تفاصيل قانونية حول مفهوم التجريد المدني

مقال حول: تفاصيل قانونية حول مفهوم التجريد المدني

التجريد المدني

التجريد المدني Degradation Civique هو عقوبة ماسّة بالشرف والاعتبار تنطوي على

حرمان المحكوم عليه بها من التمتُّع ببعض الحقوق التي تؤثّر في مركزه الأدبي والاقتصادي، ويحددها القانون على

سبيل الحصر، فلا يجوز أن يضاف إليها حرمان من حقوق أخرى، كما لا يجوز إنقاص

حالة أو أكثر من حالات الحرمان المنصوص عليها في القانون أو تجزئتها. ومن مقتضى فرض عقوبة

التجريد المدني بحرمان المحكوم عليه من الحقوق المعددة فيه، حرمانه من جميع المزايا المرتبطة بها،

بلا تفريق بين المزايا المادية والمعنوية، وإعفاؤه ـ في الوقت نفسه ـ من كل التزام

أو تكليف متولد عن حق ورد فيه الحرمان.

أسلوب التجريد المدني وحالات إيقاعه

التجريد المدني، في القانون السوري، قد يكون عقوبة أصلية، كما قد يكون عقوبة فرعية.

1 ـ فهو عقوبة أصلية جنائية تفرض بحق مرتكبي الجرائم السياسية، وحدها الأدنى ثلاث سنوات،

والحد الأعلى خمس عشرة سنة إذا لم يرد نص مخالف (المادة 44 من قانون العقوبات السوري)،

ولا تسقط هذه العقوبة بالتقادم بخلاف العقوبات الأخرى الواردة في القانون.

وفضلاً على عقوبة التجريد المدني، بوصفها عقوبة أصلية، يمكن الحكم معها بالحبس البسيط من ثلاثة أشهر إلى

ثلاث سنوات، وإذا كان المحكوم عليه أجنبياً تحتّم الحكم بالحبس (المادة 49 من قانون العقوبات).

وليس هذا من باب التشديد على الأجانب، ولكن لأن المواطن السوري المحكوم عليه بالتجريد

المدني يفقد مزايا مهمة، يتألم لفقدانها كثيراً كالإقصاء والعزل من الوظائف والمنع من ممارسة التعليم

وحق الانتخاب والترشيح، وهذه حقوق غير ممنوحة للأجانب. ولكي لا تبقى عقوبة

التجريد المدني للأجنبي نوعاً من اللغو، أضاف الشارع الحبس بصورة إجبارية.

ومن الجرائم السياسية التي نص عليها قانون العقوبات وفرض على مرتكبيها عقوبة التجريد المدني، جريمة

استخدام الموظف العام أو العامل أو المستخدم في الدولة سلطته للتأثير في اقتراع أحد السوريين. وكذلك فإنه

يستحق التجريد المدني الموظفون الذين يربطهم بالدولة عقد عام إذا أقدموا متفقين على وقف

أعمالهم أو اتفقوا على وقفها أو على تقديم استقالتهم في أحوال يتعرقل معها سير إحدى المصالح العامة.

2ـ وكما يكون التجريد المدني عقوبة أصلية يكون عقوبة فرعية، والعقوبة الفرعية تلحق بالعقوبة الأصلية حكماً

. بمعنى أنَّها تفرض إلى جانب العقوبة الأصلية من غير حاجة إلى أن تتذاكر فيها المحكمة، ومن دون حاج

ة إلى ذكرها في قرار الحكم، ولا محل لها إذا كانت العقوبة الأصلية للمحكوم بها من

نوع العقوبات الجنحية أو التكديرية، وتنفذ عقوبة التجريد المدني ولو لم تذكر في الحكم بوصفها عقوبة

فرعية ملازمة للعقوبة الأصلية المحكوم بها. والغاية من التجريد المدني حين يكون عقوبة فرعية

مساعدة العقوبات الأصلية على أداء دورها في المجتمع، وهي منع الفاعل من

معاودة ارتكاب الجريمة وحماية الناس من شره.

آثاره

يترتب على الحكم بالتجريد المدني حرمان المحكوم عليه من بعض الحقوق التي يتمتع بها، والتي تؤثر

في مركزه الأدبي والمادي، ويحقق هذا الحرمان الإيلام لأنه يعني عدم ثقة المجتمع فيمن يناله فسجل عليه أنه

أدنى من سواه في القيمة الاجتماعية، وفي ذلك تحقير وإقلال من الشأن لا شك فيهما، ثم إن تضييق

دائرة نشاطه تحول بينه وبين استغلال إمكاناته، فتقلل تبعاً لذلك مما قد يجنيه من كسب مادي أو معنوي.

وقد نصّ القانون السوري على الحقوق التي يحرم منها المحكوم عليه بالتجريد المدني وهي:

1ـ العزل والإقصاء عن جميع الوظائف والخدمات العامة والحرمان من كل معاش تجريه الدولة.

2ـ العزل والإقصاء عن جميع الوظائف والخدمات في إدارة الطائفة أو النقابة التي ينتمي

إليها المحكوم عليه والحرمان من معاش أو مرتب تجريه هذه الطائفة أو النقابة.

3ـ الحرمان من حقه في أن يكون صاحب امتياز أو التزام من الدولة.

4ـ الحرمان من حقه في أن يكون ناخباً أو منتخباً ومن سائر الحقوق المدنية والسياسية والطائفية والنقابية.

5ـ عدم الأهلية لأن يكون مالكاً أو ناشراً أو محرراً لجريدة أو لأيّ نشرة موقوتة أخرى.

6ـ الحرمان من حق تولي مدرسة وأي مهمة في التعليم العام والخاص.

7ـ الحرمان من حق حمل الأوسمة والألقاب الفخرية السورية والأجنبية (المادة 49 من قانون العقوبات).

والفقهاء اليوم ينتقدون الآثار المؤذية لتجريد المدني بسبب صرامته والتزام المحكمة إيّاه، مهما

كان رأي القاضي في الشخص الماثل أمامه. فضلاً على أنه لا يساعد على إصلاح المحكوم عليه.

ومن هذا المنطلق اتجهت بعض التشريعات في العالم إلى إعطاء القاضي سلطة تقديرية في تقييد هذه الآثار.

مدّتـه

حين يكون التجريد المدني عقوبة أصلية فإن مدته تراوح بين ثلاث سنوات وخمس عشرة سنة.

أما إذا كان التجريد المدني عقوبة فرعية فإنه يتبع العقوبات الجنائية الأصلية وله حالتان:

ـ الحالة الأولى: يكون مؤبداً، وذلك حين يصدر حكم جنائي على الفاعل بالأشغال الشاقة أو الاعتقال المؤبد.

ـ الحالة الثانية: يكون مؤقتاً، ومدته عشر سنوات من اليوم الذي يصير فيه

الحكم مبرماً حتى انقضاء السنة العاشرة على تنفيذ العقوبة الأصلية.

شارك المقالة

1 تعليق

  1. هل يشمل التجريد المدني الحرمان من حد القياده أو إصدار دفتر قياده ؟ في لبنان بطلب عندما تريد أن تصدر دفتر سوق سجل عدلي و طبيعي ان يكون مذكور الحكم ،تعتبر القياده من الحقوق المدنيه؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.