الوضع القانوني لانهاء عقود العمل

الاثار القانونية لانهاء كل من عقدي العمل محدود المدة وغير محدود المدة

أ* أحمد أبو زنط

من المعروف ان العقود بشكل عام قد تكون محددة المدة أو غير محدودة المدة، وأحيانا قد تكون العقود تهدف الى انجاز عمل معين وينتهي العقد بانجاز ذلك العمل، وفي هذا المقال سنتحدث عن نوعين من عقود العمل وهما الاكثر انتشارا ولا بد لأي عقد من عقود العمل أن يندرج بشكل أو بآخر تحت اي من هذين الشكلين، وسنبين في هذا المقال الفرق بين العقود محدودة المدة والعقود غير محدودة المدة من ناحية التعريف والاثار القانونية لكل من العقدين.

إن مفهوم عقد العمل بشكل عام هو: اتفاق شفهي او كتابي صريح او ضمني يتعهد العامل بمقتضاه ان يعمل لدى صاحب العمل وتحت اشرافه او ادارته مقابل أجر ويكون عقد العمل لمدة محدودة او غير محدودة او لعمل معين او غير معين.

وعليه فإن تعريف عقد العمل لا يتأثر من حيث طبيعته وماهيته إذا ما كان محدود المدة أو غير ذلك، إلا ان الاختلاف يظهر جليا واضحا من ناحية الاثار القانونية لكل من هذين العقدين ونفصل تلك الاختلافات وفقا لما يلي:

من ناحية المدة:

عقد العمل غير محدود المدة:
إن هذا العقد لا يرتبط بمدة معينة ولا ينتهي بتاريخ معين، وإذا ما اراد ايٍ من طرفي العقد انهاءه لأي سبب من الاسباب فلا بد ان يشعر الطرف الاخر ويعذره قبل شهر من انهاء العمل، ومع ذلك لا يعني ان الانهاء مع توجيه الاشعار اصبح مشروعا لصاحب العمل إن لم يرتبط ذلك الانهاء بأسباب مبررة بحدود المادتين 28 و31 من قانون العمل وإلا كان الانهاء غير مشروع وموجب للتعويض عن الفصل التعسفي، وسيتم التطرق لهذه الاسباب لاحقا.

عقد العمل محدود المدة:
ينتهي عقد العمل محدود المدة بانتهاء مدته، دون الحاجة لتوجيه اشعار لأي من الطرفين ، ويكون انتهاء العقد لانتهاء مدته امرا مشروعا غير موجب للتعويض، فإن استمر العامل في عمله بعد انتهاء المدة برضا صاحب العمل عندها ينقلب عقد العمل الى عقد غير محدود المدة وتترتب عليه الاثار القانونية التي تترتب على عقد العمل غير محدود المدة.

مكافأة نهاية الخدمة لكل من العقدين:

إليكم اعزائي القراء معلومات تهمك عن مكافأة نهاية الخدمة في عقود العمل، حيث أنه من المعروف أن للعامل مكافأة نهاية خدمة عند انتهاء عقد العمل لأي سبب من الاسباب، وما لا يعرفه الكثيرون أن جميع عقود العمل بغض النظر عن مدتها و بغض النظر عن نوع عقد العمل سواء كان محدد المدة او لا ، وبغض النظر فيما اذا كان انهاء صاحب العمل للعقد تعسفيا أو مشروعا فإن للعامل غير الخاضع لأحكام قانون الضمان الاجتماعي وانتهت خدماته لأي سبب من الأسباب الحصول على مكافأة نهاية الخدمة.

الجدير بالذكر ان مكافأة نهاية الخدمة لم تكن تطبق على عقود العمل محدودة المدة، إلا أن تعديلات قانون العمل لسنة 2010 عدلت النص المادة 32 من قانون العمل بإلغاء عبارة ( مع مراعاة أحكام المادة 28 من هذا القانون يحق للعامل الذي يعمل لمدة غير محدودة ) والاستعاضة عنها بعبارة ( يحق للعامل غير الخاضع لأحكام قانون الضمان الاجتماعي وتنتهي خدماته لأي سبب من الأسباب الحصول على مكافأة نهاية الخدمة ) وعليه فإن جميع انواع عقود العمل محدودة المدة وغير محدودة المدة تعتبر خاضعة لمكافأة نهاية الخدمة وفقا للتعديلات الاخيرة.
وتعادل المكافأة راتب شهر عن كل سنة من خدمته الفعلية وتحتسب بناءً على آخر راتب تقاضاه العامل، أما بالنسبة لكسور السنة فيستحق العامل مكافأة نسبية عنها.

وعليه لو افترضنا ان هنالك عامل يعمل لمدة خمس سنوات وبراتب شهري 500 دينار فتكون مكافأة نهاية الخدمة عندها (500*5 سنوات = 2500) دينار.

ولو افتراضنا ان مدة العمل كانت 5 سنوات ونصف فتكون المكافأة (5.5 * 500 = 2750) دينار، وعليه تحسب الكسور بشكل نسبي وبمعدل الراتب /12 لكل شهر ، و بنسبة (الراتب/30/12 )عند احتساب الايام

مثال:
عامل عمل لمدة سنتين وشهرين و 10 ايام وبراتب شهري مقداره 200
احتساب المكافأة:
200*2 سنة = 400
+
(12/200)*2 شهر = 33.33
+
(30/12/200) * 10 أيام = 5.55

مجموع مكافأة نهاية الخدمة = 400 + 33.33 + 5.55 = 438.88 دينار

وفي جميع الاحوال تحتسب المكافأة بناءً على آخر راتب تقاضاه العامل أما في حال كان الأجر كله او بعضه يحسب على أساس العمولة أو القطعة فيعتمد لحساب مكافأة نهاية الخدمة المتوسط الشهري لما تقاضاه العامل فعلاً خلال الاثني عشر شهراً السابقة لانتهاء خدمته وإذا لم تبلغ خدمته هذا الحد فالمتوسط الشهري لمجموع خدمته وتعتبر الفواصل التي تقع بين عمل وآخر ولا يزيد أي منها على ستين يوما كأنها مدة استخدام متصلة عند حساب المكافأة.

التعويض عن الفصل التعسفي في كلا العقدين:

من المعروف أن عقد العمل لا بد أن يأتي عليه يوم وينتهي، فهو عقد غير ابدي ، إلا أن انتهاء العقد له أثاره القانونية مثل استحقاق مكافأة نهاية الخدمة وفقا لما تم ذكره سابقا، اضافة لذلك وفي بعض الحالات قد يكون الانهاء غير مشروع بحيث يقوم صاحب العمل بفصل العامل فصلا تعسفيا خلافا لأحكام القانون، وحتى يكون الانهاء مشروعا فلا بد أن يتم ذلك وفقا لأحكام قانون العمل وبحدود المادتين 28 و 31 من قانون العمل.

ووفقا للمادة 28 من قانون العمل يحق لصاحب العمل انهاء عقد العمل دون اشعار ودون ان يعتبر ذلك فصلا تعسفيا وذلك في الحالات التالية:

اذا انتحل العامل شخصية او هوية غيره او قدم شهادات او وثائق مزورة بقصد جلب المنفعة لنفسه او الاضرار بغيره.
اذا لم يقم العامل بالوفاء بالالتزامات المترتبة عليه بموجب عقد العمل.
اذا ارتكب العامل خطا نشا عنه خسارة مادية جسيمة لصاحب العمل بشرط ان يبلغ صاحب العمل الجهة او الجهات المختصة بالحادث خلال خمسة ايام من وقت علمه بوقوعه.
اذا خالف العامل النظام الداخلي للمؤسسة بما في ذلك شروط سلامة العمل والعمال رغم انذاره كتابة مرتين.
اذا تغيب العامل دون سبب مشروع اكثر من عشرين يوماً متقطعة خلال السنة الواحدة او اكثر من عشرة ايام متتالية على ان يسبق الفصل انذار كتابي يرسل بالبريد المسجل على عنوانه وينشر في احدى الصحف اليومية المحلية مرة واحدة.
اذا افشى العامل الاسرار الخاصة بالعمل.
اذا ادين العامل بحكم قضائي اكتسب الدرجة القطعية بجناية او بجنحة ماسة بالشرف والاخلاق العامة.
اذا وجد اثناء العمل في حالة سكر بيّن او متاثراً بما تعاطاه من مادة مخدرة او مؤثر عقلي او ارتكب عملاً مخلاً بالاداب العامة في مكان العمل.
اذا اعتدى العامل على صاحب العمل او المدير المسؤول او احد رؤسائه او اي عامل او على اي شخص آخر اثناء العمل او بسببه وذلك بالضرب او التحقير

أما المادة 31 من قانون العمل فقد منحت صاحب العمل رخصة تشريعية لانهاء عقد العمل في حال واجهت صاحب العمل ظروف اقتصادية أو فنية تستدعي هذا الانهاء ويكون الانهاء في هذه الحالة مشروعا اذا ما توفرت شروط المادة 31 من قانون العمل.

وبخلاف ذلك ، وعند عدم انطباق اي من الحالات المذكورة سابقا كسبب مبرر لانهاء العقد عندها يصبح الانهاء غير مشروع ويصبح الفصل عندها تعسفيا ، ويضاف الى ذلك الحالات التي يمكن بها للعامل انهاء عقد العمل دون اشعار مع احتفاظه بكافة حقوقه، هذه الحالات مذكورة ضمن نص المادة 29 من قانون العمل وهي:

استخدام العامل في عمل يختلف في نوعه اختلافاً بيناً عن العمل الذي اتفق على استخدامه فيه بمقتضى عقد العمل على ان تراعى في ذلك احكام المادة (17) من قانون العمل
استخدامه بصورة تدعو الى تغيير محل اقامته الدائم الا اذا نص في العقد على جواز ذلك.
نقله الى عمل آخر في درجة ادنى من العمل الذي اتفق على استخدامه فيه.
تخفيض اجره، على ان تراعى احكام المادة (14) من قانون العمل.
اذا ثبت بتقرير طبي صادر عن مرجع طبي ان استمراره في العمل من شانه تهديد صحته.
اذا اعتدى صاحب العمل او من يمثله عليه في اثناء العمل او بسببه وذلك بالضرب او التحقير او بأي شكل من اشكال الاعتداء الجنسي المعاقب عليه بموجب احكام التشريعات النافذة المفعول.
اذا تخلف صاحب العمل عن تنفيذ اي حكم من احكام هذا القانون او اي نظام صادر بمقتضاه شريطة ان يكون قد تلقى اشعاراً من جهة مختصة في الوزارة تطلب فيه التقيد بتلك الاحكام.

وبناءً على كل ما تقدم وفي حال كان الفصل تعسفيا فان العامل يتسحق تعويضا عن ذلك الفصل، الا ان احتساب التعويض يختلف فيما اذا كان العقد محدود أو غير محدود المدة وهذا ما سيتم بيانه:

التعويض عن الفصل التعسفي في عقود العمل محددة المدة:

في عقد العمل محدد المدة إذا تم فصل العامل فصلا تعسفيا فيستحق العامل تعويضا عن الفصل التعسفي اضافة لكافة حقوق الاخرى.

ويكون التعويض في هذه الحالة باستحقاق العامل كافة رواتب المدة المتبقية من العقد، فلو افترضنا ان العامل المفصول كان يعمل بموجب عقد لمدة عام، وعند فصله كان لا يزال باقي من مدة العقد 4 أشهر، عندها يستحق العامل كتعويض عن الفصل التعسفي راتب باق المدة اي راتب الاشهر الاربعة المتبقية من مدة العقد.

ومن جهة اخرى فإن كان انهاء العقد بسبب العامل دون سبب مشروع وليس فصلا تعسفيا من قبل صاحب العمل، فانه وفي هذه الحالة يستحق صاحب العمل تعويضا عن انهاء العقد من قبل العامل، ويقدر التعويض في هذه الحالة بقدره على ان لا يزيد عن نصف راتب المدة المتبقية من العقد.
فلو افترضنا ان عامل يتقاضى راتبا شهريا مقداره 500 دينار بموجب عقد عمل محدد لمدة سنة قد قدم استقالته بشكل غير مشروع لصاحب العمل قبل انتهاء مدة العقد بستة اشهر، وترتب على ذلك ضررا بصاحب العمل بمبلغ 3000 دينار، عندها يستحق صاحب العمل السقف الاعلى للتعويض وهو ونصف راتب المدة المتبقية أي (500/2) * 6 اشهر = (250*6) = 1500 دينار فقط لا غير.

وان افترضنا في المثال السابق ان مقدار الضرر الفعلي الذي لحق صاحب العمل 1000 دينار فقط، عندها يكون مقدار التعويض بمقدار الضرر فقط أي 1000 دينار وليس 1500، ومن ذلك نستنتج أن قاعدة نصف راتب المدة المتبقية هو على سبيل تحديد السقف الاعلى للتعويض وليس الحد الادنى ، فان كان الضرر اقل يتم اعتماد الاقل، وان كان اكثر من السقف يتم الرجوع الى حدود السقف فقط.

التعويض عن الفصل التعسفي في عقود العمل غير محدودة المدة:
إن كان العامل في عقد العمل محدد المدة يستحق تعويض باقي رواتب المدة المتبقية من مدة العقد إن تعرض لفصل تعسفي، فإن هذا الامر غير متصور في عقود العمل محدودة المدة لأن العقد هنا غير محدد بمدة مستقبلية، لذلك فقد ذهب المشرع الى وضع قاعدة خاصة لتعويض العامل المفصول فصلا تعسفيا في عقود العمل غير محدود المدة.

وعليه فان العامل الذي يعمل بموجب عقد عمل غير محدود المدة يستحق تعويضا عن الفصل التعسفي بمقدار نصف راتب شهر عن كل سنة من المدة التي قضاها في العمل لدى صاحب العمل، وتحتسب كسور العام بشكل نسبي، وبحد ادنى لا يقل عن راتب شهرين، ويحتسب التعويض في مطلق الاحوال وفقا لآخر راتب تقاضاه العامل.
ولتوضيح المسألة نضرب المثال التالي:

مثال رقم (1)

عامل يعمل بموجب عقد عمل غير محدد المدة ، تم فصل فصلا تعسفيا بعد ان امضى في عمله مدة سنتين وشهرين و 10 ايام وبراتب شهري مقداره 400:

احتساب التعويض:
أولا: نصف الراتب = 400 / 2 = 200

ثانيا:
المدة * نصف الراتب = مقدار الفصل التعسفي

2 سنتين * 200 = 400
+
(12/200)*2 شهر = 33.33
+
(30/12/200) * 10 أيام = 5.55

مجموع قيمة الفصل التعسفي = 400 + 33.33 + 5.55 = 438.88 دينار

مثال رقم (2)
عامل يعمل بموجب عقد عمل غير محدد المدة ، تم فصل فصلا تعسفيا بعد ان امضى في عمله مدة سنتين وشهرين و 10 ايام وبراتب شهري مقداره 200:

احتساب التعويض:
أولا: نصف الراتب = 200 / 2 = 100

ثانيا:
المدة * نصف الراتب = مقدار الفصل التعسفي

2 سنتين * 100 = 200
+
(12/100)*2 شهر = 16.66
+
(30/12/100) * 10 أيام = 2.77

المجموع = 200 + 16.66 + 2.77 = 219.43 دينار

وعليه نلاحظ هنا أن المجموع كان اقل من راتب شهرين، لأن راتب الشهرين وفقا لهذا المثال = (200*2=400) والمجموع اعلاه اقل من هذا الرقم، وفي هذه الحالة يتم اعتماد راتب الشهرين بوصفه الحد الادنى الذي لا يجوز النزول عنه لتعويض العامل، وبذلك تكون قيمة التعويض في هذا المثال تساوي 400 دينار.