التعريف الاصطلاحي للعربون

إن العربون مصطلح درج على استعماله كل من فقهاء الشريعة الإسلامية، و فقهاء القانون الوضعي، و لكل منهما تعريفه الخاص به، و هذا ما سنتناوله فيما يلي:

الفرع الاول: العربون في اصطلاح فقهاء الشريعة الإسلامية

قال الإمام مالك في الموطأ: « و العربان: أن يشتري الرجل العبد أو الوليدة، أو يتكارى الدابة، ثم يقول للذي اشترى منه أو تكارى منه: أعطيك دينارا، أو درهما أو أكثر من ذلك أو أقل على أني إن أخذت السلعة أو ركبت ما تكاريت منك فالذي أعطيتك هو من ثمن السلعة أو من كراء الدابة، وإن تركت ابتياع السلعة ،أو كراء الدابة فما أعطيته لك .»

و جاء في الشرح الكبير: « و كبيع العربان إسم مفرد، و يقال أربان بضم أول كل، و عربون، و أربون بضم أولهما، و فتحه و هو أن يشتري أو يكتري السلعة، و يعطيه أي يعطي المشتري للبائع شيئا من الثمن على أنه أي المشتري إن كره البيع لم يعد إليه ما أعطاه، و إن أحبه حاسبه به من الثمن أو تركه مجانا .»

أما في المغنى و الشرح الكبير:« العربون في البيع هو أن يشتري السلعة فيدفع إلى البائع درهما، و غيره على أنه إن أخذ السلعة احتسب به من الثمن، و إن لم يأخذها فذلك للبائع.»

الفرع الثاني: تعريف العربون في اصطلاح فقهاء القانون

عرف العربون من طرف الأستاذ السنهوري بأنه: « عبارة عن مبلغ من المال يدفعه أحد المتعاقدين إلى الآخر وقت التعاقد، فإن تم التعاقد حسب المبلغ المدفوع من جملة ما هو متفق عليه، وإذا لم يتم التعاقد خسر من عدل قيمة العربون.»

و قد عرفه الأستاذ محمد شريف أحمد بأنه: « مبلغ من المال، أو أي شيء مثلي آخر يدفعه أحد المتعاقدين للآخر وقت إبرام العقد، إما للتأكيد على أن لكل من الطرفين الحق في العدول عن العقد في مقابل تركه ممن دفعه، أو رده مضاعفا ممن قبضه، وإما للتأكيد على أن العقد الذي أبرماه أصبح باتا لا يجوز الرجوع فيه. »

أما الدكتور رمضان أبو السعود فقد عرفه بأنه: « مبلغ من النقود يدفعه أحد المتعاقدين للآخر عند إبرام العقد، و يحدث ذلك غالبا في عقود البيع، و الإيجار فيدفع المشتري جزءا من الثمن، و ليس هناك ما يمنع أن يقوم كل طرف من أطراف العقد بدفع مبلغ عربون للمتعاقد الآخر . »

في حين أن الأستاذ خليل أحمد حسن قدادة عرفه بأنه:«هو المبلغ الذي يدفعه أحد المتعاقدين إلى الآخر وقت إبرام العقد يكون الغرض منه إما جعل العقد المبرم بينهما عقدا نهائيا، وإما إعطاء الحق لكل واحد منهما في إمضاء العقد أو نقضه. »

و بناءا على كل التعاريف السابقة يمكن إيجاد تعريف موحد بينها: «العربون مبلغ من المال، أو أي منقول معين تحدد قيمته في العقد يسلمه أخد المتعاقدين للآخر وقت إبرام العقد، إما للدلالة على أحقية كل منهما في العدول أو للدلالة على نهائيته و البت فيه ،و تأكيده بالبدء في تنفيذه ،و دفع جزء من الثمن .»

و من خلال هذا التعريف يمكن أن نستخلص بعض خصائص العربون:

1- قد يكون العربون منقولا كسيارة مثلا، إذ ليس هناك نص يحصر العربون في مبلغ نقدي، وإن كان جرى العرف على أن يكون مبلغا من النقود.

2- الغرض من تحديد قيمة المنقول في العقد هو درأ الخلاف بين الطرفين حول قيمة العربون إذ كان العدول ممن قبضه، حين يرد المنقول عينه و قيمته المقدرة في العقد.

3- يمكن أن يصاحب العربون أي عقد إذ أن أحكامه عامة تصدق على سائر العقود، و لكن شاع استعماله في عقدي البيع، و الإيجار.

4- يجب أن يدفع العربون وقت التعاقد لأنه إن دفع بعد ذلك اعتبر تنفيذا جزئيا للعقد.

و اشتراط خيار العدول لنفسه إلا أن الموعود له لا يلزم في حالة عدم إستفاء الوعد برد ضعفه.

6- قد تكون للعربون دلالة تمام العقد و البدء في التنفيذ، وقد تكون له دلالة عدول عن إتمام التعاقد