تجريم الغش التجاري في القانون الإماراتي

مقال حول: تجريم الغش التجاري في القانون الإماراتي

تجريم الغش التجاري في القانون الإماراتي

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

تبرز انتهاكات حقوق الملكية الفكرية والتجارة غير المشروعة في الأساس كمشكلة متعددة الأبعاد بدءا من بلد المنشأ، حيث يتم تصنيع السلع المقلدة ومحاور العبور والوجهة النهائية لها.

وتسعى الإمارات جاهدة لمواجهة آفة الغش التجاري عبر سن قانون يجرم الغش بجميع أشكاله بعد أن تحولت إلى خطر يعرض اقتصاد الدولة لخسائر كبيرة مباشرة وغير مباشرة، إلى جانب كونها ذات تأثير جسيم على أداء النمو والسلامة العامة، إذ إن وجودها يعمل على تقويض دعائم العلامات الأصلية، كون العلامات الأصلية تستثمر بشكل كبير في منتجاتها وتعمل جاهدة على ترويجها بالطريقة الصحيحة، بعكس المنتجات المزيفة التي لا تحتاج إلى هذا الجهد لتستقطب الزبائن.

وبرز الغش التجاري في السنوات الأخيرة في دولة الإمارات كقضية وطنية تتطلب المزيد من المسؤولية وتضافر الجهود ووضع استراتيجيات فعالة بعيدة المدى ولسنوات طويلة من أجل مواجهة سلبياتها وتحدياتها كظاهرة خطرة حفاظا على أداء الاقتصاد الوطني والسلامة العامة، وحماية البيئة الاستثمارية والاستهلاكية والناتج الوطني.

ومما زاد من وتيرة المساعي لمكافحة الغش في الإمارات، ما تشير إليه البيانات الاقتصادية من ارتفاع حالات ضبط لسلع مغشوشة وفاسدة ومقلدة في الأسواق، والتي تؤكد تعرض البلد إلى ما يمكن أن يسمى غزوا مستفيدا من مناخ الحرية والتسهيلات الاقتصادية المتاحة في الدولة.

ومع الجهود المضنية التي تبذل من قبل إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الإماراتية للحد من الظاهرة حفاظا على الأسواق، يبقى الدور الكبير متمثلا في توحيد الجهود وتبادل الخبرات بين الدول للقضاء على أشكال الغش التي توثر سلبا على معظم الاقتصادات في العالم.

ويكمن الحل في العمل على إنشاء قاعدة بيانات مركزية تساعد أصحاب القرار، والجهات التنفيذية والرقابية وهيئات إنفاذ القوانين في مكافحة ظاهرة الغش التجاري والتقليد، وإتاحتها للجهات البحثية ومنظمات المجتمع المدني والجمهور.

ولجأت حكومة الإمارات أخيرا إلى الاهتمام بتطوير القوانين والتشريعات وتشديد العقوبات في هذا المجال وضبط المخالفين للقوانين التجارية المعمول بها في الدولة ومنها قانون مكافحة الغش.

لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والصناعية بالمجلس الوطني الاتحادي أكدت أن تحديث قانون الغش التجاري يتناسب مع النمو الاقتصادي لدولة الإمارات ورغبتها في الارتقاء إلى أعلى المراتب في مؤشرات أداء الأعمال العالمية.

وقالت اللجنة في تقريرها حول مشروع قانون مكافحة الغش التجاري الذي يناقشه المجلس الوطني الاتحادي أن مشروع قانون مكافحة الغش التجاري يندرج ضمن منظومة من التشريعات الاقتصادية التي تعمل الدولة على تحديثها بما يتلاءم مع المكانة التي تحتلها دولة الإمارات، حيث يهدف المشروع إلى تحديث قانون الغش التجاري، بما يتناسب مع النمو الاقتصادي للدولة، وبما يتوافق مع أفضل الأنظمة والمعايير الدولية.

ويهدف المشروع إلى تشديد العقوبات التي توقع على مخالفي أحكامه عبر تجريم الأفعال الداخلة في الغش التجاري، سواء بالنسبة إلى السلع الغذائية أو المنتجات والعقاقير الطبية وغيرها، فيما أجاز التصالح في بعض مخالفات الغش التجاري.
وبدأت اللجنة في رصد عدد من الملاحظات حول مشروع القانون، إذ رأت أنهلا يتضمن الغش في الخدمة، وتبين الدراسات التشريعية لمشروع القانون أن الغش التجاري المقصود به يقف عند الغش في السلع، ولا يشمل الغش في الخدمات، وبما أن الخدمات تمثل جزءا أصيلا من التجارة، فمن ثم يتعين التوسع في مفهوم الغش التجاري، وضم الغش في الخدمات إلى مشروع القانون، وتعريفه بالشكل المناسب، مشيرة إلى أن إضافة مفهوم غش الخدمة سيجعل القانون يحقق هدفه في التكامل مع قانون حماية المستهلك، ويدعم هذا التوجه.

ورأت اللجنة في تقريرها الحاجة إلى تعديل تعريف السلع المقلدة، لأن التعريف ينصرف إلى مفهوم التزوير أكثر من التقليد، وحتى يكون متوافقا مع قانون العلامات التجارية، مقترحة تعديلات عدة على مواد في مشروع القانون، منها إضافة غش الخدمة وتعريفه من ضمن تعريفات الغش التجاري في مادة التعريفات، واعتبار عرض أو تقديم أو ترويج أو الإعلان عن خدمات تجارية مغشوشة من ضمن الأفعال التي تعد غشا تجاريا، وإضافة الغش المرتبط بعقود المقاولة من ضمن ما يعد غشا تجاريا، لخطورته على الأرواح والممتلكات، خاصة في ضوء التوسع العمراني الذي تشهده الدولة.

كما اقترحت اللجنة تعديل تعريف السلع الفاسدة والسلع المقلدة، ليكون المفهوم واضحا ومعبرا عن المقصود بهذه السلع، وإضافة ما يؤكد أن الإعادة إلى المصدر تكون للسلع المغشوشة أو الفاسدة، أما السلع المقلدة فتتلف، وأن كل ذلك لا ينال من المسؤولية الجنائية لمقترف المخالفة.ِِ

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.