امتياز المبالغ المستحقة ومصروفات الزراعة في مقابل الآلات الزراعية بالقانون المدني السوري

تنص المادة 1121 ق . م على ما يلي :
« 1 ـ المبالغ المصروفة في البذر و السماد ، و غيرها من مواد التخصيب و المواد المقاومةللحشرات ، و المبالغ المصروفة في أعمال الزراعة و الحصاد ، يكون لها امتياز على المحصول الذي صرفت في إنتاجه ، و تكون لها جميعاً رتبة واحدة .
2- و تستوفى هذه المبالغ من ثمن المحصول مباشرة بعد الحقوق المتقدمة الذكر .
3- و كذلك يكون للمبالغ المستحقة في مقابل آلات الزراعة حق امتياز في نفس الرتبة على هذه الآلات » .
ظاهر أن هذا النص تناول نوعين من الامتيازات ، هما :

أ ـ امتياز مصروفات الزراعة .
ب ـ امتياز المبالغ المستحقة في مقابل آلات الزراعة .

و يدل تقرير هذين الامتيازين على مدى عناية المشرع بالزراعة ، لما لها من أهمية بالغة في بلدنا باعتبارها المصدر الأوسع لإنتاجنا القومي .
و يقوم هذان الامتيازان على اعتبارات العدالة ، إذ لولا مصروفات الزراعة ، و المبالغ المصروفة في مقابل آلات الزراعة ، لما استطاع المزارع الحصول على محصوله ، و لما أمكن بالتالي لبقية الدائنين أن يفيدا منه في استيفاء حقوقهم .
و سنتحدث عن كل من هذين الامتيازين على التوالي .

أولاًـ امـتـياز مصروفات الزراعة

ـ المبالغ التي يضمنها هذا الامتياز :
يمكن إرجاع المبالغ التي يضمنها امتياز مصروفات الزراعة إلى نوعين من الحقوق :
1- ثمن البذر و السماد و غيرهما من مواد التخصيب و مقاومة الحشرات ، و ثمن المياه التي تستخدم في الري في الأرض التي تروي بالآبار :
و يلاحظ أن بائع المواد الزراعية في هذه الأحوال يثبت له امتياز بائع المنقول ( م 1124 ) ، بالإضافة إلى امتياز مصروفات الزراعة ، و ذلك إذا ظلت المواد محتفظة بذاتيتها .
أما إذا استهلكت باستخدامها بالفعل في الزراعة ، فعندئذٍ تفقد ذاتيتها ، و يزول امتياز بائع المنقول ، و يكون له امتياز مصروفات الزراعة فقط .
لاحظ : يمكن اعتبار امتياز مصروفات الزراعة تطبيقاً خاصاً لامتياز بائع المنقول . و يلاحظ أن الشارع بتقرير امتياز مصروفات الزراعة ، أوجد استثناء من القاعدة التي بمقتضاها يزول امتياز البائع إذا حصل تغيير في الشيء المبيع .

2- أجور العمال الزراعيين ، وغيرهم ممن يسهمون في إعداد الأرض للزراعة و إعداد المحصول :
كأجور الحرث ، و البذر ، و التسـميد ، و الري , و الصرف ، و الحصاد ، و تعبئة المحصول .
و يدخل ضمن المبالغ المضمونة بالامتياز أجور الحيوانات التي تسـتخدم في إعداد المحصول .
و يلاحظ أن الأجراء الذين يسهمون في إعداد المحصول يفيدون من الامتياز العام المقرر للأجراء ، فضلاً عن إفادتهم من امتياز المحصول .
و امتياز الأجراء مقدم في رتبته على امتياز المحصول ، غير أن ضمانه مقصور على السنة الأخيرة من خدمته ، و لذا فإن الأجير يفضل التمسك بامتياز المحصول إذا طالب بأجره عن مدة سابقة على السنة الأخيرة من خدمته ، مع أن امتياز المحصول يلي امتياز الأجراء في المرتبة .
و تكون جميع الديون المذكورة مضمونة بامتياز المحصول ( امتياز مصروفات الزراعة ) لمجرد إسهامها في إنتاجه ، و سواء أكان المدين بها مالكاً الأرض التي نتج المحصول فيها أو غيره ، كالمستأجر أو المنتفع أو المغتصب .
ولا يشترط أن يكون الدائن هو الذي قدم للمدين المواد المستعملة في الزراعة و الحصاد .بل يمنح نفس الامتياز لمن يقدم النقود للمدين لكي يصرف منها في إعداد المحصول ، شريطة أن يثبت أن هذه النقود هي التي صرفت في إعداد المحصول .وقد طبقت هذا محكمة النقض .

وعاء امتياز مصروفات الزراعة :
يقع هذا الامتياز على المحصول الذي أنفقت هذه المصروفات في سبيل إعداده أو حفظه ، أما المحاصيل اللاحقة أو السابقة فلا يثبت عليها هذا الامتياز .
و إذا ترتب على المصروفات أن أفادت منها محصولات متكررة لسنوات متتالية ، فالامتياز يقع على محاصيل هذه السنوات جميعاً .
و لا يشترط في وقوع هذا الامتياز على المحصول بقاؤه في ملكية المدين ، أو في حوزته .
و نشير إلى أن المشرع قد أدرج امتياز مصروفات الزراعة في عداد حقوق الامتياز الخاصة الواقعة على منقول ، بالرغم من كون المحصول الزراعي المثقل بالامتياز عقاراً , لا منقولاً ، و يرجع ذلك إلى أن المحصول في هذه الحالة يعد منقولاً بحسب المآل .
و يرى البعض أن هذا الامتياز لا يرد على المحصول إلا بعد جنيه ، لأنه قبل ذلك يكون قائماً في الأرض ، و يعد عقاراً لا ترد عليه إلا حقوق الامتياز العقارية .

رتبة امتياز مصروفات الزراعة :
يأتي امتياز مصروفات الزراعة في المرتبة الخامسة بعد الامتيازات الأربعة التالية :
1- امتياز المصروفات القضائية .
2- امتياز المبالغ المستحقة للخزانة العامة .
3- امتياز مصروفات حفظ المنقول .
4- الامتيازات العامة الواردة في المادة 1120 ق.م ، و هي :
أـ امتياز الأجراء .
ب ـ امتياز مورد المأكل و الملبس .
ج ـ امتياز النفقة .
و إذا تزاحم عدة دائنين بمصروفات الزراعة ، بأن كان أحدهم مثلاً دائناً بثمن البذور ، و آخر دائناً بالأسمدة ، و آخر بمصروفات الحصاد ، تساوت ديونهم برتبة امتيازها ، و استوفيت من ثمن المحصول بنسبة كل منها .

ثانياًـ امتياز المبالغ المستحقة في مقابل الآلات الزراعية
بعد أن قررت المادة 1121 في فقرتيها الأولى و الثانية أحكام مصروفات الزراعة ، جاءت الفقرة الثالثة منها فقررت امتياز المبالغ المستحقة في مقابل آلات الزراعة بقولها :
« و كذلك يكون للمبالغ المستحقة في مقابل آلات الزراعة حق امتياز في نفس الرتبة على هذه الآلات » .
و يقصد بالآلات الزراعية ما يستخدم في الزراعة من آلات و محركات و أدوات ، سواء استخدمت في إعداد الأرض للزراعة ، أم في إنتاج المحصول و حصاده ، كآلات الري و الحرث و الحصاد و غيرها .
ـ المبالغ ( الديون ) المضمونة بهذا الامتياز :
يضمن هذا الامتياز كل المبالغ التي تنفق على الآلة الزراعية . و يدخل في ذلك ثمنها ، و أجرة نقلها إلى الأرض ، و مصروفات إصلاحها و تحسينها .

هذا ، و يتمتع من يقوم بإصلاح الآلات الزراعية بامتيازين :
1 ـ امتياز المبالغ المستحقة في مقابل الآلات الزراعية .
2 ـ امتياز مصروفات حفظ المنقول .
و هو يؤثر حتماً الإفادة من امتياز مصروفات حفظ المنقول ، لأنه يأتي في الرتبة الثالثة ، بينما امتياز المبالغ المستحقة في مقابل الآلات الزراعية فيأتي في الرتبة الخامسة .

و كذلك يتمتع بائع الآلات الزراعية بامتيازين :
1 ـ امتياز بائع المنقول .
2 ـ امتياز مقابل الآلات الزراعية .
ومصلحة البائع هنا هي التمسك بامتياز مقابل الآلات الزراعية ، لأنه يأتي في المرتبة الخامسة ، بينما يأتي امتياز بائع المنقول في المرتبة السابعة .
و ظاهر أن المشرع قد قصد بتقرير امتياز خاص لبائع الآلات الزراعية ، ترجيحه على بائع أي شيء آخر .

إذاً : يضمن هذا الامتياز كل المبالغ التي تنفق على الآلة الزراعية ، و يدخل في ذلك ثمنها , و أجرة نقلها إلى الأرض , و مصروفات إصلاحها و تحسينها .
أما مصروفات إدارة الآلة ، كثمن الوقود ، و أجر السائق ، فهي مضمونة بامتياز مصروفات المحصول ، لا بامتياز مقابل الآلات الزراعية .
و يلاحظ أن هذا الامتياز يضمن مصروفات تحسـين الآلة الزراعية ، عملاً بإطلاق نص المادة 1121 / 3 ، و هو في هذا يختلف عن امتياز مصروفات حفظ المنقول الذي لا يضمن تلك المصروفات .

وعاء هذا الامتياز :
يقع امتياز المبالغ المستحقة في مقابل الآلات الزراعية ، على الآلات الزراعية ، لا على المحصول ، و يبقى الامتياز قائماً و لو أصبحت الآلة عقاراً بالتخصيص .
و من أمثلة الآلات الزراعية : آلات الحرث ، و الحصاد , و الري ، و التقطير .

رتبة هذا الامتياز :
يأتي كل من امتياز مصروفات المحصول ، و امتياز الآلات الزراعية في رتبة واحدة ، هي الرتبة الخامسة .
أي بعد امتياز المصروفات القضائية ، و امتياز المبالغ المستحقة للخزانة العامة ، و امتياز نفقات الحفظ و الترميم ، و الامتيازات العامة الواردة في المادة 1120 ق.م ( و هي : امتياز الأجراء ، و امتياز مورد المأكل و الملبس ، و امتياز النفقة ) .
و إذا تزاحمت عدة امتيازات في مقابل الآلات الزراعية ، فتستوفى بنسبة كل منها .
و لا يتصور التزاحم بين شيء من مصروفات الزراعة ، و شيء من مقابل آلات الزراعة ، لأن محل امتياز كل منها يختلف عن محل الآخر .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت