تمرير النصوص الموضوعية في الأنظمة الإجرائية

في ظل عدم وجود مدونة تبين القواعد والأحكام الشرعية المعمول بها في النظام السعودي, – وهو ما يعد مطلبا للكثير من المختصين والمهتمين – فقد اتجه المنظم إلى النص على بعض القواعد الموضوعية في الأنظمة الإجرائية، ومع أن هذه الأنظمة ليست محلا لها, كما أن النص على بعض القواعد مع إغفال القواعد والأحكام الأخرى والتي تمثل في مجموعها النظرية المتكاملة الصالحة للتطبيق: يعد خللا إلا أن الضرورة في رأيي تحتم مثل هذا التوجه للحاجة إليه لا سيما في الكثير من العقود التي لا تحتمل جهالة المآل في حال اختلاف الطرفين واحتمال إبطالها من قبل القضاء نظرا لمخالفتها لاجتهاد ناظر القضية, وإلى حين صدور المدونة الفقهية المتكاملة الجامعة لنظريتي العقد والحق وغيرها من الأحكام الموضوعية فسوف يتم تمرير هذه النصوص الموضوعية في الأنظمة الإجرائية بوضع استثنائي.

وفي إطار هذه الزاوية فقد وردت بعض النصوص النظامية في الأنظمة العقارية, وهي من النصوص الجيدة التي تشتمل على قواعد عدلية للطرفين, ولأهميتها فسوف أوردها بنصها حيث يجوز الاستئناس بها عند الحاجة في غير الصورة الواردة في النظام, فمن ذلك: المادة التاسعة من “نظام استئجار الدولة للعقار وإخلائه” والتي تنص على أنه “لا تكون الجهة المستأجرة مسؤولة عن تعويض المؤجر عند إخلاء العقار عن الأضرار الناتجة عن عيب في الإنشاء أو عن الاستعمال العادي أو عن تكاليف التعديلات أو المباني الإضافية أو تكاليف إزالتها التي طلبتها من المؤجر ووافق عليها قبل إبرام العقد, وتكون الجهة المستأجرة مسؤولة عن تعويض المؤجر عن الأضرار الناتجة عن الاستعمال غير العادي بما في ذلك اقتلاع معدات أو أدوات ثابتة، مثل النوافذ والأبواب ومحتويات المطابخ والحمامات، أو إلغاؤها أو الاستبدال بمكانها غرضا آخر وهدم جدران، أو حصول تكسيرات أو حفر في أرضيات البناء و ردم برك أو مساحات خضراء و خراب وحدات التكييف، أو حصول تلف في شبكة الكهرباء أو الماء أو الصرف الصحي”.

ومن ذلك أيضا: المادة الخامسة من “نظام تملك الوحدات العقارية وفرزها”, والتي تنص على “أنه على كل مالك ألا يغلو في استعمال حقه إلى الحد الذي يضر بجاره, وليس للجار أن يرجع على جاره في مضار الجوار المألوفة التي لا يمكن تجنبها, وإنما له أن يطلب إزالة هذه المضار إذا تجاوزت المألوف, على أن يراعي في ذلك الآداب الشرعية والعرف وطبيعة العقار, وموقع كل وحدة عقارية بالنسبة للأخرى, والغرض الذي خصصت له كل وحدة”. وفي ذات النظام ما نصه:”على صاحب السفل القيام بالأعمال والترميمات العادية لمنع ضرر العلو وسقوطه, وعلى صاحب العلو ألا يحدث في بنائه ما يضر بالسفل, وأن يقوم بالأعمال والترميمات اللازمة لمنع ضرر السفل”, وفي “نظام التسجيل العيني للعقار” قواعد تخالف السائد فقها وقضاء, ومنها: “يكون للسجل العقاري قوة إثبات مطلقة, ولا يجوز الطعن في بياناته بعد انتهاء الآجال المحددة للطعن المنصوص عليها في هذا النظام, إلا تأسيسا على مخالفتها لمقتضى الأصول الشرعية أو تزويرها”.

وهناك غير هذه النصوص وقد نرجع إليها في مقالات لاحقة – إن شاء الله -, وبقدر ما قصدت الإشارة إلى هذه النصوص والاستعانة بها فقد قصدت أيضا الإشارة إلى أن ما يعد مطلبا للمختصين والمهتمين فهو آت لا محالة, ونتمنى أن يكون بأيدي متخصصين في الفقه مستعينين بالقانونيين وبالتجارب السابقة في هذا الخصوص.