جريمة الاختلاس في القانون العراقي

المحامية / منال داود العكيدي

يعرف فقهاء القانون جريمة الاختلاس على انها ( حيازة مال او ورقة مثبتة لحق مملوك للغير بنية المالك ) لذا فان جريمة الاختلاس تقوم على ركنين هما : الركن المادي الذي يقتضي ان يباشر الجاني فعلا ماديا يتمثل باستيلائه على الحيازة الكاملة لشيء عائد للغير سواء كان الغير حائزا بنفسه لذلك الشيء ام كانت الحيازة بالواسطة.

اما الركن الثاني فهو الركن المعنوي ويقصد به : (نية التملك ويستلزم هذا العنصر ان يباشر الجاني على الشيء استعمال السلطات التي قررها القانون للمالك فيحل محله في مباشرتها أي يظهر عليه بمظهر المالك او تمكين الغير منه بصورة يستهدف فيها اضاعة المال على مالكه نهائياً شرط ان يعلم الجاني ان المال ليس ملكاً له).

واستنادا الى قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969 الذي افرد المواد ( 315 الى المادة 320 ) لمعالجة جريمة الاختلاس التي اعتبرها من الجرائم المخلة بالشرف وفقا للمادة ( 22 / أ / 6) حيث تنص المادة (315 ) ( يعاقب بالسجن كل موظف او مكلف بخدمة عامة اختلس او اخفى مالا او متاعا او ورقة مثبتة لحق او غير ذلك مما وجد في حيازته ) اما المادة 316 فتنص على : (يعاقب بالسجن كل موظف او مكلف بخدمة عامة استغل وظيفته فاستولى بغير حق على مال او متاع او ورقة مثبتة لحق او غير ذلك مملوك للدولة او لاحدى المؤسسات او الهيئات التي تسهم الدولة في مالها بنصيب ما او سهل ذلك لغيره).

ووفقا لذلك فانه يشترط لتحقق جريمة الاختلاس هو ان يكون الجاني موظفا او مكلفا بخدمة عامة والموظف حسب تعريف المادة 19 من قانون العقوبات هو : (كل موظف او مستخدم او عامل انيطت به مهمة عامة في خدمة الحكومة ودوائرها الرسمية وشبه الرسمية والمصالح التابعة لها او الموضوعة تحت رقابتها ويشمل ذلك رئيس الوزراء ونوابه واعضاء المجالس النيابية والادارية والبلدية كما يشمل المحكمين والخبراء ووكلاء الدائنين (السنديكيين) مديري ومستخدمي المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشآت التي تسهم الحكومة واحدى دوائرها الرسمية او شبه الرسمية في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت وعلى العموم كل من يقوم بخدمة عامة بأجر او بغير اجر.

ولا يحول من دون تطبيق احكام هذا القانون بحق المكلف بخدمة عامة انتهاء وظيفته او خدمته او عمله متى وقع الفعل الجرمي اثناء توافر صفة من الصفات المبينة في هذه الفقرة فيه ) .

اما الشرط الثاني فهو فعل الاختلاس او الاخفاء الذي يتضمن اخذ او نزع حيازة الشيء العائد لشخص اخر واستنادا الى قانون العقوبات العراقي فان الشخص الذي يقوم بفعل الاختلاس هو الموظف او المكلف بخدمة عامة والذي يقوم باخذ او ضم الشيء الى حيازته او ذمته المالية من خلال تصرفه فيه تصرف المالك كأن يكون ذلك المال مودعاً لديه وتصرف فيه تصرفا شخصيا او امتنع عن رده عند مطالبته به او استحال رده اذا كان ذلك المال قد هلك بيده وهذا الامر يترك تقديره الى المحكمة التي ان اقتنعت بان المتهم قد اضاف المال او الشيء الى ملكه فان هذا يعد كافيا لادانته حتى وان قام برده بعد ثبوت واقعة الاختلاس .

,ويقتضي ان تتوفر في المال شروطا معينا لكي يكون محلا للاختلاس وهو ان يكون محل الجريمة مالا منقولا كما يجب ان يكون من الاموال العامة ويقتضي كذلك ان يكون المال واقعا تحت حيازة الموظف واذا انتفى شرط من هذه الشروط في المال المختلس فاننا سوف لانكون امام جريمة الاختلاس فقد تكون هذه الجريمة سرقة او خيانة امانة كما يجب ان يكون المال الذي وصل الى يد الموظف او المكلف بخدمة عامة كان بسبب الوظيفة او الخدمة العامة التي كلف بها اما اذا اخذ الموظف مالا لم يكن سلم اليه فاننا لانكون هنا امام جريمة اختلاس ايضا ومع هذه الشروط التي ذكرناها لابد من توفر ركن اخر مهم لاتقوم اي جريمة الا بقيامه وهو القصد الجنائي او انصراف نية الموظف لارتكاب فعل الاختلاس وهو نية اخراج المال العام من ملكية الدولة وضمه الى حيازته بقصد الحصول على منفعة له او لغيره او بنية حرمان مالك المال منه اما في حالة ثبوت انعدام هذا القصد فان الفعل يقع تحت طائلة مادة اخرى من مواد قانون العقوبات ولا يكون فعل الموظف جريمة اختلاس ..

وفي حالة اجتماع الشروط التي ذكرناها سابقا فاننا نكون امام جريمة اختلاس تستوجب العقوبة وهي السجن مع تضمين الموظف المال الذي اختلسه وتشدد العقوبة الى السجن المؤبد اذا كانت للمتهم صفة مامور تحصيل او امين صندوف او صيرفي واختلس المال الواقع بيده بهذه الصفة بالاضافة الى ان المتهم يلزم برد ما استولى عليه وما تحقق من ذلك من منفعة او ربح ولا يطلق سراح الموظف بقضائه مدة محكوميته مالم تسترد قيمة المال التي اختلسها كما انه يستثنى من الافراج الشرطي ولا يشمل بالعفو العام او قرارات تخفيف العقوبة.