مشروعية الدليل ونظرية استبعاد الأدلة المتحصلة بطرق غير مشروعة:

لا يجوز للقاضي الجزائي ان يستند في حكمه الى أي دليل تم الحصول عليه بطرق غير مشروعة، مثل الإكراه او كان تقديمه في الجلسة نتيجة تجسس مقدم الدليل على خصمه او نتيجة احتيال او سرقة، او كان من تفتيش او قبض باطلين، او تمثل الدليل في اقوال تم تسجيلها من محادثة تليفونية بغير تقرير المدير العام لمصلحة التلغراف والتليفونات وشكوى المجني عليه حتى يوضع جهاز التلفون الذي يستعان به في ارتكاب الجريمة المراد اقامة الدليل لاثباتها تحت المراقبة، بحسبان ان تلك الاجراءات فرضت ضمانة لحماية الحياة الخاصة و الاحاديث الشخصية للمتهم.

ولكن لابد ان يكون الدليل صحيحا لا يشوبه بطلان يتقرر بمخالفة اجراءات القانون، لان مشروعية الادلة تعتبر حدا لا يمكن للقاضي ان يتجاوزه نظرا لما تقوم عليه الخصومة الجنائية من مبدأ حرية المتهم وتعزيز قرينة براءته وليس فقط اطلاق حرية القاضي في الاثبات ممثلا سلطة الدولة في العقاب وهذا ما اشار اليه المشرع المصري في المادة 302 من قانون الاجراءات الجنائية وكذلك المشرع الجزائري افادنا بوجوب صحة ومشروعية الدليل في نص المادة 212 من قانون الاجراءات الجزائية وذلك من خلال التقرير فيها على ان الجرائم تثبت بكل طرق الاثبات ” ما عدا الاحوال التي ينص فيها القانون على غير ذلك ” ومن مثل هذه الاحوال نجد حالة مشروعية الدليل، حيث يمنع القانون القاضي من بناء حكمه على دليل تم الحصول عليه بالمخالفة لنص القانون.

وجدير بالاشارة ان الفقه في غالبيته يذهب الى ان دليل الادانة هو الدليل الوحيد المقصود به ان يكون مشروعا، اما دليل البراءة فلا يلزم فيه ذلك كأن يكون محررا حاز عليه المتهم عن طريق السرقة,

وفي ذلك قيمة ادبية و معنوية مقصدها تدعيم مبدأ الاصل في الانسان براءته.
وكما يقتضي بنا الامر ايضاحا لمعنى مشروعية الدليل ان نقف على ما استقر عليه الفقه و القضاء المقارن في هذا التحديد، حيث ذهبت محكمة النقض البلجيكية على حد ما اشار اليه استاذنا الدكتور”احمد عوض بلال” بشكل مفصل الى ان الدليل يكون غير مشروع ليس فقط اذا تم الحصول عليه بطريق او فعل محظور قانونا، وانما كذلك بكل فعل لا يتفق مع القواعد الجوهرية للاجراءات الجنائية و لا المبدئ العامة للقانون