سلطات الشرطة الإدارية الجماعية

المحور الأول : مفهوم الشرطة الإدارية و أهدافها :

أولا : تعريف الشرطة الإدارية وتمييزها عن مفاهيم مشابهة :

يقصد بالشرطة الإدارية مجموع التدخلات ونشاطات الإدارة التي ترمي إلى الحفاظ على النظام العام بمدلولاته الثلاثة : الأمن العام، الطمأنينة العامة ، الصحة العامة.

ويجب التمييز بينها وبين الشرطة القضائية فالشرطة الإدارية دورها وقائي إذ تتدخل قبل وقوع أي ضرر أما الشرطة القضائية فتمتاز بالردع والزجر و العقاب على جرائم وقعت بالفعل.

وتلتقي كل من الشرطة الإدارية والقضائية في مفهوم واحد كما هو الشأن بالنسبة لشرطي المرور إذ يقوم بدور الضبط الإداري للحفاظ على النظام العام لكنه ينتقل لممارسة مهام الشرطة القضائية من خلال ضبط المخالفة ومعاقبة المتسبب فيها.

كما لابد من التميز بين الشرطة الإدارية العامة والخاصة فالأولى مهمتها الحفاظ على النظام العام وتمارس نشاطاتها اتجاه كل الأفراد بينما الشرطة الإدارية الخاصة يناط بها تحقيق أغراض محدودة كشرطة السكك الحديدية والشرطة الاقتصادية، ولكي لايقع تداخل بين مهام الشرطة الوطنية والشرطة المحلية فهناك مبادئ تحكم هذه العلاقة وهي عدم التناقص وعدم التطاول وعدم الحلول.

وتجدر الإشارة إلى ضرورة التمييز بين الشرطة الإدارية والمرفق العام فالشرطة الإدارية هدفها حماية النظام العام أي القيام بمهام ترمي إلى تحقيق استتباب النظام العمومي أما المرفق العام فمهمته خدمة المصلحة العامة وبالتالي فهو يسعى لتحقيق هدف أوسع من الشرطة الإدارية.

كما لا يجب الخلط بين الشرطة الإدارية و السلطة التنظيمية فهذه الأخيرة وسيلة قانونية يرتكز عليها عمل الشرطة في حين أن الشرطة الإدارية من أعمال الإدارة.

ثانيا : أهداف الشرطة الإدارية :

من أهداف الشرطة الإدارية ما يلي :

– الحفاظ على النظام في الطرقات العمومية.

– الحد من الفوضى في الطرق مما يسمح بمنع بعض التظاهرات.

– الوقاية من جميع الكوارث لا سيما الطبيعية منها.

– الوقاية من الأوبئة بجميع أنواعها.

– تحقيق الطمأنينة بمنع كل ما يزعج راحة المواطنين.

المحور الثاني : اختصاصات الشرطة الإدارية

أولا : سلطات التدخل :

على الصعيد الوطني هي من اختصاصات رئيس الحكومة بمقتضى الدستور الجديد بواسطة مراسيم وكذلك بعض الوزراء من خلال التفويض.

أما على الصعيد الإقليمي فالعامل هو المكلف بالمحافظة على النظام العام في العمالة أو الإقليم.

ü من خلال دور السلطات المحلية :

بالعودة للفصل 49 من قانون رقم 78.00 نلاحظ أنه حدد على سبيل الحسر مجالات تدخل السلطات المحلية باستثناء بعض المواد التي تبقى من اختصاص السلطة الإدارية المحلية و منها :

– تأسيس الجمعيات و التجمعات العمومية و الصحافة.

– الانتخابات.

– النقابات المهنية.

– المهن الحرة.

– مراقبة الأثمان…

ويتمتع عامل العمالة أو الإقليم بمكانة إستراتيجية داخل التنظيم الجماعي حيث نجده حاضرا في جميع الأنشطة المتعلقة بالعمالة أو الإقليم منها الحفاظ على النظام العام بكل الوسائل المتاحة وله صلاحيات واسعة في مجال الشرطة الإدارية عن طريق القرارات التنظيمية و قانون 79.00 المتعلق بالعمالات والأقاليم حيث يعتبر وفقا للمادة 46 منه رئيسا لشرطة الملك العمومي للعمالة أو الإقليم.

ü من خلال دور صلاحيات السلطة المنتخبة :

· رئيس المجلس الجماعي : بعد أن كانت سلطات الشرطة الإدارية المحلية تنحصر على المستوى الإجرامي في العامل أو الباشا أو القائد على التوالي في الجماعات المحلية جاء الميثاق الجماعي المعدل بقانون 17.08 ليوزع هذه السلطات بين رئس المجلس الجماعي و رجل السلطة المحلية.

