الوصية الاختيارية في التشريع الليبي

تعتبر الوصية الاختيارية‮ من الموضوعات المهمة لتعلقها بالمال في‮ ‬غالب الأحيان وايضا لتعلقها بتصرفات ما بعد الموت ولذلك فقد أحاطها القانون بسياج من الضمانات والإجراءات وذلك لما تسفر عنه في‮ ‬بعض الأحيان من مناقشات وكذلك من إشكاليات قد لا تظهر إلا بعد زمن من رحيل الموصي‮ ‬وكثيراً‮ ‬ما كانت سبباً‮ ‬في‮ ‬اللجوء إلى القضاء‮.‬

والوصية كانت معروفة قبل الإسلام،‮ ‬غير أنها لم تكن مقيدة وكذلك كان الشخص‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يحرم ورثته ويوصي‮ ‬بكل أمواله لمن‮ ‬يشاء وكان للشيخوخة ومرض الموت والزواج من عدة زوجات وتأثير إحداهن على الشخص أثر كبير في‮ ‬الإيصاء وحرمان بعض الأبناء من ميراث أبيهم مع ما خلفه كل هذا من عداوة وكراهية سببتها تصرفات الأب الذي‮ ‬قد‮ ‬يكون واقعاً‮ ‬تحت ضغوط نفسية أو‮ ‬غير ذلك‮.‬

وبعد أن جاء الدين الإسلامي‮ ‬الحنيف هذب كل هذه الأمور ورسم إطاراً‮ ‬للوصية في‮ ‬شكلها الإجباري‮ ‬والاختياري،‮ ‬وكان لكل ما رسمه تأثير إيجابي‮ ‬في‮ ‬استمرار الحياة والمودة والرحمة بين الأقارب‮.‬

‮< ‬تعريف الوصية:ـ

من تعريفات فقهاء الشريعة الإسلامية للوصية أنها التبرع بالمال بعد الموت‮.‬

ولقد عرفها المشرع الليبي فى المادة الأولى من القانون رقم‮ ‬7 لسنة‮ ‬1423 بشأن أحكام الوصية ـ بأنها‮ (‬الوصية تصرف من الشخص في‮ ‬تركته مضاف إلى ما بعد الموت‮).‬

وكل تصرف صدر في‮ ‬مرض الموت بقصد التبرع أو المحاباة تسري‮ ‬عليه أحكام الوصية أياً‮ ‬كانت التسمية التي‮ ‬تعطى له‮.‬

ولقد نصت المادة‮ ‬919 من القانون المدني‮ الليبي ‬على أن‮ (‬تسري‮ ‬على الوصية أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادر في‮ ‬شأنها‮).‬

‮< ‬تصرفات مرض الموت:ـ

كل عمل قانوني‮ ‬يصدر من شخص في‮ ‬مرض الموت ويكون مقصوداً‮ ‬به التبرع‮ ‬يعتبر تصرفاً‮ ‬مضافاً‮ ‬إلى ما بعد الموت،‮ ‬وتسري‮ ‬عليه أحكام الوصية أياً‮ ‬كانت التسمية التي‮ ‬تعطى لهذا التصرف‮.‬

وعلى ورثة من تصرف أن‮ ‬يثبتوا أن العمل القانوني‮ ‬قد صدر من مورثهم وهو في‮ ‬مرض الموت ولهم إثبات ذلك بجميع الطرق ولا‮ ‬يحتج على الورثة بتاريخ السند إذا لم‮ ‬يكن هذا التاريخ ثابتاً‮.‬

وإذا أثبت الورثة أن التصرف صدر من مورثهم في‮ ‬مرض الموت اعتبر التصرف صادراً‮ ‬على سبيل التبرع ما لم‮ ‬يثبت من صدر له التصرف عكس ذلك،‮ ‬كل هذا ما لم توجد أحكام خاصة تخالفه‮.‬

‮< ‬انعقاد الوصية:ـ‮ ‬

تنعقد الوصية بالعبارة أو الكتابة،‮ ‬فإذا كان الموصي‮ ‬عاجزاً‮ ‬عنهما انعقدت الوصية بالإشارة المفهمة‮.‬

وتقع الوصية مطلقة أو مقيدة بشرط أو معلقة على شرط إذا كان الشرط صحيحاً،‮ ‬وإذا كان هذا الشرط‮ ‬غير صحيح كانت باطلة،‮ ‬وإذا اقترنت بشرط‮ ‬غير صحيح صحت الوصية وألغي‮ ‬الشرط‮.‬

