إمكانية لجوء المودعين إلى القضاء في حالة تصفية المؤسسة البنكية

إذا كان التعويض الذي يمنحه الصندوق الجماعي لضمان الودائع للمودعين لا يصل في غالب الأحيان إلى مبلغ الوديعة، فإن الإشكال يثار لمعرفة ما إذا كان من حق المودعين أن يتوجهوا إلى القضاء لطلب وضع المؤسسة البنكية المعنية بالأمر في إطار التصفية القضائية؟.

لابد من الإشارة في هذا الإطار أن المشرع المغربي أوجد عدة حالات يؤدي توافرها إلى اتخاذ قرار بتصفية مؤسسة الائتمان[1]. إلا أنه عندما يتخذ قرار سحب الاعتماد من المؤسسة البنكية المختلة بشكل لا رجعة فيه، فإن والي بنك المغرب يرفع الأمر إلى رئيس المحكمة المختصة لإصدار حكم بالتصفية القضائية. واستثناء من أحكام المادة 568 من مدونة التجارة، فإن المصفي أو المصفون يتم تعيينهم من طرف والي بنك المغرب، أما إجراءات التصفية فإنها تتم عملا بأحكام القسم الثالث من الكتاب الخامس من مدونة التجارة.
وإذا كانت التجربة المغربية لا تسعفنا لمعرفة ما إذا كان يجوز للمودعين طلب وضع البنك المعني بالأمر في إطار التصفية القضائية، فإن السوابق الفرنسية سمحت للمودعين في أكثر من مرة بجواز طلب وضع المؤسسة البنكية المودع لديها تحت نظام التصفية القضائية، ومثال ذلك حكم المحكمة التجارية بباريس المؤرخ في 27 يوليوز 1989 بوضع البنك اللبناني العربي في حالة تصفية قضائية، وكذا حكم المحكمة التجارية بموناكو الصادر في 2 فبراير 1990 الذي قضى بوضع البنك الصناعي لموناكو في إطار التصفية القضائية[2].
وهو ما يسمح بالقول بأن للمودعين كامل الحق للتوجه إلى القضاء من أجل الحكم بوضع المؤسسة البنكية المعنية بالأمر تحت التصفية القضائية وذلك تطبيقا للمادة 563 من مدونة التجارة التي تسمح بفتح مساطر المعالجة بطلب من الدائنين[3].
إلا أن الإشكال الذي يثار في هذا الصدد يتعلق بما إذا كان فتح مسطرة التصفية القضائية، من شأنه أن يعطي للمودعين الامتياز للحصول على ودائعهم أم لا؟.
بالرجوع إلى مقتضيات القانون البنكي الجديد لا نجدها تخص المودعين بأي امتياز في حالة تصفية مؤسسة الائتمان المودع لديها، اللهم ما تشير إليه المادة 102 التي تعفي المودعين من سلوك مسطرة التصريح بالديون عملا بأحكام المادة 686 من مدونة التجارة.
إلا أن عدم تمتع المودعين بأي امتياز لاسترداد مبلغ ودائعهم يقتضي التمييز بين ما إذا كان مبلغ الوديعة مقيدا في الحساب، أم أنه عبارة عن ورقة تجارية قدمها العميل إلى البنك من أجل استخلاص مبلغها وتقييده بحساب الودائع.
فبالنسبة للأموال التي يتم تقييدها في حساب الودائع الممسوك من طرف المؤسسة البنكية، فإن مبلغها يندمج مع جميع الموارد المالية التي يتوفر عليها البنك. وبالتالي لا يمكن القول باسترجاع المودع لوديعته النقدية دون الخضوع لمسطرة توزيع ناتج التصفية[4].
أما بالنسبة للأوراق التجارية التي يكون العميل قد دفعها إلى البنك لأجل تحصيل مبلغها، فإنه يجوز للمودع في حالة تصفية المؤسسة البنكية أن يطالب باستردادها شريطة ألا يقوم البنك المعني بالأمر باستخلاص قيمتها. وذلك عملا بأحكام المادة 673 من مدونة التجارة التي تخول للدائن استرداد الأموال العينية العائدة له[5].
أما بالنسبة لباقي المودعين أصحاب الودائع النقدية، فليس لهم سلوك أية مسطرة خاصة من أجل استعادة ودائعهم بالأسبقية على باقي الدائنين. وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى ضياع حقوقهم في حالة عدم كفاية أصول المؤسسة البنكية على اعتبار أنهم سيعاملون معاملة الدائنين العاديين.
لهذه الاعتبارات ولغيرها فإنه يتوجب على المشرع المغربي أن ينص صراحة على إعطاء المودعين حق الأسبقية لاستيفاء ودائعهم في حالة تصفية المؤسسة البنكية المودع لديها، طالما أن الودائع النقدية تعتبر المورد الأساسي للبنوك التي تمكنها من القيام بنشاطها اليومي المتمثل على وجه الخصوص في منح الائتمان وتمويل المشاريع.

[1] – و هاته الحالات هي:
إما بطلب من مؤسسة الائتمان نفسها و إما في الحالات التالية:
– إذا لم تستخدم مؤسسة الائتمان اعتمادها داخل أجل اثني عشر شهرا ابتداء من تبليغ مقرر منح الاعتماد.
– إذا انقطعت المؤسسة عن مزاولة نشاطها منذ 6 أشهر على الأقل.
– إذا لم تعد المؤسسة تستوفي شروط منح الاعتماد.
[2] – المفضل الوالي: مرجع سابق، ص 111.
[3] – حيث إن المودعين في هذه الحالة يكونون في نفس المركز القانوني للدائنين بالنسبة لباقي المقاولات.
[4] – محمد لفروجي: العقود البنكية، مرجع سابق، ص 252.
[5] – تنص المادة 673 من مدونة التجارة على أنه:” يمكن أن يمارس الاسترداد العيني وفق نفس الشروط الخاصة بالأموال المنقولة المدمجة في مال منقول آخر، إذا كان استردادها لا يشكل ضررا ماديا للأموال نفسها والمال المدمج فيه، ودون أن يؤدي هذا الاسترجاع إلى نقص بالغ في قيمة الأصول الأخرى للمقاولة”.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت