حق الملكية في النظام السعودي

أخذ النظام السعودي أحكام الملكية من الشرعية الإسلامية ، فأقر مبدأ التملك الشرعي وشجع على الملكية الخاصة ومن ثم فإن النظام السعودي جعل حق الملكية حق دستورياً معترف به نظاماً في المادتين الـ 17 و 18 من النظام الأساسي للحكم والتي مفادها بأن حق الملكية هو حق مضمون نظاماً من هو أساس الكيان الاقتصادي والاجتماعي للحكمة، غير أن النظام وهو يحمي الملكية الخاصة أراد منها أن تؤدى وظيفة اجتماعية في المجتمع السعودي ،بعيداً عن التعسف أو الاستغلال أو تجاوز النظام مما يؤدي إلى خطأت أو عدوان يوجب الحق الضمان الشرعي.

فإن حق الملكية نظاماً ليس حق مطلقاً وبدون حدود، بل هو حق مقيد بالنصوص النظامية والشرعية والصالح العام السعودي.

الأحكام النظامية للملكية الشائعة في النظام السعودي

الأحكام النظامية للملكية الشائعة

نظم النظام السعودي أحكام الملكية الشائعة انطلاقاً من الشريعة الإسلامية باعتبارها وضعاً استثنائياً مآله إلى القسمة الشرعية ، إلا أنه إذا اتفق الشركاء على الشيوع بالبقاء في حالة الشيوع فإن النظام يحدد أحكام الملكية الشائعة بما يلي:.

سلطة المالك المشتاع على حصته الشائعة.

سلطات الملاك على الشيوع على المالك الشائع.

أولاً: سلطة المالك على حصته الشائعة.

يجوز لكل واحد من الشركاء استعمال حصته المفترضة غير المخصوصة له في المال الشائع ، فله حق الانتفاع بها، واستغلالها، بما لا يضر بالشكاء الآخرين ، فإن كان الملك الشائع ارضاً زراعية جاز له الانتفاع ببعضها ، واذا كان الملك داراً جاز له أن يسكن في جانب منها بقدر حصته المفترضة في حدود حصته ودون الاضرار بالآخرين شرعاً.

إلا أن سلطة التصرف بالنسبة للمالك المشتاع على حصته الشائعة احاطها النظام بقيود شرعية: وهذا سنحدده من خلال عقود مدنية شائعة وهي كالتالي:

“البيع، الاجارة، الهدية، الرهن”.

عقد البيع :-

فإنه اتفق جمهور الفقهاء على أنه لا يجوز للشريك على الشيوع أن يبيع حصته المشاعة إلا بإذن الشركاء الآخرين سواء أكان البيع حالاً أو مؤجلاً ، لأن البيع هنا في شيء غير محدد وغير معلوم ، كما أنه فيما لو يملك شرعا، لأنه أجنبي في حصص الآخرين ، كما أنه للشركاء حق الشفعه والأولوية في شراء الحصة المشاعة في شراء هذه الحصة.

عقدالاجارة :-

فإنه النظام السعودي لا يقر اجارة الحصة المشاعة إلا إذا كانت للشريك على الشيوع ، أما اجارتها لغير الشريك فهي فاسدة أو باطلة شرعاً لعدم امكانية تسليم الحصة المشاعة للاجارة مفرزة فلا يكون استيقاء المنفعة مقدوراً.

جـ- عقد الهبة:-

فإنها لا تتم شرعاً إلا بالقبض الكامل للشيء الموهوب أي حيازته ووضع اليد عليه وانتقال الشيء يقيماه إلى حيازة الموهوب له، وفي هذه الحصة المشاعة لا يتم القبض النظامي او الحيازة الشرعية لعدم امكانية افراز الحصة.

ومن هناك اتفق جمهور الفقهاء على أنه إذا كان المالك الشائع قبل للقسمة الفورية وأمكن افراز الحصة الموهوبة وتسليمها مفرزة ومحددة إلى الموهوب له تحت الهبة شرعاً.

وأما إذا كان المالك الشائع غير قابل للقسمة فإن هبة الحصة المشاعة تصبح ناقصة لعدم امكانية القبض أو الحيازة في انتظار القسمة النهائية.

وأخيراً بالنسبة للرهن فإنه يجب لصحة الرهن أن يكون الشيء المرهون محدداً ومفرزاً وقت القبض النهائي للشيء المحبوس للرهن هو حبس الشيء المرهون وحيازته حتى يستوى الدائن المر وبهمن المدين ،وهذا غير ممكن في الحصة المشاعة لأن الدائن المرتهن إذا حبس الحصة المشاعة فإن ذلك سيؤثر لا محالة على حقوق الشركاء الآخرين، ويضر بالانتفاع بالشيء الشائع، مما يفوت عليهم حقوقهم في الملك الشائع.

ثانياً :- سلطات الملاك على المال الشائع.

للشركاء الشيوع ان يتفقوا شرعاً ونظاماً على طريقة الانتفاع واستغلال المال المشترك على الشيوع فيكون اتفاقهم صحيحاً ونافذاً في حق الجميع، فلهم أن يتفقوا على طريقة الانتفاع وكيفية استغلاله دون أن يقتسموا المال المشترك ، على أن يقتسموا فيما بينهم الارباح والخسائر كلاً بقدر حصته.

والنظام السعودي في حالة عدم اتفاقهم على كيفية الانتفاع بالملك الشائع فإنه يقترح على الشركاء وفقاً للشريعة الإسلامية نظاماً خاصاً هو نظام المهيأه وهي قسمة للمال الشائع بصفة مؤقتة دون قسمه نهائية،وهي أما أن تكون مهيئة زمانية أو مكانية.

ذكرنا سابقاً بأنه للشركاء على الشيوع أن يتفقوا فيما بينهم على طريقة الانتفاع بالمال المشترك دون اقسامه ، دون تنظيم أو استغلال المال الشائع، بأن يكون ذلك بالتراضي فيما بينهم، فإذا اختلفوا في طريقة الانتفاع ، جاز لاحدهم رفع الأمر إلى القضاء الذي يحدد الانتفاع المشترك بصك شرعي الزامي ( انطلاقاً من نظام المهايأة).

قسمة المهايأة :-

ونظام المهيأة: هو قسمة مؤقتة ، لا تؤدي على انهاء حالة الشيوع ، بل هي قسمة للمنافع فقط، لتنظيم الاستعمال واستغلال المال المشترك على الشيوع.

والمهيأة في النظام تنقسم إلى قسمين: 1- زمانية-2 مكانية.

أ- أما المهيأة الزمانية : فهي أن يتناوب الشركاء على الشيوع بالانتفاع بالمال المشترك لمدة زمنية تتناسب مع حصته في المال المشترك ( فلو كان المالك الشائع ارضاً زراعية مشتركة بين ثلاثة اشخاص يملك احدهم الثلث والآخر الثلثان جاز لأحدهم زرعها لمدة سنة وللآخر لمدة سنتان على سبيل المثال الزمني).

ب – أما المهيأة المكانية: فهي أن ينتفع كلاً منهم بحزب معين من العين المشتركة بما يعادل حصته فينتفعون معاً في وقت واحد كلاً في مكانه أو على سبيل التبادل فيما بعد ( فلو كان المال المشترك مسكن ذو طابقين جاز لكل واحد منهما السكن في طبقه ، أو التبادل سنوياً حسب الاتفاق الشرعي).

ثالثاً :- نفقات ومصاريف المال المشترك على الشيوع.

اتفق جمهور الفقهاء أنه إذا احتاج المال المشترك على الشيوع إلى نفقات ومصاريف لصيانته، أو تعميره أو ترميمه أو تجديده كانت هذه النفقات مشتركة على جميع الشركاء ، كلاً بمقدار حصته في المال المشترك،وهو ما أشار إليه النظام السعودي في المادة الخامسة م نظام ملكية الطبقات بتاريخ 11/2/1423هـ بمقتضى المرسوم رقم م/5 والذي جعل نفقات المال المشترك على الشيوع عن رفعها جاز للآخرين مقاضاته بدفعها جبراً عليه.

فإذا كان أحد الشركاء على الشيوع غائباً، أو كان محجوراً عليه أو قاصراً أو عديم الأهلية، فإنه لا يجوز الرجوع عليه بالنفقات والمصاريف إلا بإذن من المحكمة الشرعية المختصة، وهي محكمة موقع العقار أو العين المشتركة على الشيوع ،كما أنه لا يمكن الشروع في مشاريع ترميم وتعمير وقريانه المال المشترك على الشيوع إلا بموافقة جميع الشركاء، وفقاً لسلطة الأغلبية، سواء فعل الأمر بأعمال الأدارة واعمال التصرف.

رابعاً :- موقف النظام السعودي من الملكية الشائعة.

نظم النظام السعودي الملكية الشائعة وفقاً لأحكام الفقه الإسلامي محدداً هذه الأحكام بما يلي:

تعتبر الملكية الشائعة ملكية استثنائية مالها إلى الملكية المفرزة.

تعتبر الحصص متساوية في الملكية الشائعة ما لم يقم دليل على غير ذلك.

يجوز لكن لكن شريك على الشيوع أن يطالب قسمه المال الشائع” ما لم يكن مجبراً على البقاء فيه بمقتضى نص او اتفاق”.

تكون إدارة المال الشائع على جميع الشركاء، ويتحملون جميعاً نفقات صيانة الملك الشائع وترميمه وتجديده كلاً بقدر حصته.

للشركاء على الشيوع ان يتصرفوا بالملك الشائع كيف يشاؤون ، سواء كان التصرف قانونياً ” كالبيع أو الاجارة أو الرهن..” وسواء كان التصرف مادياً كالترميم أو الصيانة أو التجديد ” على أن يكون هذا وفقاً لأغلبية الشركاء .

لا يجوز لأحد الشركاء على الشيوع ان يتصرف في المال الشائع تصرفاً مستقلاً منفرداً إلا بإذن الشركاء الآخرين ” فهو في حكم الأجنبي في حصص الشركاء الآخرين”.

بالنسبة لملكية الطبقات فإنها تخضع لأحكام النظام المؤرخ في 11/2/1422هـ كما أن الحائط المشترك والطريق الخاص المشترك لها أحكام شرعية تخصها وفقاً لنظام الشيوع الاجياري بنص النظام.

خامساً: – انتهاء الملكية الشائعة:

ذكرنا سابقاً بأن الملكية الشائعة هي ملكية استثنائية خاصة مآلها لا محالة إلى الانتهاء شرعاً إما بطريق القسمة بين الشركاء أو بأي سبب آخر يتم به انقضاء الشيوع وتحديد الملكيات المفرزة ، فيستقل كل واحد من الشركاء لحصته مفرزة وقد نص النظام السعودي على ان السبب النظامي الذي يؤدي إلى انقضاء الشيوع أنما هو القسمة الشرعية:

وهي عملية افراز الحصص وتعينها وتحديدها، يفرض انهاء حالة الشيوع بين الشركاء واعطاء كل واحد منهم جزء مفرز يتناسب مع حصته في الشيوع ولكل من الشركاء شرعاً الحق في طلب القسمة الفورية، لأن ذلك من حقه شرعاً، فلا يجبر أحد على البقاء في الشيوع، وم ثم يجوز لكل شريك طلب الخروج من الشيوع على أن يكون ذلك وفقاً لنوعين أساسيين وهما:

1- القسمة الرضائية 2- القسمة القضائية.

أ- القسمة الرضائية:

وهي التي تتم باتفاق جميع الشركاء وخاصة إذا كان المال الشائع قابلاً للقسمة فوراً، فهي كالعقود لأن العقد شريعة المتعاقدين تتم برضا الجميع واليتحكم الودي ، فيأخذ كل شريك حصته مفرزة ” فإذا كانت الحصص من العقارات وجب تسليمها في السجل العيني للعقارات وفقاً لنظام التسجيل المؤرخ 11/2/1423هـ

ب- القسمة القضائية:

وهي التي تتم في المحكمة الشرعية وبحضور القاضي وهذه القسمة ملزمة وتجب القسمة الرضائية ، فإذا صدر المال الشائع ،وحضر الشركاء في المحاكمة ، أمرت المحكمة بإخراج الخبير العقاري لافراز الحصص وتحديدها شرعاً، أما إذا كان المال الشائع غير قابل للقسمة العينية فوراً أمرت المحكمة ببيعه في المزاد العلني ووفقاً للأحكام المبينة في نظام المرافعات ، فإذا تم بيع المال الشائع قسم الثمن على الشركاء كلاً بقدر حصته ، فتكون القسمة حينئذ قسمة تصفية.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت