الآثار القانونية للمعاهدات

المبحث الأول : آثار المعاهدات فيما بين أطرافها
للمعاهدة المبرمة صحيحاً أثناء نفاذها قوة القانون بين أطرافها فهي ملزمة لجميع أطرافها ويجب على كل دولة طرف توفير وسائل تنفيذ المعاهدة وإلا سوف تتحمل المسئولية الدولية، كما لا يجوز لها التحلل من التزاماتها بحجة أنها أصبحت مجحفة أو أنها أكرهت عليها تحت تأثير ظروف خاصة لأن هذا يؤدي إلى فوضى دولية، ولقد أكدت اتفاقية فيينا ذلك وقررت أولوية أحكام المعاهدة على القانون الدولي.

* ومن المقرر أن المعاهدات لا يمتد أثرها على الماضي بالنسبة للأعمال أو الوقائع التي تمت قبل نفاذها مل لم يتفق الأطراف على غير ذلك، كما أن المعاهدة تنطبق على كافة أجزاء الأقاليم التابعة لأطرافها إلا إذا نص صراحة على غير ذلك في نصوص المعاهدة وهذا ما أيدته اتفاقية فيينا.

المبحث الثاني : آثار المعاهدات بالنسبة لغير أطرافها
القاعدة العامة أن المعاهدة لا ترتب حقوقاً وواجبات إلا بين أطرافها وأن أثرها لا يمتد إلى الدول التي لم تساهم في إبرامها وهذا المبدأ مسلم به ويجمع عليه الفقه والقضاء الدوليين وعليه يجري العمل بين الدول.
* ولكن قد يحدث أن تمتد آثار المعاهدة المبرمة بين دول معينة إلى دول أخرى لم تكن طرفاً فيها، وذلك إذا كان تنفيذ الالتزامات الواردة في المعاهدة يحقق نفعاً لها.
ولكن اتفاقية فيينا تشترط قبول الدولة الغير كتاب بتحمل الالتزامات التي تفرضها عليها المعاهدة ورغم ذلك توجد حالات يمتد فيها أثر المعاهدات إلى غير الأطراف على سبيل الاستثناء وسندرس هذه الحالات بالتفصيل؟
أولاً- المعاهدات المنظمة لأوضاع دائمة:
وتعني المعاهدات التي يتعذر فيها تنظيم المركز القانوني لمنظمة معينة أو لإقليم ما، حيث غالباً ما تقرر هذه المعاهدات أموراً تهم المجتمع الدولي بنفس القدر الذي تهم فيه الدول التي أبرمتها وخاصة إذا ما استقرت المبادئ التي تضمنتها في العرف الدولي.
ومن أمثلة هذا النوع من المعاهدات ميثاق الأمم المتحدة الذي يمتاز بالطابع الدستوري حيث يكون ملزم للدول الأطراف وغير الأطراف.
ثانياً- الانضمام اللاحق للمعاهدة:
هناك المعاهدات المقفلة التي تشترط لدخول عضو جديد فيها الدخول في مفاوضات مع أطراف المعاهدة وبالمقابل هناك المعاهدات المفتوحة وهي التي تحوي نصاً يبيح انضمام الغير إليها أو قبولها لها وكثيراً ما تتخذ المعاهدات الهامة الشكل الأخير بعد استيفاء شروط أو إجراءات معينة، والنص المبيح للانضمام للمعاهدة يتخذ في غالب الأحوال شكل دعوة موجهة إلى الدول غير الأطراف لكي تقبل الانضمام إلى المعاهدة.
* ولا يحصل الانضمام إلى المعاهدات إلا بعد نفاذها بين أطرافها الأصليين وبتمام إجراءات الانضمام تصبح الدولة طرفاً في المعاهدة ويكون لها كافة الحقوق والمزايا التي تتمتع بها أطرافها كما تتحمل كافة الأعباء والالتزامات التي تقررها المعاهدة بالنسبة لأطرافها.
ثالثاً- شرط الدولة الأكثر رعاية:
يحدث أحياناً عند إبرام معاهدة أو اتفاق بين دولتين أن تتعهد كل منهما للأخرى لمقتضى نص خاص بأن تسمح لها بالاستفادة من كل امتياز تمنحه في المستقبل لدولة أو لدول غيرها بالنسبة لأمر من الأمور التي تم الاتفاق عليها في المعاهدة، فإذا تضمنت معاهدة بين دولتين هذا النص ثم أبرمت إحدى الدولتين معاهدة مع دولة ثالثة تمنحها فيها لعض الحقوق أو المزايا التي لم ترد في المعاهدة الأولى، كان للدولة الثانية الحق في الاستفادة من هذه الحقوق والمزايا استناداً إلى شرط الدولة الأكثر رعاية، ويعد هذا الشرط وسيلة انضمام غير مباشرة لدولة في معاهدة هي ليست طرفاً فيها.
* وغالباً ما يتم تضمين هذا الشرط في الاتفاقيات ذات الصفة الاقتصادية أو التجارية وفي اتفاقات إقامة الأجانب، ويعد هذا الشرط وسيلة من وسائل توحيد القواعد والنظم التي يتناولها مما يؤدي إلى توحيد القانون والمساواة في المعاملة بين الدول.
والدول المنتفعة بهذا الشرط لها فقط أن تطالب بالمساواة القانونية، ولا يمتد مجال هذا الشرط إلى محيط العلاقات التي تستند إلى نظم وروابط خاصة، كتلك التي تقوم بين دول اتحاد أو تعاهد أو بما يبرم بين الدول الأعضاء في منظمة إقليمية كجامعة الدول العربية، وإنما يتناول فقط الاتفاقات التي تبرم في حدود العلاقات الدولية العادية بين الدول بصفة عامة.
رابعاً- الاشتراط لمصلحة الغير:
قد ينشأ حق لدولة ليست طرفاً في معاهدة إذا نصت المعاهدة على منح هذا الحق لدولة معينة أو لمجموعة من الدول أو للدول جميعاً، ووافقت الدول الغير على قبول هذا الحق صراحة أو ضمناً على أن للدول التي تتمتع بممارسة حق من هذا النوع أن تتم ممارستها لهذا الحق في حدود الشروط التي حددتها المعاهدة، وفي مقابل هذا يمنع على أطراف المعاهدة إلغاء أو تغيير حق تم إقراره أو النص عليه لمصلحة الغير إذا كانت المعاهدة تتضمن نصاً بعدم التعديل، أو إذا ثبت أن أطراف المعاهدة قد قصدوا ألا يتم تعديل أو إلغاء هذا الحق بدون موافقة الدول غير الأطراف في المعاهدة والتي تقرر هذا الشرط لمصلحتها.

* أحكام معاهدة فيينا حول أثر المعاهدات بالنسبة للدول الغير:
1- لا تنشئ المعاهدات التزامات أو حقوقاً للدول الغير بدون موافقتها.
2- ينشأ التزام على الدولة الغير نتيجة نص في معاهدة إذا قصد أطراف المعاهدة بهذا النص أن يكون وسيلة لإنشاء الالتزام، وقبلت الدول الغير صراحة هذا الالتزام.
3- ينشأ حق للدولة الغير نتيجة نص في المعاهدة إذا قصد أطراف المعاهدة بهذا النص منح هذا الحق للدولة الغير أو لمجموعة من الدول تنتمي هذه الدولة إليها أو للدول جميعاً ووافقت الدول الغير على ذلك، وتفترض هذه الموافقة ما لم يصدر عن الدولة الغير ما يفيد العكس إلا إذا نصت المعاهدة على غير ذلك.
4- تلتزم الدولة التي تمارس حقها مراعاة شروط ممارسة هذا الحق المنصوص في المعاهدة أو الموضوعة وفقاً لها.
5- عندما ينشأ التزام على الدولة الغير فإن إلغاء أو تغيير هذا الالتزام لا يتم إلا بالرضاء المتبادل للأطراف ولدولة الغير ما لم يثبت أنهم اتفقوا على غير ذلك.
6- عندما ينشأ حق للدولة الغير فلا يجوز للأطراف إلغاء أو تغيير هذا الحق إذا ثبت أنه به ألا يكون محلاً للإلغاء أو التغيير بغير موافقة الدولة الغير.
7- ليس في البنود السابقة ما يحول دون قاعدة واردة في معاهدة أن تصبح ملزمة لدولة ليست طرفاً فيها باعتبارها قاعدة عرفية من قواعد القانون الدولي ومعترفاً لها بهذه لها بهذه الصفة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت