حماية حقوق الملكية الفكرية بالصين

ان نظام حقوق الملكية الفكرية هو نظام قانونى اساسى لدفع التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعى والابداع العلمى والتكنولوجى والازدهار الثقافى للبشرية. وتماشيا مع التنمية السريعة للعلوم والتكنولوجيا العالمية وتسريع عملية العولمة الاقتصادية, شهد وضع نظام حقوق الملكية الفكرية فى الحياة الاقتصادية والاجتماعية ارتقاءا تاريخيا ونالت حماية حقوق الملكية الفكرية اهتماما واسعا من المجتمع الدولى.

الصين هى دولة قديمة تاريخها عريق. وكان كثير من مشاهير العلماء والمخترعين والادباء والفنانين قد قدموا مساهمات كبيرة بمنجزاتهم العقلية للتطور والتقدم البشرى. لذلك تدرك الحكومة الصينية وشعبها تماما قيمة الاختراع والابتكار والعلوم والتكنولوجيا.

بدأت اعمال بناء نظام حقوق الملكية الفكرية فى وقت متأخر نسبيا فى الصين وتتطور بسرعة. ومنذ نهاية سبعينات القرن20, حين نفذت سياسة الاصلاح والانفتاح, حققت حماية حقوق الملكية الفكرية الصينية تقدما كبيرا يتمثل فى ان نظام حقوق الملكية الفكرية قد أنشىء تدريجيا ودفع التنمية الصحية للاقتصاد والتقدم الشامل للمجتمع.

1- الاحوال الاساسية حول حماية حقوق الملكية الفكرية
ظلت الصين بموقفها المسؤول تحفز بنشاط أعمال حماية حقوق الملكية الفكرية. ففى الوقت الذى تتمسك فيه بإتباع القواعد الدولية لحماية حقوق الملكية الفكرية, حددت حسب ظروفها الخاصة المستوى المناسب لحماية الملكية الفكرية, وعملت على تحقيق التوازن فى المصالح بين أصحاب حقوق الملكية الفكرية ومستخدميها وجمهور المجتمع, حتى تشكيل دورة حميدة فى ابداع وتطبيق هذه الحقوق.
فى السنوات العديدة الماضية, قطعت الصين شوطا كبيرا فى حماية حقوق الملكية الفكرية بفضل الجهود المشتركة من المجتمع كله.
ــ إقامة منظومة سليمة للقوانين والأنظمة المتطابقة مع القواعد المتبعة دوليا وشاملة الأنواع. منذ ثمانينات القرن الماضى, أصدرت الصين ونفذت (( قانون براءات الاختراع لجمهورية الصين الشعبية )) و(( قانون العلامات التجارية لجمهورية الصين الشعبية )) و(( قانون حقوق التأليف لجمهورية الصين الشعبية )) و(( لائحة حماية برامج الكمبيوتر )) و(( لائحة حماية التصميمات الطوبولوجية للدوائر المتكاملة )) و(( لائحة الادارة الجماعية لحقوق التأليف )) و(( لائحة ادارة المنتجات الصوتية والمرئية )) و(( لائحة حماية السلالات النباتية الجديدة )) و(( لائحة الحماية الجمركية لحقوق الملكية الفكرية )) و (( لائحة ادارة العلامات الخاصة )) و(( لائحة حماية الشعار الاولمبى )) وغيرها من القوانين والأنظمة التى تغطى المضامين الرئيسية لحماية حقوق الملكية الفكرية. وأصدرت مجموعة من اللوائح المفصلة التنفيذية والتفسيرات القضائية ذات العلاقة, مما جعل منظومة القوانين والأنظمة لحماية الملكية الفكرية فى الصين تتكامل باستمرار. ومن اجل ممارسة الحماية القانونية رفيعة المستوى لحقوق الملكية الفكرية, كانت الصين قبيل وبعيد انضمامها الى منظمة التجارة العالمية عام 2001, قد أجرت تعديلات شاملة على القوانين والأنظمة والتفسيرات القضائية المتعلقة بحماية الملكية الفكرية, لجعلها متطابقة مع (( اتفاقية حقوق الملكية الفكرية الخاصة بالتجارة )) لمنظمة التجارة العالمية والضوابط الدولية الاخرى لحماية الملكية الفكرية, فى حين تكثيف الجهود لحفز التقدم والابداع العلمى والفنى فى مجالات روح التشريع ومضمون الحقوق ومعيار الحماية ووسائل الاغاثة القانونية.