هذا ولا تثبت الوصية عند الإنكار أو الرجوع فيها إلا بالكتابة أو شهادة الشهود،‮ ‬وفيما عدا ذلك تثبت الوصية بجميع طرق الإثبات‮.‬

‮< ‬شروط الوصية:ـ

أورد القانون رقم‮ ‬7 شروطاً‮ ‬تتعلق بالموصي‮ ‬وأخرى تتعلق بالموصى له وثالثة بالموصى به‮.‬

أولاً‮: ‬يشترط في‮ ‬الموصي‮:‬ـ

1 ‮ -‬أن‮ ‬يكون أهلاً‮ ‬للتبرع بماله قانوناً‮ ‬على أنه إذا كان محجوزاً‮ ‬عليه لسفه أو‮ ‬غفلة أو كان مميزاً‮ ‬لم‮ ‬يبلغ‮ ‬سن الرشد جازت وصيته بإذن المحكمة أو أجازتها أو بسكوته عنها بعد زوال سبب الحجر أو بلوغه سن الرشد‮.‬

2 ‮ -‬أن‮ ‬يكون مالكاً‮ ‬للموصي‮ ‬به ملكاً‮ ‬تاماً‮ ‬وقت الموت‮.‬

ثانياً‮: ‬بالنسبة للموصى له‮ ‬يشترط:ـ

1 ‮ -‬أن‮ ‬يكون معلوماً،‮ ‬وقد‮ ‬يكون بالتعبير أو بالوصف ومعنى الوصف الإشارة كفقراء بلدة الموصي‮.‬

-2أن‮ ‬يكون موجوداً‮ ‬عند الوصية وعند موت الموصي‮ ‬إذا كان معنياً،‮ ‬وقد‮ ‬يكون الموجود حقيقة وقد‮ ‬يكون تقديراً‮ ‬كالحمل في‮ ‬بطن أمه‮ .‬

-3أن‮ ‬يكون ممن‮ ‬يصح له تملك الموصى به في‮ ‬الحال والمآل‮.‬

-4ألا‮ ‬يكون وارثاً‮ ‬للموصي،‮ ‬ذلك أنه لا وصية لوارث‮.‬

-5ألا‮ ‬يكون جهة معصية،‮ ‬وذلك كالإيصاء لدور البغاء أو لجمعيات هدفها القتل،‮ ‬فمثل هذه الوصايا باطلة‮.‬

ثالثاً‮: ‬بالنسبة للموصى به فيشترط:ـ

1 ‮ -‬أن‮ ‬يكون قابلاً‮ ‬للتملك من الغير بعقد من العقود حالة حياة الموصي‮.‬

2 ‮ -‬أن‮ ‬يكون متقدماً‮ ‬في‮ ‬عرف الشارع،‮ ‬فالوصية بشيء من الخمر لا تصح‮.‬

3 ‮ -‬أن‮ ‬يكون موجوداً‮ ‬في‮ ‬ملك الموصي‮ ‬عند الوصية إذا كان معينا فإن لم‮ ‬يكن الموصى به المعين مملوكاً‮ ‬له لم تصح الوصية به إلا إذا كانت معلقة على امتلاكه وملكه قبيل الموت‮ .‬

4 ‮ -‬أن‮ ‬يكون‮ ‬غير زائد عن ثلث التركة التي‮ ‬تنفذ فيه الوصية‮.‬

‮< ‬قبول الوصايا وردها‮ :‬ـ

‮ ‬تلزم‮ ‬الوصية بقبولها من الموصى له المعين وترتد برده لها إذا كان كامل‮ ‬الأهلية‮ .‬

ولا‮ ‬يعتبر القبول أو الرد إلا بعد وفاة الموصى وإذا كان الموصى له جنيناً‮ ‬أو قاصراً‮ ‬أو محجوزاً‮ ‬عليه‮ ‬،‮ ‬فلمن له الولاية على ماله قبول الوصية أو ردها بعد إذن المحكمة‮.‬

‮ ‬هذا ويجوز رد‮ ‬بعض الوصية وقبول بعضها‮ ‬،‮ ‬كما‮ ‬يجوز ذلك من بعض الموصى‮ ‬لهم كاملي‮ ‬الأهلية‮ ‬،ولا‮ ‬يشترط‮ ‬في‮ ‬القبول أو الرد أن‮ ‬يكون‮ ‬فور الموت‮.‬

‮< ‬أحكام الوصية‮ :‬

سوف نتعرض لهذه الأحكام باختصار وفي‮ ‬فقرات وذلك‮ ‬لضرورات‮ المكان‮:‬

أولاً‮: ‬‮ ‬تصح الوصية من‮ ‬غير مسلم بما لا‮ ‬يعد‮ ‬معصية في‮ ‬دينه إذا كان الموصى له‮ ‬غير مسلم فإن كان الموصى له مسلماً‮ ‬أو كانت الوصية من مسلم لغير مسلم اشترط ألا تكون الوصية‮ ‬محرمة‮ ‬في‮ ‬الشريعة الإسلامية‮ ‬وفي‮ ‬شريعة‮ ‬غير المسلم‮.‬

ثانياً‮: ‬لا تبطل الوصية بجنون الموصي‮ ‬أو الحجر عليه للسفه أو الغفلة وإن‮ ‬اتصلا بالموت‮ ‬ما دامت‮ ‬الوصية قد‮ ‬صدرت عن أهلية‮ ‬كاملة وقت الإيصاء‮.‬

ثالثاً‮: ‬لا‮ ‬يعتبر رجوعاً‮ ‬عن الوصية حجرها وإنكارها من الموصي‮.‬

رابعاً‮: ‬تصح‮ ‬الوصية لمعين بالذات أو‮ ‬بالوصف ولقوم‮ ‬محصورين أو‮ ‬غير‮ ‬محصورين وللجهات‮ ‬المختلفة التي‮ ‬تصح لها الوصية‮.‬

‬خامساً‮: ‬تصح الوصية للمعدوم،‮ ‬فإن لم‮ ‬يوجد أحد‮ ‬من الموصي‮ ‬لهم وقت‮ ‬موت الموصى كانت الغلة والمنفعة للورثة‮.‬

سادساً‮: ‬تصح‮ ‬الوصية للحمل،‮ ‬وتوقف‮ ‬غلة الموصي‮ ‬به للحمل‮ ‬منذ وفاة الموصي‮ ‬إلى أن‮ ‬ينفصل‮ ‬الحمل حياً‮ ‬فتكون له‮.‬

‮ ‬وإذا جاءت الحامل بأكثر من ولد كانت الوصية بينهم بالتساوي‮ ‬إلا إذا شرط‮ ‬الموصى خلاف ذلك‮.‬

سابعاً‮:‬‮ ‬يكون الموصى به معيناً،‮ ‬أو شائعاً‮ ‬عيناً‮ ‬أو منفعة‮.‬

< ‬أنواع الوصايا‮:‬

1 ‮ -‬الوصية‮ ‬بالمنفعة‮: ‬يجوز أن‮ ‬يكون الموصى به‮ ‬منفعة أو انتفاعاً‮ ‬بعقار أو منقولاً‮ ‬لمدة معينة أو‮ ‬غير معينة‮.‬

2 ‮ -‬الوصية بالتنزيل‮: ‬يعتبر‮ ‬حكم‮ ‬الوصية بالمال تنزيل‮ ‬المورث‮ ‬شخصاً‮ ‬غير وأرث منزلة وارث كأن‮ ‬يقول فلان وارث مع‮ ‬ولدي‮ ‬وورثوه مالي‮ ‬فإن‮ ‬المنزل‮ ‬يأخذ ما‮ ‬يأخذه المنزل‮ ‬من منزلته إذا كان أقل من الثلث‮ ‬ولا‮ ‬يستحق ما‮ ‬يزيد عنه إلا بإجازة‮ ‬الورثة‮.‬

1 ‮ -‬الوصية‮ ‬الواجبة‮: ‬‮ ‬وهي‮ ‬مقدمة‮ ‬على الوصايا‮ ‬الاختيارية في‮ ‬الاستيفاء‮ ‬من ثلث التركة‮(

‬بطلان الوصية‮:‬

‮ ‬تبطل‮ ‬الوصية‮ ‬في‮ ‬الحالات الآتية فضلاً‮ ‬عما هو منصوص عليه في‮ ‬القانون‮:‬

1 ‮- ‬رجوع‮ ‬الموصى‮ ‬عن الوصية‮.‬

2 ‮ – ‬وفاة‮ ‬الموصى له حال وفاة الموصي‮ .‬

-3تعذر وجود الموصى له إذا كانت‮ ‬الوصية لجهة‮ ‬غير موجودة وستوجد في‮ ‬المستقبل‮.‬

– 4اكتساب‮ ‬الموصى‮ ‬له صفة الوارث للموصى‮.‬

– 5رد الموصى له الوصية بعد‮ ‬وفاة الموصى‮ .‬

– 6هلاك الموصى‮ ‬به المعين‮.‬

-7‮ ‬إذا قام‮ ‬بالموصى له سبب‮ ‬يمنع‮ ‬الوصية‮ ‬له كأن‮ ‬يكون جهة معفية‮ .‬

اعادة نشر بواسطة محاماة نت