كما أن الجديد الذي أتى به مهام كثيرة للرئيس في مجال الشرطة الإدارية المحلية خاصة في :

– ميادين الوقاية الصحية و النظافة

– قوانين التعمير و إعداد التراب

– رخص البناء و التقسيم السكني

– مراقبة الأنشطة التجارية

– استغلال المقالع…

· رئيس مجلس المقاطعة : طبقا للمادة 101 من الميثاق الجماعي يمارس مجلس المقاطعة مهام منها :

– صيانة الأملاك العمومية

– إقامة التجهيزات وصيانتها و كذا الطرق العمومية و السلامة الطرقية

– اقتراح تصاميم البناء و السير

– اقتراح تدابير للحفاظ على الصحة و النظافة العموميتين

كما أن المادة 104 تنص على أن رئيس مجلس المقاطعة هو السلطة التنفيذية للمقاطعة حيث ينفذ المقررات ويتخذ التدابير اللازمة وفي مجال التعمير والبناء يسلم رخص البناء والسكن للبنايات التي لا يتجاوز علوها 11 متر و وفق المادة 106 يتخذ هذا الأخير بعض التدابير الفردية للشرطة الإدارية بتفويض من رئيس المجلس الجماعي.

ثانيا : أساليب الممارسة و إجراءات المراقبة :

§ أساليب ممارسة الشرطة الإدارية المحلية :

هي وسائل قانونية يمكن تقسيمها إلى :

– الأنظمة كأسلوب للضبط الإداري

– الأوامر الفرضية

– التنفيذ الإجباري لإجراءات الشرطة الإدارية

فالسلطة التنفيذية تشرف على تنفيذ القوانين وضمان النظام العام أما الأوامر الفردية فقد تتضمن أمرا بفعل شيء و قد تصدر بالامتناع عن عمل شيء معين أما فيما يخص التنفيذ الجبري فهو امتياز من امتيازات الإدارة المحلية حيث تصدر بنفسها قرارا تنفيذيا تنفذه على الأفراد رغم أن هذا الإجراء شديد الخطورة و لا تلجأ له إلا بشروط خاصة والملاحظ بالنسب لهذه النقطة بالذات هو غياب نص قانوني يخول صراحة للإدارة استعمال التنفيذ الجبري.

§ بعض مجالات الشرطة الإدارية :

تعتبر الشرطة الإدارية قطاعا هاما في تدبير شؤون الجماعة و أعطى المشرع قسطا هاما من اختصاصاتها لرئيس الجماعة و تشمل عدة مجالات كحرية التنقل و ممارسة حق الملكية وحرية التجارة و حرية الصحافة و حرية التجمع…

ü الوقاية و المحافظة على الصحة العامة : وتهم على وجه الخصوص ما يلي :

– المؤسسات المرتبة : وهي المؤسسات المضرة والخطيرة المنظم بظهير 25 غشت 1914

– النظافة في المدن : يحدد ظهير 3 دجنبر 1915 التدابير الواجب اتخادها لوقاية الصحة العمومية والنظافة في المدن

– التنظيم الصحي الخاص بالجماعة : يجب على رئيس المجلس الجماعي اتخاذ قرار بمثابة التنظيم الصحي للجماعة لمداولات المجلس في الموضوع فمثلا يجب أن يتضمن هذا القرار ما يلي : الصحة العمومية والوقاية من الأمراض، تدابير مقاومة الأوبئة ، أداء غرامة لمعاقبة مرتكبي بعض المخالفات المتعلقة بالصحة وحماية الأغراس البلدية، النقل العمومي، الإنارة…

– البيئة الطبيعية والوسط : وتتضمن تنظيف قنوات الماء الحار، مقاومة الضجيج، تلوث الهواء والمياه…

– نظافة المؤسسات العمومية والمدرسية وتشمل الأماكن المدرسية، مخيمات الأطفال النزل والفنادق، الحراسة ، المطاعم…

ü البناء والتعمير :

يشكل هذا القطاع أهم شؤون الجماعة خاصة و أنها تعرف توسعا معماريا متزايدا لدى سلحه المشرع بترسانة من القوانين من أهمها :

– ظهير 30 نونبر 1918 المتعلق بالاحتلال المؤقت للملك العمومي

– ظهير 25 يونيو 1960 الخاص بتوسع المناطق القروية

– ظهير 17 يونيو 1992 الصادر بتنفيذ قانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات

– نفس الظهير السابق الصادر بتنفيذ قانون رقم 012.90 المتعلق بالتعمير

– ظهير 3 يناير 1936 المتعلق ببناء بعض المنشآت العمومية كالحمامات في وسط المدن العتيقة.

ü نقل ودفن الأموات:

إن عملية نقل الأموات من اختصاص الجماعة إذ يمكنها القيام بهذه المهمة بنفسها بواسطة مؤسسة خاصة أما بالنسبة لعملية الدفن فشرطة المقبرة الجماعية من اختصاص رئيس المجلس سواء تعلق الأمر بساعات فتح و غلق المقابر أو سير مواكب الجنازات إلى غير ذلك و من أهم المقتضيات القانونية في هذا الباب نجد ظهير 31 أكتوبر 1969 المتعلق بدفن و نقل و استخراج الجثت و كذلك منشور وزير الداخلية بتاريخ 29 ماي 2000 حول تدبير المقابر الإسلامية و المحافظة عليها و صيانتها.

