الإعسار وحماية الدائن

اذا كانت القاعدة هي المساواة بين الدائنين أمام الضمان العام لمدينهم فالمقصود بذلك أن أياً من الدائنين يستطيع التنفيذ على اموال المدين واقتسام حصيلتها مع غيره من الدائنين.. ومن دون نظر الى تاريخ نشوء حق كل منهم، ولكن هذه القاعدة لاتحول دون تميّز الدائن اليقظ على غيره من الدائنين، فقد يبادر احد الدائنين الى اخذ اختصاص على مال من اموال المدين فتكون له افضلية على غيره من الدائنين عن التنفيذ على هذا المال.
كذلك.. فقد يتصرف المدين في امواله اضراراً بالدائنين، ولايستطيع الدائنون مع ذلك التوصل الى عدم نفاذ هذا التصرف في مواجهتهم عن طريق دعوى عدم نفاذ التصرفات نظراً لان التصرف كان بعوض وان المتصرف اليه لم يثبت علمه بهذه النية لدى المدين.
لذلك.. كان من اللازم ايجاد نظام قانوني من شأنه تحصين الدائنين من هذه الاخطار.

حيث نصت المادة 250 من القانون المدني على انه: يجوز ان يشهر اعسار المدين اذا كانت امواله لاتكفي لوفاء ديونه المستحقة الاداء، والمادة 251 منه على انه»يكون شهر الاعسار بحكم تصدره محكمة البداية المدنية التي يتبعها موطن المدين.. بناءً على طلب المدين نفسه او طلب احد دائنيه وتنظر الدعوى على وجه السرعة».،
ويتضح من هذه النصوص ان الشرط الموضوعي لاشهار الاعسار هو ان تكون اموال المدين غير كافية لوفاء ديونه، والعبرة في ذلك بالديون المستحقة الاداء وحدها دون الديون المؤجلة.

ويتضح عن هذه النصوص كذلك ان شهر الاعسار يكون بحكم قضائي يصدر من محكمة البداية المدنية الكائن في دائرتها موطن المدين، وقد نصت المادة 252 في هذا الصدد على انه« على المحكمة في كل حال، قبل ان تشهر اعسار المدين ان تراعي في تقديرها جميع الظروف التي احاطت به سواء.. أكانت هذه الظروف عامةً ام خاصةً فتنظر الى موار ده المستقبلية ومقدرته الشخصية ومسؤوليته عن الاسباب التي ادت الى اعساره ومصالح دائنيه المشروعة ،وكل ظرف آخر من شأنه ان يؤثر في حالته المالية.

ويتضح من هذه النصوص اخيراً ان شهر الاعسار يكون بناء على طلب احد الدائنين او طلب المدين نفسه فالدائن يمكن ان يطلب شهر الاعسار مثلاً حتى يحل اجل دينه فيستطيع التقيد به والمدين من ان يطلب شهر اعساره.. حتى يتوصل الى تأجيل وفاء ديونه الحالية، او الى تقرير نفقة له من ايراده الذي حجز عليه الدائنون.. ومن الواضح ان المقصود من شهر اعسار المدين هو تبنيه دائنيه اى وضعه المالي.. حتى يبادر كل منهم الى الاشتراك في التنفيذ على امواله، ولذلك كان من اللازم اعلان الدائنين به بقدر الامكان، وقد عُرضت المادة 253 من القانون المدني لهذا الامر فقضت بأنه« على كاتب المحكمة في اليوم الذي تقيّد فيه دعوى الاعسار ان يسجل استدعاءَها في سجل خاص يُرتب بحسب اسماء المعسرين، وعليه ان يؤشر في هامش التسجيل المذكور بالحكم الصادر بالدعوى وبكل حكم يصدر بتأييده او بإلغائه وعلى الكاتب ايضاً ان يرسل الى ديوان الوزارة صورة عن هذه التسجيلات والتأشيرات لاثباتها في سجل عام يُنظم وفقاً لقرار يصدره وزير العدل.