ــ إنشاء نظام عمل وآلية لتنفيذ القانون متكاملين ومتناسقين وعاليى الفعالية. فى الممارسات العملية لحماية الملكية الفكرية, شهدت الصين نمطا لحماية حقوق الملكية الفكرية يجمع بين الحماية الادارية والحماية القضائية, متسما ب” الأسلوبين والأداء المتوازى “. ففى الصين, تمارس هيئات عديدة وظائفها الخاصة لحماية حقوق الملكية الفكرية, وهى تضم رئيسيا مصلحة الدولة للملكية الفكرية, ومصلحة الدولة للصناعة والتجارة, ومصلحة الدولة للنشر والطبع, ومصلحة الدولة لحقوق الطبع, ووزارة الثقافة, ووزارة الزراعة, ومصلحة الدولة للغابات, ووزارة الأمن العام, والهيئة العامة للجمارك, ومحكمة الشعب العليا, والنيابة الشعبية العليا. وفى السنين العديدة الماضية, قامت هذه الهيئات بأعمال فعالة فى المجالات الخاضعة لها. ولزيادة تعزيز قوة الحماية للملكية الفكرية, شكلت الصين فى عام 2004 فرقة عمل وطنية لحماية الملكية الفكرية برئاسة أحد نواب رئيس مجلس الدولة, وهى مسؤولة عن التخطيط الموحد والتنسيق لأعمال حماية الملكية الفكرية فى عموم البلاد. وأقيم مكتب فرقة العمل هذه فى وزارة التجارة, ويتولى الأعمال الروتينية للفرقة.

فى خلال السنوات الأخيرة, عززت الدولة روابط العمل بين الأجهزة الادارية لتنفيذ القانون وأجهزة الأمن العام والنيابات الشعبية فى حماية الملكية الفكرية. ففى أكتوبر 2000, أصدرت الهيئات المعنية بصورة مشتركة وثيقة (( تعميم حول تعزيز التعاون والتنسيق فى أعمال الاستقصاء والمعالجة لقضايا المخالفات والجرائم فى انتهاك حقوق الملكية الفكرية )) التى تنص بوضوح على كيفية حل مسألة التعاون والتنسيق المتولدة فى عمليات استقصاء ومعالجة قضايا جرائم انتهاك حقوق الملكية الفكرية. وفى يوليو 2001, أصدر مجلس الدولة (( لائحة حول إحالة قضايا الجرائم المشتبه فيها من الأجهزة الادارية لتنفيذ القانون )) التى تنص بوضوح على كيفية إحالة قضايا الجرائم المشتبه فيها من الأجهزة الادارية لتنفيذ القانون الى أجهزة الأمن العام فى الوقت المناسب. وفى مارس 2004, أصدرت الهيئات المعنية أيضا بصورة مشتركة وثيقة (( ملاحظات حول تعزيز روابط العمل بين الأجهزة الادارية لتنفيذ القانون وأجهزة الأمن العام والنيابات الشعبية )), مما أقام آلية عمل أولية تربط وتنسق بين تنفيذ القانون بوسائل ادارية وتنفيذ القانون بوسائل جنائية, وشكل قوة مشتركة لمحاربة نشاطات المخالفة والإجرام فى انتهاك حقوق الملكية الفكرية, وضمن على نحو فعال ادخال قضايا الجرائم المشتبه فيها الى عملية الإجراءات القضائية الجنائية فى حينه. وفى الأعوام الأخيرة, نظرت أجهزة القضاء, حسب القانون, فى عدد كبير من قضايا انتهاك حقوق الملكية الفكرية بأنواعها المختلفة, بحيث تم فى حينه تعويض الخسائر الاقتصادية لضحايا الانتهاك فى القضايا المدنية لانتهاك حقوق الملكية الفكرية, وتعرضت المخالفات والجرائم فى انتهاك حقوق الملكية الفكرية لضربات قاصمة.

ــ تعزيز قوة تنفيذ القانون بوسائل ادارية فى حماية حقوق الملكية الفكرية. تماشيا مع الاكتمال التدريجى للنظام القانونى لحماية الملكية الفكرية, حولت الصين مركز الثقل لأعمال حماية الملكية الفكرية تدريجيا من التشريع الى تنفيذ القانون, وعززت قوة تنفيذ القانون بوسائل إدارية فى حماية الملكية الفكرية بواسطة الدمج بين الرقابة والإدارة اليومية والحملات الخاصة للمعالجة. وفى أغسطس 2004, قررت الحكومة الصينية تنظيم وشن حملة خاصة تدوم سنة واحدة لحماية حقوق الملكية الفكرية على نطاق البلاد فى فترة سبتمبر 2004 ـ ديسمبر 2005. وقرر مجلس الدولة تمديد هذه الحملة الى نهاية عام 2005, وذلك فى اجتماع تلفازى وطنى حول تقويم ومعايرة نظام اقتصاد السوق عقده فى يوم 31 ما رس 2005. وعلى ضوء التخطيط الموحد, فان مختلف الجهات المختصة تحركت بنشاط ونفذت القانون بصورة صارمة لانزال الضربات بمخالفى القانون فى انتهاك حقوق الملكية الفكرية, باعتبار استقصاء ومعالجة القضايا الخطيرة لانتهاك الحقوق ثغرة, محققة نجاحات ايجابية فى مجالات هامة مثل حقوق العلامات التجارية وحقوق التأليف وحقوق براءات الاختراع, وفى الحلقات الرئيسية مثل استيراد وتصدير البضائع ومختلف المعارض وأسواق السلع بالجملة, وفى المناطق الرئيسية التى تتركز فيها نسبيا أعمال انتاج البضائع المزيفة وتسويقها.

ــ بذل الجهود لزيادة وعى المجتمع كله عن حقوق الملكية الفكرية. ظلت الحكومة الصينية تولى أهمية كبرى لأعمال نشر وتعميم المعارف حول حقوق الملكية الفكرية. ففى عام 2004, حددت الدولة فترة 20 ـ 26 إبريل كل سنة على ان تكون ” أسبوع التوعية بحماية الملكية الفكرية “, لإجراء نشاطات التوعية والتثقيف حول حماية حقوق الملكية الفكرية فى المجتمع كله باستخدام مختلف وسائل الإعلام مثل الصحف والمجلات والتلفزيون والاذاعة وشبكات الكمبيوتر المتواصلة, وبواسطة أشكال متعددة مثل عقد الندوات واقامة مسابقات المعارف ونشر الإعلانات ذات المنافع العامة, حتى تشكيل مناخ اجتماعى جيد لاحترام العمل والمعارف والموهوبين والاختراعات, ورفع وعى الجم الغفير من الجماهير عن حقوق الملكية الفكرية.

ــ الأداء النشط للواجبات الدولية لحماية حقوق الملكية الفكرية. انضمت الصين بنشاط الى المواثيق والمعاهدات الدولية الرئيسية لحماية حقوق الملكية الفكرية. فبعد انضمام الصين الى منظمة الملكية الفكرية العالمية عام 1980, انضمت تباعا الى اكثر من عشرة مواثيق ومعاهدات واتفاقيات أو بروتوكولات مثل (( اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية )) و(( معاهدة التعاون فى مجال براءات الاختراع )) و(( معاهدة بودابست لحفظ الأجناس البكتيرية للميكروبات المستخدمة فى إجراءات براءات الاختراع والمتعارف عليها دوليا )) و(( اتفاقية لوكارنو للتصنيف الدولى لتصميمات عبوات المنتجات الصناعية )) و(( اتفاقية مدريد لتسجيل العلامات التجارية دوليا )) و(( اتفاقية نيس للتصنيف الدولى للسلع والخدمات المستخدمة فى تسجيل العلامات التجارية )) و(( بروتوكول اتفاقية مدريد لتسجيل العلامات التجارية دوليا )) و(( اتفاقية حول حقوق الملكية الفكرية الخاصة بالتجارة )) و(( الميثاق الدولى لحماية السلالات النباتية الجديدة )) و(( ميثاق برن لحماية الأعمال الأدبية والفنية )) و(( الميثاق العالمى لحقوق الطبع )) و(( اتفاقية حماية صانعى المنتجات المسجلة صوتيا ضد استنساخ منتجاتهم قبل الحصول على الموافقة )).

وفى حين تقيدت الصين بأداء واجباتها الدولية لحماية حقوق الملكية الفكرية, عملت بنشاط على تعديل وإكمال القواعد الدولية لحماية هذه الحقوق لكى تكون فى صالح مختلف الدول بالعالم, للمشاركة فى النتائج والمصالح التى جاء بها التقدم العلمى والفنى. وفى خلال السنوات الأخيرة, أجرت الصين الحوار والتبادل والتعاون على نطاق واسع مع بلدان أخرى ومنظمات دولية ومؤسسات أجنبية التمويل فى مجال الملكية الفكرية. واستجابة للاقتراح الامريكى, بدأ الطرفان الصينى والامريكى فى عام 2003 يعقدان مؤتمر الطاولة المستديرة سنويا بشأن حقوق الملكية الفكرية, وقد عقدا دورتين لهذا المؤتمر حتى الآن متوصلين الى اتفاق واسع النطاق حول مسألة الملكية الفكرية. وفى عام 2004, عقدت أول جولة للحوار الصينى ـ الاوروبى حول حقوق الملكية الفكرية فى بكين, إذ تم التوصل الى نية أولية بشأن التعاون فى مجال الملكية الفكرية. كما أن مختلف الهيئات الصينية المختصة قد أقامت أيضا علاقات تعاون جيدة مع نظيراتها فى بلدان عديدة, ومنظمة الملكية الفكرية العالمية, والاتحاد الدولى لحماية السلالات الجديدة ومنظمات دولية أخرى. وفى سبتمبر 2003, أقامت الهيئات الصينية المعنية آلية للاتصال والتنسيق الدورى مع المؤسسات الأجنبية التمويل, فتعقد اجتماعا كل فصل للاستماع الى آراء واقتراحات هذه المؤسسات حول حماية حقوق الملكية الفكرية.