إستحقاق الزوجة لمعجل المهر من تركة زوجهآ المتوفى

التركة هي : ما يتركه الإنسان من أموال بعد وفاته أي ذمته المالية التي تنتقل إلى ورثته .

معجل المهر : هو مقدار المال المسمى في عقد الزواج و الذي تستحقه الزوجة قبل الدخول و المتمثل ( المخشلات الذهبية و بقية الأثاث الزوجية ) .

هذه الحالة نادرة الوقوع في مجتمعاتنا العربية الإسلامية والسبب في ندرتها إن المهر المعجل يتم تسليمه إلى الزوجة قبل الدخول و هذا ما متعارف عليه عندنا في العراق و يمكن في جميع الدول العربية و التسليم إما أن يتم نقدا أو بشراء الأثاث الزوجية للزوجة بما يعادل قيمة المهر المعجل المسمى بالعقد .

هنالك بعض الأزواج يتزاوجون خارج المحكمة أي أمام رجل الدين و من ثم أي بعد الدخول يتم تصديق عقد الزواج بالمحاكم المختصة عن طريق إقامة دعوى أمام القاضي المختص الذي يقوم بتثبيت معجل المهر و مؤجله المتفق عليه أمام رجل الدين.

ما هو الحكم لو توفي الزوج قبل أو بعد تصديق عقد الزواج الواقع خارج المحكمة و إقامة الزوجة دعوى للمطالبة بالمهر المعجل مدعية الكذب بالإقرار بقبض معجل المهر ؟

إن هذا التساؤل يحتوي على شقين للإجابة عليه :

الشق الأول : وفاة الزوج قبل تصديق عقد الزواج .

الشق الثاني : وفاة الزوج بعد تصديق عقد الزواج .

لقد سكت المشرع العراقي المحترم في قانون الأحوال الشخصية المرقم 78 لسنة 1959 عن الإشارة إلى هاتين الحالتين .

و كذلك القضاء العراقي الذي يعتبر مصدر من مصادر التشريع التي يمكن اللجوء إليها في إصدار الحكم .

إن القضاء العراقي المحترم أعطى للزوجة الحق بإقامة دعوى المهر المعجل لمطالبة الزوج بحجة الكذب بالإقرار و لكنه لم يشر إلى الحالتين المذكورتين في السؤال أعلاه و المتعلقة بمعجل المهر من تركة الزوج المتوفي و لكنه تطرق إلى المهر المؤجل في حالة وفاة الزوج فان الزوجة تستحقه بعد وفاة الزوج من تركته أي انه يضاف إلى التركة و تقام الدعوى على ورثته و لم يشير بصورة صريحة إلى إضافة معجل المهر إلى التركة .

إن هذه المسألة هي قليلة الوقوع في مجتمعنا و لكنها مسألة مهمة في ذات الوقت و كان الأجدر بالمشرع العراقي المحترم أن يبين موقفه في هذه المسألة المهمة و كذلك على القضاء العراقي المحترم أن يعالج هذه الحالة بصورة صريحة حيث أشار القضاء العراقي أن الزوجة تستحق معجل المهر من زوجها حال حياته و إن أقرت بالاستلام و لم يتطرق إلى إضافته إلى التركة فسكوته هذا لا يعتبر حلا لهذه المسألة فقد استقر قضاء محكمة التمييز المحترم ( التمييز هو سلطة قضائية عليا تنظر في القرارات التي تصدر من المحاكم ) في القرار المرقم 298 ـ لسنة 1972 المنشور في النشرة القضائية العدد الأول السنة الخامسة ص 195 في 11/2/1974 ( لا يعتبر تسليم الزوجة نفسها إلى زوجها دليلا على تسلمها معجل مهرها ) فمن خلال هذا القرار يتضح لنا موقف القضاء العراقي المحترم و هو السكوت عن موضوع دراستنا القانونية المتواضعة .

و حسب رأيي المتواضع بان الزوجة لا تستحق معجل المهر من تركة زوجها المتوفي سواء كان قبل الدخول أم بعده كونها قد قامت بتسليم نفسها إلى الزوج حيث يكون هذا التسليم بمثابة إقرار ضمني بقبض المهر أو تنازل عن المهر المعجل و سندي في ذلك ما نصت عليه المادة 142 من القانون المدني العراقي المرقم 40 لسنة 1951 و التي نصت ( ينصرف اثر العقد إلى المتعاقدين و الخلف العام دون الإخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث ، ما لم يتبين من العقد أو من طبيعة التعامل أو من نص القانون لا ينصرف إلى الخلف العام ) و من هذا النص القانوني نستطيع و حسب رأيي المتواضع الإجابة على موضوع الدراسة القانونية أعلاه و بالذات من ( طبيعة التعامل ) الوارد ذكرها بالنص القانوني و المقصود بها العرف و الذي أيضا هو مصدر مهم من مصادر التشريع العراقي المحترم فالعرف يقضي بان معجل المهر يتم تسليمه إلى الزوجة قبل الدخول فمن غير المعقول أن تتزوج امرأة دون أن تقوم بتكليف الزوج بشراء مخشلات ذهبية و أثاث زوجية و القيام بمراسيم الزواج فهذه كلها تمثل معجل المهر هذا بالإضافة إلى ما استقر عليه قضاء محكمة التمييز مؤخرا في القرار التمييزي المرقم 360 في 12/5/ 2008 المنشور في مجموعة الأحكام المدنية الطبعة الثانية المحامي علاء صبري التميمي ( بان التعهد ينتهي بوفاة المتعهد و هو يلزم المتعهد حصرا و لا ينتقل إلى غيره سواء كان خلف عاما أو خاصا ) .

و إن معجل المهر هو حسب رأيي تعهد ينتهي بوفاة الزوج المتعهد و لا يضاف إلى التركة . لذا كان الأجدر بالمشرع العراقي المحترم النص لمعالجة هذه الحالة .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت