حقك… وحقوق الآخرين في التقاضي
منصور الزغيبي
في الوقت الراهن المكتظ بالمتغيرات السريعة، والأحداث المستجدة المتزاحمة والمتضاربة، والتعقيدات بسبب الظروف، والاتساع السكاني الكبير، كل هذا يتطلب تجديداً للأنظمة وتطويراً وتفعيلاً لها على أرض الواقع، وسداً للثغرات، وتوعية الناس بها من خلال توضيح صورة آلية الإجراءات القضائية من بداية تقديم صحيفة الدعوى حتى إصدار الحكم القضائي فيها.

الثقافة القضائية في تعريف أحد الكتّاب المعتبرين هي: «سلاح وعتاد يستخدمه الفرد الواعي في مواجهة تغيرات الواقع ومتطلبات الحياة المتجددة والمختلفة».

والوعي بالقانون مطلب شرعي ووطني من أجل أكثر من أمر، الأول: لحماية الذات من الوقوع في الخطأ وتجاوز حدود الآخرين، ومن أجل دفع الضرر المرتكب من الآخرين نحوك، وكذلك من أجل ارتقاء الوعي الاجتماعي الذي تنعكس آثاره الإيجابية على البلد والحياة الاجتماعية بشكل إيجابي.

القانون ضرورة اجتماعية لحفظ كيان المجتمع، وهو المنظم للعلاقات داخل المجتمع، وهو أداة وضع لضبط التجاوزات التي دائماً تأتي بداية من معدومي الضمير حتى الخالين من الذوق والأدب، ومن أكبر وظائفه تحقيق العدل، وحماية أفراد المجتمع من التجاوزات في ما بينهم، أو أن يستخدم أحد سلطة معينة نحو الأضعف.

القانون هو أداة لتقدم المجتمع ووصوله للرقي الذي يجب، وهو دائماً يساير ظروف الحياة الاجتماعية وتقلباتها وتغيراتها، التي عادة ما تكون نتاج ظروف معينة ومختلفة، كلما كان المجتمع أكثر التزاماً في تطبيق القانون وعدم تجاوز تعاليمه، كان أقرب للنور والصواب والحياة التي يتمناها الكثير من المجتمعات التي أشبه ما تكون بالمجتمعات البدائية في كل شيء، وإن كانت تملك كل شيء.

من المعلوم بقدر ما ترتفع نسبة الوعي القضائي داخل المجتمع فهذا يساعد في حفظ حقوق أفراد المجتمع، وتحجيم من دائرة الجرائم بنوعيها الحقوقية والجنائية، ورفع من مستوى الأمان النفسي، وتنمية للفهم الشرعي والقانوني، ومعرفة المواطن أين موقعه بالضبط في أي ظرف يعانيه، ومعرفة كذلك حدود الآخرين منه، وكذلك تظهر إيجابيات بسبب ذلك، وهي شبه مفقودة في الواقع الاجتماعي، منها انخفاض نسبة الوقوع في المشكلات، ومعرفة طريقة إنهاء المشكلة وفق النظام من دون إطالة غير لازمة.

البعض حينما يعاني من مشكلة حقوقية أو جنائية لا يعرف من أين يبدأ؟ ولا كيف يحمي ذاته كذلك؟ وهذا يتطلب أن يعرف الواحد ما له وما عليه نظامياً، والواجب أن تكون داخل كل بيت مكتبة صغيرة قانونية، أو على الأقل ألا يخلو البيت من دليل إرشادي وتوضيحي للإجراءات القضائية في المشكلات المالية والجنائية والزوجية، وقضايا حوادث المرور وغيرها، وكذلك يجب متابعة برامج الاستشارات القانونية ومعرفة المستجدات من الأنظمة وغيرها، والمشاركة في حضور الدورات المتخصصة التي يقدمها المختصون، من أجل تنمية الثقافة القضائية داخل البيت، ومعرفة كل أفراد الأسرة «الأب والزوجة والبنت والطفل» حقوقهم في التقاضي وحقوق غيرهم، والأسرة الواعية جيداً والناجحة هي من تنمي الوعي والثقافة القضائية بين أفرادها.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت