مقاصد قضاء الأحداث

إن الهدف المعلن من نظام قضاء الأحداث ككل في قانون حقوق الإنسان الدولي هو إعادة
١) من اتفاقية ) تأهيل الطفل وإدماجه من جديد في المجتمع. ويتضح هذا بوجه خاص من المادة ٤٠
حقوق الطفل التي تنص على ما يلي:
١- تعترف الدول الأطراف بحق كل طفل يدعى أنه انتهك قانون العقوبات أو يتهم ”
بذلك أو يثبت عليه ذلك في أن يعامل بطريقة تتفق مع رفع درجة إحساس الطفل بكرامته
وقدره، وتعزز احترام الطفل لما للآخرين من حقوق الإنسان والحريات الأساسية وتراعي
سن الطفل واستصواب تشجيع إعادة اندماج الطفل وقيامه بدور بناء في المجتمع”.(الخط
الغليظ للتأكيد وهو مضاف).

وفيما يتصل بالنظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف، أعربت لجنة حقوق الطفل عن
قلقها إزاء عدم كفاية عدد التسهيلات والبرامج المخصصة لاستعادة الأحداث عافيتهم البدنية والنفسية
وإعادة إدماجهم في المجتمع. ٣١ “والافتقار لتدابير إعادة التأهيل والمرافق التربوية الخاصة بالجناة
الأحداث” فضلا عن “إيداع الجانحين المحتملين في مراكز احتجاز بدلا من مراكز رعاية لإعادة
تأهيلهم”. ٣٢
*****
٣) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية كذلك، في جملة ) وتنص المادة ١٠
أمور، على “أن يراعي نظام السجون معاملة المسجونين معاملة يكون هدفها الأساسي إصلاحهم وإعادة
تأهيلهم الاجتماعي” (الخط الغليظ للتأكيد وهو مضاف).
ومثلما ذكرت لجنة حقوق الإنسان “لا ينبغي لأي نظام سجني أن يكون نظامًا عقابيًا لا غير.
بل ينبغي أن يسعى بالأساس إلى الإصلاح وإعادة الإدماج الاجتماعي للسجين”. ٣٣

١ من قواعد بيكين، ء وفقا للقاعدة ٥
“يولي نظام قضاء الأحداث الاهتمام لرفاه الحدث ويكفل أن تكون أية ردود فعل تجاه
المجرمين الأحداث متناسبة دائما مع ظروف المجرم والجرم معًا”.
ويفيد التعليق المرافق لهذه القاعدة أن هذه القاعدة تشير إلى هدفين اثنين هما من أهم أهداف
قضاء الأحداث” ٣٤ الهدف الأول هو السعي إلى تحقيق رفاه الحدث”. الواجب أن يتم التشديد عليه ليس من
قبل الُنظم القانونية التي تقوم فيها محاكم الأسرة أو السلطات الإدارية بالنظر في قضايا المجرمين
الأحداث فحسب بل “من الضروري أيضًا إيلاء الاهتمام لمسألة رفاه الحدث في الُنظم القانونية التي تتبع
نموذج المحاكم الجنائية”. مما يساعد “على تجنب الاقتصار على فرض جزاأت عقابية”. ٣٥
والهدف الثاني هو مبدأ التناسب الذي يعني في هذا السياق بعينه أنه “ينبغي لرد الفعل إزاء
المجرمين صغار السن أن لا ينبني على أساس خطورة الجرم فحسب بل أيضًا على الظروف الشخصية”
من قبيل “الوضع الاجتماعي أو حالة الأسرة، أو الضرر الذي يسببه الجرم أو العوامل الأخرى المؤثرة
في الظروف الشخصية” ٣٦ وهذه الظروف “ينبغي أن تؤثر على تناسب رد الفعل (مث ً لا بمراعاة محاولة
المجرم تعويض الضحية أو استعداده لتغيير نمط حياته بحيث يحيا حياة سوية ونافعة)”. ٣٧
ومبدأ التناسب يجب، من ناحية أخرى، المحافظة عليه في تأمين رفاه الجاني صغير السن
حتى لا تتخطى التدابير المتخذة حدود الضرورة فتنتهك الحقوق الأساسية للفرد الصغير السن نفسه. ٣٨
وبعبارة أخرى، “تدعو القاعدة ٥ إلى رد فعل عادل لا أكثر ولا أقل في أي قضية تهم إجرام
الأحداث. والقضايا التي تجمع بينها القاعدة قد تساعد على تنشيط التنمية من الجهتين: فردود الأفعال
الجديدة والمتجددة مستصوبة كتدابير وقائية تمنع اتساع شبكة الرقابة الاجتماعية على الأحداث بشكل لا
مبرر له”. ٣٩
*****
٣) من الميثاق ) والتركيز الأولي على إعادة تأهيل الجناة الأحداث حاضر أيضًا في المادة ١٧
الأفريقي لحقوق ورفاه الأطفال وهي المادة التي تفيد “أن الغرض الأساسي من علاج كل طفل أثناء
المحاكمة وأيضًا إذا ثبتت إدانته بمخالفة لقانون جنائي سيتمثل في إصلاحه وإعادة إدماجه في الأسرة
٦) من الاتفاقية ) وإعادة تأهيله الاجتماعي” (الخط الغليظ للتأكيد وهو مضاف). وبالرغم من أن المادة ٥
الأمريكية لحقوق الإنسان لا تقتصر على الجناة من الأحداث إلا أنها تنص على “أن العقوبات المتمثلة في
الحرمان من الحرية يكون غرضها الأوحد هو إصلاح السجناء وإعادة تأهيلهم”. وتسكت الاتفاقية
بشأن الردود الاجتماعية على R (87) الأوروبية لحقوق الإنسان عن هذه القضية ولكن التوصية رقم 20
جنوح الأحداث تعبر عن قناعة لجنة الوزراء التابعة لمجلس أوروبا بأن “النظام الجنائي المتعلق بالأحداث
ينبغي أن يواصل اتسامه بهدفه المتمثل في تربية السجناء القاصرين وإعادة إدماجهم في المجتمع وأنه
يتوجب قدر الممكن إلغاء سجن القاصرين”. ٤٠

إن الغرض العام لنظام قضاء الأحداث، في إطار قانون حقوق ًالإنساني الدولي،
يجب أن يتمثل في التشجيع على إعادة تأهيل الطفل وإعادة إدماجه في المجتمع، بما
في ذلك تنمية شعور الطفل بالكرامة وبقيمته فض ً لا عن احترامه للحقوق الأساسية
التي يتمتع بها الآخرون.