أسس إصلاح القضاء

منذ سنوات عديدة دأب الحقوقيون والديمقراطيون والوطنيون في المغرب على المطالبة بإصلاح القضاء وضمان استقلاله ونزاهته، في حين ظلت مؤشرات الخلل والفساد تضرب مصداقية العمل القضائي، وتزعزع الثقة في حياده ونزاهته، وتعرقل إرساء دولة الحق والقانون، وتعوق نمو وتطور الاستثمار.

وحينما تأتي الدعوة إلى إصلاح القضاء من أعلى مستوى في الدولة من المفروض أن يتخذ الإصلاح مسارا صحيحا، ويُبنى على أسس متينة وسليمة، وهذا يقتضي قي نظري أن ينطلق الإصلاح من وضع بعض اللبنات الأساسية من أهمها:

1) التنصيص في الدستور على أن القضاء سلطة مستقلة، مع تحديد الآليات التي تضمن استقلالها عن السلطة التنفيذية وعن أي نقوذ أو ضغط سياسي أو غيره.

2) إبعاد وزير العدل الذي يمثل السلطة التنفيذية عن تسيير شؤون القضاء، والتنصيص في الدستور على أن من ينوب عن الملك في رئاسة المجلس الأعلى للقضاة هو الرئيس الأول للمجلس الأعلى وليس وزير العدل، وأن الأعضاء يتم انتخابهم من طرف القضاة لمدة محددة وغير قابلة للتجديد، وأن المجلس هو الذي يتولى البت في كل ما يتعلق بالوضعية الإدارية للقضاة من ترقيى أو تأديب أوانتقال أو غير ذلك.

3) أن ينحصر دور وزارة العدل في توفير وتهيئة البنايات، وتوظيف المساعديم وتأطيرهم، وتوفير وسائل العمل دون التدخل في سير المحاكم وعمل القضاة.

إن الإصلاح الحقيقي للقضاء وتجاوز ما يعانيه من خلل وفساد يجب أن يرتكز على فلسفة جديدة تندرج في إطار الدمقرطة التي تقوم على فصل السلط والتسيير الذاتي والديمقراطي لشؤون القضاء؛ أما بالنسبة لإصلاح البنايات وتحديث وسائل العمل وتحسين ظروفه فهي ليست من جوهر الإصلاح، وإنما هي من العناصر المكملة له، وبالتالي فإنه إذا انحصر الإصلاح في الجوانب الشكلية المتعلقة بسير القضاء والمحاكم دون المساس بالأسس التي يرتكز عليها فإن الغاية من الإصلاح والتي تتمثل أساسا في الاستقلال والنزاهة وبناء دولة الحق والقانون ستبقى مجرد آمال يستعصي تحقيقها.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت