إجراءات عمل المجلس الدستوري

طبقا للمادة 167 (الفقرة 2) من الدستور، يحدد المجلس الدستوري قواعد عمله. وقد تضمن النظام المؤرخ في 5 محرم 1410 الموافق 7 غشت 1989، المعدل والمتمم، تحديد هذه القواعد.

يعد الإجراء المتبع في مجال الرقابة الدستورية الذي أقره النظام المذكورأعلاه، بسيطا لكنه معقد نسبيا في مجال رقابة صحة الإستشارات السياسية الوطنية. يكون هذا الإجراء في الحالتين كتابيا، وتكون المداولات سرية وتخضع لقاعدة النصاب التي تشترط حضور خمسة(5) أعضاء المجلس الدستوري على الأقل حضورا فعليا. كما يتداول المجلس الدستوري في جلسة مغلقة بأغلبية أعضائه، وفي حالة تساوي الأصوات يكون صوت رئيس المجلس الدستوري أو رئيس الجلسة مرجحا.

1 – في مـجـال الـرقـابـة الـدستـوريـة :

تنص المادة 166 من الدستور على أن إخطار المجلس الدستوري يتم من قبل رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس الشعبي الوطني أو رئيس مجلس الأمة، وهذا يعني بأنه لا يحق للمجلس الدستوري أن يمارس الرقابة الدستورية على نص قانوني معين إلا إذا تم عرضه عليه من إحدى السلطات الدستورية الثلاثة التي تتمتع بسلطة الاخطار، مما يستبعد إمكانية الإخطار الذاتي. وعليه فإن حق الاخطار يعد من الصلاحيات التي خولها المؤسس الدستوري لهذه السلطات الثلاثة التي تمارسها بكل سيادة ومتى رأت ذلك مناسبا.

غيــر أن المؤسـس الدستــوري أقــر، عـــلى سبــيل الحصرطبقا للمادتين 123 و165 من الدستور، اجبارية عرض بعض النصوص، قبل الشروع في تطبيقها، على المجلس الدستوري للفصل في مدى مطابقتها للدستور، وهذه النصوص هي القوانين العضوية والنظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان بحيث يبدي المجلس الدستوري، بعد أن يخطره رئيس الجمهورية، رأيه فيها وجوبا مباشرة بعد المصادقة عليها، بحيث يرتبط الشروع في تنفيذها بصدور رأي المجلس الدستوريبشأنها أولا.

و فيما يخص القوانين العادية والمعاهدات والتنظيمات فإن المجلس الدستوري يفصل فيها كذلك بعد إخطاره. وفي هذه الحالة، يصدر رأيا إذا كان النص القانوني المعروض عليه لم يصبح نافذا بعد، ويصدر قرارا في الحالة العكسية أي إذا كان النص القانوني المعروض عليه قد دخل حيز التنفيذ.

وقد يحدث أن يعرض على المجلس الدستوري نصا قانونيا دخل منذ أمد حيز التنفيذ ورتب آثارا. وفي هذا الصدد، أقر المؤسس الدستوري في المادة 169 من الدستور ما يلي : « إذا ارتأى المجلس الدستوري أن نصا تشريعيا أو تنظيميا غير دستوري، يفقد هذا النص أثاره، ابتداء من يوم قرار المجلس”.

ومن ثم، فإن آراء و قرارات المجلس الدستوري تكتسي الصيغة النهائية، وذات النفاذ الفوري، وتلزم كل السلطات العمومية، وهذا معناه أن كل الأحكام ( جزء من القانون أو القانون كله ) التي اعتبرها المجلس الدستوري مخالفة للدستور تسقط من النص الأصلي ولا يعمل بها ابتداء من تاريخ صدور الرأي أو القرار.

يبتدئ الإجراء برسالة الإخطار الموجهة إلى رئيس المجلس الدستوري من قبل السلطات الدستورية الثلاث المؤهلة لذلك. تسجل رسالة الاخطار بالأمانة العامة للمجلس الدستوري، ويسلم وصل باستلامها.

وتفتتح مرحلة التحقيق في دستورية موضوع الإخطار من عدمه، بتعيين رئيس المجلس الدستوري مقررا من بين أعضاء المجلس الدستوري الذي يتولى التحقيق في الملف وإعداد مشروع رأي أو قرار، تسلم نسخة منه إلى كل عضو مرفوقة بتقرير يكون قد أعدّه في الموضوع. ويخول المقرر في هذا الصدد، أن يجمع كل المعلومات والوثائق المتعلقة بالملف الموكل إليه وأن يستشير أي خبير يختاره.

وفي ختام مرحلة التحقيق في الملف يحدد رئيس المجلس الدستوري تاريخ عقد الجلسة العامة، ويستدعي لها الأعضاء. يبدي المجلس الدستوري آراءه ويتخذ قراراته بأغلبية أعضائه وبحضور سبعة (7) منهم على الأقل.

تعلل آراء المجلس الدستوري وقراراته وتصدر باللغة الوطنية في غضون عشرين يوما الموالية للإخطار بعد توقيعها من رئيس المجلس الدستوري أو رئيس الجلسة، وتسجيلها من قبل الأمــين الـعــام للمجلس الدستوري الذي يتولى

إدراجها في الأرشيف والمحافظة عليها. تبلغ آراء المجلس الدستوري وقراراته الى رئيس الجمهورية والى السلطة صاحبة الإخطار، سواء أكان رئيس مجلس الأمة أو رئيس المجلس الشعبي الوطني.

كما ترسل الى الأمين العام للحكومة لنشرها في الجريدة الرسمية للجمهورية.

2- في مـجـال مراقبة صحة الإستشارات السياسية الوطنية :

على غرار الرقابة الدستورية يكون الإجراء المتبع في حالة مراقبة صحة الإستفتاء والإنتخابات الرئاسية والتشريعية كتابيا وسريا إذ يفصل المجلس الدستوري في جلسة مغلقة وفق قاعدة النصاب المحددة وبأغلبية أعضائه، ويكون صوت رئيس المجلس مرجحا في حالة تساوي الأصوات.

أ- في مــجــال الاسـتـفـتاء :

يسهر المجلس الدستوري على صحة عملية الإستفتاء، ويدرس الإحتجاجات ويعلن النتائج النهائية للإقتراع.

يحق لكل ناخب أن يطعن في صحة عمليات التصويت بإدراج إحتجاجه في محضر تعداد الأصوات الموجود في مكاتب التصويت. ترسل محاضر تركيز نتائج كل ولاية في ظرف مختوم إلى المجلس الدستوري الذي يتحقق منها قبل أن يعلن النتائج النهائية في أجل عشرة (10) أيام على الأكثر من تاريخ إستلامه هذه المحاضر.

ب- في مجال انتخاب رئيس الجمهورية :

يتدخل المجلس الدستوري على مستويات ثلاثة هي :

– يفصل في صحة الترشيحات لانتخاب رئيس الجمهورية.

– يبت في الطعون التي يقدمها المترشحون أو ممثلوهم المفوضين قانونا لذلك، ويعلن النتائج النهائية للإنتخاب.

– يراقب حسابات الحملة الإنتخابية للمترشحين.

ب1- الـفـصـل فـي صـحـة الـترشـيحات :

تودع تصريحات الترشح لرئاسة الجمهورية حسب الشروط المنصوص عليها في المادة 73 من الدستور، وفي أحكام أخرى من الأمر المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، بالأمانة العامة للمجلس الدستوري وفق الشروط والأشكال والآجال المحددة في القانون العضوي المذكورأعلاه، ويسلم وصل باستلام ملف الترشح.

ينص الأمر المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات في مادته 161 على أنه : ” لا يقبل انسحاب المترشح بعد إيداع الترشيحات إلا في حالة وفاة أو حدوث مانع قانوني”.

يعين رئيس المجلس الدستوري من بين أعضاء المجلس الدستوري مقررا أو عدّة مقررين للتكفل بالتحقيق في ملفات الترشح. يستدعي رئيس المجلس الدستوري بعد ذلك أعضاء المجلس للاجتماع في جلسة مغلقة ودراسة التقرير والفصل في صحة الترشيحات.

بعد التحقق من قائمة الوثائق المكونة لملف الترشح المقدمة والتأكد من أن كل مترشح يستوفي فعلا الشروط التي يقتضيها الدستوروالأمر المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، يضبط المجلس الدستوري قائمة المترشحين لانتخاب رئيس الجمهورية بموجب قرار، ويبلغ هذه القائمة الى المعنيين، وتعلم بها جميع السلطات المعنية. كما ترسل إلى الأمين العام للحكومة لنشرها في الجريدة الرسمية للجمهورية.

أما في حالة وفاة أو انسحاب أو حدوث مانع لأي من المترشحين الاثنين في الدور الثاني، يعلن المجلس الدستوري ضرورة القيام من جديد بمجموع العمليات الانتخابية، ويمدد، في هذه الحالة، آجال تنظيم الانتخابات الجديدة لمدة أقصاها ستون(60) يوما.

ب2 : الـبــت فـي الـطـعـون واعــلان النتـائـج :

يدرس المجلس الدستوري الطعون المتعلقة بعمليات الانتخابات طبقا لأحكام الأمر المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات وأحكام النظام المحدد لاجراءات عمله.

ويعلن النتائج النهائية للإقتراع طبقا للأمر المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات.

ب3 : مراقبة حسابات الحملة الانتخابية :

إن كل مترشح لانتخاب رئيس الجمهورية ملزم باعداد حساب حملة انتخابية يتضمن مجموع الايرادات المتحصل عليها والنفقات التي تمت، وذلك حسب مصدرها وطبيعتها ووفق الشروط والكيفيات المقررة في المادة 191 مـن

الأمر المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات.وفي حالة عدم مراعاة الأحكام الواردة في المادة 191 من الأمر المذكور أعلاه فإن ذلك يعرض المترشح للعقوبات الجزائية المنصوص عليها في المادة 215 من ذات الأمر.

وينبغي أن يقدم كل مترشح لانتخاب رئيس الجمهورية حساب حملته الانتخابية الى المجلس الدستوري في أجل أقصاه ثلاثة أشهرمن اعلان النتائج النهائية.

يبت المجلس الدستوري في حساب الحملة الانتخابية ويبلغ قراره الى كل مترشح. كما ينشر القرار المتعلق بحساب الحملة الانتخابية للمترشح المنتخب في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.

يحدد قــرار المجلس الدستــوري قــبول حساب الحملة الانتخابية أو رفضه، ولا يمكن المترشح الذي رفض حساب حملته الانتخابية، ان يطالب بتسديد للمصاريف الحقيقية التي أنفقها.

ج – انــتـخـاب أعـضـاء البـرلـمـان :

أ- انــتـخـاب أعـضـاء المجلـس الشعبي الوطني :

يعلن المجلس الدستوري نتائج الإقتراع، ويبت في أحقية الطعون التي يقدمها المترشح او الحزب السياسي. كما يراقب حسابات الحملة الانتخابية للمترشحين للمجلس الشعبي الوطني.

أ1 – دراســة الطـعون وإعلان النتائج :

يبت المجلس الدستوري في أحقية الطعون التي يقدمها كل مترشح أو حزب سياسي يشارك في الانتخابات، طبقا للشروط والأجل المحدد في المادة 118 من الأمر المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات. وإذا اعتبر أن الطعن مؤسس يمكنه أن يعلن بموجب قرار معلل، إما إلغاء الانتخابات المتنازع فيها، وإما أن يصحح محضر النتائج المعد، ويعلن فوز المترشح المنتخب.

أ2- مــراقـبة حسـابـات الحـمـلة :

يبت المجلس الدستوري في حسابات الحملة الإنتخابية للمترشحين للعضوية في المجلس الشعبي الوطني حسب نفس الشروط المحددة بالنسبة لانتخاب رئيس الجمهورية. وينبغي أن تقدم هذه الحسابات خلال الشهرين التاليين للاعلان النهائي لنتائج الاقتراع. ويتعرض المترشحون لنفس العقوبات الجزائية في حالة عدم مراعاتهم هذه الشروط.

غير أن حسابات المترشحين المنتخبين لا تنشر في الجريدة الرسمية للجمهورية، وإنما ترسل فقط الى مكتب المجلس الشعبي الوطني.

ب- انــتـخـاب أعـضـاء مجلـس الأمـة :

يبت المجلس الدستوري خلال جلسة مغلقة في أحقية الطعون المقدمة من قبل المترشح أو الحزب السياسي المشارك في الانتخاب وذلك وفق الشروط والآجال المحددة في المواد 145 و 148 و 149 من الأمر المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات والنظام المحدد لاجراءات عمله.

يعلن النتائج النهائية للانتخاب طبقا لأحكام المادة 146 من الأمر المذكور أعلاه.