بحث قانوني و دراسة حول الحماية المدنية للعلامة التجارية غير المسجلة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحماية المدنية للعلامة التجارية غير المسجلة في الاردن

جاءت ورقتي البحثية كمحاولة لتحليل نص المادة33 من قانون العلامات تحليل نقدي لما تثيره هذه المادة من إشكالية قانونية حقيقية من حيث التفسير والتطبيق .

نصت المادة 33 ” 1- لا يحق لأحد أن يقيم دعوى بطلب تعويضات عن أي تعد على علامة تجارية غير مسجلة في المملكة إلا انه يحق له أن يتقدم إلى المسجل بطلب لإبطال علامة تجارية سجلت في المملكة من قبل شخص لا يملكها بعد أن كانت مسجلة في الخارج إذا كانت الأسباب التي يدعيها هي الأسباب الواردة في الفقرات 6 و 7 و10 و12 من المادة (8) من هذا القانون.

2- يجوز استئناف القرار الذي يصدره المسجل بمقتضى أحكام هذه المادة أمام محكمة العدل العليا خلال ستين يوما من تاريخ تبليغه.

من الواضح أن المادة السابقة تضمنت حكماً على درجة عالية من الأهمية فمن جهة منع النص أي شخص من المطالبة بتعويض عن التعدي على علامة له غير مسجلة في الأردن “الدعوى المدنية ”
ومن جهة أخرى نجد أن المادة أجازت لأي شخص أن يطلب ترقين “إبطال” علامة تجارية مسجلة في المملكة إذا ما كان في ذلك تعديا على حقوقه في علامة مملوكة له ومسجلة في الخارج استنادا إلى أسباب محددة حصرا في الفقرات (6/7/10/12) من المادة 8 من قانون العلامات التجارية .
ومن هنا فكرة ورقتي البحثية تدور حول قسمين رئيسيين هما :

أولا: منع المطالبة بالتعويض عن أي تعد على علامة تجارية غير مسجلة في الأردن استناداً إلى المادة 33 من قانون العلامات التجارية .
نجد أن نص المادة 33 في شقه الأول ميز ما بين العلامة المسجلة بالأردن والغير مسجلة من ناحية الحماية القانونية المقررة بحيث منح العلامة المسجلة حماية قانونية بشقيها الحماية المدنية والحماية الجزائية في حين حرم مثل هذه الحماية”الجزائية والمدنية ” بالنسبة للعلامة غير المسجلة في الأردن وفي هذا الشق نجد أن النص تعرض لانتقاد كبير من قبل فقهاء القانون وذلك لما تضمنه من خروج على القاعدة الأساسية التي تقضي بالحماية المدنية ” كل إضرار يلزم فاعلة التعويض ، ومن ابرز الانتقادات الموجه لهذا الحكم ما قاله الدكتور صلاح الدين الناهي ” نص لا يسنده عقل ولا منطق “.
واعتقد أن المنع السابق ربما جاء من باب دفع مالك العلامة التجارية إلى تسجيلها في الأردن من اجل تفادي ضياع حقوقه علامته غير المسجلة في الأردن .

واي كانت الحكمة التي استند إليها المشرع عندما وضع النص السابق فإنه معيب لعدة أسباب أهمها :
1- يتضمن النص مخالفه واضحة للقاعدة العامة ” كل إضرار يلزم فاعلة بضمان الضرر ” وذلك لأنه ليس من العدل حرمان العلامة التجارية من الحماية القانونية وفقا للقاعدة التي أشرت ليها من قبل والتي مقرره لكافة الحقوق بحجة عدم تسجيلها في الأردن.
2- النص لا ينسجم مع اتفاقية تربس وكذلك مع اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية والتجارية لسنة 1883 .
3- النص فيه بعد عن العدالة وعدم إقامة التوازن بين أصحاب الحقوق ذات الحقل الواحد فإذا كان هنالك سبب لقصر الحماية الجزائية على العلامات المسجلة في الأردن فلا سبب لحرمان العلامات غير المسجلة من الحماية المدنية مقارنة مع قوانين العلامات التجارية وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار موقف المشرع من الحماية المقررة للعلامات المشهورة فهل مالك العلامة المشهورة حقوقه أسمى من مالك العلامة غير المشهورة .

– وبناء على الأسباب السابقة حاول المشرع الأردني تصحيح موقفه عندما سن قانون النافسة غير المشروعة والأسرار التجارية رقم 15 لسنة 2000 بحيث أعطى لكل ذي مصلحة المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر نتيجة أي منافسة غير مشروعه ، وجعل من صور المنافسة غير المشروعة “أي ممارسة غير مشروعه متعلقة بعلامة تجارية مستعمله في المملكة سواء مسجلة أو غير مسجلة وتؤدي إلى تضليل الجمهور “

وعلى الرغم من محاولة المشرع السابق ذكرها في قانون المنافسة غير المشروعة إلا أن ذلك لا يحل الإشكالية التي تضمنها نص المادة 33 من قانون العلامات التجارية موضوع ورقتي البحثية وذلك لأكثر من سبب :
1-انه لا يمكن المطالبة بالتعويض عن تعد الغير على علامة تجارية غير مسجلة في المملكة استنادا إلى نصوص قانون المنافسة غير المشروعة إلا بشرطين :
أ- أن تكون العلامة غير المسجلة والتي تعرضت لمنافسة غير مشروعه مستعملة في السوق الأردني .
ب- أن يؤدي استعمالها إلى تضليل الجمهور .
2-الظاهر أن الغاية من قانون المنافسة غير المشروعة هي توفير الحماية للعلامات التجارية المشهورة غير المسجلة في الأردن لتفادي حكم المادة 33 من القانون الأردني الذي يشكل أساسا قانونيا قويا للدفع بشرط عدم تسجيل هذه العلامات في المملكة لدى إقامة مالكيها دعاوي مطالبة في حالة تعدي الغير على حقوقهم في علاماتهم أو منافستهم منافسة غير مشروعة في غير الحالات التي تدخل في نطاق تطبيق نصوص المادتين 2 و3 من قانون المنافسة غير المشروعة المشار إليها .

ثانياً : ترقين علامة مسجلة في المملكة تعديا على علامة مسجلة خارج المملكة استناداً لنص المادة 33 من قانون العلامات التجارية .
في هذا القسم الذي ضم الشق الثاني من حكم المادة 33 والذي قضى بإعطاء الحق لأي شخص بأن يقدم طلب إلى مسجل العلامات التجارية لترقين ” إبطال” أي علامة تجارية سجلت في المملكة من قبل شخص لا يملكها إذا ما كانت العلامة مسجلة في الخارج حاصر أسباب الترقين بالأسباب الواردة في الفقرات (6 و 7 و 10و 12) من المادة 8 من قانون العلامات التجارية وهي :
6- العلامات المخلة بالنظام العام أو الآداب العامة أو التي تؤدي إلى غش الجمهور أو العلامات التي تشجع المنافسة التجارية غير المحقة أو التي تدل على غير مصدرها الحقيقي.
7- العلامات المؤلفة من أرقام أو حروف أو ألفاظ تستعمل عادة في التجارة لتمييز أنواع البضائع وأصنافها أو العلامات التي تصف نوع البضائع أو جنسها أو الكلمات التي تدل عادة على معنى جغرافي أو ألقاب إلا إذا أبرزت في شكل خاص ويشترط في ذلك أن لا يعتبر ما ورد في هذه الفقرة انه يمنع تسجيل العلامات التي تكون من النوع الموصوف فيها اذا كانت له صفة فارقة بحسب المعنى المحدد لها في الفقرتين 2و3 من المادة (7).
10-العلامة التي تطابق علامة تخص شخصاً آخر سبق تسجيلها لنفس البضائع التي يراد تسجيل العلامة من أجلها او لصنف منها أو العلامة التي تشابه تلك العلامة إلى درجة قد تؤدي الى غش الغير.
12- العلامة التجارية التي تطابق او تشابه او تشكل ترجمة لعلامة تجارية مشهورة وذلك لاستعمالها لتمييز بضائع مشابهة او مماثلة للبضائع التي اشتهرت بها ويكون من شأنها ايجاد لبس مع العلامة المشهورة او لاستعمالها لغير هذه البضائع بشكل يحتمل ان يلحق ضررا بمصلحة مالك العلامة التجارية المشهورة ويوحي بصله بينه وبين هذه البضائع وكذلك العلامات التي تشابه او تطابق الشارات الشرفية والاعلام والشعارات الأخرى والاسماء او الاسماء المختصرة الخاصة بالمنظمات الدولية او الاقليمية او التي تسيء الى قيمنا التاريخية والعربية والاسلامية.
ان ما جاء في عجز المادة 33 اجاز للشخص ان يطلب ابطال علامة تجارية مسجلة في الاردن اذا ما شكل ذلك التسجيل تعديا على حقوقه في علامته التجارية المسجلة في الخارج استنادا الى اسباب محددة حصرا في المادة 33 وعلى الرغم من ذلك فانه يمكن الوصول الى حق الشخص في ابطال تسجيل العلامة استنادا الى نص المادة 8 دون تكرار ذلك في المادة 33 والدليل على ذلك ان المادة 33 احالتنا الى المادة 8 كما ذكر سابقا .
وصفوة القول انه لا وسيلة لرفع الاشكالية القانونية التي اثارتها المادة 33 الا بتعديل النص او الغائه بصورة يتوفر معها الحماية المدنية للعلامات غير المسجلة في المملكة سواء مستعملة او غير مستعملة لرفع الاجحاف الذي لحق بحق مالكي العلامات التجارية المعتدى عليها من جهة ولردع المعتدين من التعدي على حقوق الغير والركوب المجاني للوصول الى المستهلك ” Free ride” من جهة ثانية .

المراجع

1- بحث للدكتور مصلح الطراونة حول الحماية المدنية للعلامة غير المسجلة في الاردن .منشور في مجلة جامعة مؤتة للبحوث والدراسات .
2- الوجيز في الملكية الصناعية والتجارية الدكتور صلاح الدين الناهي
3- الوجيز في حقوق الملكية الصناعية والتجارية الدكتور عبدالله الخشروم .
4- صلاح زين الدين ،حماية العلامات التجارية المشهورة في ظل اتفاقية باريس وتربس والقانون الاردني .