بحث عن تقادم الحقوق العمالية واصابة العمل في القانون اليمني
بسم الله الرحمن الرحيم

بحث قانوني عن تقادم الحقوق العمالية واصابات العمل في القانون اليمني

مكتب المحامي / أمين حفظ الله الربيعي
اعداد الباحث/عبد الله محمد المرير

مقدمة
لما كان الحق سلطة يقررها القانون للشخص ويعترف له بها في حدود الشرع وان الغاية منه هو تحقيق مصلحة مشروعة الا ان هذه المصلحة تزول بعد مرور فترة من الزمن يحددها القانون فيمنع بعد مضيها سماع الدعوى لِعلةٍ رأها المقنن وهي تحقيق الاستقرار الاجتماعي في المجتمع لان هذا الاستقرار ينعكس بدوره على الجهاز القضائي للدولة فالقضاء لا يستطيع ان يؤدي وظيفته إذا ظل المجال لرفع الدعوى قائما بلا نهاية.

ومن ثم كان لابد من اصطناع وسيلة يضع بموجبها المقنن حدا للدعوى –ومنها الدعاوى العمالية واصابات العمل – التي مضى عليها فترة من الزمن دون رفعها ولعل هذه الوسيلة هي التقادم التي من اثارها ينقضي الالتزام ولا يجوز للمحكمة ان تقضي به من تلقاء نفسها إذا يجب على من يتمسك به ابداؤه في حالة تكون عليها الدعوى.

ولهذا قمت بهذا البحث القانوني المتواضع لتحديد المدد القانونية التي بعد مضيها يمنع سماع دعاوى الحقوق العمالية واصابات العمل معتمداً في الأساس على نصوص القانون اليمني التي وردت في قانون التأمينات الاجتماعية وقانون العمل والقانون المدني وقانون الاثبات.

سائلاً من المولى عزوجل التوفيق والسداد انه ولي ذلك والقادر عليه،

أولا: تعريف إصابة العمل:
تنص المادة الثانية من قانون التأمينات الاجتماعية رقم (26) لـ سنة1991م على ان المقصود بإصابة العمل هي:
((الإصابة بأحد الامراض المهنية المبينة بالجدول الملحق بقانون العمل او الإصابة نتيجة حادث بسبب العمل او اثناء تأديته ويكون بحكم ذلك كل حادث وقع للمؤمن عليه خلال فترة ذهابه لمباشرة العمل أو إلى أي مكان حدده له صاحب العمل أو عودته منه أياً كانت وسيلة المواصلات غير الممنوعة بشرط أن يسلك الطريق الطبيعي دون توقف أو تخلف أو انحراف ما لم يكن ذلك بغير إرادته)).
فيتضح من خلال النص ان تامين إصابات العمل يغطي المخاطر التالية:
1- حادث العمل. 2-حادث الطريق. 3-امراض المهنة.
كما عرفت ذات المادة المرض المهني بانه:
((الإصابة بمرض تعرض العامل لعوامل طبيعية أو كيميائية أو حيوية موجودة في بيئة العمل ونتيجة لطبيعة عمله فيها ويثبت ذلك بقرار من طبيب المؤسسة)).

ثانياً: مدد التقادم المذكورة في قانون التأمينات الاجتماعية
المادة (96) والتي تنص على:
((1-يسقط حق المؤمن عليه أو المستحقين عنه في تعويضات العجز المؤقت وفي المنح والإعانات بمرور سنة واحدة من تاريخ الإصابة والوفاة والزواج دون تقديم طلب صرفها.

2-يسقط الحق في المعاش إذا لم تتم المطالبة به أو لم يتم صرفه لمدة خمس سنوات من تاريخ آخر صرف تقاضاه)).

مادة (97) والتي تنص على:
((1-لا تقبل دعوى المطالبة أو التعويض إلا إذا طولبت المؤسسة بها كتابة خلال خمس سنوات من التاريخ الذي تعتبر فيه المستحقات واجبه الأداء.

2-يعتبر أي إجراء تقوم به أية جهة من الجهات الإدارية أو النقابية في مواجهة المؤسسة بالنسبة لحقوق المؤمن عليهم أو المستحقين عنهم قاطعاً للتقادم إذا تم في خلال خمس سنوات)).

ومن خلال المادتين السابقتين يتضح لنا ان هناك حقوق تسقط بمرور سنة واحدة من تاريخ الإصابة أو الوفاة أو الزواج دون تقديم طلب صرفها وهي:
1- حق المؤمن عليه او المستحقين عنه في تعويضات العجز المؤقت.
2- حق المؤمن عليه او المستحقين عنه في المنح والاعانات.
وحقوق أخرى تسقط بمرور خمس سنوات وهي:
1- الحق في المعاش إذا لم تتم المطالبة به أو لم يتم صرفه لمدة خمس سنوات من تاريخ آخر صرف تقاضاه.
2- دعوى المطالبة او التعويض إذا لم تقدم الى المؤسسة العامة للتأمينات كتابة خلال خمس سنوات من التاريخ الذي تعتبر فيه المستحقات واجبة الأداء.
مع اعتبار ان القيام بأي إجراء تقوم به أية جهة من الجهات الإدارية أو النقابية في مواجهة المؤسسة بالنسبة لحقوق المؤمن عليهم أو المستحقين عنهم قاطعاً للتقادم إذا تم في خلال خمس سنوات.

ثالثا: مدد التقادم المذكورة في القانون المدني.
تنص المادة (442) بقولها:
((في الأحوال التي ينص فيها القانون على عدم سماع الدعوى بمضي الزمن يرجع في تحديد المدة والشروط والقرائن والملابسات الى النص الخاص بها كما يراعى ما هو منصوص عليه في المواد التالية))

وبهذا النص يكون القانون المدني قد أحال الرجوع في تحديد مدد التقادم الى القوانين الخاصة بخلاف نظيره القانون المصري الذي حدد تقادم حقوق بعض أصحاب المهن الحرة فقد نصت المادة (376) من القانون المدني المصري على:
((تتقادم بخمس سنوات حقوق الأطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والأساتذة والمعلمين على ان تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما ادوه من عمل من أعمال مهنتهم وما تكبدوه من مصروفات)).

وجاء في نص المادة (443) من القانون المدني اليمني تعريف العذر الشرعي:
((العذر الشرعي هو غياب صاحب الحق ومرضه المانع او كونه عديم الاهلية او ناقصها إذا لم يكن له ولي او وصي ويزول العذر بحضور او بلوغ القاصر رشيدا او زوال سبب انعدام الاهلية او نقصها إذا كان بالغا…)).

ولعل المفهوم من نص المادة (443) التي ذكرت عقب المادة(442) المشار فيها الى الأحوال التي لا تسمع فيها الدعوى انه إذا كان صاحب الحق الذي مضى الزمن لسماع دعوته صاحب عذر ممن حددهم النص فانه يحق له بعد زوال العذر تقديم دعواه مطالبا بحقه متمسكا بعذره الشرعي.

رابعا: مدد التقادم المذكورة في قانون الاثبات:
تنص المادة (21) على انه:
((لا تسمع الدعوى من ذي مهنة حاضر كالطبيب وغيره بحق من حقوق مهنته او مصروفات تكبدها في أدائه بعد مضي سنة من وقت أداء العمل))
كما نصت المادة (22) في الفقرة الثالثة منها على:
((لا تسمع الدعوى من حاضر بعد مضي سنة من تاريخ الاستحقاق في الأحوال الاتية:
3- حقوق العمال والخدم والاجراء من أجور يومية وغير يومية او ثمن ما قاموا به من توريدات لمخدوميهم)).
وما نجده جلياً في المادتين سالفتي الذكر انهما لم تحددان إصابات العمل ولكن المقنن ذكر تحديدا شاملاً لسائر الحقوق التي لم تذكر فنصت المادة (23) بصياغتها المعدلة بالقانون رقم (30) لسنة 1996م بقولها:
((لا تسمع الدعوى من حاضر بسائر الحقوق التي لا تتعلق بعقار ولم يرد ذكرها في المواد الأربع السابقة بعد مضي خمس سنوات من تاريخ الاستحقاق مع عدم المطالبة …))
وعليه فان الحقوق العمالية من أجور يومية وغير يومية او ثمن ما قاموا به من توريدات لمخدوميهم قد شملتها المادة (21) سالفة الذكر ولكنها أغفلت الحق في دعاوى إصابات العمل وبالتالي تطبق المادة (23) على إصابات العمل فهي من الحقوق غير المحددة في صلب المادة (23).

وفي الختام ارجو من الله ان أكون قد وفقت في اعداد هذا البحث المتواضع
هذا رأينا وفوق كل ذي علم عليم
المحتويات
مقدمة
أولا: تعريف إصابة العمل:
ثانياً: مدد التقادم المذكورة في قانون التأمينات الاجتماعية
ثالثا: مدد التقادم المذكورة في القانون المدني.
رابعا: مدد التقادم المذكورة في قانون الاثبات:
المحتويات

إعادة نشر بواسطة محاماة نت