ü نقل المرضى و الجرحى :

يرجع أمر تنظيم و الإشراف على عمليات نقل المرضى و الجرحى للجماعة و يتم ذلك بواسطة سيارة الإسعاف الجماعية طبقا لمقتضيات كناش التحملات وبموجب اتفاقية الجماعة مع المعنيين بالأمر حسب الشروط الواردة في منشور وزير الصحة بتاريخ فاتح أكتوبر 1973.

ü الشرطة القروية :

إن الشؤون القروية و كل ما يتعلق بالشرطة القروية يحددها ظهير 11 يوليوز 1931 بالإضافة إلى ظهائر الخاصة تنظم ما يلي :

– حماية المزروعات والنباتات والحيوانات (ظهير 28 أبريل 1925 )

– تنظيم استعمال إيقاد النار والحماية من الحريق (ظهير 13 يوليوز 1926 )

– التدابير المتعلقة بمحاربة الجراد (ظهير 12 رمضان 1948 )

ü تسمية الساحات والطرق العمومية :

يرجع الأمر في ذالك إلى المجلس الجماعي وقد تتم هذه التسمية بما يلي :

– مقرر من المجلس يصادق عليه من طرف السلطة الإدارية العليا بموافقة الديوان الملكي

– دورية وزير الدولة المكلف بالداخلية بتاريخ 18 أكتوبر 1977

– دورية وزير الداخلية بتاريخ 11 نونبر 1982 حول تسميت الشوارع والأزقة والساحات العمومية إلا غير ذلك من الدوريات.

أما فيما يخص أسماء الخواص بالنسبة لمنشآتهم ومتاجرهم فيتم ذلك بواسطة رخصة تسلم من طرف السلطة المحلية

ü المعارض والأسواق :

بالنسبة للأسواق الأسبوعية يتم إحداثها بواسطة قرارات جماعية وتخضع لنصوص منها ظهير 18 ماي 1916 والمرسوم الملكي بمثابة قانون الصادر في 22 أكتوبر 1966 أما فيما يتعلق بأسواق الجملة فيتم إحداثها بنفس الطريقة باعتبار مقتضيات ظهير 7 فبراير 1962 المتعلق بمناصب المفوضين وقوانين أسواق الجملة

ثالثا : الرقابة على تدابير الشرطة الإدارية المحلية :

هناك نوعان من الرقبة :

· الرقابة الإدارية : بالتزامن مع توسيع اختصاصات رئيس المجلس الجماعي ومساعديه جاء توسيع الوصايا المفرودة على قراراتهم وفي مجال الشرطة الإدارية المحلية هذه المراقبة ممثلة في وزارة الداخلية.

· الرقابة القضائية : وتتمثل في حق الأفراد في الطعن بالإلغاء في قرارات الشرطة الإدارية المحلية أمما المحاكم الإدارية والمطالبة بالتعويض.

رابعا : بعض إشكالات عمل الشرطة الإدارية المحلية :

فيما يتعلق بمهن حرة نجدها غامضة حيث أن بعض السلطات المحلية تعطي تفسيرا مطلقا لاختصاصها في هذا المجال لكن بالرجوع للفصل 49 المذكور فهذه المهن محددة وهي المهن الحرة المنظمة بنصوص خاصة كالأطباء والمهندسين دون تلك التي يحكمها مبدأ حرية التجارة والصناعة والتي لا تتدخل فيها السلطات المحلية إلا في حال تهديد الأمن العام أو الصحة والساكنة العامة أما إذا كانت هذه المؤسسات من المؤسسات المرتبة فالترخيص في مزاولتها يخضع إما إلى وزير الأشغال العمومية أو رؤساء المجالس الجماعية.

كما أن النص القانوني لم يحدد الصفة التي يمارس بها الرؤساء اختصاص الشرطة الإدارية تاركا المجال مفتوح أمام التأويلات المحتملة في هذا الباب وتأويل السائد هو أن الرؤساء يمارسون الشرطة الإدارية الجماعية باسم الدولة ولفائدتها.

بالإضافة إلى أن حداثة التجربة في مزاولة الشرطة الإدارية تعتبر من الصعوبات التي تواجه الرؤساء للقيام بواجبهم في هذا المجال ويزيد من حدة هذه الصعوبات افتقار الجماعة غالبا إلى أطر مدربة لا تتوفر على مؤهلات قانونية خاصة بمجالات الشرطة الإدارية .

وكذالك يعد كثرة الأجهزة المتدخلة في ميدان الشرطة الجماعية كالشرطة الإدارية الوطنية والمحلية من المعوقات التي تواجه عمل الشرطة الإدارية وغيابها في ميدان الممارسة العملية .