء حق المدين جبرا منه . وقد نصت على ذلك المادة (356) مرافعات والتي مؤداها ” أنه إذا لم يتم تنفيذ الحكم خلال المدة المذكورة في المادة السابقة وجب على قاضي التنفيذ السير في إجراءات التنفيذ جبراً ومباشرته بالوسيلة المناسبة التي يقررها هذا القانون .:
و قد عدد المشرع تلك الوسائل في نص المادة (357) : تتحدد وسائل الإجبار علـى التنفيذ المباشر في الغرامة التهديدية والحبس واستعمال القوة .
على انه اذا لم تفي تلك الوسائل في اجبار المحكوم عليه او كفيلة بالتنفيذ فقد خول القانون لقاضي التنفيذ استخدام القوة و ذلك لتنفيذ الحكم جبرا عن طريق الحجز التنفيذي و بيع اموال المدين استيفاء لحق الدائن المحكوم له
ولهذا فالمقدمات تدور كلها حول فكرة واحدة هي التنبيه على المدين بالوفاء الاختياري ومنحه مهلة تحذيرية من مغبة عدم الوفاء.
وبناء على ذلك فانه إذا ترتب على الإجراء وضع مال معين تحت يد القضاء كان الإجراء من إجراءات التنفيذ.
وخلاصة القول :إن مقدمات التنفيذ تشكل مفترضاً أساسياً ولازماً لإمكان مباشرة التنفيذ وصحته ، إلا أنها غير
لازمة إلا إذا كان المقصود هو التنفيذ الجبري، فإذا كان التنفيذ اختياري أو غير جبري فلا ضرورة لها كما أن تلك المقدمات لا تلزم إذا كان الهدف من إجراءات التنفيذ هو مجرد إجراءات تحفظية ،لآن انتفاء المقدمات في مثل هذه الحالات يعتبر هدفاً مقصوداً لمفاجأة المنفذ ضده، مثال ذلك تنفيذ الأحكام المستعجلة وبعض الأوامـر على عرائض .